#المحميات_الصهيونية
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
ثمانية أشهر من الإبادة والإجرام بحق شعب عربي مسلم على مرأى ومسمع أنظمة حكم عربية لم تحرِّك ساكنا ولم تتخذ موقفاً جديّا لوقف المذبحة الجارية في غزة ، لم يتصور أحد هذا الانحطاط وهذا الإذلال الذي نعيشه اليوم ، كلنا شركاء في هذه المجزرة ، على الشعوب العربية أن لا تكذب على نفسها وتختبيء وراء حقوقها وحرياتها المسلوبة ومعيشتتها المعدمة ، هناك الكثير الكثير ما كان يجب عليها فعله ولكنها دفنت رؤوسها في الرمال وكفت نفسها نصرة غزه وشعبها المجاهد وتركته وحيدا في مواجهة قوى الشر والإرهاب والإجرام العالمي .
إنّه زمن الذل والانحطاط العربي ، زمن التواطؤ مع الأعداء ضد العروبة والاخوة ، زمن الهزائم العربية والأنحطاط الأخلاقي والتخلف العلمي والثقافي والفكري ، زمن الفشل الاقتصادي والتنموي والسياسي ، زمن الفساد واللصوصية والابتذال والفسق والزندقة وهز الخصر ، زمن يكابد فيه أحرار وشرفاء الأمة القمع والاضطهاد والسجون والحصار ، زمن نبكي فيه على أرواح من كنا نصفهم بالرجعيين والديكتاتورين – أؤلئك الذين كنا نختلف مع الكثير من مواقفهم لكن كان لديهم شيء من الوقار والحنكة والخجل والعروبة والحسّ بالمسؤولية وما كانوا ليسمحوا بأن يصل حجم الجرائم الصهيونية لهذا الحد ضد أشقائنا بالدم والهوية والعقيدة .
أثنان وعشرون دولة عجزت وجبنت وفشلت في إدخال رغيف خبز أو علبة حليب لأطفال غزه ، لا يجوز بعد كل هذا وما عايشناه خلال ثمانية أشهر من الإبادة اليومية أن نسمي غالبيتها دولاً – إنّما هي محميات صهيونية لها أدوار وظيفية في المحافظة على أمن الكيان الصهيوني وإعانته على تنفيذ مخططاته في المنطقة وخدمة الإمبريالية العالمية ، محميات تآمرت وحاربت بعضها ، محميات تتشابك بكل علاقاتها وتدور حول محور الكيان الصهيوني ، كيانات هبّت وأقامت الجسور البرية والجوية والبحرية لنجدة العدو وتزويده بكل ما يحتاجه وحتى الأسلحة في حربه ضد أبناء جلدتنا في غزة ، محميات تطارد وتعتقل وتضطهد كل من يتعاطف مع غزة ، محميات مدنسة ومترعة بالقواعد العسكرية الغربية صهيونة الإدارة والأهداف ، محميات تجترّ خلافات داحس والغبراء وعلي ومعاوية لتثير الفتن والنعرات لتبقينا في دوامة العنف والاقتتال والدماء والكراهية والتخلف والجهل ، محميات تحرف إتجاه بوصلة العداء عن العدو الحقيقي لعدوٍّ وهمي ، محميات تتغنى وتحتفل بأعياد ومناسبات مزيفة ، محميات تصنع لها من الأكاذيب والاستعراضات مجداً وشرفاً ، محميات فرّط مالكوها بكل ما هو سيادي ووطني لتحظى وتعيش نُخَبُها حياة التفاهة والفجور وتُشِبع رغباتها ونزواتها بحماية ولاة أمرها .
