أدت الوفاة المفاجئة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي -في حادث تحطم المروحية الرئاسية يوم 19 مايو/أيار 2024- إلى إطلاق عملية معقدة لانتقال السلطة في البلاد. ويتطلب هذا الوضع فهم الآليات الدستورية، والسوابق التاريخية لمثل هذا التحول.

ونقدم في التقرير التالي ملخصا لورقة أعدها الباحث المختص بالشؤون الإيرانية محمود البازي تحت عنوان "الفراغ المفاجئ: تحليل تحولات السلطة والعلاقات الخارجية لإيران ما بعد رئيسي" ونشرها موقع مركز الجزيرة للدراسات، وهي لا تقيّم الآثار المباشرة لهذه الأزمة فحسب بل تتنبأ أيضا بالاتجاهات المحتملة لسياسات إيران الداخلية والخارجية في حقبة ما بعد رئيسي.

السوابق التاريخية في انتقال السلطة

شهدت إيران خلال حقبة ما بعد الثورة أحداثا محورية ومهمة فيها العديد من الاغتيالات والتحولات السياسية. ولعل أكثر الأحداث مفصلية في تاريخ هذه الجمهورية كان وفاة مؤسسها الخميني عام 1989. وبعد وفاته انعقد مجلس الخبراء لاختيار المرشد الأعلى الجديد، وتم اختيار علي خامنئي الذي كان يشغل منصب رئيس الجمهورية آنذاك، حيث ظل محتفظا بمنصبه لمدة شهرين كانا متبقيين على نهاية ولايته.

وأما في تجربة شغور منصب الرئيس، فقد كان أبو الحسن بني صدر أول رئيس لإيران بعد ثورة 1979. لكنه عزل من قبل البرلمان في يونيو/حزيران 1981، وتم إنشاء مجلس رئاسي مؤقت.

وفي أغسطس/آب 1981، تعرض رئيس الجمهورية -آنذاك- محمد رضا رجائي للاغتيال، وتم تشكيل مجلس رئاسي مؤقت إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة والتي انتهت بفوز خامنئي.

الآليات الدستورية لانتقال السلطة

يتم التعامل مع الفراغ الرئاسي في إيران طبق المادة 131 من الدستور التي تنص على أنه "في حالة وفاة الرئيس أو عزله أو استقالته أو غيابه أو مرضه لمدة تزيد على شهرين، أو في حالة انتهاء مدة الرئاسة وعدم تولي الرئيس الجديد مهامه بسبب بعض العقبات أو غير ذلك من الأمور، فإن النائب الأول لرئيس الجمهورية يتولى صلاحيات الرئيس ومسؤولياته بموافقة القائد الأعلى.

ويتم تشكيل مجلس يتكون من رئيس مجلس الشورى، ورئيس السلطة القضائية، والنائب الأول للرئيس. ويتعين على هذا المجلس اتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلال مدة أقصاها 50 يوما.

وفي حالة وفاة النائب الأول أو غير ذلك من الأمور التي تمنعه ​​من أداء مهامه، وفي حالة لم يكن للرئيس نائب أول، يُعيّن القائد الأعلى شخصا آخر بدلا منه".

وطبقا للدستور الإيراني، فقد أصدر خامنئي أمرا بتولي محمد مخبر، النائب الأول لرئيسي، مهام الرئيس، وكلفه بالتعاون مع رئيسي السلطتين، التشريعية والقضائية، بالتحضير لانتخابات رئاسية جديدة خلال مدة أقصاها 50 يوما.

بعد الإعلان الرسمي عن وفاة رئيسي وتولي مخبر مهام الرئيس، تم عقد اجتماع لرؤساء السلطات الثلاث وتحديد 28 يونيو/حزيران ليكون يوم الانتخابات الرئاسية المبكرة الـ14.

