كييف- بعد الجهود التركية للوساطة والتفاوض منذ بداية الحرب، وكذلك المبادرات الصينية والأفريقية ومن أميركا اللاتينية وغيرها، تحتضن مدينة جدّة السعودية مؤتمرا دوليا، السبت والأحد الخامس والسادس من أغسطس/آب الجاري، يكتسب أهمية كبرى خاصة بالنسبة إلى كييف وحلفائها الغربيين، حتى وإن غابت عنه روسيا.

وحسب مدير مكتب الرئاسة في كييف، فإن "صيغة السلام الأوكرانية" ستكون الموضوع الأبرز للمؤتمر، الذي "لن يضمن تحقيق السلام لأوكرانيا فحسب، بل سيخلق أيضا آليات لمواجهة النزاعات المستقبلية في العالم"، على حد قوله.

أوكرانيا تسعى لطرح صيغة سلام تشمل حصولها على ضمانات أمنية إلى حين انضمامها للناتو (الأناضول) صيغة السلام الأوكرانية

و"صيغة السلام الأوكرانية" التي يدور الحديث عنها هي وثيقة من 10 بنود، تشمل ما يلي:

السلامة النووية: بعودة محطة زاباروجيا النووية (أكبر محطة في أوروبا) إلى سيطرة أوكرانيا. الأمن الغذائي: باستمرار العمل وفق "اتفاقية الحبوب" بالبحر الأسود، مع توسيعها لتشمل جميع الموانئ. أمن الطاقة: بالحد من أسعار موارد الطاقة الروسية، وحماية المنشآت الأوكرانية بأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي. إطلاق سراح جميع الأسرى وإعادة "المرحلين قسرا". احترام ميثاق الأمم المتحدة، واستعادة السلامة الإقليمية لأراضي أوكرانيا. انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية ووقف "الأعمال العدائية" ضدها. تحقيق العدالة: بإنشاء محكمة خاصة لـ"الجرائم الروسية" والتعويض عن الأضرار والخسائر التي سببتها الحرب. مكافحة "إبادة البيئة". منع التصعيد في المستقبل من خلال تزويد أوكرانيا بضمانات أمنية. تحديد نهاية الحرب بتوقيع معاهدة سلام متعددة الأطراف.

مشاركة واسعة

أما جديد المؤتمر وأبرز ما يميزه، فهو حجم المشاركة التي تعكس -حسب مراقبين- توجها دوليا واسعا ينشد وقف حرب أرهقت العالم، وسلاما يعيد الاستقرار إلى العلاقات بين الدول والأمن إلى اقتصاداتها وأسواقها الغذائية.

وفي حديث مع الجزيرة نت، قال المحلل السياسي كيريلو سازونوف إنه "رغم جهود الكرملين اليائسة لتعطيل أي اجتماعات تخص صيغة السلام في أوكرانيا، فإن مؤتمر جدة سيعقد، وهذه المرة لن تشمل المشاركة 15 دولة كما كانت الحال في كوبنهاغن خلال يونيو/حزيران الماضي، بل ما بين 40-50 دولة، على مستوى مستشاري الأمن القومي وكبار المسؤولين السياسيين".

وبرأي سازونوف، يعود هذا إلى:

أولا: موقع السعودية ومكانتها بين كثير من دول العالم، لا سيما العربية والإسلامية والآسيوية، التي كانت -حتى الآن- الأقل تأثيرا في جهود الضغط على روسيا لوقف الحرب. ثانيا: لأن دول العالم سئمت أكثر، ولم تعد تصدق ذرائع روسيا أو تثق بها، ومنها دول صمتت عن إدانة الحرب، ففُسر صمتها دعما لموسكو، كالصين والهند وبعض دول أفريقيا وأميركا اللاتينية.

ويرى الخبير أيضا أنه "شيئا فشيئا، يتحول العالم نحو الوحدة ضد هذه الحرب، ودعم صيغة السلام الأوكرانية، لأنه ينظر بإيجابية إليها، ويرى فيها فعلا مجالات حيوية شتى، يحتاجها العالم وأوكرانيا على حد سواء".

 

 

إستراتيجية من 3 مستويات

ولتحقيق ذلك، وضعت أوكرانيا إستراتيجية لتطبيق صيغتها للسلام، وتتكون من 3 مستويات، هي:

العمل مع السفراء المعتمدين لدى أوكرانيا، لدراسة مفصلة تبحث في كل نقطة من نقاط صيغة السلام. اجتماعات لمستشاري الأمن القومي والمستشارين السياسيين في شتى الدول بمبادرة أوكرانيا، تهدف إلى إيجاد الصيغ والآليات المثلى لتنفيذ صيغة السلام الأوكرانية. عقد قمة سلام عالمية بحضور قادة الدول يتم فيها تنفيذ الصيغة.

ويعلق الخبير سازونوف على هذه الإستراتيجية بالقول "أعتقد أننا الآن في المستوى الثاني من العمل. والمهم هنا -باعتقادي- هو أن السلام سيكون في النهاية نتاج عمل دولي جماعي، وبالتالي سيكون منهجا عالميا في التعامل مع النزاعات المماثلة فعلا".

عين على "الضمانات الأمنية"

ولا يخفي الأوكرانيون اهتماما خاصا ببند "الضمانات الأمنية"، بل لعله أبرز ما يعنيهم في الوقت الراهن، وإلى أن تنضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

من ناحيته، يفسر ذلك الاهتمام رئيس مؤسسة "الخيارات الأوكرانية للدراسات الإستراتيجية" الخبير أوليكسي كوشيل، فيقول إن "أوكرانيا تعلّمت من خطأ توقيعها على وثيقة بودابست عام 1994 (التي تخلت بموجبها عن الأسلحة النووية مقابل ضمانات روسية أميركية بريطانية بعدم الاعتداء). لا ثقة مع الروس، ولن تكون قريبا".

