لم يعد أثر برامج التجسس يقتصر على الحواسيب الشخصية فقط، بل امتد الأمر إلى الهواتف الذكية أيضًا كونها تستخدم بشكل مباشر وكثيف خلال اليوم وربما أكثر من الحواسيب، وهذا التوجه يعزز من أهمية كشف برامج التجسس على الهاتف في مسعى حماية البيانات عبر الإنترنت.
يدرك المخترقون وعصابات القراصنة أهمية الهواتف المحمولة في العصر الحالي، لذا أصبحوا يركزون جهودهم على هذه الأجهزة من أجل تطوير برامج تجسس واختراق لا يمكن اكتشافها بسهولة في محاولة منهم لسرقة البيانات التي قد تشمل بيانات هوية شخصية أو بيانات بنكية حساسة.
رغم أن مفهوم برامج التجسس يبدو واضحًا بما فيه الكفاية، فإن هناك العديد من البرامج التي لا تحاول سرقة بياناتك وبدلًا من ذلك تخترق خصوصية المستخدم وتجعل تجربة استخدام الهاتف أو التطبيقات بشكل عام مزعجة.
لذا يمكن تقسيم برامج التجسس على الهاتف إلى أكثر من نوع، في مقدمتهم تأتي برامج الإزعاج وعرض الإعلانات ثم تأتي برامج التجسس المعتادة التي تحاول سرقة بيانات المستخدم دون تتبعه أو ملاحقته، وأخيرًا تأتي برامج التتبع أو الملاحقة التي تعمل على جمع كافة البيانات الشخصية مثل المراسلات والمكالمات وحتى استخدام الكاميرا والمايكروفون لتتبع المستخدم في حياته الشخصية.
يستخدم كل نوع من برامج التجسس على الهاتف بشكل مختلف عن الآخر، إذ إن لكل نوع مزايا مختلفة.
فمثلًا برامج الإعلانات المزعجة لا تمثل خطرًا حقيقيًا على خصوصية المستخدم بقدر كونها أداة لتحقيق أرباح إضافية غير مستحقة، إذ تعرض هذه الأدوات الإعلانات وتجمع بيانات عن سلوك المستخدمين لبيعه للشركات.
وعلى النقيض تعد برامج التجسس وبرامج الملاحقة الرقمية الأخطر على سلامة المستخدم الشخصية وأمنه المالي، إذ تعمل هذه البرامج على الوصول إلى كافة بيانات المستخدم السرية ثم سرقتها بشكل مباشر.
ورغم اشتراكهما في النتيجة النهائية، فإن لكل نوع منها طريقة مختلفة، إذ تسرق برامج التجسس البيانات المخزنة في الهاتف بالفعل مثل كلمات المرور أو صور البطاقات البنكية وذلك طمعًا في سرقة الأموال من هذه الحسابات.
وتمثل برامج التجسس عبر الملاحقة النوع الأخطر بين جميع برامج التجسس، كونها تهدد سلامة المستخدمين بشكل مباشر وتتتبع حياتهم الشخصية بكافة تفاصيلها، حيث تستطيع هذه التطبيقات فتح الكاميرا والمايكروفون بشكل عشوائي دون إنذار المستخدم، كما يمكن لها تتبع حركة المستخدم في الشوارع ومراقبته بشكل كامل، وبعض البرامج تتيح عرض شاشة الهاتف.
برامج التجسس عبر الملاحقة تعتبر النوع الأخطر بين جميع برامج التجسس (شترستوك) 6 طرق لكشف برامج التجسس على الهاتفهناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها بشكل مباشر من أجل كشف برامج التجسس على الهاتف، وتعد هذه الخطوات عامة بشكل كبير، إذ يصلح استخدامها مع جميع أنواع الهواتف وجميع برامج التجسس على الهاتف مهما كان نوعها وهدفها.