النظام الإداري والمؤسساتي المتجذر

النظم الإدارية التاريخية في إيران، وغياب النظام المؤسسي أو التنظيمي للمعارضة، بالإضافة إلى التفاعل المعقد بين الهياكل الرسمية وغير الرسمية للجمهورية، كلها عوامل مكّنت من انتقالات السلطة السلسة.

وتظهر الاستجابة الأخيرة لوفاة رئيسي فعالية هذه المؤسسات في ضمان الاستمرارية والاستقرار بالحكم. ولذلك فقد سارع خامنئي حتى قبل معرفة مصير رئيسي إلى طمأنة الشارع بأنه لا فوضى ولا خلل في البلاد.

ومن الممكن أن يُعزى الانتقال السلس والسلمي للسلطة في إيران إلى المؤسسات عميقة الجذور التي تشكلت هياكلها الإدارية والحكمية على مدى قرون. ولا تتوقف هذه الظاهرة على الطبيعة الديمقراطية لهذه المؤسسات، بل على قوتها التنظيمية وقدرتها على التكيف منذ فترة طويلة.

ويتضمن هيكل السلطة الرسمي في إيران، كما هو منصوص عليه في دستورها، مؤسسات رئيسية مثل المرشد الأعلى، ومجلس الخبراء، والرئاسة، والبرلمان. وتُستكمل هذه المؤسسات بهياكل السلطة غير الرسمية، بما في ذلك رجال الدين المؤثرون، والموظفون الحكوميون، والمنظمات الثورية، وقوات الباسيج. وتضمن هذه الطبقات معا درجة من الاستقرار والنظام، حتى أثناء الأزمات.

صياغة السياسة الخارجية في حقبة ما بعد رئيسي

أولا: الملفات الإقليمية وسياسة الجوار:

تعد صياغة السياسات الخارجية في إيران عملية معقدة ومتعددة الطبقات، وتتضمن مجموعة من الهيئات المؤثرة. وفي قلب هذا التنسيق يكمن "بيت المرشد" الذي يعمل جنبا إلى جنب الحرس الثوري، والمجلس الأعلى للأمن القومي، ووزارة الخارجية، والمؤسسات التشريعية الرئيسية مثل لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، وبدرجة أقل مجمع تشخيص مصلحة النظام.

ويلعب المرشد الأعلى (خامنئي) دورا حاسما، وإن كان غير مباشر في كثير من الأحيان، في هذه العملية. ورغم أنه يمنح الحكومات المتعاقبة قدرا معينا من الحرية لإدارة السياسات الخارجية، فإنه يتدخل بشكل حاسم عندما يرى ذلك ضروريا.

ومن الواضح أن إيران تعطي أولوية لتعزيز العلاقات مع دول الجوار بدلا من التوافق مع الغرب والولايات المتحدة، وهي سياسة تم وضعها قبل وصول إدارة رئيسي إلى السلطة، ومن المتوقع أن تظل ثابتة مستقبلا.

ومن جهة أخرى، يعتبر دعم فصائل المقاومة الفلسطينية من أصول السياسة الخارجية الإيرانية المستدامة والتي استمرت منذ وصول الثورة الإسلامية إلى الحكم.

وأما بالنسبة لسوريا، فإن الاستمرار في الوجود هناك بوصفها مساحة وعمقا إستراتيجيا لن يتغير لأن الملف السوري يخضع لإدارة تامة من قبل الحرس الثوري وفيلق القدس.

ثانيا: العلاقة مع الولايات المتحدة والاتفاق النووي:

إن أبرز الأسماء المرشحة لاستلام منصب وزير الخارجية القادم هو باقري كني، وهو المسؤول عن ملف المفاوضات النووية مع أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين.

ومن الأحداث الأخيرة المثيرة للاهتمام: اعتراف إيران والولايات المتحدة بوجود محادثات غير مباشرة بينهما في عُمان خلال الأيام التي سبقت مصرع رئيسي. ويبدو أن مسارها سيستمر إلا إذا ظهرت عوامل أميركية أخرى مثل فوز الرئيس السابق دونالد ترامب مرة أخرى بالانتخابات الرئاسية المزمع عقدها أواخر 2024 وعودته إلى سياسة الضغط بالحد الأقصى وفرض العقوبات.

