سنوات الانتظار القاسية.. الموصل من قبضة الارهاب الى مطرقة الفساد
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
10 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
بعد سنوات على إعلان العراق انتصاره على تنظيم داعش، لا تزال الموصل، التي اعتبرت بمثابة “عاصمة” للتنظيم حينذاك، تشهد عملية إعادة إعمار بطيئة¹. على الرغم من أن العديد من سكانها، البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، يعيشون ظروفًا صعبة .
وتعمل السلطات على عدد من “المشاريع” بهدف تقديم الخدمات الأفضل للمواطنين.
ويحدث الأهالي عن تحول مسؤولين حكوميين ومتنفذين إلى تجار حرب، حيث حققوا ثروة فاحشة من خلال تجارة الأراضي والسكراب.
ويتم تقسيم وبيع أراضي حكومية تابعة لهيئة الآثار ووزارتي النفط والدفاع في قلب المدينة.
كما تم تقسيم أراضٍ كبيرة في منطقة التل الأثري التابعة للآثار قرب النبي يونس في الموصل إلى 500 قطعة سكنية. وما يقارب من 100 عقار ملك لمسيحيين تم تحويلها لأشخاص آخرين باستخدام أسماء مزورة .
وفي العام نفسه (2018) قال حاكم الزاملي، رئيس اللجنة الامنية في البرلمان آنذاك إن “بعض القطعات العسكرية الماسكة للأرض انشغلت بالقضايا المادية وبيع الاراضي والإتاوات والرشى وتهريب السكراب والمخدرات والبضائع وتهريب النفط”.
وأوضح ان “تلك المجاميع بدأت تهدد الناس وتمارس الابتزاز وقتل المواطنين الموالين للدولة وغير المتعاونين معهم”. .
ودمرت الحرب بعد ذلك نحو 150 الف وحدة سكنية، بحسب الحكومة، في 48 مدينة، فيما وصلت فاتورة اعادة الاعمار الى قرابة الـ200 مليار دولار.
ويقول الناشط من الموصل يحيى الأعرجي، إن “الدمار الذي خلفته الحرب يجرى العمل على إنهائه، لكن جراح الناس لا تزال غائرة ولم تلتئم من جرّاء المشاهد التي شاهدوها، بالإضافة إلى عدم اعتبار مقاومتهم ووقوفهم بوجه التنظيم، والعيش تحت ظلمه، فعلاً حسناً يستحق الإشادة الدائمة والمستمرة، لأن أهل الموصل عاشوا نحو ثلاث سنوات تحت ظلم التنظيم، وذاقوا الويلات والعذابات، لكنهم بعد ذلك تلقوا اللوم على كثير من الاتهامات غير الحقيقية”.
وأضاف الأعرجي، أن “الإنسان في الموصل يشعر بالغبن ويبحث عن مزيدٍ من الدعم النفسي والاهتمام الحكومي، وإعمار الأجزاء التي لا تزال مهدمة، مثل الساحل الأيمن في الموصل الذي لا يزال على حاله، ولم يعد إعماره”، مشيراً إلى أنّ “الموصل تضم أعداداً كبيرة من المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ينتظرون دعماً إضافياً، سواء مالياً أو إعلامياً”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
آثار اليمن بين مطرقة التهريب وسندان غياب الدولة
يمانيون/ كتابات/ طارق أحمد السميري*
يعد اليمن واحدًا من أقدم وأغنى البلدان تاريخيًّا وثقافيًّا، فهو مهد حضارات عريقة تعود لآلاف السنين، كحضارة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت. هذه الحضارات خلفت إرثًا هائلًا من الآثار التي لا تقدر بثمن، من معابد وتماثيل ونقوش إلى مدن أثرية كاملة. ومع ذلك، فَــإنَّ هذا الإرث يواجه خطرًا وجوديًّا؛ بسَببِ عمليات التهريب المنظمة وغياب الدولة الفاعلة لحمايته.
تهريب التماثيل اليمنية: مأساة متكرّرة
من أحدث وأبرز الأمثلة على تهريب الآثار اليمنية، عرض تمثال يمني أثري للبيع في أحد المزادات العالمية. التمثال المصنوع من المرمر، والذي يعود تاريخه إلى ما بين عامي 200 و100 قبل الميلاد، يُظهر امرأة تحمل طفلها بين يديها. على قاعدة التمثال، نقش بخط المسند القديم عبارة “أبنسي” والتي تعني “ابني”، مما يعكس دفء العلاقة الإنسانية التي خلَّدتها الحضارة اليمنية القديمة.
