د. هيثم مزاحم **

 

تفصلنا 17 يومًا فقط عن الانتخابات الرئاسية في إيران، وهي فترة قصيرة لتحضير المُرشحين المقبولين لحملاتهم الانتخابية بعد الإعلان عن أسمائهم يوم الأحد الماضي.

فقد حصر مجلس صيانة الدستور المنافسة على رئاسة الجمهورية بين 6 مرشحين فقط من أصل 80 مرشحًا قُبِلت طلباتهم للترشح. ومن بين المرشحين الستة المقبولين 4 مرشحين محافظين ومرشحان واحد إصلاحي وآخر مُعتدل.

أبرز المرشحين المقبولين هو رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) محمد باقر قاليباف، الذي يُعد من المحافظين، ورئيس مجلس الأمن القومي والمفاوض النووي سابقًا، سعيد جليلي الذي يُعتبر محافظًا متشددًا.

والمرشحون الآخرون في الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يونيو في البلاد، هم المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، والمرشح المعتدل مصطفى بورمحمدي، والمرشحان المحافظان علي رضا زاكاني، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي.

لم يكن مُفاجئًا منع مجلس الدستور مرة أخرى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من الترشح. وأحمدي نجاد هو زعيم شعبوي كان محسوبًا على المحافظين خلال رئاسته لولايتين، وقد مُنِعَ من الترشح في دورتين انتخابيتين، بعد خلافه مع المرشد خامنئي واعتبار نفسه منتخبًا من الشعب وشرعيته لا تحتاج إلى مصادقة ولي الفقيه، فضلًا عن إيمانه بأفكار "تيار الحجتية" المؤمن بحضور الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر بينهم وتواصلهم المزعوم معه.

كما منع مجلس صيانة الدستور من الترشح رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، وهو مُرشح يعتبر مُحافظًا مُعتدلًا ويتمتع بعلاقات قوية مع الرئيس روحاني. وكانت هذه هي الانتخابات الثانية على التوالي التي يُمنع فيها لاريجاني من الترشح. ويقال إنَّ السبب هو حصول ابنته على الجنسية الأمريكية وهي تهمة ينفيها مؤكدًا أنها حصلت فقط على الإقامة خلال دراستها العليا في الطب.

كما تمَّ استبعاد كل من رئيس البنك المركزي الإيراني السابق عبد الناصر همتي، الذي ترشح لانتخابات عام 2021، وإسحاق جهانغيري، الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس روحاني.

ويُشير اختيار المرشحين الستة الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، وهو لجنة من رجال الدين والقانونيين، إلى أن النظام الإسلامي بقيادة المرشد يرغب في تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية ورفع نسبة الاقتراع، بعد أن شهدت الانتخابات الأخيرة إقبالًا منخفضًا بشكل قياسي؛ وذلك في وقت تستمر فيه التوترات بين الجمهورية الإسلامية والغرب بشأن التقدم السريع في البرنامج النووي الإيراني من جهة، واستمرار المواجهة العسكرية في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي للشهر التاسع، في ظل دعم إيران لحركات المقاومة وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وفتح جبهات المساندة لمؤازرتهما من لبنان واليمن والعراق من جهة أخرى.

كما واصل مجلس صيانة الدستور نهجه بعدم قبول ترشيح أية امرأة أو أي مرشح يدعو إلى تغيير جذري في حكم البلاد.

وبعد تحديد مجلس الدستور المرشحين المقبولين، ستبدأ حملة انتخابية قصيرة مدتها أسبوعان لانتخاب رئيس بدلًا من الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي قتل في تحطم مروحية مع وزير خارجيته وستة آخرين.

ورئيسي هو أحد تلاميذ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وكان اسمه قد طرح ذات يوم كخليفة محتمل لخامنئي البالغ من العمر 85 عامًا.