وترسل طهران بصورة منهجية ومتعمدة رسائل متضاربة إلى الولايات المتحدة، فهي تُجري مفاوضات غير مباشرة، وفي نفس الوقت تلمح بين الفينة والأخرى إلى إمكانية التغيير في إستراتيجيتها النووية والتوجه نحو صناعة السلاح النووي في حال تعرضت لخطر يمس أمنها القومي. وهي سياسة مزدوجة سوف تتبعها الحكومة القادمة على الأغلب.

ثالثا: المواجهة مع إسرائيل نحو مزيد من التصعيد:

إن المعادلة الرئيسية التي تحكم طبيعة المواجهة بين إيران وإسرائيل -المرحلة المقبلة- يجري ترسيمها عبر اعتقاد إيراني بالنصر في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ضمن عملية طوفان الأقصى حتى ولو كان هذا النصر عبر حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وبناء على كل هذه المتغيرات تستمر طهران في السعي لتحقيق إستراتيجيتها الكبرى في عزل إسرائيل وإخراج القوات الأميركية من المنطقة بشكل كامل.

باختصار، ستتسم طبيعة المواجهة بين إسرائيل وإيران بالعدوان المتزايد، وإعادة المعايرة الإستراتيجية، وتداعيات إقليمية وعالمية كبيرة. إن خطر نشوب صراع شامل يلوح في الأفق بشكل أكبر، حيث ينخرط اللاعبان الإقليميان في لعبة حافة الهاوية عالية المخاطر.

التحديات الاقتصادية والسياسات المستقبلية للحكومة الإيرانية المقبلة

في الأشهر الأخيرة من ولاية رئيسي، أظهر الاقتصاد الإيراني اتجاهات إيجابية. فقد انخفض معدل التضخم من 55% إلى 31% خلال الفترة من أبريل/نيسان 2023، إلى الشهر ذاته عام 2024، كما توسع الاقتصاد الإيراني بنسبة 5% خريف 2023. وتشير هذه الإحصائيات إلى فترة من الاستقرار الاقتصادي النسبي، وتتنبأ بآفاق اقتصادية مستقرة خلال فترة الانتخابات المبكرة.

كما وصلت صادرات النفط الإيرانية إلى أعلى مستوياتها السنوات الأخيرة، ووصل دخل البلاد منها إلى 35 مليار دولار سنويا.

ومن ثم، فإن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية مثل النمو والسيولة والتضخم لم تشهد أزمات بعد وفاة رئيسي، ولا يتوقع وجود تهديدات اقتصادية فورية على المدى القصير إلى المتوسط.

على الجانب الآخر، تعتبر مؤشرات عدم الكفاءة والفساد وسوء الإدارة عوائق رئيسية هيكلية بالاقتصاد الإيراني لا تتغير بتغير الحكومات.

ولعل أبرز ما ستواجهه الحكومة القادمة هو:

استمرار تأثير العقوبات الغربية: مما يحد من قدرة إيران على الانخراط في الأنظمة المالية والتجارة العالمية. الاعتماد على النفط: مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية والتوترات الجيوسياسية. التوظيف والأجور: سيشكل ضمان الدفع المنتظم لرواتب الموظفين والإعانات في بيئة اقتصادية متوترة تحديا مستمرا. استقرار صرف العملات الأجنبية: إن إدارة تقلبات العملة ستكون ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

من يحل محل رئيسي؟

تعتبر الانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة مهمة. فإذا ما تم استثناء الحالات الاستثنائية للرؤساء السابقين الذين لم يكملوا مدتهم بسبب الموت أو العزل، فإن أغلب من شغلوا هذا المنصب استمروا لمدة 8 سنوات لولايتين متتاليتين.

