تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم 10 يونيو من الشهر الميلادي بتذكار نياحة “وفاة” الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والجيزة الأسبق.

 والقديس الأنبا إبرام نموذج حي لقديس معاصر عاش في القرن العشرين، ولد في مدينة دلجا من اعمال مركز ديروط محافظة أسيوط عام 1829م من ابوين مسيحين تقيين بأسم بولس ؛وفي طفولته أرسله والده إلي كتاب القرية الملحق بالكنيسة ليحفظ المزامير وألحان الكنيسة القبطية ؛فنشأ محبا للكنيسة وعقائدها وطقوسها ؛وفي سن السابعة عشر أشتاقت نفسه إلي حياة الرهبنة ؛فذهب إلي دير  المحرق ؛وكان يرأس الدير في ذلك الوقت راهب تقي يدعي "القمص عبد الملك الهوري " فوضعه فترة تحت الاختبار كلفه خلالها بجميع الأعمال الصعبة  من رعي الماشية وتفليح الأرض وإعداد الخبز والطعام ؛ فكان يقوم بهذه الأعمال بمنتهي الهمة والنشاط ودون أدني تذمر ؛ وبعد انتهاء فترة الاختبار تمت رسامته راهبا بإجماع الأراء تحت أسم الراهب (بولس غبريال ).

 ولقد أشتهر خلال فترة رهبنته بفضيليتين أساسيتين ؛ الفضيلة الأولي هي العطاء ؛فكان يوزع بيده علي كل ما يحصل عليه من أموال أو عطايا علي الفقراء والمساكين ؛أما الفضيلة الثانية فهي ضبط النفس ؛فلقد كان لا يثور إلا نادرا. ولهذا السبب شاعت فضائله وانتشرت في جميع الأديرة والأماكن المحيطة حتي وصلت إلي الأنبا ياكوبوس مطران المنيا في ذلك الوقت ؛فأرسل في طلبه للحضور إليه ومقابلته في مطرانية المنيا ؛وعندما حضر إليه أخبره برغبته في تعيينه وكيلا عاما لمطرانية المنيا ؛ وعندما استلم مهام عمله بالمطرانية قام بتحويلها إلي مأوي للغرباء وملجأ للأيتام والمساكين ؛ ولكنه بعد فترة اشتاقت نفسه مرة أخري للعودة إلي الحياة الرهبانية ؛فطلب من المطران السماح له بالعودة إلي دير المحرق ؛فأذن له ؛ وعندما عاد إلي الدير ؛قام الرهبان بجمع تزكيات له تمهيدا لتيعينه رئيسا لدير المحرق ؛وعندما استلم مهام عمله ؛وضع خطة للنهوض بالدير وتلخصت معالم هذه الخطة  في النقاط التالية:- 

1- المساواة الكاملة بين الرهبان ؛فالجميع سواء في المحبة والرعاية

 2- اهتم بحياة الرهبان الروحية ؛فكان يضع لهم برنامج يومي للصوم والصلاة ؛وكان يتابع كل راهب علي حدة  في محبة وابوة صادقة 

3- أهتم أهتماما خاصا بالفقراء المحيطين بالدير ؛ففتح  أبواب الدير علي مصراعيه لهم.

 4- أهتم القمص غبريال بمكتبة الدير وتنظيمها 

5- أهتم أيضا بزيادة الرقعة الزراعية لدير المحرق ؛ وأهتم باستصلاحها وزراعتها حتي وصلت مساحتها إلي نحو 20 فدانا ؛ومازلت حتي الآن تعرف بحديقة الأنبا ابرآم 

6- أهتم أيضا بتجديد مباني الدير الأثري وتعلية أسواره

 7- أهتم كذلك بالحفاظ علي ممتلكات الدير ؛وتوجد وثيقة بالدير بطلب معافاة أطيان الدير وقدرها 172 فدانا من رسم الأيلولة لوجود حجج تمليك شرعية كان قد طالب بها القمص غبريال رئيس الدير ومؤرخة بتاريخ 29 جمادي الأول 1286 هــ.

 8- في عهده  وبمناسبة النهضة الروحية الكبري التي حدثت بالدير المحرق ؛اشتاقت نفوس كثير من الشباب إلي الرهبنة بالدير ؛فقبل منهم في يوم واحد 41 شابا قام برسامتهم رهبانا ؛وكثيرين منهم صاروا قيادت دينية كبري  في الكنيسة القبطية ؛ نذكر منهم الأنبا مرقس مطران أسنا الراحل( 1848- 1934 ) ؛ والقمص ميخائيل البحيري ( 1848- 1923 ) الذي صار قديسا عظيما في الدير المحرق ؛ومازال جسده الطاهر محفوظا في أنبوبة خاصة موجودة  هناك.

