دمشق-سانا

تحت عنوان “العروبة والإسلام والمسيحية.. تكامل حضاري في إطار الثقافة العربية الواسعة”، نظم الاتحاد الوطني لطلبة سورية اليوم ندوة حوارية على مدرج جامعة دمشق.

وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد أوضح خلال الندوة أن الدين شبكة أمان كاملة للمجتمع ضد الليبرالية، فهو يرسخ كل القيم النبيلة التي تحقق مصلحة الإنسان، ومجتمعنا السوري محصن بالدينين الإسلامي والمسيحي، ومازالت سورية صامدة رغم كل الآلام والجراح وهي تفتخر بمواقفها وعروبتها.

ولفت الوزير السيد إلى أن العروبة والإسلام والمسيحية تشكل المكون الأساسي للحضارة العربية، مبيناً أن الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية خلال السنوات الماضية كان المستهدف فيها الهوية والانتماء الوطني والعناصر الأساسية لهذه الحضارة، ومعتبراً أن الحرب الأخطر تجسدت ببث الأمراض والسموم في نفوس الجيل من خلال زرع الشك حول الانتماء للعروبة والوطن بشكل عام.

وتطرق الوزير السيد إلى العمق التاريخي للوجود العربي في بلاد الشام، وقال: إن سورية مهد الديانة المسيحية، والمسيحية هي التي احتضنت الإسلام في بلاد الشام، والحضارة العربية الإسلامية انطلقت من المسيحيين العرب، وهذا يؤكد أن العروبة كانت موجودة قبل عشرة آلاف عام، كما أن اللغة العربية مكون أساسي للعروبة والإسلام والمسيحية، وكان لها تأثير كبير في ترسيخ المواطنة والانتماء في هذه المنطقة، ومازالت لغة حية في كل دول العالم، وقد أضفى عليها القرآن الكريم القدسية.

ودعا وزير الأوقاف إلى ضرورة التركيز على هذه الثلاثية التي يقوم عليها الوطن، “العروبة والمسيحية والإسلام” بقيمهما وأخلاقهما ضمن وعائهما العربي، مؤكداً ضرورة بذل الجهود للتصدي لدعوات التفرقة سواء في الدين أو القومية، لأن الانتماء القومي هو الضمان الوحيد للهوية الوطنية.

بدورها أكدت رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية، الدكتورة دارين سليمان أهمية الجامعة كمنبر فكري قادر على التأثير في الرأي العام، وكذلك أهمية دور المؤسسة الدينية في محاربة التطرف الديني، مشيرة إلى أن عدم الوضوح في الرؤية والمعنى في المصطلحات، والخلط فيما بينها يعتبر جزءاً كبيراً من الإشكاليات التي تعاني منها الأمة العربية، مثل مصطلحات العلمانية والتدين وغيرهما.

ولفتت سليمان إلى أن عنوان الندوة ينطلق من واقع وتاريخ، حيث تعتبر العلاقة ما بين العروبة والإسلام والمسيحية متكاملة ولا يمكن تجزئتها، والعروبة هي الوعاء الحضاري الثقافي الذي صهر كل هذه المكونات بمعنى واحد.

من جهته عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية الذي أدار الحوار، المهندس عمر الجباعي بين أن الاتحاد يهدف من خلال اللقاءات مع الشباب إلى توضيح ما يجري، حيث يحاول الإعلام الغربي والكثير من وسائل التواصل اختراقه بأكثر من أسلوب، لذلك عمل جاهداً على اختيار عناوين دقيقة تعني جيل الشباب بشكل عام.

وتركزت مداخلات الحضور على ضرورة العمل على توعية الجيل الجديد بمخاطر الليبرالية الحديثة على الانتماء الوطني، وتكثيف اللقاءات الفكرية والثقافية التي تستهدف الشباب، وتخصيص محاضرات تسلط الضوء على الهوية الوطنية ومكوناتها وكيفية تعزيزها، ومحاربة التطرف الديني والتصدي لدعوات التفرقة الدينية والقومية التي تهدد الهوية الوطنية والانتماء الوطني.

حضر الندوة وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم والإعلام الدكتور بطرس الحلاق، ورئيس جامعة دمشق الدكتور محمد أسامة الجبّان، وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الطلبة، وحشد من الطلاب وأساتذة وعمداء الكليات.