ومن المرجح أن تتضمن الحملة الانتخابية مناظرات تلفزيونية مباشرة على هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية التي تُديرها الدولة. يقوم المرشحون كذلك بالإعلان على اللوحات الإعلانية وإلقاء خطابات لدعم برامجهم.

حتى الآن، لم يُقدم أي من المرشحين أي تفاصيل عن برامجهم، على الرغم من أنَّ الجميع وعدوا بوضع اقتصادي أفضل للبلاد التي تُعاني من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على إيران بسبب برنامجها النووي، الذي يقوم الآن بتخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى من أي وقت مضى، في خروج عن الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف بخطة العمل المشترك الشاملة.

من هم المرشحون الستة؟

1-محمد باقر قاليباف:

يظل المرشح الأبرز هو محمد باقر قاليباف، 62 عامًا، وهو عمدة سابق لطهران وله علاقات وثيقة مع حرس الثورة الإسلامية المؤسسة العسكرية – الأمنية الأكثر نفوذًا في البلاد. ومع ذلك، يتهم البعض قاليباف، بأنه بصفته جنرالًا سابقًا في حرس الثورة، كان جزءًا من حملة قمع عنيفة ضد طلاب الجامعات الإيرانية في عام 1999 وعام 2003 أثناء خدمته كرئيس للشرطة.

وترشح قاليباف للرئاسة في عامي 2005 و2013 من دون أن يتمكن من الفوز. وانسحب من الحملة الرئاسية لعام 2017 لدعم إبراهيم رئيسي في أول محاولة فاشلة للسباق الرئاسي. فاز رئيسي في انتخابات 2021، التي شهدت أدنى نسبة مشاركة على الإطلاق في الانتخابات الرئاسية في إيران.

وتولى قاليباف عددًا من المناصب العسكرية أبرزها قائد سلاح الجو في حرس الثورة الإسلامية من 1997 وحتى 2000. كما شغل منصب رئيس الشرطة الإيرانية في الفترة من 2000 – 2005.

وانتُخِبَ قاليباف عمدة طهران من قبل المجلس البلدي للعاصمة خلفًا لمحمود أحمدي نجاد الذي ترك المنصب بعد انتخابه رئيسًا، وشغل قاليباف المنصب لمدة 12 عامًا.

كان مرشحًا في الانتخابات الرئاسية عام 2013 لكنه خسر أمام حسن روحاني وحلَّ في المرتبة الثانية بـنحو ستة ملايين صوت.

والرجل حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا السياسية. ويشغل حاليًا منصب رئيس البرلمان،؛ حيث أُعيد انتخابه لولاية جديدة في مايو الماضي.

وألقى المرشد علي خامنئي خطابًا الأسبوع الماضي أشار فيه إلى صفات، ظهّرها أنصار قاليباف باعتبارها إشارة محتملة إلى دعم المرشد الأعلى لرئيس البرلمان. لكن المرشد ومساعديه يؤكدون على الدوام بأنه لا يدعم أي مرشح علنًا ولا يكشف عن تصويته السري لأي مرشح كان.

2- سعيد جليلي:

أحد المرشحين البارزين هو المرشح المتشدد سعيد جليلي، كبير المفاوضين النوويين سابقًا، ويعرف بولائه الشديد لمؤسسات الجمهورية الإسلامية، وهو قريب من المرشد خامنئي.

وُلِدَ جليلي عام 1965 في مدينة مشهد. ودرس في جامعة العلوم والصناعة في طهران، وحصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام صادق، وهو يتقن اللغتين الإنجليزية والعربية. وقطع دراسته للمشاركة في الحرب العراقية - الإيرانية (1980-1988) وأصيب في ساقه اليمنى إصابة بالغة.