 وروي عنه أن أحد أعيان القبط أهداه ذات ليلة شالا فاخرا ؛وجاءت أمرأة فقيرة تطلب منه نقودا ؛ولم يكن يملك ما يكفي ليعطيه لها ؛فأعطاها الشال الفاخر الذي أهداه إليه أحد الأعيان ؛ومرت الأيام ليقع الشال في يد نفس الشخص الغني ؛فأشتراه منها ؛ ثم توجه إلي الانبا ابرآم وسأله عن مصير الشال فقال له "الشال موجود فوق ياأبني " يقصد به أنه  أعطاه لأمرأة فقيرة فأدخره فوق في السماء "؛وعندما أظهره له الرجل الغني  ليعيده إليه مرة أخري ؛قال له "ربما تكون ظلمتها في ثمنه ياأبني " فرد عليه قائلا "لا ياأبي بل أعطيتها ثمنه بالكامل ".

 والشيء الجميل في عطاء الأنبا ابرآم أنه كان لا يفرق بين مسلم ومسيحي ؛فذات ليلة جاءه أحد المتعبين المتألمين ؛وكان مسلما ؛ فقال له "لقد ضاقت بي الحياة جدا ؛فقلت أذهب إلي أسقف النصاري " فرد عليه الأنبا ابرآم "يا ولدي ؛وهل أنا أسقف  للنصاري وحدهم ؟" ولذلك عندما توفي خرجت الفيوم كلها عن بكرة أبيها تودعه إلي مثواه الأخير ؛وكان عدد الذين حضروا صلاة الجناز لا يقل عن عشرين ألفا من المسبمين والاقباط  ؛وحضر الجنازة كذلك حكمدار الفيوم وكبار رجال المحافظة ؛حتي أنه أعد قطار خصيصا لنقل الشعب من الفيوم لدير العزب ؛وهو المكان الذي دفن فيه ؛ومازال جسده الطاهر محفوظا في ذلك الدير.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الكنيست الفيوم الأنبا إبرام

إقرأ أيضاً:

بابا الفاتيكان.. صاحب القيمة الغالية والقامة الرفيعة

أحمد مراد (القاهرة)

أخبار ذات صلة الإمارات والبابا.. علاقات ثنائية مبنية على الاحترام المتبادل البابا فرنسيس.. إرث خالد من المحبة والتسامح

