البقاء أم الاستبدال أم الحل.. كيف سيكون شكل حكومة نتنياهو بعد استقالة غانتس؟
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
تساؤلات حول إدارة الحرب في غزة بعد استقالة غانتس
بعد استقالة رئيس حزب "معسكر الدولة"، بيني غانتس، الأحد، من حكومة بنيامين نتنياهو، بدأت تثار في الكيان تساؤلات حول إدارة الحرب في غزة من الآن فصاعدا. وهل سيعود ليبرمان وساعر كوزراء، وهل سيكون قانون التجنيد بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير؟
اقرأ أيضاً : بن غفير: انسحاب غانتس فرصة لتحقيق النصر وطالبت كل الوقت بتفجير غزة
وفيما يلي أبرز السيناريوهات المطروحة على الطاولة، وحسب تقرير لصحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، هناك 3 سيناريوهات مطروحة على الطاولة الآن:
أولا، استقالة غانتس مع بقاء حكومة نتنياهو.
فقد استقال غانتس، ليس لكي يكون ناشطاً مركزياً في المعارضة، بل لمحاولة تحقيق تقدم في الانتخابات المقبلة والإطاحة بالحكومة. ومع استقالته، ستزداد قوة المعارضة، وكذلك الحركة الاحتجاجية والمظاهرات ضد الحكومة في شارع كابلان بتل ابيب. لكن، بحسب ما تبدو عليه الأمور في الوقت الراهن، فإن هدف إسقاط الحكومة لا يزال بعيداً. وحالياً، سيحاول نتنياهو الاستمرار بالمحافظة على ائتلافه الحكومي المكون من 64 مقعداً، والموجود تحت تصرفه من أجل النجاح في الدورة الحالية للكنيست، وربما أكثر.
ثانيا، عودة ساعر وليبرمان لحكومة نتنياهو. لا شك أن هذا هو السيناريو المفضل لدى نتنياهو الذي سيسعى إلى تحقيقه.
وخروج غانتس من الحكومة قد يحمل أخباراً جيدة لمعسكر اليمين، وتفكيراً جديداً ومختلفاً في حكومة الحرب. وعلى الرغم من المصلحة المشتركة لساعر وليبرمان وغانتس في إسقاط الحكومة، إلا أنه لا يوجد اتفاق بين الطرفين على طريقة إدارة الحرب، وعلاوة على ذلك، فإن غانتس هو الذي عرقل أي محاولة لإضافة أعضاء جدد إلى حكومة الحرب المحدودة، ومن بينهم ليبرمان وساعر، وفي الوقت نفسه، فإن التقدير هو أن الوقت قد نفد بالنسبة لليبرمان وساعر وأنهما يفضلان البقاء خارجاً.
ثالثا، سقوط حكومة نتنياهو. على الرغم من أن انسحاب "معسكر الدولة" سيترك للائتلاف أغلبية برلمانية قوية ومتجانسة من المفترض أن تسمح للحكومة بمواصلة عملها. لكن من الممكن أن يؤدي حدث أو آخر، مثل قانون التجنيد أو قضية أخرى، إلى هز الحكومة ويؤدي في النهاية إلى حلها. ورغم أن لا أحد من أعضاء الحكومة لديه مصلحة في حلها، إلا أن الأحداث يمكن أن تحدث، والأكثر من ذلك أنها ستأتي على خلفية صور الاحتجاج التي ستزداد قوة.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: حكومة نتنياهو بيني غانتس تل أبيب الحرب في غزة حکومة نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
السودان: الحكومة الموازية و«الحلقة الشريرة»
نظرا للتطورات الأخيرة على الساحة السياسية السودانية، نعتذر لمجموعة «شباب القراءة من أجل التغيير» عن أن نكرس مقال اليوم لاختتام مناقشتنا لسؤالهم حول المقصود بمفهوم «الحلقة الشريرة» في السودان وحول كيفية كسرها وفكفكتها واتقاء شرها. ونعني بهذه التطورات الأخيرة تحركات بعض القوى السياسية المسلحة والمدنية للتوقيع على ميثاق تأسيسي لتشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان.
وما كنا سنقحم موضوع هذه التطورات والتحركات في مقالنا حول «الحلقة الشريرة» لولا أننا نراها من صميم تجليات ونتاج دوران هذه الحلقة في السودان، كما سنوضح لاحقا في متن هذا المقال. ولكن في البدء، دعنا نقرر بأن ما وصلنا من معلومات حول هذه التطورات والتحركات قليل جدا إلا ما جاء في التصريحات الصحافية قبل وبعد ما بات يعرف بفك الارتباط داخل تنظيم «تقدم» المحلول بين التيار المؤيد والتيار المعارض لفكرة الحكومة الموازية، وما شهدناه في لقاء نيروبي بتاريخ 18 فبراير/شباط الجاري والذي كان عبارة عن بهرجة إعلامية وخطب مكررة حول جدلية السودان القديم والسودان الجديد والفشل في إدارة التنوع.
