خمس سنوات عنوانها الصراع بعد صعود اليمين الأوروبي!
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اليمين المتطرف يُحقِّق مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي، ويقترب من رُبع مقاعد المجلس التشريعي للكتلة البالغ عددها 720 مقعدًا، ارتفاعًا من الخمس في الدورة الماضية عام 2019. ورغم كون هذه النتائج متوقعة خلال استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات إلا أنها لم تمنع الصدمة والشعور بخيبة الأمل لدى المحافظين والليبراليين والخضر واليسار.
ومن المتوقع أن يجرَّ نواب اليمين المتطرف البرلمان الأوروبي نحو مواقف أكثر مناهضة للهجرة والتكيف البيئي وتوسيع عضوية الكتلة. ورغم احتفاظ أحزاب الوسط بالأغلبية في البرلمان الجديد، إلا أن التحديات أمامها كبيرة في إدارة مؤسسات الاتحاد في ضوء البحث عن حلفاء جدد للحصول على الأغلبية الناجزة من بين المجموعات المتطرفة الفائزة خاصة بعدما خسرت المزيد من حلفائها التقليديين من أحزاب الخضر واليسار. وسوف تظهر خلال الأشهر القليلة المقبلة مؤشرات تعزيز اليمين المتشدد والقوميين الشعوبيين نفوذهم في البرلمان، من ذلك زيادة التشكيك في جدوى الاتحاد الأوروبي وممارسة الضغوط على صانعي القرار في المفوضية وبقية المؤسسات في اتجاه نحو الاستقلال الاستراتيجي، خاصة عن الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة. وهم يرون أن الحرب في أوكرانيا عززت الهيمنة الأميركية على دول الكتلة التي أصبحت تعاني اقتصاديا وأمنيا، من ذلك أن المساعدات لأوكرانيا تمَّ تنسيقها في القاعدة الأمريكية في رامشتاين بألمانيا، كما تمَّ تكريس هذه الهيمنة عبر مشتريات ضخمة من الأسلحة الأمريكية لتجهيز الجيوش الأوروبية مثل الصواريخ ومقاتلات إف 35، باهظة الثمن، وغيرها الكثير.
كما ينتقد اليمينيون المتشددون والشعبيون العقوبات التي أقَرّتها مجموعة السبع – التي كانت تُسمَّى مجموعة الثماني، قبل إقصاء روسيا - تحت القيادة الأمريكية ويهاجمون أيضا قرارات الحظر على الغاز والنفط الروسيين، حيث انتقص هذا الاصطفاف -من وجهة نظرهم- من مشروع الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا. ويذهب حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف لأبعد من ذلك، ويتهم المستشار الألماني أولاف شولتز وحزبه الديمقراطي الاجتماعي بأنه جعل ألمانيا "رأس حربة" لتلك الهيمنة الأمريكية في أوروبا؛ اعتبارًا من العام 2022، عندما خصص شولتز مبلغًا إضافيًا قيمته 100 مليار يورو للميزانية العسكرية، جزء كبير منها تم توجيهه لشراء الجيش الألماني طائرات عسكرية أمريكية من طراز F35 ومروحيات ثقيلة أمريكية.
وهكذا فإن اليمينيين المتطرفين يتهمون مؤسسات الاتحاد الأوروبي بأنها تركت المجال فسيحًا أمام هيمنة الولايات المتحدة لتملي قرار زيادة الإنفاق العسكري وتعزيز المجمع الصناعي العسكري الأمريكي على حساب مواطني دول الكتلة الذين تدهورت قدرتهم الشرائية وساءت أحوالهم.
ومن المنتظر أن نرى أيضًا مواقف أخرى شديدة العنصرية من هذا الفصيل اليميني المتطرف ضد المهاجرين وطالبي اللجوء وسيطالب باستخدام الدول الأوروبية "حقها" في الدفاع عن أمنها وحدودها بكافة الموارد والتقنيات الحديثة والأسلحة والطائرات والسفن لتحويل أوروبا إلى قلعة لا يستطيع دخولها المهاجرون واللاجئون، حتى لو أدى الأمر إلى منح فرق مراقبة الحدود البحرية استثناءات على حساب أرواح وحياة الهاربين نحو شواطئها. وسيكون التعاون المقترح مع دول حوض المتوسط وبلدان إفريقيا من منظور هيمنة وليست شراكة، مع محاولات فَرْض الاتفاقيات التي لا تخدم سوى مصالح البلدان والشركات الأوروبية. وسيكون تعزيز التعاون مشروطًا بفتحها مراكز لاستقبال اللاجئين لحين النظر في ملفاتهم والبتّ فيها مع التعهد أيضًا بمراقبة وسجن وترحيل المهاجرين غير النظاميين بشكل "استباقي". كما أن العنصرية من جانب هذا التيار المتطرف تستخدم كالعادة "تأليب" المجتمع ضد العرب والمسلمين بشكل مضاعف، وسيكون تأييد العدوان الصهيوني الوحشي المستمر منذ تسعة أشهر على الشعب الفلسطيني أحد مظاهر تلك العنصرية الكريهة؛ بل وقد يطالب اليمينيون المتشددون الاتحاد الأوروبي بمعاملة الكيان الصّهيوني كعضو له كل حقوق الدّول الأعضاء دون تقييده بواجبات الأعضاء، مع تحريض دول الكتلة على عدم تعليق الاتفاقيات العسكرية والعلمية والتجارية والثقافية مع الكيان الصهيوني الذي يُمارس الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
