حرب إسرائيلية صامتة تهدد تجمعات البدو في "المعرجات"
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
نابلس - صفا
في غمرة الحرب والإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 8 شهور، يخوض الاحتلال حربا صامتة في مناطق (ج) بالضفة الغربية، هدفها اقتلاع التجمعات البدوية التي تشكل واحدة من أهم العقبات أمام مشروع الضم المعلن من حكومة الاحتلال.
وعلى طريق "المعرجات" الممتدة من أريحا إلى نابلس مرورا بأراضي شرق رام الله، لم يعد المارون يرون خيام البدو التي كانت تنتشر على جانبي الطريق، بعد أن تم ترحيل غالبيتهم قسرا.
وتوجد في المعرجات 3 تجمعات رئيسة للبدو، شرقية وغربية ووسطى، وتم ترجيل التجمعات الغربية والوسطى أواخر العام الماضي، في حين بقيت التجمعات الشرقية تتعرض لمضايقات شديدة وهجمات متكررة لإجبارها على الرحيل.
أحد هذه التجمعات هو تجمع "راس المعرجات" الذي يتكون من 28 عائلة تضم 320 نفر، والذي تعرض لهجمات متكررة، أشدها في 17 أكتوبر 2023، حينما هاجمت التجمع قوات الاحتلال ومئات المستوطنين، وتم اعتقال الرجال، ومصادرة المركبات، فيما أحرق المستوطنون جميع الخيام والبركسات وسرقوا عشرات رؤوس الأغنام.
مؤيد مهاني، أحد سكان تجمع "راس المعرجات"، عانى الكثير من اعتداءات المستوطنين ومضايقاتهم حتى اضطر أخيرا للبحث عن مكان بعيد لحماية عائلته وثروته الحيوانية.
ويقول مهاني لوكالة "صفا": "أول مرة تعرضت للترحيل كانت في العام 2021 عندما جاء مستوطن وأقام بجانبنا، وبدأ يرعى أغنامه في مراعينا التي زرعناها".
ويشير إلى أنه اضطر للانتقال لمكان آخر يبعد مئات الأمتار، فأقدمت قوات الاحتلال على هدم البركسات باعتبارها جديدة.
ومرة أخرى انتقل مهاني إلى منطقة واد السيق، واشترى بركسات قائمة بثمن 17 ألف شيكل، من شخص باع أغنامه وارتحل عنها، لكن بعد عدة شهور جاء المستوطن وأقام بجانبه.
ويمضي مهاني في الحديث عن مضايقات المستوطن ومحاولاته سرقة أغنامه، ويقول: "كان يرعى أغنامه في نفس مكان تواجد أغنامي في محاولة لخلطها ومن ثم الادعاء بأن جميع الأغنام تعود له".
وفي منتصف فبراير/ شباط تعرض سكان التجمع لهجوم كبير انتقل على إثره إلى بلدة سنجل شمال رام الله.
وعن ذلك الاعتداء يقول مهاني: "هاجمونا، وحطموا الخلايا الشمسية، وأعطبوا إطارات الجرارات وصهاريج المياه، وأجبرونا على ترك المكان بدون حمل أي متاع".
من جانبه، قال فرحان مهاني، أحد سكان تجمع "راس المعرجات"، إن مضايقات الاحتلال بدأت بتسليمهم إخطارات بالرحيل وترك المنطقة بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة.
وأضاف: "توجهنا للمحكمة ووكلنا محامين لكن دون أي فائدة".
وعن أشكال الاعتداءات يقول إن المستوطنين كانوا يهاجمونهم ويطلقون الرصاص لتخويفهم، ويحرقون بالات القش، ويحطمون المركبات، ويسرقون المواشي، وأي شيء يُسرق لا يستطيعون استرداده.
ويضيف: "كنا نضطر للتناوب على الحراسة ليلا خوفا من هجمات المستوطنين".
وأشار إلى أن هجمات ومضايقات المستوطنين أجبرتهم على التخلص من ثروتهم الحيوانية، ويؤكد: "لا يوجد أحد من أصحاب الثروة الحيوانية إلا وقد باع نصف ما يملك على الأقل".
وذكر أن ابن عمه كان يملك 120 رأس غنم، لكن بسبب المضايقات باعها بأقل من سعر السوق، وترك المنطقة ليحمي عائلته.
تطهير عرقي
وتنتشر التجمعات البدوية على طول السفوح والمرتفعات الشرقية للضفة الغربية، ابتداء من مسافر يطا جنوبا، وتمتد إلى شمال الضفة، ويصل عددها إلى 167 تجمعا بدويا و300 ألف نسمة، وفق إحصاءات منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.
ويقول المحامي حسن مليحات، المشرف على منظمة البيدر لوكالة "صفا": إذا كانت غزة تشهد حرب إبادة جماعية عبر الصواريخ والمدرعات والطائرات، ففي الضفة تدور معركة وصراع جغرافي وديمغرافي في مناطق (ج) من خلال جيش مسلح من المستوطنين بزي مدني".
وهذه التجمعات هشة وضعيفة وتفتقر لخدمات البنية التحتية من ماء وكهرباء وبناء، وفي الوقت نفسه تعيش صراع وجود مع الاحتلال والمستوطنين.