وهذا يؤكد أهمية الشخصية التي ستحكم إيران السنوات الثماني القادمة وخصوصا دور هذا الرئيس في الاختيار المحتمل للمرشد القادم بعد خامنئي الذي بلغ 85 عاما، وتنسيقه الكامل مع الحرس الثوري القوة الأكثر نفوذا في السياسة الخارجية والاقتصاد الداخلي ودوره في إدارة الصراع والتفاوض مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خصوصا بعد حرب غزة وانتقال حرب الظل بين إيران وإسرائيل إلى الردود المباشرة.

من اليمين علي رضا زاكاني فالمرشح الإصلاحي الوحيد مسعود بيزشكيان وأمير زاده هاشمي (وكالات) 5 محافظين وإصلاحي واحد

واليوم، أعلن مجلس صيانة الدستور قائمة المرشحين النهائية للانتخابات الرئاسية. وضمت القائمة النهائية -التي نشرتها الداخلية- 5 مرشحين محافظين هم: رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، ووزير الداخلية السابق مصطفى بورمحمدي، ورئيس وقف الشهيد والمحاربين القدامى أمير حسين قاضي زاده هاشمي، ورئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني، إضافة إلى المرشح الإصلاحي الوحيد وزير الصحة السابق مسعود بيزشكيان.​​​​​​​

وبحسب القائمة النهائية للمرشحين، اعترض مجلس صيانة الدستور على ترشح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، وإسحاق جهانغيري نائب الرئيس السابق.

السيناريو المستبعد أو ضعيف الاحتمال

أثبتت السنوات الماضية أن اللجوء للإصلاحيين وحتى المعتدلين الذين يميلون للمعسكر الإصلاحي سيناريو مستبعد وضعيف الاحتمال. كما أنه لن يتمكن من خوض غمار المنافسة من الأسماء الإصلاحية التي أعلنت عزمها الترشح سوى وزير الصحة السابق مسعود بزشكيان.

ويُمثّل بزشكيان حاليا مدينة تبريز في البرلمان، وسبق أن مثّلها لعدة دورات، كان نائبا أول لرئيس المجلس في إحداها.

من اليمين وزير الداخلية السابق مصطفى بورمحمدي ثم محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي (وكالات) المحافظون

لعل التوجهات الأخيرة للنظام السياسي الإيراني تشير إلى الرغبة في إدارة أزمات البلاد بطريقة محافظة، ولذلك فإن المحافظين التكنوقراط الذي خدموا في المؤسسات العسكرية أو المؤسسات التشريعية والقضائية هم الخيار الأنسب للنظام للعبور من معضلة الفراغ الرئاسي التي خلّفتها وفاة رئيسي. وفيما يلي تعريف بالمرشحين المحافظين:

محمد باقر قاليباف: سياسي محافظ، أعيد انتخابه قبل أيام رئيسا لمجلس الشورى، وشغل سابقا عمدة طهران، ومنصبا قياديا في الحرس الثوري. وستعتمد فرصه في الفوز على عوامل مختلفة أهمها مستوى الدعم من السياسيين الأصوليين ورجال الدين المتنفذين، وستنخفض حظوظه في الفوز بمنصب الرئاسة إذا ما قرر الأصوليون دعم أسماء أخرى في السباق الانتخابي.

سعيد جليلي: سياسي ودبلوماسي محافظ بارز. شغل منصب كبير المفاوضين النوويين، وكان أمينا لمجلس الأمن القومي. معروف بمواقفه المتشددة في السياسة الخارجية ومعارضته القوية للغرب، وهو ما يلقى تأييدا لدى القاعدة المحافظة، إلا أن خسائره الانتخابية السابقة ورؤيته للعلاقات الخارجية لإيران تجعل ترشيحه وفوزه المحتمل بالانتخابات موضعا للشك داخل الأوساط السياسية.

علي رضا زاكاني: هو شخصية محافظة مؤثرة، يشغل حاليا منصب عمدة طهران، وكان عضوا في البرلمان لعدة فترات. ويُعرف زاكاني بشخصيته المثيرة للجدل والمستقطبة في بعض الأحيان والتي ربما تمثل عقبة أمامه للفوز.