وتولى جليلي في عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني بين عامي 1989-1997 منصب ملحق دبلوماسي في أميركا الشمالية وهو في سن الـ24. ثم تولى دائرة شؤون أوروبا وأميركا بوزارة الخارجية ثم رئاسة دائرة التفتيش فيها بين عامي 2001 و2005. وعين لاحقًا نائبًا لوزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأميركية. ثم عين عام 2007 أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومكلفًا بالمفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامج النووي. وترشح للرئاسة في عام 2013، وسجل للترشح في انتخابات 2021 قبل أن ينسحب لدعم المرشح إبراهيم رئيسي.

3- مسعود بيزشكيان:

هو المرشح الإصلاحي الوحيد بين المرشحين الستة، ولا يُنظر إليه على أنه يتمتع بفرص كبيرة، إلا في حال حشد التيار الإصلاحي قوته وتحالف مع تيار الاعتدال، وهو أمر مستبعد بسبب تشتت قوى التيارين وخلافاتهما.

وبيزشكيان نائب عن مدينة تبريز في البرلمان، وكان نائبًا أيضًا في الدورتين الثامنة والتاسعة للبرلمان. وفي الولاية العاشرة شغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس، وتولى منصب وزير الصحة والعلاج في الحكومة الثامنة.

4- علي رضا زاكاني:

سياسي محافظ من مواليد طهران عام 1965، ويشغل حاليا منصب عمدة طهران. وهو طبيب حاصل على شهادة في الطب النووي وشغل منصب رئيس منظمة "الباسيج" الطلابية. وانتخب نائبًا عن مدينة طهران في الدورات السابعة والثامنة والتاسعة لمجلس الشورى كما كان نائبًا عن مدينة قم في الدورة الحادية عشرة. وشغل منصب رئيس اللجنة البرلمانية للاتفاق النووي وترأس مركز البحوث في مجلس الشورى الإسلامي سابقًا.

وترشح في 3 دورات سابقة للانتخابات الرئاسية، وفي عامي 2013 و2017، وتم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور لكنه انسحب في دورة انتخابات 2021 لصالح الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

5-أمير حسين قاضي زاده:

طبيب وسياسي مُحافِظ، ولد عام 1971 وانتخب نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي عن مدينة مشهد في الدورات الثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة، وهو عضو في جبهة ثبات الثورة الإسلامية، إحدى أكثر الأحزاب الإيرانية تشددًا، والمتحدث الرسمي باسمها. وفي عام 2021، ترشّح لانتخابات الرئاسة الإيرانية، التي فاز بها رئيسي وحلّ في المركز الأخير بحصوله على أقل من مليون صوت.

6- مصطفى بور محمدي:

أما المرشح مصطفى بور محمدي فهو رجل دين ومحامٍ وسياسي إيراني. كان وزير العدل في الدورة الأولى لحكومة الرئيس روحاني في فترة ما بين 15 أغسطس 2013 حتى 20 أغسطس 2017. وهو يعتبر مرشحًا عن تيار المعتدلين بزعامة روحاني.

ولا شك أنَّ حصر مجلس صيانة الدستور الترشح للرئاسة بين ستة مرشحين، بينهم مرشحان محافظان بارزان، ومرشحان محافظان ضعيفان يتوقع أن ينسحبا لمصلحة أحد المرشحين المحافظين، ومرشحان معتدلان مغموران، هدفه منح قاليباف أو جليلي الأفضلية من جهة، ورفع نسبة الاقتراع من خلال تحفيز الإصلاحيين والمعتدلين على المشاركة بسبب وجود مرشحًين من تياريهما.

فالنظام الإسلامي يريد استمرار المسار المحافظ الذي سلكه الرئيس الراحل رئيسي، من جهة التوافق التام مع المرشد خامنئي، والعلاقة الوثيقة بحرس الثورة الإسلامية من جهة أخرى. وهذان الشرطان لا يتحققان إلا بوجود رئيس محافظ على علاقة قوية بالمرشد وحرس الثورة، على غرار قاليباف وجليلي. وإذا انحصرت المواجهة في الدورة الثانية بين قاليباق وجليلي فإن الأول سيفوز بسبب احتمال صب الإصلاحيين والمعتدلين أصواتهم لمصلحته كي يمنعوا فوز جليلي الذي يعتبر متشددًا للغاية، بينما يتمتع قاليباف بعلاقات جيدة مع المعتدلين.

** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف تسعد إيران والسعودية لرئاسة ترامب الثانية؟

أثبتت قمة الدول العربية والإسلامية التي عقدت مؤخرا السعودية بأن القمم العربية والإسلامية الدولية ليست حبل نجاة لنزاعات إقليمية دامية، وذلك رغم عدد المشاركين المبهر فيها.

وقال الكاتب والمحلل الإسرائيلي تسفي برئيل إن "هذا المؤتمر الذي انعقد في دورته الأولى قبل سنة بمبادرة من السعودية، بات يشبه قمم الهذر للجامعة العربية التي لم تنجح في أن توفر حلولا واقعية للنزاعات في السودان واليمن ولبنان، أو بين إسرائيل والفلسطينيين".

وأضاف برئيل في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أنه "حتى الخطاب المتشدد وإلقاء كامل المسؤولية عن الحرب في غزة وفي لبنان على "إسرائيل" لا يحقق النتيجة، مستدركا "صحيح أنه كانت في الماضي قمم هامة في محافل مشابهة مثل القمة التي انعقدت في بيروت في 2002 وأقرت المبادرة العربية، التي نالت اعترافا دوليا واندرجت في كل خطة سياسية لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني".


وأوضح أنه منذ ذلك الحين "لم تنجح هذه المحافل التي تضم دولا تحوز احتياطات النفط والغاز الأكبر في العالم وتشكل الزبائن الأكبر للسلاح في العالم في أن تنتج خطوات سياسية مشابهة تترجم قوتها الاقتصادية والسياسية إلى نتائج سياسية مستدامة".

وذكر أن أهمية القمة العربية الإسلامية، لا سيما تلك التي انعقدت مؤخرا، تكمن في مكان آخر.. فقبل ست سنوات، بعد قتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي، وكانت مكانة السعودية في العالم في أسفل الدرك، وحاكمها الفعلي، ولي العهد محمد بن سلمان، وضع في زاوية الشخصية غير المرغوب فيها في واشنطن والعواصم الأوروبية".

وبين الكاتب أن فشل ابن سلمان في "إلحاق الهزيمة بالثوار الحوثيين في حرب اليمن التي تتواصل منذ تسع سنوات، رغم الفجوة العسكرية الهائلة والسلاح الأمريكي المتطور؛ والهزة التي رافقت جهوده لإحداث تغيير في النظام في لبنان والصراع الداخلي الوحشي الذي أداره ضد خصومه الداخليين، كل هذا جعله زعيما منفلت العقال وعديم الكفاءات السياسية والعسكرية مما وضع مملكته على مسار الصدام مع الولايات المتحدة".

وأكد أن "الظروف العالمية بالذات، وليس الإقليمية، هي التي رفعت مكانة ابن سلمان وجعلت السعودية الدولة الزعيمة في الشرق الأوسط، وهكذا مثلا الحرب في أوكرانيا أحدثت أزمة طاقة أجبرت الرئيس بايدن على تجميل وجه ابن سلمان ومصافحته، والحرب في غزة أعادت الشرق الأوسط إلى قلب الوعي العالمي".

وأشار إلى أن "هذه الحرب هي التي ولدت الفكرة الأصيلة في عقد مؤتمر القمة العربية الإسلامية، وأعطت ابن سلمان وزنا سياسيا عظيم القوة كمن يقود ليس فقط دائرة الدول العربية، بل والعالم الإسلامي برمته، غير أن هذه المكانة تستوجب من السعودية أن تكون زعيمة الجميع، وبهذه الصفة عليها أن تسير على الخط وأن تُدور الزوايا حتى مع دول لا تنسجم مع سياستها الإقليمية المؤيدة لأمريكا".