ألقاب وأوصاف شتى تُطلق عليه، ومهام متعددة يتولاها، وصلاحيات واسعة تُمنح له بمجرد انتخابه، وتاريخ طويل ممتد لمئات السنين حافل بالأحداث والوقائع الشهيرة.. إنه بابا الفاتيكان، ورأس الكنيسة الكاثوليكية، صاحب القيمة والقامة الرفيعة.
سلطات ملك
يتمتع بابا الفاتيكان بسلطات سياسية وإدارية وتعليمية ودينية واسعة، إذ يُعد بمثابة ملك وحاكم لدولة الفاتيكان التي تأسست بموجب اتفاق عُرف باسم «لاتران» الذي جرى توقيعه في عام 1929 بين الكنيسة الكاثوليكية والحكومة الإيطالية، وبموجب هذا الاتفاق أصبحت الفاتيكان دولة مستقلة تتمتع بسلطة وسيادة وفق نظام حكم ملكي مطلق يترأسه البابا، واعترفت الحكومة الإيطالية بالسيادة المستقلة لدولة الفاتيكان.
ويُعد قصر الفاتيكان مقر إقامة البابا داخل أسوار المدينة، ويطلق اسم «الكرسي الرسولي» على حكومة كنيسة الروم الكاثوليك التي يقودها البابا.
ويُمنح البابا صلاحيات كبيرة، وسلطة لا محدودة، وبسبب تعدد مهامه ومسؤولياته يتم تفويض أشخاص آخرين لتولي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في الدولة، حتى لا يحدث أي إهمال في أي تفصيلة من تفاصيلها.
وهناك بعض اللجان التي تعاون البابا في إدارة شؤون دولة الفاتيكان، وهذه اللجان تمارس صلاحيات باسم البابا، حيث تمارس السلطة التشريعية لجنة برئاسة كاردينال، وتمارس السلطة التنفيذية لجنة برئاسة كردينال يعاونه أمين عام ودوائر الفاتيكان.
فيما يتعلق بالمجالات التشريعية يتم تفويض اللجنة البابوية لدولة الفاتيكان للإشراف عليها، ويختار البابا أعضاء اللجنة، ويُوكل لهم مهمة الإشراف على السلطة التشريعية لفترة خمس سنوات، أما السلطة القضائية فتتكون من 3 محاكم.
بابا مدى الحياة
يُنتخب بابا الفاتيكان من قبل مجمع يُعرف بـ «مجمع الكرادلة» أو «أمراء الكنيسة»، ويُعد هذا المجمع أعلى هيئة استشارية في الكرسي الرسولي، ويضم جميع الكرادلة الناخبين الذين تتجاوز أعمارهم عن 80 عاماً، ويعتبر الكرادلة هم الناخبون والمرشحون الوحيدون للمنصب، ولا يجوز أن يتجاوز عددهم عن 120 كاردينالاً يتوزعون على مختلف قارات العالم.
 وينتخب مجمع الكرادلة البابا لمدى الحياة، ويكون مطلق الصلاحية، وفي حال شغور الكرسي البابوي بسبب الاستقالة أو العجز أو الوفاة، تنتقل صلاحيات البابا إلى مجمع الكرادلة إلى حين انتخاب بابا جديد.
صلاحيات أسقف روما
يشغل بابا الفاتيكان موقع «أسقف مدينة روما»، الأمر الذي يجعله متمتعاً بجميع صلاحيات الأسقف، ويشكل البابا مع الكردالة والأساقفة ما يُعرف بـ «الرؤية المقدسة»، ويخاطب العالم في مناسبات مختلفة ومتعددة، وتصدر عنه البراءة البابوية، والمراسيم البابوية، وتختص هذه المراسيم بعقيدة دينية معينة أو أمر كنسي ما.
ألقاب وأوصاف
يتمتع بابا الفاتيكان بصفات وصلاحيات دينية عدة، باعتباره «الأب الروحي» عند الطائفة المسيحية الكاثوليكية، ورأس الكنيسة الكاثوليكية، ويُلقب بالعديد من الألقاب، منها: «نائب المسيح في الأرض، وخليفة القديس بطرس، والحبر الأعظم للكنيسة الجامعة، وكبير أساقفة المقاطعة الرومانية، وسيد الفاتيكان، وخادم خدام الله، وصاحب القداسة، أو قداسة البابا، أو الأب الأقدس».
لقب شرفي
يعود أصل كلمة «البابا» إلى اليونانية واللاتينية، ويشير معناه إلى مصطلح ولقب «الأب الروحي»، وانطلق هذا اللقب خلال بدايات القرن الثالث، بوصفه منصباً شرفياً لأي أسقف في بلاد الغرب، ولكن في القرن الحادي عشر خُصص هذا اللقب للإشارة إلى أسقف روما فقط، أما في بلاد الشرق، فهو مقتصر على بطريرك الإسكندرية.
البابا رقم 266
في عام 2013، انتُخب بابا الفاتيكان الراحل، البابا فرنسيس الأول، من قبل 115 من الكرادلة من جميع أنحاء العالم، وأصبح البابا رقم 266 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
ويعد البابا فرنسيس أول بابا يأتي من دول أميركا الجنوبية، حيث سبق أن شغل منصب أسقف بيونس آيرس في الأرجنتين.
مكانة مرموقة
مكانة مرموقة تتمتع بها دولة الفاتيكان التي تُمثل إرثاً دينياً وروحياً وثقافياً لأكثر من مليار كاثوليكي في العالم.
وتقع دولة الفاتيكان على الضفة الغربية لنهر التيبر بالعاصمة الإيطالية روما، وتبلغ مساحتها 44 هكتاراً، الأمر الذي يجعلها أصغر دولة في العالم.
وبحسب القانون الدولي، تُعد الفاتيكان دولة معترف بها من قبل مؤسسات المجتمع الدولي. 
150 جندياً
 منذ عام 1509، يحرس بابا الفاتيكان حرس سويسري، حيث استأجر بابا الفاتيكان وقتها، البابا يوليوس، قوة سويسرية لحمايته، ولتكون بمثابة أصغر جيش في العالم، وهذا التقليد ما زال متبعاً حتى اليوم.
 ويبلغ قوام الحرس البابوي السويسري 150 جندياً، ويشتهر بزيه المتميز الذي دائماً ما يلفت أنظار السائحين وزائري ساحة القديس بطرس، حيث يحمل هذا الزي نمط عصر النهضة من السترات والجوارب المخططة بألوان الأحمر، والأزرق، والأصفر، وطوق أبيض، وفي بعض الأحيان خوذات من ريش النعام رفيعة ملونة لتعكس الرتب المختلفة، وقد صممه الرسام والنحات الإيطالي الشهير ميكال آنجلو.
800 شخص
 تُقدر بعض الإحصائيات عدد سكان دولة الفاتيكان بـ 800 شخص فقط، منهم 450 يحملون جنسية الدولة، ويعيش معظمهم خارج الفاتيكان، حيث يتولون مناصب كنسية في العديد من دول العالم.

مقالات مشابهة

  • نصيحة أمين الفتوى لشاب كلما أقلع عن الذنب عاد إليه من جديد
  • أمريكا: يجب على الصين إبرام اتفاق بشأن الرسوم الجمركية معنا
  • البابا تواضروس الثاني يرسل وفداً كنسياً للمشاركة في جنازة البابا فرنسيس
  • بتكليف من البابا تواضروس .. إرسال 3 أساقفة لحضور جنازة البابا فرنسيس
  • في ذكرى وفاته.. قصة خلاف رياض القصبجي وإسماعيل ياسين
  • الجديد: المرحلة الثانية في خطة المركزي قطع آيادي المضاربين وتجار المخدرات والبشر
  • الانتقام الأسود: موظف يقتل ابن زوجته العرفي بسبب رفضها العودة إليه
  • فى ذكرى وفاته.. نقطة تحول بحياة الراحل مصطفى محرم
  • بابا الفاتيكان.. صاحب القيمة الغالية والقامة الرفيعة
  • الصين تحذّر الدول من إبرام صفقات تجارية مع الولايات المتحدة على حسابها