ويوضح مليحات أن حرب الاحتلال ضد التجمعات البدوية بدأت في وقت مبكر عقب احتلال الضفة الغربية، إذ لجأ لفرض أوامر عسكرية ضد هذه التجمعات لمنعها من البناء وإقامة بنية تحتية.
وفي عام 2019، بعد الإعلان عن خطة الضم الإسرائيلية، وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صفقة القرن) زادت حدة الهجمة الاستيطانية على التجمعات، وأصبحت مستهدفة بشكل كبير بالشراكة ما بين حكومة الاحتلال والمستوطنين، وبدعم من الوكالات اليهودية العالمية.
وأشار إلى أن الاحتلال ابتكر أسلوبا جديدا في الاستيطان لمحاربة التجمعات البدوية، وهو "الاستيطان الرعوي".
ويوضح أن الاستيطان الرعوي قائم على توظيف الثروة الحيوانية من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي في المناطق (ج)، حيث يسكن وينتشر البدو، وهي المنطقة الأكثر اتساعا في الضفة، ويتم ذلك من خلال إحضار مجموعة من المستوطنين يكون أحدهم لديه ثروة حيوانية.
ولفت إلى أنه في 2024 تم ابتكار سياسة جديدة تقوم على حصار البدو داخل كل تجمع، ومنعهم من رعي مواشيهم خارجها، بهدف ضرب عصب اقتصاد البدو سعيا لترحيلهم.
ويبين أن مجلس المستوطنات هو من يحدد مناطق الرعي، وإذا ما تم اختراقها، يتم مصادرة المواشي وفرض غرامات مالية باهظة مقابل إعادتها لصاحبها، ووصلت الغرامات إلى 150 ألف شيكل في بعض الأحيان.
ويؤكد مليحات أنه وبعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، ازدادت وتيرة الهجمات التي يشنها المستوطنون ولا يمر يوم بدون هجمات، وتحولت العملية إلى تطهير عرقي في مناطق (ج).
وخلال العام 2023 بلغت حصيلة اعتداءات المستوطنين على تجمعات البدو في كافة أماكن انتشارها حوالي 1124 اعتداء، وتم ترحيل 30 تجمعا قسرا وبشكل جماعي، وهدم 6 مدارس، وتخريب 6 مدارس أخرى.
ومنذ بداية العام الحالي، ارتكب الاحتلال ومستوطنوه ألف انتهاك، وتم هدم 4 تجمعات وترحيلها.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: تجمعات بدوية المعرجات أريحا نابلس الضفة الغربية قوات الاحتلال المستوطنون الاستيطان الرعوي التجمعات البدویة إلى أن
إقرأ أيضاً:
انتقادات إسرائيلية لاستمرار تجويع غزة وخطرها على أسرى الاحتلال
خرجت أصوات إسرائيلية ناقدة لسياسة التجويع التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ استئناف حرب الإبادة في 18 آذار/ مارس الماضي، مشيرة إلى المخاطر التي تهدد الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة نتيجة هذه السياسة.
وقالت الكاتبة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ميراف باتيتو، في مقال ترجمته "عربي21" إنّ "وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وباقي قادة العالم يطالبون تل أبيب بإجابات، أو على الأقل بتفسير للأيام الخمسين التي مرت منذ المرة الأخيرة التي دخلت فيها شاحنات الطعام إلى غزة".
وتابعت: "تل أبيب لم تكلّف نفسها عناء تناول مسألة المساعدات الإنسانية بجدية، وعدم البحث في أهمية إنشاء هيئة مدنية بالتعاون مع القوى الأوروبية لإدخال تلك المساعدات"، مضيفة أنه "مع القليل من المساعدة من الحلفاء في الخارج، كانت إسرائيل ستتمكن منذ وقت طويل من العثور على طريقة لتأمين الإمداد الغذائي في غزة".
ورأت أن "انتشار صور الجائعين في غزة عبر وسائل الإعلام الدولية، يثير المزيد من الجدل والاتهامات الموجهة إلى تل أبيب بين قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي".
وأردفت: "توفير الإغاثة الفورية للفلسطينيين وتهدئة جوعهم، وإسكات الضغوط الدولية، نتيجة مطلوبة للجميع، لأنه لا يوجد خطأ أو تهديد للحياة بمد العون لإطعام الفلسطينيين، رغم أن وزراء اليمين يدفعون بهذه المسألة إلى أسفل جدول أعمال الحكومة، ويكررون بشكل ساذج سردية المساعدات الإنسانية كوسيلة للضغط من أجل إطلاق سراح الرهائن".
وأكدت أن "أي نقاش في موضوع تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، يصيب وزراء اليمين بنوبة غضب لا تتوقف، مع أنها مؤشر على تراجع قوتهم من جهة، ومن جهة أخرى تعبير عن عدم فهمهم لحدود أطماعهم التي أوصلتهم لاستمرار بإرسال الجنود للقتال أمام حماس (..)".
وأشارت إلى أن "استمرار منع نقل الغذاء إلى قطاع غزة، يفاقم معاناة الفلسطينيين والأسرى الإسرائيليين على حد سواء، لأنهما معا يعانون من الجوع".