رئيس الوزراء العراقي يحتوي موجة جديدة من الاحتجاجات
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
يرى عدد من المراقبين المحليين أن رئيس الوزراء محمد السوداني، نجح في احتواء موجة احتجاجات جديدة كادت تندلع في محافظات وسط وجنوب البلاد، بعد أن وجدت دعوة قائد لواء «أنصار المرجعية» في «الحشد الشعبي» حميد الياسري، للاعتصام والتظاهر ضد الفساد في مدينة السماوة (270 كيلومتراً جنوب غرب)، استجابة وتأييداً من جماعات الحراك الشعبي وسكان المناطق التي بدأت تعاني من تراجع الخدمات وتجهيز الطاقة الكهربائية مع أولى موجات الحر التي تواجهها البلاد.
العراق بدلا من أوكرانيا.. زلة لسان جديدة لبايدن ارتفاع نسبة إنتاج استثمارات العراق للغاز المصاحب إلى 61 %
وطبقاً لبعض المراقبين، فإن نجاح السوداني تمثل في مبادرته إلى استقبال حميد الياسري و20 شخصية أكاديمية وعشائرية من جميع أقضية ونواحي محافظة المثنى.
وكان الياسري وهو شخصية مقربة من مرجعية النجف ويقود أحد ألوية الحشد الأربعة التابعة للعتبات الدينية، دعا السبت الماضي، إلى اعتصام في محافظة المثنى وأعلن مهلة تنتهي الأربعاء المقبل، لـ«طرد الفاسدين من المحافظة ومجلسها»، كما طالب رئيس الوزراء بإرسال «حاكم عسكري» للمحافظة.
وغالباً ما تخشى السلطات في العراق تنامي موجة الغضب الشعبي في فصل الصيف نتيجة الضعف الشديد في الخدمات المقدمة للمواطنين، وقد ارتبط الفصل شديد الحراك بمعظم المظاهرات والاحتجاجات التي ثارت في البلاد منذ نحو عقدين من الزمن.
وطبقاً لبيان صادر عن رئاسة الوزراء، فإن السوداني استمع إلى ملاحظات الياسري والوفد الذي رافقه حول «أداء الحكومة المحلية ومظاهر الفساد والمحاصصة وتنفيذ المشروعات بتكلفة عالية، فضلاً عن الحاجة الكبيرة لمشروعات أخرى تعالج المشاكل الخدمية التي تعاني منها المحافظة».
وشدد السوداني على أن «انتقاد ظاهرة الفساد ومواجهتها يجب أن يكونا ضمن السياقات الدستورية والقانونية، وأن إعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية أهم تحدياتنا، لأن شرعية أي نظام سياسي تكون من خلال علاقته بشعبه».
وفي رد على ما يبدو أنه مطالبة سابقة تقدم بها الياسري لتعيين حاكم عسكري على محافظة المثنى، ذكر السوداني أن «مجالس المحافظات جاءت عن طريق انتخابات خاضها أبناء المحافظة، وأن على الجميع احترام خيارات المواطنين».
ووجه رئيس الوزراء بـ«تشكيل لجنة يترأسها رئيس هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، تقوم بزيارة المحافظة لمتابعة البلاغات المتعلقة بشبهات الفساد وهدر المال العام، وتدقيقها وإحالتها إلى التدقيق، وفي حال ثبوت الخلل يتم إجراء التحقيق وتحديد المقصرين وإحالتهم إلى القضاء».
وكذلك وجه بإرسال لجنة فنية برئاسة رئيس فريق الجهد الهندسي وفريق المتابعة لزيارة المحافظة وتشخيص مواطن الخلل في تنفيذ المشروعات الخدمية.
وبينما خلا بيان رئاسة الوزراء من بعض تفاصيل اللقاء مع وفد محافظة المثنى، خصوصاً تلك المتعلقة بتخصيص أموال إضافية لمحافظة المثنى، تحدث الياسري عن لجان تحقيق في الفساد ومبالغ مالية جديدة خصصت للمحافظة، بهدف امتصاص النقمة الشعبية والحيلولة دون اندلاع مظاهرات.
وقال الياسري في بيان عقب لقاء رئيس الوزراء، إنه تقرر «تشكيل لجنة من مكتب رئيس الوزراء للإشراف على كل مشروعات السماوة وعدم السماح للمحافظ وأعضاء مجلس المحافظة بالتصرف بالأموال».
وتحدث عن أن ممثلي مظاهرات المحافظة سوف يشرفون على كل مشروعات المحافظة كجهة ساندة ومراقبة للدولة، وبأمر يصدر من رئيس الوزراء.