اثنان وعشرون دولة ! بكل قدراتها ومواردها البشرية والطبيعية وثرواتها وكنوزها وجيوشها تقف متفرجة – ويا ليتها تقف متفرجة فقط ! لقد تصدى غالبيتها ووقفوا ضد اتخاذ موقف جريء واحد يوقف المجزرة ، للأسف فإنّهم متآمرون حتى النخاع ، هم من يحرض الكيان الإجرامي ليجهز على المقاومة وعناصرها المقاتلة وهم سيتكفلون بالقضاء على روح وثقافة وانبعاث المقاومة عبر قمعها الأمني وإعلامها وبرامجها وثقافتها ومناهجها وفنها الهابط والرخيص ، وأبو رغال العصر يقف على أبواب غزة الخارجي يحصي عدد الشهداء والجرحى ويتساءل :هل أبقيتم منهم أحدا ؟!
أمام هذا الواقع المرير نحتاج إلى مشروع نهضوي جديد يعيد للشعوب العربية سيادتها وأمنها وكرامتها ، مشروع ينقذ الأمة من كبوتها وفشلها وعفنها الذي سببته لها عقود من الديكتاتورية والقمع والفساد واللصوصية ، إذْ يستحيل على أنظمة حكم هذه المحميات بعد كل هذا الانحطاط والابتذال أن تكون أداة بناء لحاضر ومستقبل هذه الأمة ، بداية النهوض تبدأ بإصلاحات سياسية قطرية تُمكِّن الشعوب من المشاركة الفعلية في حكم وإدارة أوطانها من خلال تجذير الديمقراطية والمؤسساتية وسيادة القانون وثبات الدساتير لتبثّ الأمل وتعيد الحياة في الأمة القادرة على صناعة المعجزات إذا ما أُتيحتْ لها الفرصة ، فقط بهذه الإصلاحات السياسية سنبني التكامل والتضامن العربي الذي سيحقق الأمن القومي العربي والتحرر والاستقرار والتنمية والازدهار لوطننا العربي ، بخلاف ذلك سنبقى ندقُّ الطبول والمزامير على أفراح هزائمنا وعجزنا وفشلنا وخستنا ونذالتنا.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
«الأعلى للإعلام»: القمة العربية بالرياض الأخطر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي
قال كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، إن القمة العربية الإسلامية المنعقدة في الرياض الأخطر والأهم في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتخذ بعض الإجراءات لتصفية القضية الفلسطينية، وعرض مؤخرًا خريطة لإسرائيل الكبرى دون فلسطين.
القمة العربية الإسلامية تُخرج صوتًا عربيًا إسلاميًا للعالموأضاف «جبر»، خلال تغطية خاصة للقمة العربية الإسلامية مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج «بالورقة والقلم»، المذاع على قناة «ten»، أن مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعلنة تجاه القضية الفلسطينية سلبية، مضيفًا أن القمة العربية الإسلامية تُخرج صوتًا عربيًا إسلاميًا للعالم والإدارة الأمريكية بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة تجاه القضية الفلسطينية.
وتابع أن الرئيس السيسي خلال القمة العربية الإسلامية أكد موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ومنع إمكانية تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء مثلما كانت ترغب دولة الاحتلال.
وأشار إلى أن كاميلا هاريس المرشحة السابقة للرئاسة الولايات المتحدة، كانت عبارة عن خليط مشوه من الرئيس باراك أوباما الذي دعم الربيع العربي، والرئيس جو بايدن المُتردد الذي كان يطالب الاحتلال الإسرائيلي بضرروة وقف الحرب، وفي نفس الوقت يمد جيش الاحتلال بالكثير من شحنات الأسلحة.
فرصة لعودة الاستقرار إلى المنطقةولفت إلى أن وصول دونالد ترامب إلى السلطة هو الكأس الأقل مرارة، مشيرًا إلى أن ترامب إذا أوقف الحرب في المنطقة فهذا الأمر يعد فرصة لعودة الاستقرار إلى المنطقة، أما إذا استمر التدهور الأمني والحرب، فهذا قد يؤدي إلى تحول الحرب إلى حرب إقليمية.
وأوضح إلى أن الإعلام المصري كان لديه دور مهم في الحرب بقطاع غزة؛ إذ عكس الإعلام موقف الرئيس السيسي الداعم للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هناك توافقًا كبيرًا بين الشعب المصري والرئيس السيسي فيما يخص القضية الفلسطينية.