استقالة غانتس تترك إسرائيل في مأزق استراتيجي عميق
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس يعلن انسحابه من مجلس الحرب الإسرائيلي بعد أن وجه اتهامات لنتنياهو بسوء إدارة ملف الحرب في غزة.
غانتس كان قد أمهل نتنياهو ثلاثة أسابيع لتغيير سياساته ووضع استراتيجية واضحة لمرحلة الحرب وما بعدها وإلا فأنه سيستقيل من مجلس الحرب.
وقال غانتس إن الحرب ستستمر لسنوات وأنه لا يضمن انتصارا سهلا وسريعا، مضيفا أن الانتصار الحقيقي يتمثل بإعادة المخطوفين وأن النصر العسكري ليس كافيا، ولكن يجب الانتصار دبلوماسيا.
ودعا غانتس لانتخابات جديدة وطالب بفتح تحقيق في أحداث السابع من أكتوبر.
وكان نتنياهو قد قال في وقت سابق اليوم إن غانتس يريد الاستقالة من المجلس في خضم الحرب، مشددا على أن الوقت قد حان للتوقف عن السياسة التافهة على حد تعبيره.
ما هي تداعيات هذه الاستقالة؟
وصرح الوزير السابق والمحاضر في الجامعة العبرية، شمعون شطريت، لغرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" بأن استقالة الوزير غانتس جاءت نتيجة شعوره بعدم تأثيره الفعلي على القرارات التي يتخذها المجلس المصغر.
تتزايد الانتقادات في الأوساط السياسية بشأن استمرار بقاء غانتس وآيزنكوت في الحكومة.تُعبِّر استقالة غانتس عن توسع في المعارضة تجاه حكومة نتنياهو، بالمقارنة مع الوضع السابق.جميع الحدود والقيود أصبحت غير موجودة حاليًا، اليسار، المركز، والوسط هم الآن في وضع مختلف ويشكِّلون معسكرًا واحدًا يختلف في سياساته عن نتنياهو.هناك تيارات معارضة لرئيس الوزراء نتنياهو داخل الساحة السياسية في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، تواجه البلاد أزمة كبيرة فيما يتعلق بتجنيد طائفة الحريديم المتدينة اليهودية.كيف ستؤثر في حكومة نتنياهو؟
من جهته، أشار عضو الكنيست السابق ورئيس معهد إميل توما للدراسات،الدكتور عصام مخول، أنه يتفق مع تصريحات بنيامين نتنياهو بشأن استقالة غانتس الذي وصفَ قرار الخروج من الحكومة بـ "التافه".
لم يطرح غانتس، رؤية أو نهجًا سياسيًا مميزًا يتمايز عن تلك التي رسمها نتنياهو.لم يقدم غانتس خطابًا يختلف بشكل جوهري ولم يتحلَّ بالجرأة لطرح موقف سياسي حقيقي يتناسب مع ضرورة تقديم بديل لسياسات الحرب والتدمير والاستعراضات العسكرية التي انتهجها نتنياهو.لا توجد منطقة وسطى بين حكومة يتميز جوهرها الأساسي بالطابع الفاشي والدعوة إلى الحسم العسكري لحل القضية الفلسطينية قبل بداية الحرب.دخول غانتس إلى الحكومة لم يقدّم نهجًا أكثر اعتدالًا، بل جاء لينفّذ السياسات التي يطرحها نتنياهو، والذي يقود تلك المواقف المتشددة ضمن هذه الحكومة.جاء قرار انسحاب غانتس من الحكومة في وقت متأخر، بين ستة أو سبعة أشهر.يُعتبر غانتس عنصرا هاما للإدارة الأميركية داخل حكومة نتنياهو، حيث يمثل غانتس المجال الذي تعبر من خلاله الإدارة الأميركية عن انتقاداتها لحكومة نتنياهو، وذلك دون أن ترفض استمرار الحرب أو تدين المجازر المرتكبة.تكمن أهمية استقالة غانتس في جانبين رئيسيين: الأول، أن يؤدي ذلك إلى تبنّي فكرة الدعوة إلى الانتخابات القادمة في الخريف، ثانيًا، قد يشهد الوضع تغييرات في حال حدوث تصدعات داخل الائتلاف الحاكم بشأن قضية صفقة تبادل الأسرى. يتجلى هذا الاحتمال من خلال انضمام أو انسحاب بعض الأحزاب الحريدية المتشددة التي تختلف مع موقف نتنياهو الرافض لوقف القتال وإصراره على الحسم العسكري للمسألة.استقالة بيني غانتس لن تكون ذات تأثير كبير، إذ فقد غانتس ثقله السياسي خلال فترة مشاركته في الائتلاف الحاكم.ما يميز الحالة الإسرائيلية هو وقوعها في مأزق استراتيجي عميق، لا توجد له حلول فعالة سوى إيجاد مخرج للشعب الفلسطيني من الأزمة التي أوقعتهم فيها إسرائيل منذ عام 1948 وحتى اليوم.وأشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، خلال مداخلته في غرفة الأخبار، إلى أن استقالة غانتس تُعد بمثابة زلزال سياسي لإسرائيل، يعيدها إلى وضع 6 أكتوبر بما يشمله من تصدعات وانقسامات وإمكانية الحديث عن حرب أهلية.يعتبر غانتس أن مصير ومستقبل إسرائيل على المحك، وبالتالي فإن الخطاب الذي تم تقديمه في الأسابيع الثلاثة الماضية صيغ بعناية فائقة.يستغل غانتس الظروف الداخلية للاستفادة من التقدم الذي أظهرت استطلاعات الرأي، حيث يسوِّق نفسه كشخصية ناضجة تسعى لتحقيق وحدة حقيقية في نظر البعض. وفي المقابل، يصف نتنياهو بأنه يسعى خلف الأوهام والوحدة الزائفة.انسحاب غانتس قد يعطي دافعًا للانشقاقات داخل حزب الليكود، مع توقع وجود مراجعات سيتم تأجيلها. خاصةً أن غانتس وحزبه قد قدموا بالفعل طرحًا بسحب الثقة وتفكيك وحل الكنيست مع نهاية الدورة التشريعية الحالية.اللجوء إلى الحلول المؤقتة والمسكنات لن يكون له فعالية تُذكر في مواجهة التحديات الحالية، كما أن السعي للإفراج بالقوة عن المحتجزين والأسرى هو أمر بعيد المنال وغير عملي.يبدو أن المجتمع الإسرائيلي يتحمل تداعيات الأزمات النفسية لرئيس الوزراء نتنياهو، الذي استغل قضية المحتجزين والأسرى لتحقيق مصالحه الشخصية.استقالة غانتس حالت دون استثمار نتنياهو في حادثة "تحرير الرهائن الأربعة" في النصيرات.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: استقالة بيني غانتس غانتس الحرب نتنياهو غزة 11 أكتوبر اسرائيل مجلس الحرب الإسرائيلي استقالة غانتس حکومة نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
