عصر التفاهة.. وعصر سرقة تضحيات الشعوب
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
كنت ذات مرة في جولة عمل مع بعض الزملاء والزميلات، فأشارت إحدى الزميلات لكتاب عصر التفاهة لمؤلفه الفرنسي الصادر حديثا، وشددت عليّ بقراءته، فقلت لها ولماذا أقرأه، ونحن نعاصره ونعيش رجالاته، ونراه على الهواء الطلق، وعلى مدار أربع وعشرين ساعة؟ إنه عصر التفاهة الذي يتحدث عنه، ونعيشه نحن على مدار الأسبوع والشهر والعام.
تذكرت هذا وبعض الطلبة يسألونني كيف تُسرق الثورات، فأجبتهم دون تردد: لم تعد هناك حاجة لقراءة تاريخ وتعرجات وكتابات تتحدث عن سرقة الثورات العربية والإسلامية، الوطنية والقومية منها، فنحن نعيش عصر سرقة الثورات اليوم على مدار الساعة، فانظروا إلى الثورة السورية التي قدمت أكثر من مليون شهيد و 14 مليون مهجر ومليوني جريح ومعتقل، ومع هذا يحرص بعض من يسمون بأهل هذه الثورة على سحقها، علموا أم جهلوا، لا لشيء وإنما لتصفية حسابات فردية وشخصية، وساحته الشمال السوري المحرر إن كان في إدلب العز، أو في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية.
لم تعد هناك حاجة لقراءة تاريخ وتعرجات وكتابات تتحدث عن سرقة الثورات العربية والإسلامية، الوطنية والقومية منها، فنحن نعيش عصر سرقة الثورات اليوم على مدار الساعة، فانظروا إلى الثورة السورية التي قدمت أكثر من مليون شهيد و 14 مليون مهجر ومليوني جريح ومعتقل، ومع هذا يحرص بعض من يسمون بأهل هذه الثورة على سحقها، علموا أم جهلوا، لا لشيء وإنما لتصفية حسابات فردية وشخصية
في مقابل هذا نرى توحد أهلنا في السويداء المنتفضين حديثا بوجه النظام المجرم، يوازيه تشتت بالشمال السوري المحرر، وتشتيت المشتت، وتمزيق الممزق، بحيث سيكون من الصعب غدا لو أردنا اختيار قيادة ناطقة باسم الشمال المحرر أن يتم الاتفاق على بضعة شخصيات قادرة على فرض رأيها وتصوراتها على البقية الباقية، لكان ذلك في حكم المستحيل، كل ذلك خدمة لأعداء الثورة السورية، وتضييعا لدماء الشهداء وعذابات المشردين، وأنّات المعتقلين والمعتقلات في سجون النظام السوري المجرم.
ترى أحدهم يتظاهر ويتظاهر، والنظام المجرم المدعوم من القوى المحتلة الروسية والإيرانية ومليشيات طائفية متعددة الجنسيات وعابرة للحدود تقبع على كيلومترات معدودة منه، فتهدد بقاءه وبقاء الجميع، ولكنه يؤثر مع هذا كله خرق السفينة، وخرق المحرر، تماما كمن تقاتل على جلد الدب قبل اصطياده. ويحدثونك عن قتال المجاهدين الأفغان لبعضهم، بينما هؤلاء تقاتلوا بعد أن أخرجوا الدب الروسي من أرضهم، فتقاتلوا على جلده. وإن كان القتال غير مبرر بكل تأكيد، ولكن على الأقل أفضل من السوريين الذين تقاتلوا ويتقاتلون بين بعضهم، ويسقطون بعضهم ويخونون بعضهم وهم لم يحصلوا على الاستقلال فضلا عن طرد المحتلين وعصاباتهم الطائفية من أرضهم.
إن العقلية العربية والسنية تحديدا تكتفنها الكثير من الإشكاليات الحقيقية الداعية إلى الوحدة والجسد الواحد، ولعل الآيات والأحاديث النبوية التي حضت كثيرا على هذا الأمر استبطنت منذ البداية تلك الشخصية العربية المتمردة، وهي الشخصية التي شبهها بعض علماء الاجتماع الغربيين بحبات الرمال، قوية بنفسها وبذاتها، وضعيفة بغيرها، ما لم تقف النخب السورية لحظة تأمل حقيقي، بعيد عن التخوين وبعيد عن المصالح الشخصية الآنية الفردية، فإن السنة في سوريا والثورة السورية كلها ستدفع ثمنا باهظا، حينها لن يكون هناك أحد بحاجة إلى أن يكتب كيف سُحقت الثورة السورية، وكيف هُزمت المقاومة السورية، بعد أن تولّى أبناؤها سحقها، تشاركهم في ذلك نخبهم الذين تعاظمت عندها الآنا؛بحيث لا يمكن أن تتماسك مع بعضها، بخلاف الشخصية الغربية التي شبهها كحبات التراب، والتي تتسم بأنها ضعيفة بذاتها قوية بغيرها، فقادرة بذلك على التماسك فيما بينها، فتكون صلصالا بوجه أعدائها وخصومها.
