أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، في 17 آذار/ مارس 2023، مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية غزو أوكرانيا، والترحيل القسري للأطفال من أوكرانيا إلى روسيا، حيث تم تبني العديد منهم من قبل عائلات روسية.

وبعد مرور أكثر من عام على القرار واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ما هي مصير هذه المذكرة وما هي احتمالات تطبيقها؟

اتهمت روسيا في نهاية نيسان/ أبريل الماضي، الولايات المتحدة بالنفاق بسبب رفضها تحقيق المحكمة الجنائية الدولية حول "إسرائيل"، فيما تدعم واشنطن قرار المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق بوتين.



وتجري المحكمة تحقيقا في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والعملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة في قطاع غزة والتي دخلت حاليا شهرها التاسع، وسعي المدعي العام إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير حربه.

ويمكن للمحكمة توجيه الاتهام للأفراد في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
وجاء ذلك بعد إعلان البيت الأبيض حينها أنه لا يدعم التحقيق الذي تجريه الجنائية الدولية حول "إسرائيل" ولا تعتقد أن المحكمة تتمتع بالاختصاص القضائي.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرّح العام الماضي بأن قرار المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق بوتين له ما يبرره، كما قدمت واشنطن إلى المحكمة تفاصيل ما يُعتقد أنها جرائم حرب روسية في أوكرانيا. 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في منشور سابق: "واشنطن أيدت بالكامل، إن لم تكن شجعت، إصدار أوامر الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ضد القيادة الروسية، وذلك رغم أن النظام السياسي الأمريكي لا يعترف بشرعية هذا الهيكل إذا كان الأمر يتعلق به أو بحلفائه.. هذا الموقف سخيف عند التفكير فيه"، بحسب وكالة "رويترز".

ووصف الكرملين إصدار مذكرة اعتقال بحق بوتين بأنه أمر شائن وباطل من الناحية القانونية لأن روسيا ليست ضمن الدول الموقعة على ميثاق تأسيس المحكمة الجنائية الدولية.

عقبات تنفيذ المذكرة
لم تتغير العقبات أمام القرار منذ صدوره، وأبرزها أن روسيا مثل الولايات المتحدة والصين ليست دولا أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي ليست ملزمة بقراراتها، وقد تمكّنت المحكمة الجنائية الدولية من توجيه اتهامات إلى بوتين لأن أوكرانيا قبلت صلاحيتها بشأن الوضع الحالي، علما أن كييف ليست عضوا فيها أيضا.


ورفضت روسيا مذكرات التوقيف ضد بوتين بشكل قاطع، ومن المعروف عنها أنها لا تسلم مواطنيها تحت أي ظرف، وبهذا قال الناطق باسم الكرملين إن روسيا "لا تعترف بصلاحية هذه المحكمة، وبالتالي من وجهة نظر قانونية، فإن قرارات هذه المحكمة باطلة".

وحتى لو خسر بوتين وحلفاؤه السلطة في روسيا، فإن الحكومة الراغبة في تسليمه ستواجه عقبة كبرى متعلقة بالدستور الروسي الذي يحظر تسليم المواطنين الروس إلى دولة أخرى.

ويذكر أن روسيا وقعت قانون روما التأسيسي للمحكمة، إلا أنها تصادق عليه لتصبح عضوا فيها، ثم سحبت توقيعها بأوامر من بوتين في عام 2016.

ورغم أن مذكرات الاعتقال تمثل من الناحية النظرية الخطوة الأولى نحو محاكمة نهائية، إلا أن القبض على الرئيس الروسي وتقديمه للمحاكمة في ظل الظروف الحالية أمر لا يمكن تصوره تقريبا.

وحتى لو حدث ذلك، فقد أظهرت القضايا السابقة للمحكمة أنه من الصعب إدانة كبار المسؤولين، نظرا أنه على مدار أكثر من 20 عاما، أصدرت المحكمة خمس إدانات فقط في جرائم أساسية، ولم تصدر أي منها بحق مسؤول كبير.

ما الجديد؟
لم تكن هناك أي تحديثات كبيرة لمذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المحكمة الجنائية الدولية، ورغم ذلك لا تزال مذكرة الاعتقال، التي تتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب تتعلق بترحيل الأطفال الأوكرانيين، سارية المفعول.


ولا تتمتع المحكمة الجنائية الدولية نفسها بسلطة تنفيذ أوامر الاعتقال، لذا فهي تعتمد على تعاون الدول الأعضاء، ولذلك من المرجح أن يتطلب القبض على بوتين جهدا دوليا كبيرا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

وقام بوتين بزيارته الأولى خارج روسيا بعد ست شهور من منذ صدور مذكرة الاعتقال، حيث سافر إلى قرغيزستان في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهي أيضا ليست دولة موقعة على نظام روما الأساسي الذي يُلزم الدول بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ أوامر الاعتقال.

