هي شابة مشاغبة، ظلّت دائمًا قوية، تدافع عن حقوق أبنائها، وتحلُم كل يومٍ بغدٍ أفضل، وتبحث بين الدروب، عن مزيدٍ من المغامرات، وتنطلق بحرية في أعلى السماء، وكأنها طائر العنقاء كبير الأجنحة، وقوي البِنية، تُبعث من رمادها، ولا تموت أبدًا.

هذه هي نقابة الصحفيين المصريين، التي دائمًا ما كانت حالمةً بالحرية، ومدافعةً عن حقوق أبنائها، وأيضًا حقوق المواطنين، والتي سجّل التاريخ بين طيّات صفحاتها، انتفاضاتها الواسعة، دفاعًا عن حقوقها المشروعة، وحقوق أبنائها في الحرية.

انتفضت نقابة الصحفيين المصريين في 10 يونيو عام 1995، ضد محاولاتٍ لتكبيل أيديها، وكم فمها عن ممارسة حقها الطبيعي في الصحافة والإعلام، وواجهت وحدها طوفانًا من محاولات الاغتيال المختلفة على كافة المستويات، النقابية، والتشريعية، وغيرها.

بداية القصة

في 20 مايو 1995، اقترحت الحكومة على مجلس الشعب، القانون رقم 93 لعام 1995 لتنظيم الصحافة، وأقرّه مجلس الشعب في جلسة مسائية عقدها في الثامنة من مساء 27 مايو 1995، وهي الجلسة التي استغرقت 5 ساعات، وكانت مقررتها الدكتورة فوزية عبدالستار رئيس اللجنة التشريعية حينها، ولم يحضرها عدد كبير من نواب الحزب الوطني، لكن الحضور كان كافيًا لتمرير القانون.

حاولت الحكومة المصرية في ظل حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أن تفرض مزيدًا من القيود على حرية الصحافة، باعتبار أن القوانين كانت تُعطي مساحات واسعة من حرية النشر والتعبير؛ حيث وافق "مبارك" على القانون في الليلة نفسها، ونُشر في الجريدة الرسمية في صباح اليوم التالي، وبررت الحكومة حينها سرعة إصداره، بدعوى “وجود تهديد للديمقراطية من تمتع حرية الرأي والتعبير بآفاق لم تبلغها من قبل، وضعف العقوبات الواردة في قانون العقوبات، وحماية الحياة الخاصة وعدم المساس بحرمتها، وعدم دستورية تمييز أفراد هذه الفئة من الصحفيين والكُتّاب عن غيرهم من المواطنين الذين يعبّرون عن آرائهم بغير طريق الصحافة، بينما مراكزهم القانونية واحدة”.

فورًا انتفضت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين مثل موج البحر الغاضب، ودعت لقعد عمومية طارئة، يوم 10 يونيو لمواجهة تمرير المشروع، وسبق ذلك مجموعة من الفعّاليات، سواءً الحلقات النقاشية، أو الاحتجاجات المختلفة، ونشر الصحفيون آنذاك قائمة سوداء بأسماء النواب الذين تزعّموا تمرير القانون، وأقاموا جنازة رمزية، شيّعوا فيها حرية الصحافة، وتوالت مبادرات الغضب، واحتجبت الصحف المختلفة، واعتصمت بكامل محرريها بحديقة النقابة.

أسباب رفض القانون

فرض القانون مزيدًا من القيود على العمل الصحفي في مصر وقتها؛ حيث تضمّن تغليظ العقوبات في جرائم النشر، وإلغاء ضمانة عدم الحبس الاحتياطي للصحفيين في هذه الجرائم، بالإضافة إلى أنه لم يُعرض على نقابة الصحفيين، أو المجلس الأعلى للصحافة، أو حتى مجلس الشورى.

مشروع القانون الذي تم رفضه كان يحظر تقريبًا كل أنواع النشر والتغطية الصحفية التي تتعارض مع المصالح الحكومية، ويعاقب الصحفيين بالسجن، والغرامات الباهظة، في حالة انتهاكهم لمواده.

الجمعية العمومية

كانت العمومية تهدف إلى التعبير عن استياء الصحفيين من التدخّلات الحكومية في حرية الصحافة، وتقييد حرية التعبير، وخلال الفعّاليات المختلفة، تجمّع الصحفيون من مختلف وسائل الإعلام والصحف المصرية، للتعبير عن رفضهم للقانون المُقترح، وللتأكيد على أهمية حرية الصحافة في بناء مجتمع ديمقراطي، تم اتخاذ قرار برفض القانون، والعمل على تعزيز حرية الصحافة، وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات.