وقال إن "هذه الإستراتيجية ولدت استئناف العلاقات بينها وبين تركيا، التي كانت تعتبر دولة معادية، والتي قبل بضع سنوات فقط اعتبرت تهديدا أخطر من إيران؛ دفعتها لأن ترمم منظومة العلاقات مع العراق، الذي حتى بعد سقوط صدام حسين كان يعتبر ليس أقل من دولة مشبوهة".

وأضاف أن هذه الإستراتيجية دفعتها أيضا لأن "تتبنى من جديد سوريا، التي طردت من الجامعة العربية في أعقاب المذبحة التي ارتكبها الأسد بحق مواطنيه في الحرب الأهلية، إلى حضن العالم العربي؛ وأخيرا دفعتها أيضا إلى أن تستأنف في السنة الماضية العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وعشية دخول ترامب الى البيت الأبيض باتت السعودية جاهزة مع رزمة شركاء استراتيجيين ثقيلة الوزن أكثر بكثير من تلك التي كانت لها في بداية الولاية الأولى للرئيس الأمريكي".

وبين أن "الحديث لا يدور فقط عن تصريحات احتفالية وتبادل زيارات للزعماء، فقد استثمرت السعودية وتستثمر المليارات في تركيا، التي بدورها تبيعها مسيرات قتالية من إنتاجها، وتقيم مصنعا لتصنيعها في المملكة".


ومع العراق، وقعت السعودية في الأسبوع الماضي على مذكرة تفاهم للتعاون الأمن، وهذا الأسبوع، لأول مرة، زار إيران رئيس أركان الجيش السعودي، فياض بن حامد الرويلي، والتقى هناك بقائد الجيش الإيراني محمد باقري، للبحث في سبل التعاون العسكري، وتنضم الزيارة إلى سلسلة مناورات عسكرية مشتركة سبق أن أجرتها الدولتان (إلى جانب دول أخرى في المنطقة).

ومنذ القمة العربية الإسلامية السابقة، التي شارك فيها الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، أصبح وزيرا الخارجية الإيرانيان، حسين أمير عبد اللهيان ومن حل محله، عباس عراقجي، ومسؤولون إيرانيون آخرون – "أبناء بيت" في السعودية، بحسب ما ذكر الكاتب.

وأكد أنه من "الصحيح أنه من الصعب تقدير مدى التأثير الذي للسعودية على سياسة إيران، لكن عندما تكون الاستراتيجية السياسية لإيران تقوم على أساس ترميم العلاقات مع دول المنطقة العربية، فإنه لا يمكنها تجاهل المصالح الأمنية لجارتها".

وأضاف "صحيح أنه لا يوجد حلف أخوة، ومذكرة التفاهم العسكري التي وقعتها السعودية مع العراق لا تنزل بسلاسة في حلق طهران؛ إيران سارعت إلى أن تدعو مستشار الأمن القومي العراقي للبحث في تعاون عسكري بين الدولتين ردا على هذا التوقيع.. لكن لهذه العلاقات توجد منذ الآن نتائج عملية، وهي تجد تعبيرها ضمن أمور أخرى في شطب السعودية من قائمة أهداف المليشيات الشيعية المؤيدة لإيران العاملة في العراق، وحتى قبل هذا توقف الحوثيون، بتعليمات من ايران، عن مهاجمة السعودية".

وذكر أن "التحفز للهجوم الإيراني المضاد للرد على إسرائيل هو الآخر خلق ساحة تنسيق بين السعودية وإيران، وذلك على خلفية الخوف من أن مثل هذا الرد من شأنه أن يدهور المنطقة الى حرب إقليمية قد تتضرر فيها دول الخليج أيضا.. والعراق هو الآخر انتزع من إيران تعهدا، على الورق على الأقل، ألا تستخدم مجاله الجوي لهجوم على إسرائيل".

