القاهرة - رويترز
يزور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مصر وإسرائيل اليوم الاثنين على أمل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار اقترحه الرئيس جو بايدن الشهر الماضي، وسط جهود حثيثة من واشنطن لإنهاء الحرب في غزة.

وقبل وصوله شدد الطرفان المتحاربان من مواقفهما التي أحبطت في السابق كل محاولات إنهاء القتال في حين واصلت إسرائيل هجماتها في وسط وجنوب غزة، وهي من بين أكثر الهجمات دموية خلال هذه الحرب.

ونقل بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله لعائلات إسرائيليين قتلوا في غزة "نحن ملتزمون بتحقيق النصر الكامل".

وأضاف "ما هو الخلاف الرئيسي؟ إنه يتمحور حول مطلب حماس... بأن نلتزم بوقف الحرب دون تحقيق أهدافنا المتمثلة في القضاء على حماس... أقولها بوضوح، لست مستعدا للقيام بذلك".

وقالت حماس من جانبها إنه يتعين على واشنطن أن تضغط على حليفتها إسرائيل لوقف القتال.

وقال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحماس في الخارج "نطالب الإدارة الأمريكية بالضغط على الاحتلال لوقف الحرب على غزة، وحركة حماس مستعدة للتعامل بشكل إيجابي مع أي مبادرة تضمن إنهاء الحرب".

دخلت الحرب الآن شهرها التاسع منذ أن قتل مسلحون بقيادة حماس 1200 شخص في جنوب إسرائيل واحتجزوا نحو 250 آخرين رهائن. وشنت إسرائيل ردا على ذلك هجوما كاسحا على قطاع غزة دمر معظم أنحاء القطاع وأودى بحياة ما يزيد على 37 ألف فلسطيني حتى الآن.

وقال مسؤولون فلسطينيون إن 40 جثة أخرى وصلت إلى المستشفيات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ويُعتقد أن آلافا من الجثث الأخرى لا تزال تحت الأنقاض.

* الهجمات على رفح والنصيرات

في رفح على الطرف الجنوبي لقطاع غزة حيث شنت إسرائيل هجوما الشهر الماضي في تحد لمناشدات من البيت الأبيض، قال سكان اليوم الاثنين إن دبابات حاولت في الساعات الأولى من الصباح التوغل أعمق صوب الشمال. ووصلت إلى أطراف حي الشابورة وهو من أكثر أحياء المدينة كثافة سكانية ويعتقد أن معقل للمسلحين الفلسطينيين.

ولاذ نحو نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة برفح قبل أن تبدأ إسرائيل هجومها على المدينة الشهر الماضي لكنهم اضطروا للفرار مجددا.

ومنذ الأسبوع الماضي، شنت إسرائيل أيضا هجوما واسع النطاق على وسط قطاع غزة حول مدينة دير البلح الصغيرة آخر مركز سكاني لم يتم اقتحامه بعد. وقال سكان اليوم الاثنين إن الإسرائيليين انسحبوا من بعض المناطق هناك لكنهم يواصلون الضربات الجوية والقصف.

وفي النصيرات إلى الشمال من دير البلح، ما زال السكان يرفعون الأنقاض التي خلفها هجوم إسرائيلي ضخم يوم السبت أسفر عن تحرير أربع رهائن. وقال مسؤولون فلسطينيون إن 274 قتلوا في الهجوم مما يجعله من بين الأكثر دموية في الحرب.

وقالت القوات الإسرائيلية إنها على علم بسقوط ما يقل عن 100 قتيل فلسطيني خلال معارك شرسة هناك ولا تعلم عدد المسلحين منهم.

يقول جهاد الذي فر تحت وابل النيران خلال هجوم يوم السبت على النصيرات مع أسرته وهو حاليا في دير البلح "إحنا تعبنا ويأسنا.. بيكفي خلاص". وأسرته نزحت أصلا من مدينة غزة للنصيرات ثم إلى خان يونس ثم إلى رفح وعادت للنصيرات قبل أن تفر مجددا.

وفي فيديو حصلت عليه رويترز من النصيرات، يروى أنس عليان وهو يقف أمام ركام كان يوما منزله كيف ظهر أفراد من قوات خاصة في الشوارع وهم يطلقون النار بكثافة بينما قصفت مقاتلات من طراز إف-16 وطائرات مسيرة المنطقة من الجو.

وقال "أي واحد كان بيتحرك بالشارع يتم إعدامه فورا... أي حركة يعدموه فورا... في أطفال تحت البناية مش عارفين ننقلهم وفي شهدا اليوم لقيناهم في العمارة التانية أشلاء متقطعين" وهو يشير إلى بنايات مدمرة حوله مضيفا أنهم عثروا على جثث أطفال في مبنى آخر.