ما الذي يعنيه قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو؟ وما القادم؟
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية اليوم الخميس مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقالت إن هناك "أسبابا منطقية" للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وأضافت المحكمة أن "هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين".
وأوضحت أن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاحا للحرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.
كما أصدرت أيضا مذكرة توقيف بحق قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) محمد الضيف.
ونسعى في السطور التالية إلى تسليط الضوء على القرار وتداعياته وشرح بعض جوانبه.
1- ما المحكمة الجنائية؟ وماذا تفعل؟محكمة أُسست بصفة قانونية في الأول من يوليو/تموز 2002 بموجب "ميثاق روما" الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل/نيسان من السنة نفسها، وتعمل على وقف انتهاكات حقوق الإنسان عبر التحقيق في جرائم الإبادة وجرائم الحرب.
وقد وافقت 120 دولة في 17 يوليو/تموز 1998 خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في إيطاليا على "ميثاق روما"، واعتبرته قاعدة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، وعارضت هذه الفكرة 7 دول، وامتنعت 21 عن التصويت.
2- كيف وصلت الجنائية إلى محطة إصدار مذكرة التوقيف؟في 20 مايو/أيار الماضي طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق قادة من حركة حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب على غزة.
ووصف نتنياهو حينها الطلب بأنه "سخيف" والمدعي العام كريم خان بأنه أحد "أبرز المعادين للسامية في العصر الحديث".
3- ما تهم نتنياهو وغالانت؟وفق ما جاء في موقع المحكمة الدولية على الإنترنت، فإن نتنياهو وغالانت متهمان بـ"جريمة الحرب المتمثلة في استخدام التجويع وسيلة للحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية".
ورأت المحكمة أن "ثمة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن المتهمين حرما عمدا وعن علم السكان المدنيين في غزة من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم -بما في ذلك الطعام والماء والأدوية والإمدادات الطبية، وكذلك الوقود والكهرباء- من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على الأقل إلى 20 مايو/أيار 2024".
وأضافت "من خلال تقييد أو منع وصول الإمدادات الطبية والأدوية إلى غزة -ولا سيما مواد وآلات التخدير- فإن الرجلين مسؤولان أيضا عن إلحاق معاناة كبيرة عن طريق أعمال غير إنسانية بالأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج".
كما حمّلت المحكمة نتنياهو وغالانت المسؤولية عن الأعمال التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية تحت قيادتهما، بما في ذلك حالات التعذيب والعنف الوحشي والقتل والاغتصاب وتدمير الممتلكات.
4- ما المتوقع بعد صدور مذكرة التوقيف؟بمجرد أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف فإن قراراتها تعتبر ملزمة، لكنها تعتمد على أعضائها لضمان التعاون.
وبالتالي، فإذا سافر نتنياهو أو غالانت إلى أي من الدول الأعضاء البالغ عددها 124 دولة فستكون السلطات في تلك الدول ملزمة باعتقالهما وتسليمهما إلى مقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.
ويرى مراقبون أن نتنياهو وغالانت ربما لن يتعرضا للاعتقال إن سافرا إلى دول حليفة لإسرائيل، وبالتالي فإن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ستكون بمثابة "انتصار أخلاقي" لفلسطين أكثر من أي شيء آخر، كما أنها ستعمق الضغط الدولي على إسرائيل، إذ لا يمكن لنتنياهو السفر إلى العديد من الدول الصديقة لها دون إحراج حكوماتها.
5- كيف قرأت واشنطن وتل أبيب قرار "الجنائية الدولية"؟أدان نتنياهو وغيره من قادة إسرائيل قرار "الجنائية الدولية"، ووصفوه بالمخزي والمعادي للسامية.
كما انتقده أيضا الرئيس الأميركي جو بايدن، معربا عن دعمه ما وصفه بـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس".
وقال مايكل والتز المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب "توقعوا ردا قويا في يناير/كانون الثاني المقبل على تحيز الجنائية الدولية المعادي للسامية"، في إشارة إلى موعد تسلم ترامب منصبه رسميا.