لا أدري كيف ربط ذهني بين امرأتين في المكسيك؛ هما كلوديا شينباوم (62 عاما) وفريدا كاهلو (1907-1954)، فالأولى فازت في الانتخابات الرئاسية في المكسيك لتصبح أول امرأة تحكم الولايات المتحدة المكسيكية، والثانية الفنانة التشكيلية المشهورة التي حققت شهرتها بسبب أعمالها الفنية وشخصيتها المقاومة لكل أنواع العطب والإعاقة، التي عُرفت كذلك بعلاقتها مع أحد قادة الثورة البلشفية ليون تروتسكي (1879-1940)، مع أن الرابط بين المرأتين لا يتعدى كونهما مكسيكيتين وامرأتين ومنتميتين إلى اليسار المكسيكي، حيث عُرف عن فريدة علاقتها بتروتسكي كما أسلفنا، والثانية عُرفت كيسارية منذ وجودها في الجامعة، قبل أن توصف بأنها الابنة المدللة للرئيس المكسيكي أندرياس مانويل لوبيس أولبرادور (65 عامًا) المعروف اختصارًا بأملو الذي تنتهي ولايته في أكتوبر القادم.
لكن ما علاقتنا نحن العرب بالمكسيك؟ في الحقيقة لا شأن لنا بالمكسيك إلا ما تعنيه مواقفها السياسية بالنسبة للقضية الفلسطينية، وقد كانت كذلك منذ عقود قبل أحداث السابع من أكتوبر، ولكن تهمنا مواقف المكسيك القادمة فيما يتعلق بشأن الدولة الفلسطينية والاعتراف بها كما حصل في العديد من الدول الأوروبية، ونعول على ذلك مع الرئيسة المنتخبة المعروفة بمواقفها المؤيدة للقضايا البيئية. فهل ستنحاز شينباوم المنحدرة من عائلة يهودية إلى قضية الشعب الفلسطيني العادلة، أم ستسير في ركب جارتها الولايات المتحدة؟
ولكن ماذا لو لم تعترف المكسيك بالدولة الفلسطينية على غرار ما أعلنته بعض الدول الأوروبية، وفضلت مراعاة مصالحها في ظل ظروف اقتصادية خانقة ستكون أولى العقبات أمام حكومة شينباوم المنتظرة، فهل سنلوم الغريب إذا تنكر القريب لأبناء جلدته؟ لأن الحقيقة المرة التي علينا الرضوخ لها أننا لم نعد ننتظر موقفًا من الآخرين حيال الحق الفلسطيني؛ لأن العديد من الدول العربية خذلت فلسطين في أكثر من موقف سواء بالتخلي التام عن حقوق الفلسطينيين أو بالتطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني، والتظاهر بالتضامن الصوري عبر البيانات التي لا توقف الظلم عن الشعب الفلسطيني الذي دفع ولا يزال يدفع ثمن حريته.
ولكن يبدو أن فلسطين ستتحرر حينما تتخلى عن وهم التضامن العربي الرسمي أو التعويل على الأنظمة الموالية لسياسة واشنطن والخاضعة لها في حقيقة الأمر؛ فالتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية العادلة بدأ يتشكل ويتحرر من الدوائر الرسمية والمؤسسات المرتهنة للسيطرة الصهيونية.
إذن ما الذي يجعلنا نهتم بشأن المكسيك غير تضامنها مع القضية الفلسطينية، إننا نهتم لفوز أي سياسي ذي خلفية يسارية في أي مكان في العالم؛ لأننا ننتظر منه موقفًا سياسيًا يسهم في كبح جماح عجلة النيوليبرالية الساعية إلى تحويل البلدان إلى أسواق لمنتجاتها عبر تقوية الشركات العابرة للحدود والثقافات، حيث تتحكم الشركات في مصائر المجتمعات وتفرض عليها سياساتها؛ فالواقع المعيش يرتهن لقطب سياسي تتحكم في إدارته قوى اقتصادية تسيطر على أذواق البشر، الأمر الذي يتطلب من الدول الوطنية ممارسة سلطاتها التشريعية في حماية مواطنيها من الغزو الاقتصادي ومن الارتهان إلى الشركات العابرة للقارات التي «تُضعف الثقافات القومية والاقتصاديات الثقافية بإضفاء الطابع العالمي عليها»، مثلما كتب الكاتب البريطاني تيري إيجلتون (81 عامًا) في كتابه «فكرة الثقافة». والمثال الحاضر في الأذهان ما عرف بجمهوريات الموز في منطقة الكاريبي وأمريكا الوسطى، التي تتحكم فيها الشركات الأمريكية المصدرة للمواد الغذائية وخاصة الموز.