1- تصرفات غريبة في الهاتف
إحدى أبرز العلامات التي تؤكد أن الهاتف تم اختراقه هو التصرفات الغريبة التي قد تحدث في الهاتف، بدءًا من وجود تطبيقات غريبة تم تثبيتها دون معرفة المستخدم وحتى المكالمات والرسائل الغريبة فضلًا عن اختفاء الملفات والتطبيقات من الهاتف بشكل عشوائي.
تشير هذه العلامة إلى وجود برامج تجسس على الهاتف من عدة أنواع، إذ إنها ليست حكرًا على نوع واحد من البرامج، وفي حالة البرامج الإعلانية، قد تجد برامج غريبة مثبتة، أما برامج التجسس الأخرى فإنها تظهر على شكل رسائل ومكالمات غير معروفة.
2- ظهور الإعلانات في أوقات مختلفة
تعد هذه العلامة إشارة مباشرة لوجود برامج خبيثة إعلانية، وفي هذه الحالة تجد الإعلانات تظهر في هاتفك بشكل مباشر وفي أوقات لا يجب أن تظهر فيها، أثناء استخدام تطبيقات لا يجب أن تحتوي على الإعلانات بشكل خاص.
مثلًا عند إجراء مكالمة عبر تطبيق الهاتف أو محاولة إرسال رسالة، أو حتى الوصول إلى قائمة الإعدادات وحتى استعراض الصور والرسائل النصية.
لكن يجب التفريق بين الإعلانات التي تضعها شركات الهواتف وبين الإعلانات الخبيثة، وفي العادة تضع الشركات الصينية مثل شاومي إعلانات تطبيقات مباشرة وسط الهواتف أثناء استخدامه بشكل معتاد.
3- بطء الهاتف وضعف أدائه
تعد برامج التجسس بمختلف أنواعها برامج إضافية يتم تشغيلها على الهاتف، وذلك فضلًا عن البرامج الأساسية التي يتم تشغيلها في الهاتف، لذا فإن هذه البرامج تمثل حملًا إضافيًا على نظام الهاتف بشكل يجعله أضعف في الأداء بشكل كبير.
عند وجود برامج تجسس خبيثة مماثلة فإن الهاتف يصبح أبطأ من المعتاد كما تستغرق العمليات المعتادة الكثير من الوقت للاستجابة للأوامر الموجهة إليها، وفي بعض الحالات قد ترتفع درجة حرارة الهاتف بشكل كبير أثناء استخدامه بشكل معتاد.
4- أصوات ضوضاء أثناء المكالمات
تكون المكالمات المستخدمة في الهواتف المحمولة عبر غالبية التطبيقات الموثوق بها مشفرة بين الطرفين، وهذا يعني عدم وجود طرف ثالث يستمع للمكالمة، لذا فإن أي ضوضاء تحدث في المكالمة يجب أن تكون ناتجة عن أحد الطرفين.
في حالة وجود أصوات غريبة وغير معهودة داخل المكالمة فإن هذا يشير بقوة إلى وجود برنامج تجسس مثبت في الهاتف يقوم بتتبع المكالمة والاستماع إليها، ويعني ذلك أن هناك طرفًا ثالثًا يستمع إلى المكالمة بشكل مباشر، كما أن سماع أصوات الصفارات أثناء المكالمة قد يشير إلى أن المكالمة مسجلة.
5- الكاميرا والميكروفون يعملون بشكل عشوائي
تضيف جميع شركات الهواتف المحمولة الآن تحديثات جديدة في هواتفها، وبفضل هذه التحديثات تظهر أضواء تحذيرية عند استخدام الكاميرا أو الميكروفون في الهاتف، وفي حالة عمل تلك الأضواء بشكل عشوائي، فإن هذا يعني مباشرةً أن طرفًا خارجيًا قام بتشغيل الكاميرا أو الميكروفون.
هذه الميزة تأتي بشكل مباشر مع برامج الملاحقة والمراقبة عن بعد، ورغم أن بعض الآباء يعتمدون عليها لمراقبة هواتف أطفالهم، فإن هذا يعد خرقًا لخصوصيتهم.