ووضح أن "أوكرانيا تقدّم نفسها اليوم للغرب كدرع حماية، وللعالم كمركز أمن غذائي، وأعتقد أن هدفها وهدف كثير من الدول يتوحد أكثر فأكثر حول أهمية أن تتمتع أراضيها بحصانة دولية".

ويلفت الخبير إلى أن الضمانات الأمنية لا تتعلق فقط بواردات المال والسلاح عند الحاجة، بل بمواقف وإجراءات وعقوبات واسعة تُفرض على الكرملين إذا تكررت الحرب أو طال أمدها، ومن هنا نفهم "امتعاض روسيا من قمة جدّة، وعدم اهتمامها بحضورها أصلا".

وحسب كوشيل أيضا "بعد قمة الناتو وقمة مجموعة الدول السبع الكبار، وحتى الآن، حسب الرئاسة الأوكرانية، نحو 40 دولة حول العالم أعربت عن استعدادها لمناقشة الضمانات الأمنية، وهذا غاية في الأهمية بالنسبة لنا، ما دامت كييف بعيدة عن مظلة الناتو وحمايته".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضمانات الأمنیة

إقرأ أيضاً:

الشيوخ الأميركي يعارض محاولة لوقف مبيعات أسلحة لإسرائيل

عرقل مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون كان من شأنه أن يوقف بيع بعض الأسلحة إلى إسرائيل، قدمه السيناتور المستقل بيرني ساندرز، مع عدد من المشرعين الديمقراطيين.

وأيد مشروع القانون 15 عضوا، في حين عارض 59 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ القرار الذي كان سيوقف، في حال إقراره، بيع ذخائر دبابات إلى إسرائيل.

وجرى تقديم المشروع وسط تصاعد الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة، كما يأتي بعد انتهاء مهلة 30 يوما التي حددتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من هذا الشهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من أجل "تحسين الوضع الإنساني" في قطاع غزة والسماح بإيصال مساعدات إغاثية.

وكان من المتوقع ألا يعتمد مشروع القرار المذكور، إذ يبدي عدد كبير من أعضاء الكونغرس دعما ثابتا لإسرائيل، الحليف التاريخي للولايات المتحدة.

ساندرز قال في مؤتمر صحفي بمجلس الشيوخ إن "ما يحدث في غزة يصعب وصفه" (رويترز) اتهامات لواشنطن بالتواطؤ

وفي وقت سابق، دعا أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأميركي إدارة الرئيس جو بايدن إلى وقف إمداد إسرائيل بالأسلحة، متّهمين واشنطن بالتواطؤ في فظائع الحرب على قطاع غزة.

وعرض السيناتور المستقل بيرني ساندرز (من ولاية فرجينيا) مع عدد من المشرعين الديمقراطيين، نصوصا عدة تدين المساعدات الأميركية لإسرائيل، تمثل مشروع القرار الذي صوت عليه اليوم.

وأكد أن "الولايات المتحدة متواطئة في هذه الفظائع، وأن هذا التواطؤ يجب أن يتوقف وهذه هي فحوى مشاريع القرارات هذه".

وقال ساندرز في مؤتمر صحفي إن "ما يحدث في غزة يصعب وصفه"، مشيرا إلى مقتل عشرات آلاف المدنيين في القطاع الفلسطيني، وتدمير المباني و"منع إسرائيل دخول مساعدات إنسانية تشتد الحاجة إليها".

وأضاف "لكن ما يجعل الوضع أكثر إيلاما هو أن القسم الأكبر مما يحدث هناك ينفّذ بأسلحة أميركية وبدعم من دافعي الضرائب الأميركيين".

وعاد ساندرز اليوم إلى اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتهاك القانون الدولي والأميركي وحقوق الإنسان وعرقل وصول المساعدات لقطاع غزة.

وخلال مؤتمر صحفي عقده بمجلس الشيوخ الأميركي، استعرض ساندرز صورا تظهر المأساة الإنسانية في غزة، نتيجة الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل.

وتشمل المساعدات المقترح حظر إرسالها إلى إسرائيل -وفقا لمشروع القانون المرفوض- ذخائر الدبابات وطائرات إف-15 آي إيه ومدافع الهاون.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على غزة حتى الآن عن نحو 148 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • مجموعة السلام العربي تدعم قرار «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وجالانت وتطالب بتوسيع الاتهامات ضدهما
  • بوتين يهدد بضرب الدول التي تزود أوكرانيا بالأسلحة.. الباليستي رد أولي
  • بوتين: موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها
  • بوتين يحذر الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح ضد روسيا
  • بعد استخدام كييف صواريخ بعيدة المدى | محلل سياسي: الحرب الروسية الأوكرانية أخذت منعطفا خطيراً
  • "حُرُوب اليوم".. ليْسَت عَالميَّة
  • الشيوخ الأميركي يعارض محاولة لوقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
  • اليمن يتصدر قائمة الدول الأقل سلاما عالمياً: ماذا يكشف مؤشر السلام؟
  • في ظل ضمانات أمنية.. روسيا تتطلع لملامح اتفاق سلام مع أوكرانيا برعاية ترامب
  • هل ينجح عشرات السياسيين الأوروبيين في استنفار القارة لإنقاذ أوكرانيا؟