وبعد أشهر من محاولات التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار التي باءت بالفشل، اختار بايدن مسارا جديدا بإعلانه عن اقتراحه لوقف إطلاق النار في 31 مايو أيار، واصفا إياه بأنه المقترح الذي قبلته إسرائيل بالفعل. ويقول مسؤولون أمريكيون إن بايدن كشف النقاب عن النص عمدا دون أن يعود للإسرائيليين أولا لزيادة الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق.

ولم يتم الكشف عن التفاصيل الكاملة، لكن المقترح كما وصفه مسؤولون أمريكيون يشبه المقترحات التي تم طرحها منذ يناير كانون الثاني ضمن محاولات السلام السابقة التي باءت بالفشل: هدنة طويلة على عدة مراحل مع إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بشكل تدريجي يؤدي في النهاية إلى إنهاء الحرب.

والأمر المختلف هذه المرة هو أن القوات الإسرائيلية توغلت في معظم مناطق قطاع غزة مرة واحدة على الأقل، وأن نتنياهو يتعرض لضغوط سياسية داخلية أكبر للتوصل إلى اتفاق. كما تصاعد القتال بشكل حاد في شمال إسرائيل على طول الحدود مع لبنان، ما يزيد من خطر نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، التي تتمتع بتسليح أفضل بكثير من حماس.

واستقال بيني جانتس، القائد العسكري السابق الذي يتمتع بشعبية في تيار الوسط، من حكومة الطوارئ أمس الأحد بسبب ما وصفه بالإخفاق في وضع خطة لإنهاء الحرب. ويجعل هذا نتنياهو أكثر اعتمادا على حلفائه من اليمين المتطرف الذين يقولون إنهم سيسقطون حكومته إذا وافق على أي اتفاق لإنهاء الحرب دون تدمير حماس أولا.

وكما هو الحال في جهود الهدنة السابقة، حرصت واشنطن على الحصول على موافقة إسرائيل أولا على نص الاتفاق، قبل أن تسعى للحصول على موافقة حماس من خلال الوسيطين مصر وقطر. وأقر مسؤولون إسرائيليون بتقديم العرض دون إبداء موقف واضح، إذ وصف أحد مساعدي نتنياهو الاتفاق بأنه "ليس صفقة جيدة".

وتقول حماس إنها وافقت بالفعل على المقترح الإسرائيلي الأخير لوقف إطلاق النار في وقت سابق من شهر مايو أيار، لكن حكومة نتنياهو تراجعت عنه. وتقول إسرائيل إن حماس وضعت في السابق شروطا غير مقبولة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما هي مطالب إسرائيل وصولا إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار؟

دعا الخبير العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، قادة الاحتلال الإسرائيلي لمطالبة الوسطاء ألا تكون حماس في الحكم وأن يتم تجريد قطاع غزة من السلاح، وعدم السماح بعد الآن بالإفراج أسرى إسرائيليين في ظل وجود "جمهور معربد".

وأضاف بن يشاي في مقال له أن "الصفقة تخرج إلى حيز التنفيذ لكن لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بوجود منظمات وجيوش جهادية على حدود غزة.. والفرحة الهائلة التي جرفت مواطني إسرائيل لمشهد تحرير دورون وإميلي ورومي من أسر حماس تشكل إشارة واضحة للحكومة ولرؤساء جهاز الأمن بأنه يجب إعادتهم جميعا، حتى آخر المخطوفين واساسا أولئك الذين لا يزالون على قيد الحياة".

وقال إنه بخلاف ذلك فإن "هذا الجرح سيبقى مفتوحا وسيكون لذلك معان هدامة على وحدة المجتمع في إسرائيل ودوافعه.. ولا يمكن لأي نصر عسكري أن يكون كاملا وأمن الدولة سيتضرر إذا لم يعاد إلى الديار كل المخطوفين والمخطوفات".


واعتبر أنه "رغم الفهم الواضح بأن الحديث يدور عن أخذ مخاطرة ستجبي باحتمالية عالية وبثمن باهظ بسبب التحرير بالجملة للمخربين، وعليه فينبغي الاستعداد بجدية للمفاوضات على المرحلة الثانية من الصفقة مع العلم أنها كفيلة بان تؤدي إلى هدنة متواصلة، وواضح تماما أن إسرائيل لا يمكنها السماح لنفسها بأن تواصل السماح لمنظمات وجيوش الإرهاب الجهادية بالتواجد المسلح في قطاع غزة".