وكشف بيان الياسري عن «استحصال مبلغ 37 مليار دينار (19 مليون دولار) من رئيس الوزراء يسلم إلى لجنة مهندسين من مكتب رئيس الوزراء لإقامة مشروعات خدمية تقدمها لجنة المظاهرات الشعبية، ولا يسمح للمحافظ ومجلس محافظة بالتدخل فيها»، إضافة إلى قرار بغلق جميع المكاتب الاقتصادية (التابعة للأحزاب) وإخبار جهاز الأمن الوطني والاستخبارات عن وجود أي مكتب في السماوة.
وكانت «المكاتب الاقتصادية» من بين الأسباب الرئيسة لتحرك حميد الياسري ودعوته إلى التظاهر والاعتصام.
يشار إلى أن محافظة المثنى التي يسكنها نحو 800 ألف نسمة، وهي أصغر محافظة عراقية من حيث نسب السكان، تتصدر قائمة المحافظات الأكثر فقراً بالبلاد بنسب تقارب 50 في المائة من إجمالي سكانها، بحسب الإحصاءات الرسمية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رئيس الوزراء العراقي يحتوي موجة جديدة الاحتجاجات محمد السوداني ضد الفساد محافظة المثنى رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
طالت السوداني.. هل تطيح تسريبات الفساد بالحكومة العراقية؟
بشكل غير مسبوق، اشتدت التسريبات التي تخص مسؤولين وكبار المستشارين في الحكومة العراقية، وتتعلق كلها بصفقات فساد وأخذ عمولات لقاء تسيير عقود استثمار في الوزارات، حتى وصل الأمر إلى الحديث عن وجود حصة منها تذهب إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
آخر تلك التسريبات، هو مقطع صوتي تداوله عراقيون، الاثنين، يُنسب إلى يزن مشعان الجبوري، مستشار رئيس الوزراء، وهو يطالب بعمولة مقابل توقيع الأخير على عقد في وزارة الكهرباء، وأن جزء من المبلغ هو "حصة" السوداني و"تيار الفراتين" الذي يرأسه.
صراع حاد
وبخصوص الجهات التي تسرّب التسجيلات، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، إنه "لا أحد يستطيع أن ينكر وجود صراع حاد بين بعض أطراف الإطار التنسيقي (الشيعي) ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والمؤكد أن التسريبات تندرج في سياق هذا الصراع".
وتساءل الكبيسي في حديث لـ"عربي21" قائلا: "السؤال الأهم، هو ما مصدر هذه التسريبات؟ فإنها إذا كانت جزءا من التسجيلات التي تم العثور عليها في أجهزة الاتصال الخاصة بمحمد جوحي، فهذا يعني أن هناك جهة رسمية هي التي تقوم بالتسريب".
وفي 20 آب/ أغسطس الماضي، أعلنت السلطات القضائية العراقية اعتقال محمد جوحي، الذي يشغل معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، بتهمة ترؤس "شبكة التجسس"، ثم قدمت أطراف من قوى الإطار التنسيقي شكاوى ضده كونه كان يراقب اتصالاتهم.
وأوضح الكبيسي أن "التسريبات لها غايات سياسية، لأنه حتى اللحظة معظمها ترتبط بالسوداني والدائرة المحيطة به والحلفاء المحتملين له، وهذا يزيد الشكوك بأن هناك جهة رسمية قادرة على الوصول إلى البيانات التي تمت السيطرة عليها (من أجهزة جوحي) وانتقاء بعض التسجيلات وتسريبها لإحراج الحكومة والسوداني بشكل شخصي".
وتابع: "إذا صحت هذه الرواية، فنحن أمام إشكالية حقيقية لأن بعض الجهات المسؤولة عن التحقيق (مع شبكة جوحي) هي طرف سياسي وجزء من الصراع الحاصل، وهذه إشكالية كبيرة تتجاوز الصراع بين السوداني والإطار، خاصة إذا كانت هذه الجهة قضائية، وليست فقط جهات تحقيق".
الأمر الثاني المهم، بحسب الكبيسي، فإن "بعض هذه التسريبات وتحديدا التي تتعلق بالفساد لا تقول شيئا جديدا، وإنما تؤكد ما يعرفه الجميع هو أن الفساد جزء من بنية الدولة والنظام السياسي في العراق، وأن الكل متورطون فيه من أعلى هرم السلطة إلى أدناه".
من جهته، قال المحلل السياسي نجم القصاب لـ"عربي21" إن "كثرة التسريبات وخصوصا ما يتعلق بمقربين للسوداني لا نستطيع أن نقول إنها كلها حقيقية أو إن جميعها غير دقيق، لذلك استبعد تحديدا أن يكون، يزن مشعان، لديه اتصالات مباشرة مع السوداني".
