جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-23@05:43:27 GMT

طوفان "بوح"

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

طوفان 'بوح'

 

عائشة بنت أحمد البلوشية

 

كُلنا يعي حقيقة أنَّ سيدنا نوح- عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام- هو الأب الثاني للبشرية، فقد دعا على قومه الذين ما فتؤوا يسخرون منه، علاوة على تكذيبه طوال مئات السنين التي استمر يدعوهم فيها إلى التوحيد، فلما زاد الطغيان وانتشر الكفر والظلم، حانت ساعة الطوفان، فظهرت العلامة بأن "فار التنور"، وهطلت مياه السماء، وانفجرت عيون الأرض، فأغرق الله تعالى الأرض ومن عليها وما عليها بطوفان عظيم؛ ليصبح طوفان نوح رمزًا للتطهير، وغلبة الحق على الباطل، وإعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ على الأرض، ونجت الفئة المؤمنة التي آمنت بنوح عليه السلام وركبت معه الفلك، وهلك من خالفه؛ بل حتى ولده الذي عصى أباه كان من المغرقين، أي أنه تعالى لم يستثن أحداً ممن خالف أوامر نبيه عليه وعلى رسولنا محمد الصلاة والسلام.

"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته المقاومة الباسلة على العملية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وكُلنا يتذكر كل الأسماء أو بعضها التي أطلقت على العمليات السابقة على امتداد الزمان لما يربو على 70 عامًا ونيف من الاحتلال والتنكيل والقتل والتهجير والنهب والتجويع واغتصاب الأرض، لكن وكأنَّ هذا الاسم جاء اليوم ليظهر الحق على الباطل، ويطهر الأرض ممن أفسدوا فيها، ويرفع الظلم الذي استشرى وانتشر، ويزيل الغشاوة من على أبصار العالم أجمع، وينزع سدادات الآذان، بل حتى إن الصم سمعوا صرخات الحق، فمن كان يتوقع أن ينهض طلبة الجامعات "الغربية"، ليتظاهروا تضامنًا مع غزة، طالبين من جامعاتهم التوقف عن الاستثمار في أو مع الكيان الصهيوني؟!

هؤلاء الطلبة الذين ينتمون إلى الجيل "z"، وبات من المُسلَّم به أن أدمغتهم قد تمَّ غسلها لتنعدم المروءة فيها، وأن قلوبهم تم تمييعها لتمحى النخوة فيها، حرك طوفان الأقصى السفن من تحت أرجلهم، فسمعوا أصوات الإنسانية، ولم يثنهم تهديد بالفصل، أو زج في السجون، أو مهانة الاعتقال، أو الضرب المبرح، وأصبحنا نرى اليوم أن بلد الحرية- كما يزعمون-، لا حرية فيها، بل تهاوت هراوة عسكرهم بقوة على الأستاذ المُسن والطالب على حدٍ سواء، وسيقت السيدات من المعلمات والطالبات بنفس الأسلوب المُهين، طوفان الأقصى أسقط الأقنعة لتخرج الوجوه الكالحة والقبيحة على حقيقتها.

أعي جيدًا أننا جميعًا نؤمن بأنَّ النصر آتٍ لا مُحالة، ولكن ما لم أتوقعه أنني سأرى ما أراه وأنا لازلت على قيد الحياة، أن أشاهد هذه الأخبار عبر شاشات التلفاز، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، أن تتصدر القضية الفلسطينية عناوين أخبار العالم بعد أن كانت في طيِّ النسيان، أن تتم مقاضاة الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وأن تبدأ الدول الغربية، نعم الغربية في الانضمام واحدة تلو الأخرى إلى قضية التطهير العرقي والقتل والإبادة المرفوعة ضد الكيان الصهيوني، بل أن يوضع جيش الكيان الصهيوني في القائمة السوداء لأنه جيش قاتل للأطفال، وأن تقطع أفضل وأكبر الجامعات "الغربية" وأعرقها استثماراتها في الكيان المحتل، وأن تبدأ الدول "الغربية" واحدة تلو الأخرى في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن تبدأ الدول تباعاً بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأن يتحرر العالم من السيطرة الإعلامية الصهيونية المحكمة على الأدمغة، كل هذه المكاسب التي كانت يومًا ضربًا من الخيال باتت واقعاً نعيشه ونسمعه ونراه.