وحتى لحظة كتابة هذا المقال لم تُنشر أي ورقة مفاهيمية أو مشروع واضح المعالم حول هذه الخطوة، كما لم يُنشر الميثاق التأسيسي أو الورقة الدستورية المشار إليهما في التصريحات الصحافية وخطب قادة هذا الحراك. صحيح أن تصريحات وخطب هؤلاء القادة في تسبيب تشكيل الحكومة الموازية، أنها لسحب الشرعية من حكومة بورتسودان، وأنها لحماية المدنيين من بطش القوات والميليشيات التابعة لحكومة بورتسودان، وأنها لتقديم الخدمات للمواطنين المحرومين منها في خارج مناطق سيطرة حكومة بورتسودان، وأنها لوقف الحرب وبسط السلام والحفاظ على وحدة البلاد. لكن ومع تقديرنا التام لنبل مقاصد كل هذه المسببات، إلا أنها ستواجه بعشرات الأسئلة الرئيسية والفرعية، بما فيها السؤال الرئيسي حول كيفية تجسيدها على أرض الواقع، كما ستواجه بمناقشة حقيقية وموضوعية تقول إن الناتج من هذه الخطوة سيأتي، وباحتمال كبير، بعكس المقاصد النبيلة لهذه المسببات. ومع ذلك، نحن نشدد ونؤكد على خطل التبسيط المخل لهذه التطورات وهذا الحراك، أو الحكم عليها بأحكام مسبقة ووفق قوالب جاهزة ونمطية، كما نشدد ونؤكد على ضرورة عدم التقليل من شأن تداعيات هذه التطورات، لا على السودان وحده وإنما على كل المنطقة.
لا نود التعمق في مناقشة موضوع الحكومة الموازية قبل أن نطلع على تفاصيل المشروع وتفاصيل الميثاق التأسيسي وبرنامج الحكومة وآليات التنفيذ. ولكن، مجرد الفكرة في حد ذاتها تدفعنا إلى ربطها بعدد من الاستنتاجات الرئيسية.
الاستنتاج الأول: بالنسبة للمواطن السوداني فإن وقف الحرب هو الهدف الرئيسي الذي لا يعلو عليه أي هدف آخر. ولكن تشكيل حكومة موازية لن يوقف الحرب بل ربما يزيدها اشتعالا حيث سيتفاقم الصراع بين الحكومتين على السيادة والنفوذ في البلد، وسيسعى كل طرف للتمدد واكتساب مساحات جديدة على حساب الطرف الآخر. وحتى وإن فُرض على الطرفين، عبر المجتمع الدولي أو الإقليمي، التفاوض لوقف القتال، فسينحصر الأمر في اقتسام أو مشاركة السلطة والنفوذ دون المساس بالأسباب الجذرية للحروب في السودان.
الشباب الذي فجر هذه الثورة موجود هنا وهناك، في مناطق الحكومة الموازية أو الأخرى، يقاوم واقع الحرب بحثا في كيفية إيقافها، ويواصل رتق جروح آماله ونسج أحلامه بسودان المستقبل الديمقراطي
الاستنتاج الثاني: حتى إذا شُكلت الحكومة الموازية، سيظل السكان المدنيون في منطقة سيطرة هذه الحكومة أو تلك هم الضحايا وحصاد الموت سواء بآلة الحرب أو المرض أو الجوع أو بالمحاكمات الصورية والانتقامية.
الاستنتاج الثالث: بغض النظر عما دُبج في خطب دعاة الحكومة الموازية حول السودان الجديد وإدارة التنوع، فإن الدعوة لتكوين هذه الحكومة تتضمن تعبئة إثنية واستنفارا قبليا، وهذا بدوره سيؤدي إلى تعبئة واستنفار مضادين، مما يزيد من الطبيعة القبلية والإثنية للحرب في البلاد، ويضاعف ما هو موجود أصلا من خطاب العنصرية والكراهية وتمدد العنف الوحشي والقتل على أساس الهوية أو الانتماء الجهوي والسياسي، وكل هذا يصعب كبحه ويطيل من أمد الحرب أو يجددها حتى إذا توقفت، ما دام النسيج الاجتماعي بات ممزقا.
الاستنتاج الرابع: وجود حكومتين سيضعف من فرص تحقيق العدالة في البلد، خاصة بالنسبة إلى الجرائم والانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت اثناء الحرب ضد البشر وضد الأعيان المدنية من بنية تحتية ومرافق عامة وخاصة، ويمكن الإفلات من العقاب على هذه الجرائم.
الاستنتاج الخامس: أصلا موقع السودان الجيوسياسي يهدد بانتشار نزاعاته إلى دول المنطقة، وخاصة بعض الدول المجاورة التي تعاني أصلا من هشاشة البنية التحتية والتوترات وضعف الاستقرار الأمني. وتواجد حكومتين في السودان سيضاعف من حالة الاستقطاب بين هذه البلدان، مجموعة مع هذه الحكومة وأخرى مع تلك ودائما العين على الموارد بمحتلف أنواعها، وكل هذا سيزيد من حالة التوتر الموجودة أصلا في المنطقة ويهدد بانفجارها، بل ومن الممكن أن يتمدد هذا التوتر ليطال عددا من بلدان العالم التي قد تتضارب مصالحها الاستراتيجية في السودان والمنطقة سواء من حيث المياه أو الأراضي أو الأمن الغذائي أو المعادن أو تأمين الطرق أو القواعد العسكرية أو أمن البحر الأحمر أو الخوف من ازدهار منابع وخلايا الإرهاب.
الاستنتاج السادس: لا أعتقد أن ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 ستجد مكانا لها في مشروع الحكومة الموازية، مثلما هي تفتقر إلى هذا المكان في حكومة بورتسودان. وأساسا من أهداف حرب الخامس عشر من أبريل 2023 وأد هذه الثورة وهي في مهدها. ولكن الشباب الذي فجر هذه الثورة موجود هنا وهناك، في مناطق الحكومة الموازية أو الأخرى، يقاوم واقع الحرب بحثا في كيفية إيقافها، ويواصل رتق جروح آماله ونسج أحلامه بسودان المستقبل الديمقراطي، ولن يسمح بأن يتبخر ويتلاشى كل ذلك وتذهب تضحياته سدى.
هذه الاستنتاجات، وغيرها كثير، تشير إلى أن فكرة الحكومة الموازية من الصعب أن تخرج من فكاك «الحلقة الشريرة» وسنواصل الحديث عن ذلك.
نقلا عن القدس العربي