عربي21:
2024-09-14@02:34:39 GMT

عصر التفاهة.. وعصر سرقة تضحيات الشعوب

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

كنت ذات مرة في جولة عمل مع بعض الزملاء والزميلات، فأشارت إحدى الزميلات لكتاب عصر التفاهة لمؤلفه الفرنسي الصادر حديثا، وشددت عليّ بقراءته، فقلت لها ولماذا أقرأه، ونحن نعاصره ونعيش رجالاته، ونراه على الهواء الطلق، وعلى مدار أربع وعشرين ساعة؟ إنه عصر التفاهة الذي يتحدث عنه، ونعيشه نحن على مدار الأسبوع والشهر والعام.



تذكرت هذا وبعض الطلبة يسألونني كيف تُسرق الثورات، فأجبتهم دون تردد: لم تعد هناك حاجة لقراءة تاريخ وتعرجات وكتابات تتحدث عن سرقة الثورات العربية والإسلامية، الوطنية والقومية منها، فنحن نعيش عصر سرقة الثورات اليوم على مدار الساعة، فانظروا إلى الثورة السورية التي قدمت أكثر من مليون شهيد و 14 مليون مهجر ومليوني جريح ومعتقل، ومع هذا يحرص بعض من يسمون بأهل هذه الثورة على سحقها، علموا أم جهلوا، لا لشيء وإنما لتصفية حسابات فردية وشخصية، وساحته الشمال السوري المحرر إن كان في إدلب العز، أو في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية.

لم تعد هناك حاجة لقراءة تاريخ وتعرجات وكتابات تتحدث عن سرقة الثورات العربية والإسلامية، الوطنية والقومية منها، فنحن نعيش عصر سرقة الثورات اليوم على مدار الساعة، فانظروا إلى الثورة السورية التي قدمت أكثر من مليون شهيد و 14 مليون مهجر ومليوني جريح ومعتقل، ومع هذا يحرص بعض من يسمون بأهل هذه الثورة على سحقها، علموا أم جهلوا، لا لشيء وإنما لتصفية حسابات فردية وشخصية
في مقابل هذا نرى توحد أهلنا في السويداء المنتفضين حديثا بوجه النظام المجرم، يوازيه تشتت بالشمال السوري المحرر، وتشتيت المشتت، وتمزيق الممزق، بحيث سيكون من الصعب غدا لو أردنا اختيار قيادة ناطقة باسم الشمال المحرر أن يتم الاتفاق على بضعة شخصيات قادرة على فرض رأيها وتصوراتها على البقية الباقية، لكان ذلك في حكم المستحيل، كل ذلك خدمة لأعداء الثورة السورية، وتضييعا لدماء الشهداء وعذابات المشردين، وأنّات المعتقلين والمعتقلات في سجون النظام السوري المجرم.

ترى أحدهم يتظاهر ويتظاهر، والنظام المجرم المدعوم من القوى المحتلة الروسية والإيرانية ومليشيات طائفية متعددة الجنسيات وعابرة للحدود تقبع على كيلومترات معدودة منه، فتهدد بقاءه وبقاء الجميع، ولكنه يؤثر مع هذا كله خرق السفينة، وخرق المحرر، تماما كمن تقاتل على جلد الدب قبل اصطياده. ويحدثونك عن قتال المجاهدين الأفغان لبعضهم، بينما هؤلاء تقاتلوا بعد أن أخرجوا الدب الروسي من أرضهم، فتقاتلوا على جلده. وإن كان القتال غير مبرر بكل تأكيد، ولكن على الأقل أفضل من السوريين الذين تقاتلوا ويتقاتلون بين بعضهم، ويسقطون بعضهم ويخونون بعضهم وهم لم يحصلوا على الاستقلال فضلا عن طرد المحتلين وعصاباتهم الطائفية من أرضهم.