ورغم وقوف الدول التي تدعي العظمة- لأنها سقطت أخلاقيًا- مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومساهمتها في عمليات التطهير العرقي وإبادة الأطفال والنساء والمدنيين، إلّا أنه وقوف مع الباطل، فطوفان الأقصى جاء فيصلًا بين الحق والباطل، وكلاهما جليَّان تمامًا، فتحية صادقة إلى جميع أولئك الطلبة في جامعات العالم وأساتذتهم على تعليمنا درساً أن المؤسسات التعليمية هي صروح علم وتربية، وأن الإنسانية ما تزال بخير، وتحية إلى تلك الشعوب الغربية لأنهم أثبتوا أن القضية الفلسطينية قضية جميع الشعوب لا تقتصر على العرب فقط، ولأنهم أنصتوا إلى بوح طوفان الأقصى في أذن الكون، بأن الحق حق وأن الباطل باطل، وأن الظلم وباله ظلمات على الظالم.

ومثلما كان طوفان نوح تطهيرا للأرض من الظلم والطغيان والكفر، جاء طوفان الأقصى مطهرا لأدمغة أجيال العالم وجلاء لأبصارهم بحقيقة الصهيونية البشعة، وأحقية الفلسطينيين في فلسطين الأرض والوطن، وإن كل من شارك في جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية للأطفال والنساء والمدنيين سيدفع الثمن على مرحلتين، أولاهما في الدنيا؛ لأنه سيظل مُطاردًا بجرائمه، وستلاحقه صرخات الثكالى والأرامل والأيتام بدعواتهم عليه في صحوه ونومه، أمّا في الآخرة وهي المرحلة الأهم لأنها السرمدية فحتمًا سيجني العقاب الإلهي وسيخلُد فيه مهانًا.

----------------------------------------------

توقيع:

 

"إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ // فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ.

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي // ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ.

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ // تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ"

أبو القاسم الشابي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال تقتحم المنطقة الشرقية من مدينة نابلس بالضفة الغربية

أفادت مراسلة قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل، أن قوات الاحتلال تقتحم المنطقة الشرقية من مدينة نابلس بالضفة الغربية.

حماس: تصريحات وزراء حكومة الاحتلال بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية تمثل امتدادا لسياسات الاستيطان العدوانيةجيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ حملة اقتحامات في الضفة الغربيةالصحة الفلسطينية: شهيدان برصاص الاحتلال بالضفة الغربيةقوات الاحتلال تقتحم بلدة قباطية جنوب جنين بـ الضفة الغربية

وفي وقت سابق، أكدت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، أن دعوات وزراء في حكومة الاحتلال لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، تمثل "محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية وسرقة الأرض"، مشيرة إلى أن هذه التصريحات تعكس "عقلية استعمارية فاشية"، وتستوجب تحركًا دوليًا جادًا لوقف ما وصفتها بـ"الجرائم التوسعية للاحتلال".

وشددت الحركة في بيان صحفي اليوم، على أن هذه التصريحات "لن تغيّر من حقيقة الأرض الفلسطينية وهويتها"، داعية جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة إلى "تصعيد المقاومة والاشتباك مع قوات الاحتلال في كافة نقاط التماس، حتى كسر إرادته وإفشال مخططاته التهويدية".

وفي سياق متصل، اعتبرت حماس إعلان جيش الاحتلال بشأن جريمة إعدام 15 مسعفًا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، "محاولة مفضوحة للتنصل من مسؤوليته الكاملة عن الجريمة"، مؤكدة أن "محاولات التبرير والتضليل لن تعفي قادة الاحتلال من الملاحقة والمحاسبة على جرائمهم".

مقالات مشابهة

  • خريجو طوفان الأقصى بعزلة بني موهب في عمران ينظمون مسيراً راجلاً
  • مسيرات راجلة لخريجي دورات ” طوفان الأقصى ” في عدد من مديريات عمران
  • قوات الاحتلال تقتحم المنطقة الشرقية من مدينة نابلس بالضفة الغربية
  • طوفان الأقصى كسر وهم القوة وسردية الاحتلال.. قراءة في كتاب
  • تعز تواكب “طوفان الأقصى”: تعبئة عامة ودورات صيفية وزخم تنموي يعزز الصمود المجتمعي
  • مناقشة جهود التحشيد وتنفيذ الدورات الصيفية ودعم القطاع الزراعي في تعز
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط
  • لقاء بمديرية الحوك بشأن تفعيل دورات “طوفان الأقصى
  • أردوغان: مجازر الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة أظهرت مدى زيف ما يُسمى بـ”القيم الغربية
  • اجتماع في الحديدة يناقش آليات تفعيل دورات “طوفان الأقصى”