6- استخدام برامج فحص الفيروسات
التطور الحادث في مجال التجسس على الهواتف جذب الشركات الأمنية مثل كاسبرسكاي (Kaspersky) وآفاست (Avast) لتطوير تطبيقات مضادة للفيروسات والتطبيقات الخبيثة للهواتف المحمولة تحديدًا.
استخدام مثل هذه التطبيقات يساعد المستخدم على معرفة حالة برامج التجسس المستخدمة في الهاتف وإن كان يتعرض لمثل هذه البرامج، ولكن بالطبع يجب تثبيت برامج مضادة للفيروسات من جهات موثوق بها مثل مواقع الشركات الرسمية الشهيرة، وذلك حتى لا تضم هذه التطبيقات فيروسات في حد ذاتها.
الخيار الأفضل دائمًا يكون الوقاية من التجسس بدلًا من البحث عن طرق اكتشافه (شترستوك) كيفية الحماية من برامج التجسس على الهاتفرغم وجود عدة طرق لكشف برامج التجسس على الهاتف، فإن الخيار الأفضل دائمًا يكون الحماية من هذه البرامج بدلًا من البحث عن طرق اكتشافها، وتوجد العديد من النصائح التي تساعد في الحماية من التطبيقات الخبيثة وتقلل من أثرها بشكل كبير، وإليكم بعضها:
1- عدم تثبيت التطبيقات من مصادر مجهولة
تثبيت التطبيقات من مصادر مجهولة هو السبب الأول في اختراق الهواتف المحمولة، ولأن "آبل" كمثال لا تتيح تثبيت التطبيقات من مصادر خارجية، فإن آيفون يظل أكثر أمنًا من هواتف أندرويد على اختلاف أنواعها.
2- عدم ترك الهاتف في أيدي الغرباء
إحدى الطرق الشهيرة لتثبيت برامج التجسس والمراقبة هو استخدام الهاتف من قبل الغرباء، إذ يستطيع هؤلاء تثبيت برامج التجسس دون أن ينتبه أحد إليهم، وهو الأمر الذي يعرض المستخدمين الأساسيين للهاتف للخطر.
وبدلًا من محاولة البحث عن طرق لاكتشاف تطبيقات التجسس هذه، فمن الأفضل حماية المستخدم منها ومنع تثبيتها منذ البداية، وتتضمن هذه الخطوة التعامل مع مراكز الصيانة المعتمدة والموثوق بها فقط.
3- عدم كسر حماية الهاتف
تنتشر العديد من التطبيقات التي تعتمد على كسر حماية نظام الهاتف، وذلك في الأندرويد والآيفون، ورغم كون مثل هذه الطرق تقدم مزايا إضافية قوية لكل نوع من الهواتف، فإنها إحدى بوابات تثبيت تطبيقات الاختراق بشكل مباشر.
لذلك ينصح دائمًا بعدم كسر حماية الهاتف سواءً كان آيفون أو أندرويد من أجل حماية البيانات الحساسة لكل مستخدم وتأمينها بشكل كامل ومباشر.