ما لم تقف النخب السورية لحظة تأمل حقيقي، بعيد عن التخوين وبعيد عن المصالح الشخصية الآنية الفردية، فإن السنة في سوريا والثورة السورية كلها ستدفع ثمنا باهظا، حينها لن يكون هناك أحد بحاجة إلى أن يكتب كيف سُحقت الثورة السورية، وكيف هُزمت المقاومة السورية، بعد أن تولّى أبناؤها سحقها، تشاركهم في ذلك نخبهم الذين تعاظمت عندها الآنا؛ ولو كان ذلك على مذبح المصالح الشعبية ومصالح الشهداء والمشردين والمعتقلين ومن بعد الشعب السوري الطامح إلى الحرية والاستقلال.
لحظة تأمل حقيقية مطلوبة من كل سوري، وتحديدا من كل سني ما دام هو المعني بالقصة، كون الأطراف الأخرى لا تنسحب عليها ما ينسحب عليه، وهو أن على النخب أن تتقي الله فيما تكتبه وما تعرضه وما تحرّض عليه، وينبغي عليها أن تضع مصالح الأمة فوق كل شيء، وأن تستعصم بوحدتها، وتغليب المصالح الكبرى على المصالح الفصائلية والفردانية المفرطة لدى البعض.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة الوحدة سوريا سوريا الثورة الانقسام الوحدة مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة السوریة على مدار
إقرأ أيضاً:
الدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة؟ صراع المصالح يشعل الساحة السياسية
3 يناير، 2025
بغداد/المسلة: تتصاعد في العراق نقاشات حادة حول تعديل قانون الانتخابات، تعكس تنافسًا بين رؤى متباينة للمشهد السياسي. في قلب هذا الجدل، تقف القوى السياسية التقليدية مسلحة بأدواتها المؤسسية، بينما تصطف القوى الناشئة والمستقلة في مسعى لإحداث تحول يعيد تشكيل ميزان القوى بما يتماشى مع متطلبات تمثيل شعبي أوسع وعدالة انتخابية أكثر شفافية.
تنازع المصالح بين القوى التقليدية والناشئة
تدفع القوى التقليدية نحو صياغة قانون يعزز هيمنتها، بالاعتماد على مقترحات مثل نظام الدائرة الواحدة أو تقسيم المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية إلى دوائر انتخابية متعددة. هذا التوجه، بحسب متابعين، يهدف إلى تعظيم فرص الأحزاب الكبرى في السيطرة على المقاعد البرلمانية بفضل مواردها التنظيمية والمالية الكبيرة.
في المقابل، تسعى القوى الناشئة والمستقلة إلى الدفع نحو نظام يتيح تمثيلًا متساويًا وعادلًا، مع تركيزها على فكرة الدوائر المتعددة. هذه الرؤية تجد تأييدًا لدى شرائح واسعة من الناخبين، كونها تتيح للمستقلين فرصة أكبر في خوض المنافسة بعيدًا عن هيمنة القوى التقليدية التي حكمت المشهد لعقود.
مطالب التغيير وتحديات الاستدامة
مع المطالبات المتزايدة بإصلاح النظام الانتخابي، تبرز تحديات عدة، أهمها عدم استقرار القوانين وتغييرها بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تراجع ثقة الناخبين في العملية الانتخابية.
والقوى الناشئة ترى أن اعتماد نظام الدوائر المتعددة يعبر عن إرادة الشارع، بينما تفضل بعض القوى التقليدية استدامة قوانين تحقق نوعًا من التوازن بين الإرادة الشعبية وتمثيل القوى السياسية.
تناقضات بين التحالفات السياسية
من اللافت أن النقاشات حول القانون الجديد تعكس انقسامًا داخل الإطار التنسيقي نفسه. بينما يدفع ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي نحو تعديلات تضمن استمرار الأحزاب الكبرى في الهيمنة، يتخذ تيار الحكمة موقفًا أكثر تحفظًا، محذرًا من أن التغيير المتكرر قد يؤدي إلى عزوف الناخبين.
أما ائتلاف النصر، فيطرح موقفًا وسطًا، داعمًا لأي تعديل يخدم المصالح الوطنية ويضمن وصول أصوات الناخبين إلى البرلمان، لكنه يرفض التغييرات التي تكرس هيمنة حزبية أو تؤدي إلى إضعاف العملية الديمقراطية.
إشكالية الثقة بالعملية الانتخابية
تواجه العملية الانتخابية في العراق أزمة ثقة متفاقمة. هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات من قوانين انتخابية عديمة الاستقرار، وصراعات حزبية أفرغت المؤسسات من مضمونها الديمقراطي. القوى الناشئة ترى أن مفتاح استعادة هذه الثقة يكمن في قوانين تضمن تمثيلًا عادلًا للشرائح المهمشة والمستقلين.
الرهان على إصلاحات شاملة
في ظل هذا المشهد، يبدو أن أي تعديل جديد للقانون سيخضع لمعادلة معقدة، توازن بين مصالح القوى التقليدية وطموحات المستقلين. ويبقى السؤال حول قدرة النظام السياسي على تبني إصلاحات شاملة تعيد الثقة بالعملية الديمقراطية، وتتيح فرصًا متساوية للجميع، دون إقصاء أو تهميش.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts