نابلس - صفا

في غمرة الحرب والإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 8 شهور، يخوض الاحتلال حربا صامتة في مناطق (ج) بالضفة الغربية، هدفها اقتلاع التجمعات البدوية التي تشكل واحدة من أهم العقبات أمام مشروع الضم المعلن من حكومة الاحتلال.

وعلى طريق "المعرجات" الممتدة من أريحا إلى نابلس مرورا بأراضي شرق رام الله، لم يعد المارون يرون خيام البدو التي كانت تنتشر على جانبي الطريق، بعد أن تم ترحيل غالبيتهم قسرا.

وتوجد في المعرجات 3 تجمعات رئيسة للبدو، شرقية وغربية ووسطى، وتم ترجيل التجمعات الغربية والوسطى أواخر العام الماضي، في حين بقيت التجمعات الشرقية تتعرض لمضايقات شديدة وهجمات متكررة لإجبارها على الرحيل.

أحد هذه التجمعات هو تجمع "راس المعرجات" الذي يتكون من 28 عائلة تضم 320 نفر، والذي تعرض لهجمات متكررة، أشدها في 17 أكتوبر 2023، حينما هاجمت التجمع قوات الاحتلال ومئات المستوطنين، وتم اعتقال الرجال، ومصادرة المركبات، فيما أحرق المستوطنون جميع الخيام والبركسات وسرقوا عشرات رؤوس الأغنام.

مؤيد مهاني، أحد سكان تجمع "راس المعرجات"، عانى الكثير من اعتداءات المستوطنين ومضايقاتهم حتى اضطر أخيرا للبحث عن مكان بعيد لحماية عائلته وثروته الحيوانية.

ويقول مهاني لوكالة "صفا": "أول مرة تعرضت للترحيل كانت في العام 2021 عندما جاء مستوطن وأقام بجانبنا، وبدأ يرعى أغنامه في مراعينا التي زرعناها".

ويشير إلى أنه اضطر للانتقال لمكان آخر يبعد مئات الأمتار، فأقدمت قوات الاحتلال على هدم البركسات باعتبارها جديدة.

ومرة أخرى انتقل مهاني إلى منطقة واد السيق، واشترى بركسات قائمة بثمن 17 ألف شيكل، من شخص باع أغنامه وارتحل عنها، لكن بعد عدة شهور جاء المستوطن وأقام بجانبه.

ويمضي مهاني في الحديث عن مضايقات المستوطن ومحاولاته سرقة أغنامه، ويقول: "كان يرعى أغنامه في نفس مكان تواجد أغنامي في محاولة لخلطها ومن ثم الادعاء بأن جميع الأغنام تعود له".

وفي منتصف فبراير/ شباط تعرض سكان التجمع لهجوم كبير انتقل على إثره إلى بلدة سنجل شمال رام الله.

وعن ذلك الاعتداء يقول مهاني: "هاجمونا، وحطموا الخلايا الشمسية، وأعطبوا إطارات الجرارات وصهاريج المياه، وأجبرونا على ترك المكان بدون حمل أي متاع".

من جانبه، قال فرحان مهاني، أحد سكان تجمع "راس المعرجات"، إن مضايقات الاحتلال بدأت بتسليمهم إخطارات بالرحيل وترك المنطقة بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة.

وأضاف: "توجهنا للمحكمة ووكلنا محامين لكن دون أي فائدة".

وعن أشكال الاعتداءات يقول إن المستوطنين كانوا يهاجمونهم ويطلقون الرصاص لتخويفهم، ويحرقون بالات القش، ويحطمون المركبات، ويسرقون المواشي، وأي شيء يُسرق لا يستطيعون استرداده.

ويضيف: "كنا نضطر للتناوب على الحراسة ليلا خوفا من هجمات المستوطنين".

وأشار إلى أن هجمات ومضايقات المستوطنين أجبرتهم على التخلص من ثروتهم الحيوانية، ويؤكد: "لا يوجد أحد من أصحاب الثروة الحيوانية إلا وقد باع نصف ما يملك على الأقل".

وذكر أن ابن عمه كان يملك 120 رأس غنم، لكن بسبب المضايقات باعها بأقل من سعر السوق، وترك المنطقة ليحمي عائلته.

تطهير عرقي

وتنتشر التجمعات البدوية على طول السفوح والمرتفعات الشرقية للضفة الغربية، ابتداء من مسافر يطا جنوبا، وتمتد إلى شمال الضفة، ويصل عددها إلى 167 تجمعا بدويا و300 ألف نسمة، وفق إحصاءات منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.

ويقول المحامي حسن مليحات، المشرف على منظمة البيدر لوكالة "صفا": إذا كانت غزة تشهد حرب إبادة جماعية عبر الصواريخ والمدرعات والطائرات، ففي الضفة تدور معركة وصراع جغرافي وديمغرافي في مناطق (ج) من خلال جيش مسلح من المستوطنين بزي مدني".

وهذه التجمعات هشة وضعيفة وتفتقر لخدمات البنية التحتية من ماء وكهرباء وبناء، وفي الوقت نفسه تعيش صراع وجود مع الاحتلال والمستوطنين.

ويوضح مليحات أن حرب الاحتلال ضد التجمعات البدوية بدأت في وقت مبكر عقب احتلال الضفة الغربية، إذ لجأ لفرض أوامر عسكرية ضد هذه التجمعات لمنعها من البناء وإقامة بنية تحتية.

وفي عام 2019، بعد الإعلان عن خطة الضم الإسرائيلية، وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صفقة القرن) زادت حدة الهجمة الاستيطانية على التجمعات، وأصبحت مستهدفة بشكل كبير بالشراكة ما بين حكومة الاحتلال والمستوطنين، وبدعم من الوكالات اليهودية العالمية.

وأشار إلى أن الاحتلال ابتكر أسلوبا جديدا في الاستيطان لمحاربة التجمعات البدوية، وهو "الاستيطان الرعوي".

ويوضح أن الاستيطان الرعوي قائم على توظيف الثروة الحيوانية من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي في المناطق (ج)، حيث يسكن وينتشر البدو، وهي المنطقة الأكثر اتساعا في الضفة، ويتم ذلك من خلال إحضار مجموعة من المستوطنين يكون أحدهم لديه ثروة حيوانية.

ولفت إلى أنه في 2024 تم ابتكار سياسة جديدة تقوم على حصار البدو داخل كل تجمع، ومنعهم من رعي مواشيهم خارجها، بهدف ضرب عصب اقتصاد البدو سعيا لترحيلهم.

ويبين أن مجلس المستوطنات هو من يحدد مناطق الرعي، وإذا ما تم اختراقها، يتم مصادرة المواشي وفرض غرامات مالية باهظة مقابل إعادتها لصاحبها، ووصلت الغرامات إلى 150 ألف شيكل في بعض الأحيان.

ويؤكد مليحات أنه وبعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، ازدادت وتيرة الهجمات التي يشنها المستوطنون ولا يمر يوم بدون هجمات، وتحولت العملية إلى تطهير عرقي في مناطق (ج).

وخلال العام 2023 بلغت حصيلة اعتداءات المستوطنين على تجمعات البدو في كافة أماكن انتشارها حوالي 1124 اعتداء، وتم ترحيل 30 تجمعا قسرا وبشكل جماعي، وهدم 6 مدارس، وتخريب 6 مدارس أخرى.

ومنذ بداية العام الحالي، ارتكب الاحتلال ومستوطنوه ألف انتهاك، وتم هدم 4 تجمعات وترحيلها.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: تجمعات بدوية المعرجات أريحا نابلس الضفة الغربية قوات الاحتلال المستوطنون الاستيطان الرعوي التجمعات البدویة إلى أن

إقرأ أيضاً:

زي عسكري وأسلحة إسرائيلية مع حماس| تسليم مجندات الاحتلال يتصدر المشهد.. وخبير يعلق

بعد 471 يوما من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تمكنت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية من توفيق قوات الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين الطرفين.

تسليم 4 مجندات وسط حشود بغزة

وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي في حركة فتح، إن اليوم تم تنفيذ الدفعة الثانية من صفقة تبادل الأسرى أو المرحلة الأولى من الهدنة، وكان الحديث السابق على النساء والآن أصبحت على مجندات كما طلبت إسرائيل مجندة أخرى.

وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الحديث الأساسي كان على 4 مجندات وهذا تم بالفعل اليوم، وتسير الأمور حسب الجدول الذي تم الاتفاق عليه بين القاهرة والدوحة، والأمور تسير بشكل جيد. 

وأشار الرقب، إلى أن هذا المشهد له رثاء للمجتمع الإسرائيلي، حيث ظهرت حماس بزيها الجديد ويحملون أسلحة إسرائيلية وهذا يظهر بالسلب على إسرائيل. 

ومن جانبه، أكد مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن "إسرائيل لن تسمح بمرور سكان غزة إلى شمال القطاع إلا بعد ترتيب الإفراج عن "أربيل يهود"، التي كان من المقرر إطلاق سراحها اليوم".

وتعتبر أربيل يهود واحدة من بين الرهائن المدنيين المحتجزين في غزة، وبما أنها امرأة مدنية، فإنها من المفترض أن تكون ضمن الدفعة التالية التي سيتم إطلاق سراحها.

ونقلت مصادر في حركة حماس تأكيدها أن "أربيل يهود على قيد الحياة وسيتم إطلاق سراحها يوم السبت المقبل".

وقال مصدر مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي في تصريح لوسائل الإعلام: "إن الأسيرة أربيل توجد لدى سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي".

من جهته، زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاجاري، أن حركة حماس لم تلتزم بالاتفاق المبرم مع الفصائل الفلسطينية بشأن تبادل الأسرى والرهائن من قطاع غزة.

بعد إطلاق سراحهن من غزة.. الاحتلال ينشر مشاهد للمجندات الإسرائيليات الأربعةالقاهرة الإخبارية: لم تدخل مساعدات إنسانية اليوم إلى داخل قطاع غزةعرض المجندات الأربع بزيهن العسكري

وأوضح في بيان صحفي اليوم السبت: "حماس لم تلتزم بالاتفاق، وسنعمل على إعادة المختطفين، ونحن ملتزمون بذلك".

وفي إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بفضل الجهود المصرية والقطرية والأمريكية بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، قامت حركة حماس اليوم السبت بتسليم 4 إسرائيليات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك في إطار الجولة الثانية من تنفيذ المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين بين حماس وإسرائيل.

وقد تم عرض المجندات الأربع، وهن يرتدين زيهن العسكري، على منصة في مدينة غزة وسط حشد كبير من الفلسطينيين وبحضور العشرات من عناصر الفصائل الفلسطينية. كما لوحت المجندات بأيديهن وابتسمن قبل أن يتم نقلهن إلى سيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ستسلمهن إلى إسرائيل.

وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي استلمت الأسيرات، أن حالتهن الصحية العامة جيدة.

من جانبه، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، عن استلامه لعدد من المجندات الأربع المحتجزات لدى حركة حماس، وذلك في إطار الجولة الثانية من تنفيذ المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.

وفي بيان مشترك من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي والمتحدث باسم جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، أفيد بأنه تم تسليم المجندات الأربع إلى قوة من الجيش الإسرائيلي والشاباك في قطاع غزة.

وأشار البيان إلى أن وحدة نخبة من الجيش الإسرائيلي، إلى جانب قوة من الشاباك، رافقت المجندات في طريقهن إلى إسرائيل، حيث سيخضعن لتقييم طبي أولي.

إعادة جميع المختطفين داخل قطاع غزة

وقد نشرت وسائل إعلام عبرية صورا للمجندات المفرج عنهن، كما أعلنت حركة حماس عن أسمائهن، وهن: "كارينا أرئيف، دانييل جلبوع، نعمة ليفي، ليري إلباج".

بدوره، ذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "حكومة إسرائيل ملتزمة بإعادة جميع المختطفين داخل قطاع غزة".

وكان جيش الاحتلال قد أعلن في وقت سابق يوم السبت عن اكتمال استعداداته لاستقبال الأسيرات المفرج عنهن، موضحًا أن مروحيات سلاح الجو جاهزة لنقل الأسيرات إلى إسرائيل.

وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن كبار المسؤولين الأمنيين، بما في ذلك رئيس الأركان ورئيسا الشاباك والموساد، يشرفون على عملية تسلم المجندات.

ومن الجدير بالذكر أنه في الأسبوع الماضي، تسلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أول دفعة من الرهائن، وهم ثلاث نساء، وهن: رومي جونين (24 عاما) من كفار فارديم، إميلي ديماري (28 عاما) من كفر غزة، ودورون شتاينبراخر (31 عاما) من كفار غزة.

القاهرة الإخبارية: تجهيزات فلسطينية لعودة النازحين إلى غزة وشمال القطاعالأمم المتحدة: لابد من إزالة 42 مليون طن من الأنقاض في غزة

مقالات مشابهة

  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى المبارك
  • إهانة واستسلام.. ردود فعل إسرائيلية على عودة النازحين بغزة
  • مصادر فلسطينية تتوقع الإفراج عن رهينة إسرائيلية قبل موعد الصفقة المقبلة
  • مماطلة إسرائيلية في الانسحاب من لبنان.. ومحللون: الحل في الدبلوماسية
  • 3 شهداء و44 مصابا في اعتداءات إسرائيلية على الجنوب اللبناني
  • المجندات المفرج عنهن يكذبن مزاعم إسرائيلية بتعاطي المنشطات
  • رسالة باللغة العربية وأسلحة إسرائيلية.. كيف أهانت الفصائل الفلسطينية الاحتلال؟
  • زي عسكري وأسلحة إسرائيلية مع حماس| تسليم مجندات الاحتلال يتصدر المشهد.. وخبير يعلق
  • عقدة أربيل يهود تهدد عودة سكان شمال غزة
  • دعوة إسرائيلية لمزيد من الانخراط في التحالفات الجارية بخصوص البحر الأحمر