4- الابتعاد عن الرسائل المشبوهة
هناك العديد من الرسائل المشبوهة التي تصل إلى المستخدمين عبر منصات التواصل الاجتماعي والرسائل المباشرة، وفي بعض الحالات، تضم هذه الرسائل روابط خارجية، ويفضل دومًا ألا يتم النقر على الروابط الخارجية التي تأتي من مستخدم لا تعرفه بشكل شخصي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات برامج التجسس على الهاتف الهواتف المحمولة تجسس على الهاتف التطبیقات من بشکل عشوائی الهاتف بشکل هذه البرامج بشکل مباشر العدید من فی الهاتف بشکل کبیر
إقرأ أيضاً:
ضجـة رنيـن
عند الساعة الحادية عشرة والنصف، استيقظتْ على صوت المنبه، ونظرت إلى السقف في شرود؛ ترتِّب في ذهنها المهام المُكلفة بها هذا اليوم.. ما لبثت في عالمها حتى ذهبت لتُعدَّ وجبة الغداء، وبينما كان القدر على النار أخذت تقلِّب هاتفها وتتفقد الرسائل، مُتصفحة بعض برامج التواصل الاجتماعي، فوقع نظرها على إعلان عن وجود فعاليات تعليمية لصقل المواهب الأدبية. هذا ما كانت تبحث عنه؛ ليعيدَ لقلمها رونقه بعد أن توالى عليه غبار السنين بعد أن كان الصديق والحبيب الذي شغفها حُبّا صار مع الوقت نسيا منسيا.. ولكن سرعان ما تبدد سرورها بعد أن رأت تاريخ اليوم هو آخر يوم للتسجيل والمقاعد محدودة! لم يكن ذلك همها الوحيد الذي أربك حماسها وإنما انشغل فكرها في كيفية إقناعه بالانضمام لهكذا صرح تعليمي يسهم في اكتساب العلم والمعرفة، كيف ستقنعه وهو الذي يعد الاتصالات الهاتفية الصادرة والواردة بعد الساعة العاشرة مساء تصرفا غير لائق؟ فالوقت هذا متأخر جدا بالنسبة إليه! كيف ستقنعه بانضمامها إلى فعاليات ستقام مساء، ذهابا وإيابا في حين ستقود بنفسها مركبتها؟ لم تفكر كثيرا وقررت قطع الشك باليقين، أمسكت سماعة الهاتف الأرضي وقامت بتردد تضغط الأرقام أمامها وهي على يقين كامل أن طلبها سيقابل بالرفض، رن الهاتف في الجهة الأخرى، كانت ثوانٍ شعرت بثقلها على قلبها.
-مرحبا: أهلا كيف حالك ؟ -في أحسن حال، ماذا هناك؟ -في الحقيقة هناك فعاليات تعليمية ستقام غدا وأحببت أن آخذ الإذن منك للتسجيل فيها، وأرجو أن تسمح لي. أخبرته بعض التفاصيل السريعة عن تلك الفعاليات وعن أوقاتها. سكت قليلا وعلى غير العادة وافق على طلبها، سُرّت لذلك كثيرا وشكرته بسعادة تغمر قلبها، فقد كانت تظن أنه من سابع المستحيلات أن يوافق على طلبها.
بعد أن أغلقت الهاتف تعجبت من ردة فعله غير المتوقعة ومن هدوئه الغريب في الحديث معها. في اليوم التالي، كانت في مكان الهدف المنشود بين الحضور... وبعد مرور بعض الوقت وبينما كانت غارقة في التركيز، رن هاتفها، نظرت إلى الشاشة فتسلل القلق والتوتر إلى قلبها، أجابته فورا، كانت المكالمة قصيرة جدا، لكن جعلتها تحتضن دفترها وتلتقط قلمها، أخذت هاتفها وثم حقيبتها وغادرت المكان بخطى تُسابق الريح.
عند دخولها المصعد وبعد أن أوصد المصعد بابه شعرت وكأن رئتها قد أوصدت بابها أيضا، وأن جزيئات الهواء في عِراكٍ داخلها... على خطى متعثرة أكملت طريقها، فتحت باب المركبة وألقت ما بيدها على المقعد المجاور وانطلقت مسرعة، وعند أول انعطاف للمركبة انزلق الهاتف واستقر أسفل المقعد، في هذه اللحظة رن الهاتف مرة أخرى، حاولت العثور عليه لكنها لم تجده رغم سماعها صوته، فأكملت طريقها وهي في قمة توترها، وما زال الهاتف يرن.. يرن.. يرن.. يرن.. ومع كل رنة كان مؤشر السرعة يزداد شيئا فشيئا... لمحت الضوء الأخضر من بعيد ولكن فجأة توقفت المركبة وتوقف بعدها كل شيء. وما زال الهاتف يضجُّ بالرنين.