وأفاد القصاب بأن "الكثير من المستشارين لا يلتقون بالسوداني ولا يرونه، وبعضهم جرى تكليفهم بمنصب مستشار من باب المجاملات، فهم لا يملكون أي صلاحيات تنفيذية أو رقابية وتشريعية، لكن بعض التسريبات بالفعل ثبتت ضد أصحابها".
وأكد الخبير العراقي أن "الفساد موجود في مؤسسات الدولة، ولا نتفاجأ به خصوصا للأشخاص الذين لديهم تاريخ أسود ومتهمين بالفساد والإرهاب، لذلك ربما يتحدث البعض بلسان السوداني، لكن هذا ليس دليلا ضد شخص رئيس الوزراء".
"إطاحة مستبعدة"
وعن مدى إطاحة التسريبات بحكومة السوداني، قال الكبيسي، إنه "لو كانت عملية الإطاحة برئيس الوزراء الحالي سهلة لتمت منذ مدة، لأن هناك أطراف داخل الإطار التنسيقي مصرة على الإطاحة به، لكن البعض يعرف أن هذا ليس بالأمر السهل".
وعزا ذلك إلى أنه "لا توجد إمكانية لمحاكمة رئيس الوزراء بأي شكل من الأشكال، لأن النص الدستوري، يؤكد أن رئيسي الوزراء والجمهورية لا يقاضون إلا من المحكمة الاتحادية وبموجب قانون- لم يتم سنه بعد- بمعنى لا يوجد من الأصل ما يتيح محاكمة السوداني".
وأردف: "أما الإطاحة بالسوداني عن طريق البرلمان، فإن الموضوع ليس بالأمر السهل، لأنه يتطلب استجوابا وتصويت غالبية النواب. حتى لو أطيح به فإنه سيبقى يدير حكومة تصريف أعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وهذا ليس سهلا".
وأشار إلى أن "العقدة التي جاءت بالسوداني كمرشح تسوية لا تزال قائمة، أي ليس من السهل إيجاد بديل للأخير، لذلك كل ما يجري حاليا هو الضغط عليه لعدم دخول الانتخابات من جهة، مع الضغط على الحلفاء المحتملين لعدم التحالف معه استعدادا للانتخابات المقبلة".
وشدد الكبيسي أنه "إذا جرى سن قانون جديد للانتخابات يجري الحديث عنه حاليا، يقسّم المقاعد إلى 20 بالمئة على أساس فردي و80 بالمئة للتمثيل النسي، فإن هذا من شأنه تحجيم السوداني، لأنه حتى لو حصل على مئات الآلاف من الأصوات، فإنه سيصعد بمفرده، ولن ينفع المتحالفين معه بأصواته. وهذا حكم بإنهائه".
وخلص الخبير العراقي إلى أنه "بالتالي هناك جملة من العوامل التي دفعت إلى نشر هذه التسريبات في الوقت الحالي".
وعلى الصعيد ذاته، رأى القصاب أنه "في كل الأحوال لا يوجد وقت لاستجواب رئيس الوزراء في البرلمان ثم إقالته، وإيجاد البديل، لأنه لم يبق سوى أشهر على الانتخابات البرلمانية، وهذا أمر صعب، والدليل أن إيجاد رئيس برلمان جديد بعد إقالة السابق تطلب عاما كاملا".
وأضاف: "كلما تزداد الخصومة السياسية للسوداني يزداد منسوب الشعبية له، رغم وجود ملاحظات، لكن ليس كل ما يجري ترويجه في الإعلام هو صحيح".
ورجح القصاب أن "الغرض من نشر التسريبات، يأتي ضمن عمليات ممنهجة من خصوم السوداني للتخلص منه في الانتخابات المقبلة خشية حصوله على عدد كبير من المقاعد تؤهله للفوز بولاية ثانية".
وفي مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، انتشر تسجيل صوتي منسوب إلى كبير المستشارين في مجلس الوزراء العراقي، عبد الكريم الفيصل، الذي ظهر أنه يتفاوض على مبلغ مالي قدره مليون دولار مقابل تقديم تسهيلات لأحد المشاريع الاستثمارية.
وفي 28 من الشهر الماضي، تداول ناشطون على مواقع التواصل تسريبا صوتيا منسوبا إلى مدير عام هيئة الضرائب في العراق، علي وعد علاوي، وهو يتحدث عن قيامه بالتلاعب بالنسب الضريبية لصالح إحدى الشركات مقابل الحصول على رشاوى مالية.
وقبل ذلك بأقل من شهر، انتشر تسجيل صوتي منسوب إلى القاضي حيدر حنون رئيس الهيئة العليا للنزاهة، يتحدث فيه عن ضرورة الحذر في نقل رشوة مالية إليه، وذكر أن المبلغ الذي يجب أن يصل إليه أكثر من مليار ونصف المليار (دون الإفصاح عن العملة).