إن العقلية العربية والسنية تحديدا تكتفنها الكثير من الإشكاليات الحقيقية الداعية إلى الوحدة والجسد الواحد، ولعل الآيات والأحاديث النبوية التي حضت كثيرا على هذا الأمر استبطنت منذ البداية تلك الشخصية العربية المتمردة، وهي الشخصية التي شبهها بعض علماء الاجتماع الغربيين بحبات الرمال، قوية بنفسها وبذاتها، وضعيفة بغيرها، ما لم تقف النخب السورية لحظة تأمل حقيقي، بعيد عن التخوين وبعيد عن المصالح الشخصية الآنية الفردية، فإن السنة في سوريا والثورة السورية كلها ستدفع ثمنا باهظا، حينها لن يكون هناك أحد بحاجة إلى أن يكتب كيف سُحقت الثورة السورية، وكيف هُزمت المقاومة السورية، بعد أن تولّى أبناؤها سحقها، تشاركهم في ذلك نخبهم الذين تعاظمت عندها الآنا؛بحيث لا يمكن أن تتماسك مع بعضها، بخلاف الشخصية الغربية التي شبهها كحبات التراب، والتي تتسم بأنها ضعيفة بذاتها قوية بغيرها، فقادرة بذلك على التماسك فيما بينها، فتكون صلصالا بوجه أعدائها وخصومها.

ما لم تقف النخب السورية لحظة تأمل حقيقي، بعيد عن التخوين وبعيد عن المصالح الشخصية الآنية الفردية، فإن السنة في سوريا والثورة السورية كلها ستدفع ثمنا باهظا، حينها لن يكون هناك أحد بحاجة إلى أن يكتب كيف سُحقت الثورة السورية، وكيف هُزمت المقاومة السورية، بعد أن تولّى أبناؤها سحقها، تشاركهم في ذلك نخبهم الذين تعاظمت عندها الآنا؛ ولو كان ذلك على مذبح المصالح الشعبية ومصالح الشهداء والمشردين والمعتقلين ومن بعد الشعب السوري الطامح إلى الحرية والاستقلال.

لحظة تأمل حقيقية مطلوبة من كل سوري، وتحديدا من كل سني ما دام هو المعني بالقصة، كون الأطراف الأخرى لا تنسحب عليها ما ينسحب عليه، وهو أن على النخب أن تتقي الله فيما تكتبه وما تعرضه وما تحرّض عليه، وينبغي عليها أن تضع مصالح الأمة فوق كل شيء، وأن تستعصم بوحدتها، وتغليب المصالح الكبرى على المصالح الفصائلية والفردانية المفرطة لدى البعض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة الوحدة سوريا سوريا الثورة الانقسام الوحدة مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة السوریة على مدار

إقرأ أيضاً:

أحزاب غزة تفوز وأنصار فلسطين يكتسحون

في ظلال #طوفان_الأقصى “116”

#أحزاب_غزة تفوز و #أنصار_فلسطين يكتسحون

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

قد تكون نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية العشرين، التي أسفرت عن فوز القوى المؤيدة للفلسطينيين، والداعمين لغزة ونصرة أهلها، ومنحت جبهة العمل الإسلامي 31 مقعداً في البرلمان، وأظهرت ضمن القانون الانتخابي الأردني المقيد والمعقد، أن قرابة نصف مليون أردني، ممن لهم حق التصويت والانتخاب، قد أعطوهم أصواتهم، ومنحوهم ثقتهم، وانتخبوا مرشحيهم، وقالوا “نعم” للذين رفعوا شعار “لن نترك غزة وحدها”، وقرروا تأييد برنامجهم، ودعم شعاراتهم، التي كانت واضحة أنها مع غزة وأهلها، ومع فلسطين وشعبها، وأنها ضد الصمت العربي المخزي، وضد الغرب والسياسة الأمريكية المنحازة.