منذ إصدار أمر الاعتقال، لم يغادر بوتين إلا لدول ليست أطرافا في المحكمة الجنائية الدولية، مثل الصين وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، بجانب الإمارات والسعودية.

وغاب بوتين عن قمة "بريكس" التي عقدت في منتصف آب/ أغسطس 2023 الماضي بجنوب أفريقيا، بعدما أعلنت الأخيرة أن بصفتها عضوة في الجنائية الدولية، ستكون مجبرة على تنفيذ مذكرة الاعتقال.


وفي سياق التحضير لقمة مجموعة العشرين (G20) في ريو دي جانيرو في 2024، تراجع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، عن تصريح سابق أفاد بعدم تنفيذ مذكرة الاعتقال إذا حضر بوتين القمة. 

وهذا التغيير يعكس الضغوط الدولية المستمرة على الدول الموقعة على نظام روما الأساسي لاحترام التزاماتها الدولية.

وسبق ذلك تأكيد وثيقة رسمية نشرها التحالف الديمقراطي المعارض في جنوب أفريقيا، أن حكومة جوهانسبرغ كانت ستعتقل بوتين إذا دخل البلاد، وفقا لإفادة خطية من وزارة العدل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الجنائية الدولية بوتين روسيا المحكمة الجنائية الدولية روسيا بوتين الجنائية الدولية المحكمة الجنائية الدولية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة مذکرة الاعتقال مذکرة اعتقال اعتقال بحق

إقرأ أيضاً:

ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل

أعلن مسؤول في البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقع أمرا يقضي بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

وفي وقت سابق من الخميس، قال مسؤول أميركي بارز إن سبب قرار ترامب هو أن المحكمة "استهدفت الولايات المتحدة وحلفاءها مثل إسرائيل".

وأضاف المسؤول أن العقوبات مالية وأخرى متعلقة بالتأشيرات على الأفراد وأسرهم، الذين يساعدون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بشأن مواطنين أميركيين أو حلفاء للولايات المتحدة.

وتأتي الخطوة بعد أن عرقل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي، جهودا يقودها جمهوريون لمعاقبة المحكمة، احتجاجا على مذكرتي اعتقال أصدرتهما ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بسبب حرب غزة.

ويزور نتنياهو واشنطن حاليا، وشهدت العاصمة الأميركية احتجاجات من مؤيدين للفلسطينيين يطالبون باعتقاله.

ولم ترد المحكمة الجنائية الدولية على طلب للتعليق بعد.

وقالت مصادر لـ"رويترز" الشهر الماضي، إن المحكمة اتخذت إجراءات لحماية موظفيها من عقوبات أميركية محتملة، إذ دفعت رواتب 3 أشهر مقدما واستعدت لقيود مالية قد تعرقل جهودها.

وفي ديسمبر الماضي، حذرت رئيسة المحكمة القاضية توموكو أكاني من أن العقوبات من شأنها أن "تقوض عمليات المحكمة في جميع المواقف والقضايا سريعا، وتهدد وجودها ذاته".

والعقوبات الأميركية الجديدة هي الواقعة الثانية من نوعها، إذ فرضت واشنطن خلال إدارة ترامب الأولى في 2020 عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها، بسبب تحقيق المحكمة في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها قوات أميركية في أفغانستان.

ويبلغ عدد الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية 125 دولة، وهي محكمة دائمة يمكن لها مقاضاة أفراد بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم العدوان على أراضي الدول الأعضاء أو العدوان من قبل مواطنيها.

ويشار إلى أن الولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل ليسوا أعضاء بالمحكمة.

مقالات مشابهة

  • ترامب يوقع عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
  • أول رد من "الجنائية الدولية" على عقوبات ترامب ضد المحكمة
  • أول تعليق من المحكمة الجنائية الدولية بعد عقوبات ترامب ضدها
  • الخارجية الإسرائيلي: المحكمة الجنائية الدولية ليس لها أساس قانوني
  • ترامب يفرض عقوبات على "الجنائية الدولية" بسبب مذكرة اعتقال نتنياهو
  • ماذا تعرف عن المحكمة الجنائية الدولية التي عاقبها ترامب؟
  • ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل
  • ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
  • نتنياهو يلتقي بمشرعين أمريكيين لبحث فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
  • اعتقال 380 فلسطينياً في الضفة الغربية