وأكد أنه "ينبغي الاعتراف بحقيقة أن حماس ليست جسما دينيا متزمتا وخارجيا فرض نفسه على السكان، بل تعبير تنظيمي أصيل على أماني أغلبية أكثر من مليوني نسمة في القطاع، وفي الثقافة وفي التطلعات وفي الأيديولوجيا حماس خي غزة وغزة هي حماس".

واعتبر أنه "لضمان أمن مواطني إسرائيل، وبخاصة سكان النقب الغربي، ثمة حاجة للصياغة بتعابير عملية وواضحة ما هي المطالب بالنسبة لوقف الحرب.. واصطلاحات مثل تقويض حماس ونصر مطلق هي اصطلاحات غامضة من مجال الأدب والشعر وليست مطالب تضعها حكومة مسؤولة على عدو أيديولوجي وحشي".

وأضاف أن "إسرائيل لا يمكنها أن تقتل وعلى ما يبدو أيضا لن تنجح في أن تطرد آخر رجال حماس لكنها يمكنها أن تطلب أن يكون قطاع غزة مجردا من كل بنى الإرهاب التحتية بما في ذلك الأنفاق ومنصات إطلاق الصواريخ وقاذفات الهاون والعبوات الناسفة، وإذا لم يتوفر جسم دولي يفرض هذا، فسيتعين على الجيش الإسرائيلي أن يفعل هذا بنفسه، حتى لو استغرق هذا أكثر من سنة".

وأشار إلى أن "الطلب العملي الثاني هو ألا تكون حماس في الحكم في غزة، وفي هذا الشأن لا تحتاج إسرائيل لأن تجتهد كثيرا، فقد أعلنت حماس منذ الآن عدة مرات، بما في ذلك في الآونة الأخيرة بأنها لا تريد أن تحكم القطاع مدنيا بل أن تبقى فيه كجسم سياسي مسلح على نمط حزب الله، والعمل بدون عبء تلبية الاحتياجات والتخفيف من أزمة السكان لكن مواصلة الوجود كجسم مقاوم.. وعلى إسرائيل أن ترحب بتنازل حماس عن الحكم لكن أن تعارض كل شكل مسلح ترغب في أن تحتفظ به بموافقة ضمنية من الأسرة الدولية".

واعتبر أن "المطلبن يجب أن يكونا في قلب الموقف الإسرائيلي قبيل المرحلة الثانية، وهما بلا شك سيكونان مقبولين من الإدارة الأمريكية للرئيس الوافد دونالد ترامب والأسرة الدولية هي الأخرى لا يمكنها أن تعارض طلب إسرائيل تجريد القطاع من السلاح".


وقال إنه "بعد الساعات الصادمة التي مرت على مواطني إسرائيل في ترقب ممزق للأعصاب لتحرير النساء الثلاثة ينبغي الطلب من حماس ألا يتم تحرير المخطوفين التالين في قلب جمهور معربد، لقد استخدمت حماس تحرير الثلاثة كفرصة لإجراء استعراض للقوة".

وزعم المحلل بن يشاي أن العرض كان "غير مبهر وكان هناك فقط بضع عشرات من المسلحين ويبدو أنهم لم يكونوا منظمين وبقيادة كما ينبغي، ما شكل خطرا على حياة المخطوفات الأسرائيليات، وهذا طلب يجب طرحه على الوسطاء كي يطرحوه على حماس والصليب الأحمر: نقل المخطوفين والمخطوفات يجب أن يتم في مكان خفي وليس في قلب جمهور معربد، وفي هذه الساعات الفرحة من تحريرهن محظور أن نقول شكرا لهؤلاء الأشخاص، بل يجب توجه الشكر لجنود الجيش الإسرائيلي الذين بدون قتالهم العنيد وبطولتهم، ما كانت اضطرت حماس لأن توافق على منحى الحل الوسط".

مقالات مشابهة

  • بعد الحرب..إسرائيل تريد السلام في غزة لكنها لن تمول إعادة الإعمار
  • اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع
  • مبعوث ترامب: سأتوجه إلى إسرائيل لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • خلال أيام.. مبعوث ترامب يبدأ محادثات المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار في غزة
  • غارديان: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلق بخيط رفيع
  • أوجه الشبه والاختلاف بين غزة ولبنان في نظر إسرائيل
  • اليوم الثالث لوقف إطلاق النار في غزة.. تعرف على احتياجات القطاع الإنسانية
  • ما هي مطالب إسرائيل وصولا إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار؟
  • قبيل ساعات من مغادرة منصبه.. بلينكن يهاتف نظراءه في قطر والأردن وأوكرانيا
  • رسائل المقاومة من غزة.. دلالات صفقة التبادل وسيناريوهات التصعيد