هيلانه الهندي

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

الفنون والإسلام في السودان- معركة الجمال أمام عقول التحجر

لطالما كان الفن، في كافة أشكاله، جزءاً لا يتجزأ من الحضارات الإنسانية، ولم يشذ الإسلام عن ذلك، بل كان مناراً يُنير طريق التعبير الإنساني الراقي، ليصب في خدمة القيم النبيلة والارتقاء بالذوق البشري. مع ذلك، نجد أن هناك من يروجون لفكرة أن الإسلام ضد الفنون، خصوصاً الرقص، ويُلبسون الإسلام ثوباً من التحجر والتقيد الذي يرفضه جوهر الدين نفسه.
الإعلان عن الورشة والهجوم العنيف
جاء الإعلان عن الورشة كفرصة مجانية، تُقام في دار اتحاد تجمع الفنانين السودانيين بمصر، مع التأكيد على الالتزام والجدية خلال الأيام الأربعة للبرنامج. إلا أن هذا الإعلان قوبل بهجوم شرس وغير مبرر من بعض التيارات التي نصّبت نفسها وصيةً على الأخلاق والقيم.
لم يتوقف الأمر عند النقد، بل تعداه إلى اتهامات مباشرة لي ولفريق العمل، وصلت إلى التطاول الشخصي. قالوا إن هذه المبادرة "فسادٌ للقيم" و"خروجٌ عن الدين"، ونسوا أو تناسوا أن الإسلام دين يُشجع على الإبداع والارتقاء بالفرد والمجتمع.
الرقص المعاصر: فن راقٍ لا تُدركه العقول المتحجرة
الرقص المعاصر ليس مجرد حركات، بل هو لغة عالمية تُترجم المشاعر والأفكار. هو مساحة للتعبير الحر الذي يُساعد الشباب على فهم أنفسهم، والتواصل مع العالم من حولهم.
لقد قدمتُ هذه الورشة كوسيلة لترسيخ ثقافة فنية ترتبط بالجمال والإنسانية، لا لتدمير القيم كما زعموا. ولكن يبدو أن بعض الأصوات لا ترى في الفنون إلا تهديداً، لأنهم لا يفهمونها، أو لأنهم يخشون كل ما هو جديد ومختلف.

الإسلام دين الجمال والإبداع
التاريخ الإسلامي زاخر بالفنون، من الشعر والموسيقى إلى الخط العربي والرقص الشعبي. النبي محمد ﷺ نفسه أقرّ مظاهر الفرح التي تخللتها أشكال من الرقص والغناء، كما حدث مع الأحباش الذين كانوا يرقصون في المسجد.
الإسلام لم يُحرم الفنون إلا إذا خالفت القيم الأخلاقية أو أضرت بالمجتمع. أما ما يُعزز الروح، ويُعبر عن الجمال، فهو مُرحب به في الشريعة.

الهجوم على الفنون و سفاهة الجهلاء
الهجوم الذي تعرضتُ له يكشف عن تناقضات كبيرة في خطاب بعض من يُنادون بحماية "القيم". هؤلاء أنفسهم هم الذين أشعلوا نيران القبلية والحروب الأهلية، وساهموا في تفكيك المجتمع السوداني بقيم جاهلية تعود بنا إلى الوراء.
لقد كان أولى بهم أن يُصلحوا ذات بينهم، ويُطفئوا لهيب الفتن، بدل أن يُهاجموا مبادرة ثقافية تهدف إلى بناء الإنسان.
الفنون في الإسلام هل يعرفون هذه الحقائق تاريخية
منذ فجر الإسلام، أُعطيت الفنون مكانة سامية. فقد استمتع الصحابة بالإنشاد والشعر، واحتفى النبي محمد ﷺ بجمال الصوت حين سمع حسان بن ثابت يُنشد مدحاً للإسلام. كما أبدى النبي تسامحاً عظيماً تجاه الأنواع المختلفة من الفنون الثقافية والاجتماعية التي لا تتعارض مع القيم الإسلامية، مثل الألعاب الشعبية والرقص في المناسبات.
روى الإمام البخاري في صحيحه أن الأحباش كانوا يرقصون في المسجد ويقولون: "محمد عبد صالح". فهل منعهم النبي؟ على العكس، أقرّهم وشجعهم، وأتاح للسيدة عائشة أن تشاهد ذلك وتستمتع به.