أما الأمر الآخر الذي يهمنا هنا فهي أمنياتنا للشعب المكسيكي تحت قيادة الرئيسة شينباوم أن تتخلص المكسيك من المشكلات التي تعاني منها مثل الجريمة وتهريب المخدرات والهجرة والتلوث، وهي قضايا نجحت في علاجها الرئيسة حينما انتخبت عميدة للعاصمة مكسيكو سيتي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
سر الاحتفال بيوم الموتى في المكسيك.. يستقبلون أحباءهم بالورد والشموع
على مدار 3 أيام يحتفل سكان المكسيك، بيوم الموتى، وهو إجازة رسمية، ويتميز هذا اليوم بطقوس معينة لا تُمارس سوى به، وذلك لبعض الاعتقادات الدينية لدى السكان أو المحتفلين بيوم الموتى، فما سر الاحتفال به، وما هي طقوسه؟
الاحتفال بيوم الموتى في المكسيكطريقة خاصة يتبعها المكسيكيون في الاحتفال بيوم الموتى، وهي ممارسة بعض الاحتفالات الخاصة به حسب معتقداتهم، رغبة منهم في تذكر الأحباء والأقارب الموتى، الذين يعتقدون أن أرواحهم تعود في هذا اليوم لمدة ليلة واحدة، يشاركون فيها عالم الأحياء، وفق ما نشرته صحيفة «أسوشيتد برس» الأمريكية.
سر الاحتفال بيوم الموتى، اعتقاد المكسيكيين أن أمواتهم يعودون للحياة في هذا اليوم، الذي يوافق 2 من شهر نوفمبر كل عام، لذا يستقبلونهم بطرق مختلفة مثل تقديم القرابين والأطعمة ورعاية القبور، ويتركون لهم الطعام على الشرفات مع تزيينه بالزهور، بالإضافة إلى نثر بتلات الزهور والبخور لإرشاد الأرواح للمسار الصحيح الذي يجب تتبعه حتى الوصول إلى منزل العائلة.
تاريخ بدء الاحتفال بيوم الموتىعلى الرغم من الاحتفال بـ يوم الموتى منذ سنوات طويلة، فإنه لم يتم تحديد تاريخ الاحتفال الأول به، ولكنه جاء متأثرًا بالمعتقدات الخاصة بالزراعة منذ عصور، ثم دمجت التقاليد الكاثوليكية في الاحتفال بعد الغزو الإسباني عام 1521، وفق ما أوضحه أندريس ميدينا، الباحث في معهد البحوث الأنثروبولوجية التابع للجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك.
ووفق «ميدينا»، فكرة الاحتفال روتها الأساطير على مر العصور، أن الذرة تدفن عندما تُزرع وتعيش حياة تحت الأرض لفترة لتظهر لاحقًا كنبات، وهو يشبه عظام الإنسان، التي يُنظر إليها على أنها أصل الحياة، وتعتبر مركزية في احتفالات يوم الموتى.
اعتقد المحتفلون بـ يوم الموتى، أن عودة العظام إلى العالم الحي، مثل البذور المزروعة تحت التربة، فيختفي الموتى مؤقتًا ويعودون كل عام مثل الحصاد السنوي، وجعلوا من هذا اليوم الاحتفال السنوي الخاص بأمواتهم، إذ تضع العائلات صورًا لأسلافهم على منازلهم، وتتضمن زخارف من الورق والشموع، ومزينة بأشياء أحبها أولئك الذين رحلوا.