تلقّت هذه العمومية دعمًا كبيرًا من قِبل الصحفيين، والمُثقفين، والنشطاء، في مصر وخارجها، وكان لها تأثير قوي في إبراز قضية حرية الصحاف، وتعزيز الضغط على الحكومة لإصلاح التشريعات ذات الصِلة بالإعلام.

على المدى الطويل، ساهمت هذه العمومية في دفع النقاش العام حول حرية الصحافة وتوعية المجتمع بأهميتها، وعلى الرغم من أن التحديات ما زالت موجودة، إلا أنها ساهمت في تعزيز الوعي بضرورة حماية حرية الصحافة ودورها الحيوي في تعزيز التنمية والتنوير المجتمعي.

انتصار

ظلّت الجمعية العمومية للصحفيين في حالة انعقاد دائم، برئاسة النقيب إبراهيم نافع، واستمرّت احتجاجاتها لمدة عامٍ كامل، حتى انتصرت الجماعة الصحفية، بعد نقاش واسع النطاق، بإصدار قانون جديد للصحافة، وهو القانون رقم 96 لعام 1996.

وتُعد معركة القانون 93 لسنة 1995، من أشهر المعارك التي خاضتها الجماعة الصحفية دفاعًا عن حرية الصحافة واستقلالها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: حریة الصحافة

إقرأ أيضاً:

بعد استشهاد الصحفي أبو شريعة.. حصيلة شهداء صحفيي غزة ترتفع لـ153

#سواليف

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الاثنين، #استشهاد #الصحفي #محمد_محمود_أبوشريعة متأثرا بإصابته في قصف إسرائيلي استهدف منزله بمدينة #غزة قبل يومين، مما يرفع عدد #الشهداء_الصحفيين إلى 153 منذ بدء #الحرب على القطاع قبل نحو 9 أشهر.

وقال المكتب في بيان إن “عدد الشهداء الصحفيين ارتفع إلى 153 صحفيا وصحفية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بعد ارتقاء الزميل الصحفي الشهيد محمد محمود أبو شريعة الصحفي في وكالة شمس نيوز الإعلامية (محلية)”.

وحسب مصادر طبية فلسطينية، فإن الصحفي أبو شريعة أصيب بجروح خطيرة قبل يومين إثر قصف إسرائيلي استهدف منزله في حي الصبرة جنوب مدينة غزة.

مقالات ذات صلة جيش الاحتلال يزعم إحباط محاولة تهريب أسلحة عند الحدود الأردنية 2024/07/01

ولأكثر من مرة حذر المكتب الإعلامي الحكومي ومؤسسات حقوقية من أن الجيش الإسرائيلي، ومنذ بدء الحرب على غزة، يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين لمنع نقل “الجرائم” التي يرتكبها بغزة.

وتُظهر بيانات وإحصاءات “لجنة حماية الصحفيين” الدولية (غير حكومية مقرها نيويورك) أن الحرب على غزة أصبحت “الأكثر دموية للصحفيين” منذ بدء اللجنة في توثيق جرائم قتل الصحفيين حول العالم في عام 1992.

وأعلن “المركز الدولي للصحفيين” (غير حكومي مقره واشنطن) في فبراير/شباط، أن الحرب على غزة شهدت أعلى مستويات عنف ضد الصحفيين منذ 30 عاما، ودعا إسرائيل إلى وقف قتل الصحفيين والتحقيق في حوادث قتلهم على يد قواتها.

ومنذ 7 أكتوبر تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 124 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، مما أدخل تل أبيب في عزلة دولية وتسبب بملاحقتها قضائيا أمام محكمة العدل الدولية.

وتواصل إسرائيل حربها رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي يطالبان بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

مقالات مشابهة

  • بعد استشهاد الصحفي أبو شريعة.. حصيلة شهداء صحفيي غزة ترتفع لـ153
  • "بيت الصحافة" المهجور في غزة.. القتل والنزوح مصيرا مؤسسيه وزائريه
  • السوداني يعلن عن تخصيص أرض لإنشاء مجمع سكني للأسرة الصحفية
  • جوليان أسانج.. ثمن الحرية
  • تمديد سجن الإعلامي التونسي محمد بوغلاب.. ونقابة الصحفيين تدين
  • جمعية الصحفيين تطلق 3 مبادرات للكوادر الوطنية الشابة
  • إذا أردت أن تعرف مدى حرية مجتمع ..فانظر ماذا يحدث في مسرحه
  • نقابة الصحفيين السودانيين: استخبارات الجيش تعتقل صحفي بمدينة شندي
  • ويبقى الصحفيون ونقابتهم الق للحرية
  • «الصحفيين» تنظم احتفالية لتوزيع جوائز الصحافة المصرية.. الثلاثاء المقبل