هذا التمثال، الذي يُعد من أجمل التماثيل اليمنية وأكثرها رمزية، تم تهريبه إلى الإمارات، حَيثُ ما زال هناك حتى الآن. يعد وجوده في المزادات العالمية جرحًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تطال التراث اليمني.
غياب الدولة وتفاقم المشكلة:
في ظل الحرب والأوضاع السياسية المتدهورة التي تعيشها اليمن منذ سنوات، باتت الدولة شبه غائبة عن المشهد الثقافي والتراثي. لا توجد آليات فعالة لحماية المواقع الأثرية أَو استرداد القطع المهربة، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من قبل عصابات دولية.
الدولة التي يفترض أن تكون الحارس الأول للآثار أصبحت عاجزة عن التصدي لهذا النزيف الثقافي. ضعف القوانين، وغياب الرقابة على الحدود، بالإضافة إلى نقص الموارد والكوادر المؤهلة، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الوضع.
شبكات التهريب الدولية:
تهريب الآثار اليمنية ليس جريمة عشوائية، بل هو جزء من شبكة دولية منظمة. تبدأ عمليات التهريب عادة بالتنقيب غير المشروع في المواقع الأثرية داخل اليمن. يقوم المهربون بعد ذلك بنقل القطع إلى الخارج عبر الحدود البرية أَو البحرية، مستغلين الثغرات الأمنية.
العديد من القطع تصل إلى دول مثل الإمارات، والتي أصبحت محطة لتمرير هذه الكنوز إلى الأسواق العالمية. تُباع هذه القطع في المزادات العلنية بمبالغ طائلة، حَيثُ يتم اقتناؤها من قبل تجار آثار أَو جامعي تحف لا يعيرون اهتمامًا لمصدرها أَو قيمتها الثقافية.
الأثر الثقافي والحضاري:
فقدان الآثار لا يعني فقط خسارة قطع أثرية، بل يعني تدميرًا لذاكرة اليمن وهويته. كُـلّ قطعة تُهرب تمثل جزءًا من قصة حضارة قديمة ساهمت في تشكيل التاريخ الإنساني. التماثيل والنقوش ليست مُجَـرّد أعمال فنية، بل هي شواهد على تطور الفكر والثقافة والعلاقات الإنسانية في تلك الحقبة.
الجهود المبذولة لحماية الآثار:
رغم الواقع القاتم، هناك محاولات من بعض الجهات لإنقاذ التراث اليمني. تعمل بعض المنظمات الدولية مثل اليونسكو على توثيق المواقع الأثرية المهدّدة، كما تسعى بعض الجهات إلى استرداد القطع المهربة عبر القنوات القانونية.
ومع ذلك، تظل هذه الجهود غير كافية في ظل غياب الدور الحكومي الفاعل. استعادة التمثال المذكور وغيره من القطع المهربة يتطلب تنسيقًا دبلوماسيًّا وجهودًا قانونية، بالإضافة إلى شراكة حقيقية مع الدول التي تحتضن هذه القطع.
الحلول الممكنة:
لحماية التراث اليمني، يجب اتِّخاذ عدة خطوات على المستويين المحلي والدولي:
تعزيز القوانين المحلية: يجب تشديد العقوبات على عمليات التنقيب غير المشروع والتهريب. إنشاء فرق متخصصة: تكوين وحدات متخصصة بحماية الآثار ومراقبة المواقع الأثرية. التعاون الدولي: تفعيل الاتّفاقيات الدولية لاسترداد القطع الأثرية المهربة وتعزيز التعاون مع الدول التي تمر عبرها هذه القطع. رفع الوعي المحلي: توعية السكان بأهميّة الآثار كجزء من الهوية الوطنية وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه. دعم المنظمات الأهلية: تشجيع المبادرات المحلية التي تعمل على توثيق التراث وحمايته.ختامًا:
آثار اليمن ليست ملكًا لليمنيين وحدهم، بل هي إرث إنساني يعكس عظمة حضارة كانت منارة في تاريخ البشرية. استمرار عمليات التهريب، كما في حالة التمثال المذكور، يعني فقدان أجزاء لا تقدر بثمن من هذا التاريخ. إن حماية هذا الإرث مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لضمان بقاء هذا التاريخ حيًّا للأجيال القادمة.
* وزير السياحة بحكومة شباب اليمن المستقل