الرقص بين الإبداع الإنساني والروحانية
الرقص، كوسيلة للتعبير الإنساني، يمكن أن يكون أداة راقية للتواصل مع الذات ومع الآخرين. هو لغة عالمية تنقل المشاعر والأفكار، ويستطيع أن يجسد القيم الإنسانية مثل السلام، الحب، والتسامح.
إطلاق ورش لتعليم الرقص المعاصر للشباب والشابات، كما فعلتُ في القاهرة، كان يهدف إلى تمكينهم من التعبير عن أنفسهم في إطار ثقافي وإنساني راقٍ. مع ذلك، واجهتُ هجوماً شرساً من بعض من يُدعون "حراس الأخلاق"، الذين لا يرون في الفن إلا ما يوافق أهواءهم.
تضليل المضللين شاهت الوجوه
شاهت الوجوه , إلى أولئك الذين اختاروا الهجوم والتضليل، أقول , "الفنون هي طريقنا لتضميد جراح الوطن، وأنتم غارقون في إشعالها."
سنواصل دعم الإبداع بكل أشكاله، وسنظل ندافع عن حق الشباب والشابات في التعلم والتعبير. الفنون ليست عدو الإسلام، بل هي انعكاس لجمال هذا الدين الذي يحث على التفكير والإبداع.
دعونا نرتقي معاً نحو غدٍ أكثر إشراقاً، حيث يكون للفنون دورٌ في بناء مجتمع متسامح، لا تُحكمه عقول متحجرة ولا تُسيّره أهواء جاهلية.
هؤلاء المضللون الذين يهاجمون الفنون يدّعون أنهم حماة الدين، بينما هم في الحقيقة يقفون حجر عثرة أمام تطور المجتمعات الإسلامية. تطاولوا على مبادرة ورشة الرقص المعاصر بدعوى أنها ضد القيم الإسلامية، بينما هم أنفسهم من يُشعلون نيران الحروب الأهلية، ويسكبون الزيت على لهيب القبلية والعنصرية.
أليس من الأولى أن ينشغل هؤلاء بإطفاء نار الفتن التي أشعلوها بقيم الجاهلية، بدل أن يهاجموا الفنون التي ترقى بالإنسانية؟
الإسلام والفن انسجام لا تعارض
الإسلام دين الحياة، يدعو للجمال والإبداع، ولا يمنع من الفنون إلا ما كان هادماً للقيم الإنسانية أو مسيئاً للعقيدة. تاريخ المسلمين حافل بالإبداع الفني، من الخط العربي والزخرفة إلى الموسيقى والشعر وحتى الرقص.
الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" أقرّ بأن السماع والرقص يمكن أن يكونا وسيلة لتقوية الروح، إذا كان الغرض منهما خيراً وارتقاءً.

رسالة للمضللين
لكل من يهاجم الفنون، أقول شاهت وجوه الجهل والتعصب! لن تُطفئوا نور الإبداع الذي يشع من قلوب شبابنا وشاباتنا. وكما قال الشاعر ,ألا يا ليلُ ما ضاقت دروبُ الحقِّ إلا في عيونِ الظالمينْ
إنما الفنون مرآةٌ للروح، ولن يكون الإسلام عدواً للمرآة التي تعكس جمال النفس البشرية.
*دعونا نبني وطناً تُشرق فيه شمس الإبداع، لا أن نتركه غارقاً في ظلام الجهل الذي يغذيه تجار الدين وأرباب المصالح الشخصية.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • وفد من الجامعة العربية يزور بطريركية أنطاكيا للسريان في دمشق
  • الجنوب شعب ضعيف ويبعدُ حضاريًّا عن نطاقات شمال أفريقيا خمسمائة عام
  • حزب الشعب الجمهوري يعقد ندوة «تنمية الموارد البشرية لتعزيز الانتماء الوطني»
  • الدكتور «علي أحمد» يناقش رسالة الدكتوراه في جراحة العظام بجامعة عين شمس
  • الفنون والإسلام في السودان- معركة الجمال أمام عقول التحجر
  • الشرع يستقبل في دمشق وفدا رفيعا من جامعة الدول العربية
  • مبروكة تناقش في المغرب إقامة ندوة في طرابلس حول الثقافة والتراث في الأزمات
  • سوريا: نتطلع إلى استعادة مقعدنا في الجامعة العربية
  • الشيباني يدعو إلى عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية
  • وزير الخارجية السوري: نتطلع لعودة دمشق إلى الجامعة العربية