أما في مجال التكيف البيئي فإن المعركة ستكون أكثر شراسة مما سبق بين اليمينيين المتطرفين من جهة وأنصار البيئة وأحزاب الخضر من جهة أخرى والذين تضاءل نفوذهم في ضوء خسارة العديد من مقاعدهم داخل البرلمان الجديد؛ يشجع اليمينيون المتشددون الزراعة الصناعية المدمرة واستخدام الوقود الأحفوري والطاقة النووية وذلك تحت دعاوى الانحياز لصغار المزارعين والمصنِّعين المحليين إضافة للمواطنين الذين يئنون تحت وطأة تضخم فواتير استهلاك الطاقة وارتفاع أسعار المنتجات، وهو ما يفاقم وتيرة الأزمة البيئية. وتلك في مجملها أهم التحديات التي ستواجه تحالف المحافظين والليبراليين الكلاسيكيين داخل البرلمان ومؤسسات الاتحاد الأوروبي كما ستشكل معوقات إضافية أمام تعزيز الشراكة مع العرب والشرق الأوسط وربما الولايات المتحدة الأمريكية إذا فاز جو بايدن بفترة رئاسية ثانية. وفي كل الأحوال لن تكون السنوات الخمس المقبلة سهلة على جميع الأطراف بل إنها حقبة عنوانها الصراع بامتياز!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أولاف شولتز اليميني المتطرف الاتحاد الأوروبي الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بـ 4 مليارات يورو.. المشاط تبحث مع البرلمان الأوروبي آلية مساندة الاقتصاد الكلي
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، سيلين إيمارت، عضو البرلمان الأوروبي ومقررة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي بلجنة التجارة الدولية بالبرلمان الأوروبي، ، للتباحث بشأن ملفات الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، خاصة على مستوى المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة، وتعزيز سبل التعاون مع الاتحاد الأوروبي لتمويل برامج الطاقة المتجددة.
وفي مستهل اللقاء، رحبت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بنائبة البرلمان الأوروبي، موضحة أن العام الماضي كان فارقًا على مستوى التعاون المصري الأوروبي، حيث شهد العديد من التطورات على رأسها انعقاد القمة المصرية الأوروبية، وصدور الإعلان المُشترك لترفيع مستوى الشراكة بين الجانبين، وإقرار حزمة مالية بقيمة 7.4 مليار يورو، والحصول على الشريحة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة بقيمة مليار يورو.
واستعرضت «المشاط»، خلال اللقاء الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الحكومة على مدار العام الماضي، والتي ساهمت في تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، ودعم القدرة على الصمود وسط التحديات الإقليمية والدولية، فضلًا عن تعزيز ثقة مجتمع الأعمال في الاقتصاد المصري، وإفساح المجال للقطاع الخاص لقيادة جهود التنمية، كما تم التباحث بشأن المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة بقيمة 4 مليارات يورو من خلال مجموعة من السياسات الداعمة للاقتصاد الكلي، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص، فضلًا عن تشجيع الاستثمارات الخضراء.
كما أشارت إلى التطورات الإيجابية على مستوى الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام المالي الجاري، والذي وصل إلى 3.5% مقابل 2.65% في الربع المقابل، موضحة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على مدار العام وتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي وهيكلي واضح ساهم في تعزيز النمو، واستعادته في العديد من القطاعات على رأسها الصناعات التحويلية، والنقل والتخزين، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي عنصر مهم في جهود الدولة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الإقليمي، موضحة أن ذلك التعاون يُعزز الروابط الثقافية والاقتصادية ويسهم في خلق مستقبل أفضل للمواطنين، مما يجعل من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أولوية استراتيجية لمصر.
وتناولت "المشاط" الحديث حول أبرز مجالات التعاون مع البرامج الحالية التي يتم تمويلها من خلال التمويل المختلط لدعم قطاعات مختلفة بما في ذلك النقل، المياه، الزراعة، الشركات الصغيرة والمتوسطة، الطاقة المتجددة، الحماية الاجتماعية، الحوكمة، المجتمع المدني وبناء القدرات، موضحة أن إطار الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي، يحدد الأولويات والأهداف الاستراتيجية لتوجيه جهود التعاون بين البلدين، متابعه أن تلك الشراكة تتوافق مع الأولويات الوطنية لمصر، مع معالجة الاحتياجات الناشئة، وتعزيز إطار تعاون متماسك وموجه نحو المستقبل.
وتطرقت إلى الحزمة المالية الأوروبية في إطار الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، ويتم توزيعها وفقًا لـ 6 أولويات مشتركة تتمثل في تعزيز العلاقات السياسية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، والترويج للاستثمار والتجارة، وتعزيز أطر الهجرة والتنقل، وتقوية الأمن، وتعزيز المبادرات التي تركز على الإنسان مثل تطوير المهارات والتعليم.
كما أشارت إلى ضمانات الاستثمار في إطار الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة بلس (EFSD+)، بقيمة 1.8 مليار يورو وتعد جزء من الحزمة المالية بقيمة 7.4 مليار يورو، مضيفة أن تلك الضمانات ستنعكس إيجابًا على زيادة معدلات الاستثمار في مصر خاصة في القطاعات ذات الأولوية والاهتمام المُشترك بين الجانبين خاصة الطاقة المتجددة.