مقالات ذات صلة إدارة الأردن لملف الضفة الغربية 2024/09/12

قد تكون هذه النتائج بالنسبة للغرب والولايات المتحدة الأمريكية عموماً، وخصوصاً بالنسبة للأنظمة العربية المستخذية المنهارة، والضعيفة الخائفة، والتابعة الجبانة، العاجزة عن الفعل والساكتة عن الجريمة، مؤشراً خطراً، وعلامةً مقلقة، تظهر توجهات الشعوب العربية وميولها، وتفرض على الأرض بقوة أصواتها وفعالية حضورها، وتعكسها في صناديق الانتخابات لصالح القوى القومية والإسلامية المؤيدة للشعب الفلسطيني والداعمة له في مواجهة العدو الإسرائيلي، وضد القوى والأحزاب التابعة للأنظمة والمؤيدة للحكومات التي ساهمت بصمتها على مدى عامٍ كاملٍ، في قتل وإصابة مائتي ألف فلسطيني وتدمير بيوتهم ومخيماتهم وبلداتهم.

ومما يزيد في قلقهم أن هذه النتائج لن تقف عند حدود الأردن فقط، بل من المرجح وفق كل الاستبيانات والقراءات المستقلة، المحلية العربية والدولية الأجنبية، أن المزاج العام للشعوب العربية يتجه نحو فلسطين، ويؤيد الأحزاب التي ترفع لواءها، وتنصر غزة وأهلها، وتدعم مقاومتها ونضالها، وتساند عموم الفلسطينيين ومقاومتهم في كل أنحاء فلسطين المحتلة، فما حدث في صناديق الانتخابات البرلمانية الأردنية قد يحدث مثله وأشد في دولٍ عربيةٍ أخرى، ولن تتمكن الأنظمة البوليسية والسلطات الديكتاتورية الحاكمة من تزوير الانتخابات، أو توجيه الناخبين، وفرض توجهاتٍ مدروسةٍ وخياراتٍ مقصودة، وإعلان نتائج معدة ومسبقة.

سيكون لنتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية آثارٌ مزلزلة على ساحاتٍ عربيةٍ أخرى، باتت على أبواب انتخاباتٍ برلمانية ورئاسية، ومن المؤكد أن الشعوب العربية التي ترفض أن تبقى متفرجةً أو صامتةً، ستحافظ على أصواتها، وستصر على استخدام سلاحها الديمقراطي الشخصي المشروع، وستستخدمه في معاقبة وإقصاء كل الأحزاب المطبلة للسلطة، والمتحالفة معها، والراضية عن سياساتها الصامتة العاجزة، المكتفي بعضها بالصمت، والمشارك غيرها في الجريمة والحرب والمؤامرة، وسيدرك المواطن العربي أنه يستطيع المساهمة في المعركة، ويمكنه المشاركة في مساندة الشعب الفلسطيني ونصرته، من خلال إقصاء الصامتين الحياديين، وانتخاب المؤيدين الفاعلين.

ولعل الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي أسفرت عن إعادة الثقة بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وانتخابه للمرة الثانية، وهو المؤيد وبلاده، والنصير وشعبه لفلسطين وأهلها، وقد أعلن خلال حملته الدعائية عزمه مواصلة دعم فلسطين وأهلها، ونيته وبلاده في إعادة إعمار غزة وتثبيت أهلها، ودعم صمودهم، مؤشرٌ آخر على المزاج الشعبي العربي العام المؤيد لفلسطين، والمحب لكل المرشحين الذي يحملون لواءها، ويدافعون عنها، بل ويضحون في سبيلها، ولا يترددون في تحدي المناوئين والمعارضين من أجلها.