وتابع الكاتب الإسرائيلي أنه "في المحادثات التي جرت في هذا الأسبوع في طهران طرح رئيس وزراء العراق، محمد السوداني، مطلب أن تكف المليشيات الشيعية أيضا عن مهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية كي لا يصبح العراق جبهة ساخنة".


وقال إنه "فوق كل هذا، الاعتبارات الإيرانية تجاه السعودية تستند إلى أساس استراتيجي واسع، على خلفية التقارير بشأن تقدم المحادثات عن إمكانية إقامة حلف دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية مع حلول نهاية السنة، حتى قبل انتهاء ولاية الرئيس بايدن. حين تكون السعودية وإيران (إلى جانب كل المنطقة والعالم) تعيشان في انعدام يقين تام حول سياسة ترامب المرتقبة، سترغب السعودية في تسريع قيام حلف الدفاع".

وأضاف أن إيران من جهتها فتتطلع إلى أن "تضمن ألا يجعل مثل هذا الحلف الذي كل غايته إقامة سور دفاع ضد ايران، السعودية مربضا لانطلاق الهجمات ضدها".

واعتبر أنه "لهذه الاعتبارات الإيرانية، التي تصبح أكثر إلحاحا كلما اقترب دخول ترامب إلى البيت الأبيض، كفيل أن يكون لها تأثير أيضا على ساحة لبنان، وفي لبنان تعمل، دون نجاح كبير، مجموعة الدول الخمسة، التي تضم إلى جانب السعودية مصر، قطر، الولايات المتحدة وفرنسا، بهدف حل الأزمة السياسية والدفع قدما بانتخاب رئيس في بيروت.. والآن بالذات، السعودية، قطر ومصر، كفيلة بأن تلعب دورا هاما يمكن أن يقنع إيران في أن توجه حزب الله لتخفيف حدة مواقفه فتمنحها بذلك نقطة استحقاق – سواء في المنطقة أم حيال ترامب الذي وعد مؤيديه العرب باحلال السلام في لبنان".

وختم الكاتب أن "تطلعات السعودية لتطوير برنامج نووي وتخصيب اليورانيوم في أراضيها لا تغيب عن عيون إيران، صحيح أن البرنامج محدد لـ أهداف سلمية، لكن من يعرف أكثر من إيران بأن بهذا التعبير توجد تفسيرات متنوعة، بالحذر الواجب، للتطلع النووي السعودي كفيل بأن يكون تأثير على نتائج زيارة أمين عام اللجنة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، إلى طهران، الذي يصل إلى هناك كي يبحث في ترميم منظومة رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية، وإعادة المراقبين الذين طردتهم إيران وفحص إمكانية تخفيض مستوى تخصيب اليورانيوم.. ولا توجد ضرورة لأن نحبس الأنفاس قبيل الزيارة، لكن نتائجها كفيلة بأن تؤشر إلى المسار الذي ستتبناه إيران مع حلول الولاية الثانية لترامب".

مقالات مشابهة

  • موتسيبي المرشح الوحيد لرئاسة "كاف"
  • من هو ‎جون راتكليف المرشح لرئاسة المخابرات الأمريكية «CIA»؟
  • الأحد .. اتحاد تنس الطاولة يجتمع لاعتماد المرشحين بعد فحص الطعون
  • باتريس موتسيبي المرشح الوحيد على منصب رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم
  • باتريس موتسيبي المرشح الوحيد لانتخابات رئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم
  • كيف تستعد إيران والسعودية لرئاسة ترامب الثانية؟
  • كيف تسعد إيران والسعودية لرئاسة ترامب الثانية؟
  • من هو المذيع المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الأمريكي؟
  • 3 مرشحين لرئاسة هيئة مكافحة غسل الأموال بالاتحاد الأوروبي
  • قاليباف لبري: إيران ستبقى إلى جانب لبنان