لعل الشعوب العربية كانت ولا زالت قادرة على أن تلعب دوراً أكبر في نصرة الفلسطينيين والدفاع عن غزة وأهلها، ولا أحد يشكك فيها أو يتهمها في نواياها وصدق ولائها، ولكنها تستطيع إلى جانب صناديق الانتخابات، أن تنظم المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، والرافضة لسياسات حكوماتها التي تكتفي من الحرب والعدوان بالمتابعة والمشاهدة، لتفرض عليها الانخراط في الحرب إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولو على طاولة المفاوضات وخلال الحوارات، التي يستغلها العدو الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة الأمريكية في الضغط على المقاومة، وابتزازها وتهديدها، واستغلال وجودها وحيدة على طاولة المفاوضات، دون نصيرٍ عربي رسمي يؤيدها ويساعدها، ويتبنى شروطها ويؤمن بحقوقها.

فرض الفلسطينيون أنفسهم ورقةً رابحةً على كل المستويات، وبنداً ثابتاً في كل اللقاءات، وموضوعاً جاداً على طاولات المفاوضات والحوارات، ونقطة بحثٍ رئيسةٍ على جداول مختلف الزيارات، ونجحوا في استعادة قضيتهم، وفرض مسألتهم على المجتمع الدولي كله، الذي كان سبباً فيها عندما أسس الكيان واعترف به، وثبته وقواه ومكنه، وحماه ودافع عنه وسلحه، واعتدى على حقوق الشعب الفلسطيني وأهمل قضيتهم، وحرمهم من حقهم، ولم يدافع عنهم ويدين العدوان عليهم، ولم يمكنهم من استعادة أرضهم وبناء دولتهم، وتقرير مصيرهم وفرض سيادتهم، ومنع العدو من الاعتداء عليهم وقتلهم وطردهم من أرضهم ومصادرتها منهم.

واستطاعت غزة بصمودها العظيم وثباتها الأسطوري وتضحياتها الجسام، ومعها القدس والضفة الغربية، أن تجعل من نفسها وأهلها أيقونةً تتغنى بها الشعوب، وتعتز بها الأمم، كأعدل قضية سياسية، وأسمى مسألة إنسانية، وأوضح مثالٍ على الظلم الدولي، وعلى المعايير المزدوجة والمكاييل المختلفة، والانحياز الفاضح إلى جانب المعتدي القاتل، الذي يفتك بالشعب الأعزل بأسلحتهم، ويقتل المدنيين الفلسطينيين بطائراتهم، ويدمر بيوتهم ومؤسساتهم ومرافقهم بصواريخهم.

إن الحرب على غزة علامةٌ فارقةٌ في تاريخ الأمة، وإن ما بعدها سيكون حتماً مختلفاً عما كان قبلها، وما صنعه طوفان الأقصى سيكون بداية جديدة ومرحلة أخرى من الصراع مع العدو الإسرائيلي، تثبت له أننا كأمةٍ وشعبٍ أقوى وأقدر، وأنه كشعبٍ وكيانٍ أضعف وأوهى، وأننا لن ننسى حقنا ولن نفرط في أرضنا، وستعكس غزة على الأمة العربية والإسلامية روحها الثائرة، ومقاومتها الباسلة، وصمودها العجيب، وستترك على الأرض آثارها العميقة، قوةً وعزةً، وكرامةً وشرفاً، وسيادةً واستقلالاً، وإرادةً حرة وقدرةً جبارةً.

بيروت في 12/9/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

مقالات مشابهة

  • آلاف المغاربة ينددون بمجازر "إسرائيل" في غزة والضفة
  • آلاف المغاربة ينددون بـ"مجازر إسرائيل" في غزة والضفة
  • وفاة 9 أشخاص في الحوادث خلال يوم!
  • كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟
  • فقه المصالح!
  • أحزاب غزة تفوز وأنصار فلسطين يكتسحون
  • مدعوون للمقابلة الشخصية في التربية / أسماء
  • فيصل المقداد: سوريا بذلت تضحيات لمواجهة إرهاب «الإخوان» في مشهد مشابه لما عاشته مصر
  • هل وضعت هذه الحرب نهاية الأغنية السودانية
  • ضبط لصوص مواتير المياه والمتعلقات الشخصية