أمير حسين قاضي زاده: طبيب وسياسي أصولي، انتخب نائبا في البرلمان عن مدينة مشهد عدة دورات، وهو عضو في "جبهة ثبات الثورة الإسلامية" والمتحدث الرسمي باسمها. وسبق أن ترشّح لانتخابات الرئاسة الماضية التي فاز بها رئيسي.

مصطفى بورمحمدي: هو رجل دين ومحامٍ وسياسي، وكان وزيرا للعدل في حكومة الرئيس حسن روحاني بين عامي 2013 و2017.

الخلاصة: إن الجمهور الأصولي -الذي من المتوقع أن يشارك بقوة أكبر من الطبقات الاجتماعية الأخرى- سيشكل القوة الحاسمة في تحديد الرئيس الإيراني المقبل. ورغم ذلك، فمن المتوقع أن تظل معدلات مشاركة الناخبين الإجمالية أقل مما كانت عليه بالانتخابات السابقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الانتخابات الرئاسیة السیاسة الخارجیة الحرس الثوری الخارجیة فی فی البرلمان وفاة رئیسی بعد رئیسی فی إیران فی حالة ما بعد

إقرأ أيضاً:

الإصلاحي والمتشدد.. من يستفيد من الجولة الثانية ويحسم انتخابات إيران؟

يخوض المرشحان للرئاسة الإيرانية، المحافظ سعيد جليلي، والإصلاحي مسعود بازشكيان، جولة انتخابات ثانية، الجمعة، بعدما لم يتمكن أي منهما من حصد أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، مما يجعل الأيام القليلة المقبلة معركة حامية لجذب الناخبين، خاصة من لم يشاركوا في الجولة الأولى، لحسم مصير الرئيس الجديد للبلاد.

وأعلنت وزارة الداخلية، السبت، إنه من بين 24.5 مليون ناخب شاركوا في التصويت، حصل بازشكيان على 10.4 مليون صوت، بينما حصل جليلي على 9.4 مليون، وخلفهما جاء رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف بنحو 3.3 مليون صوت.

ورأى محللون تواصل معهم موقع "الحرة"، أن الطرف الذي سيجذب المزيد من الأصوات التي لم تشارك في الجولة الأولى من الانتخابات، "سيمتلك الفرصة الأكبر" لتحقيق الانتصار.

بزشكيان وجليلي إلى جولة ثانية من انتخابات الرئاسة في إيران.. وتحديد الموعد المرتقب أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، السبت، أن جولة ثانية من انتخابات الرئاسة ستجرى في 5 يوليو المقبل، بعدما لم يحصل أي مرشح على 50 بالمئة من الأصوات.

ولم تكن هناك سوى جولة إعادة واحدة من الانتخابات الرئاسية في تاريخ إيران، وذلك في عام 2005، عندما تفوق المتشدد محمود أحمدي نجاد على الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني.

"تفريط في الانتصار"

قال المحلل السياسي الإيراني، سعيد شاوردي، إن "المحافظين تخلوا عن تحقيق الانتصار، ويمكن القول إنهم قدموه على طبق من ذهب للإصلاحيين، أو اختاروا على الأقل عدم الحسم في المرحلة الأولى، بسبب الانقسام والإصرار على خوض الانتخابات بأكثر من مرشح".

وأضاف شاوردي في تصريحات لموقع "الحرة": "لو التف المحافظون منذ البداية حول مرشح واحد، لتمكنوا من الفوز بالانتخابات بكل سهولة وتحقيق نسبة أكثر من 50 بالمئة، ويمكن التأكد من ذلك بجمع أصوات جليلي وقاليباف".

ويعتبر جليلي (58 عاما) من المحافظين المتشددين المعادين للتقارب مع الدول الغربية، وهو واحد من الممثلين للمرشد الأعلى علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي.

وسبق أن ترشح جليلي للانتخابات الرئاسية في 2013، ومجددا في 2017، لكنه انسحب لدعم الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الشهر الماضي.

أما بازشكيان فهو المرشح الأكبر سنا (69 عاما) للانتخابات الرئاسية، والمرشح الوحيد الذي يمثل التيار الإصلاحي.

ويمثل الطبيب الجراح ذو الأصول الأذرية والمولود في 29 سبتمبر 1954، مدينة تبريز في البرلمان.

دُعي حوالى 61 مليون ناخب للتوجه إلى مراكز الاقتراع

كما شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين أغسطس 2001 وأغسطس 2005. وهو معروف بصراحته. واستُبعد من السباق الرئاسي في 2021.

سباق جذب الأصوات الرمادية

رأى المحلل السياسي، جعفر الهاشمي، أن عدد المؤهلين للمشاركة في الانتخابات الإيرانية يتجاوز 61 مليونا، لم يشارك منهم إلا حوالي 24.5 مليونا فقط.

وأضاف في حديثه لموقع "الحرة": "يعتبر هذا العدد أكثر قليلاً من الأصوات التقليدية التي يتمتع بها المحافظون، مما يعني أن الإصلاحيين لم يتمكنوا من تحريك المنطقة الرمادية التي لم تشارك في الانتخابات، بل إن ما يقارب من نصف أصواتهم حصلوا عليها من مناطق نفوذ المحافظين".

سر "الكتلة الرمادية".. مرشح "الإصلاحيين" بوجه انتقادات خامنئي تنطلق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الجمعة، لاختيار خلفا للرئيس إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه في حادث مروحية الشهر الماضي، دعم عدد من الإصلاحيين للمرشح مسعود بازشكيان.

فيما قال شاوردي إن "هناك نسبة من الإيرانيين لم يشاركوا في الانتخابات، وهذه الأصوات الرمادية يمكن أن تشارك أو يشارك جزء منها في الجولة الثانية، موضحا: "هؤلاء إما سيختارون التصويت لجليلي أو بازشكيان، ومن كان أنجح في جذب هذه النسبة له، فسيكون الرئيس المقبل".

لكنه أوضح: "لو استمرت نسبة المشاركة كما هي (حوالي 40 بالمئة)، فسينتصر جليلي بحكم أنه سيحصد أصوات أنصار قاليباف"، مضيفًا: "ستكون الأيام المقبلة مصيرية للإصلاحيين والمحافظين، وستكون المنافسة قوية ومحتدمة".

من الأقرب؟

حظيت حملة بازشكيان الانتخابية بدعم كبير من الإصلاحيين. ونقلت وكالة فرانس برس، أن الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، قال في مقطع فيديو، الأربعاء، إن بازشكيان "يتمتع بعدة مزايا مثل النزاهة والشجاعة والوفاء تجاه الأمة"، تمكّنه أن يصبح رئيساً للجمهورية.

المرشحون للانتخابات الرئاسية أغلبهم من التيار المحافظ. أرشيفية

وتابع: "أطلب ممن يريدون إرساء علاقات بنّاءة مع العالم والاعتدال، التصويت لصالح الدكتور مسعود بازشكيان".

وتمتع الإصلاحيون بنفوذ كبير في إيران، حيث حققوا فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير 2016، والتي جاءت بعد بضعة أشهر فقط من إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.

ثم تلا ذلك، فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، بأكثر من 57 بالمئة من الأصوات.

ومع ذلك، تراجع هذا النفوذ خلال السنوات الماضية، وفقا لتقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، حيث شهد المجتمع الإيراني تغييرات جوهرية على مدى العقد الماضي، مما دفع كثيرين إلى الشك في قدرة الإصلاحيين على إحداث أي تغييرات ذات مغزى في الحكم.

وذكرت المجلة أنه "بالرغم من أن الدستور الإيراني ينص على أن الرئيس المنتخب بالاقتراع الشعبي المباشر هو رئيس الحكومة، فإن المرشد الإيراني، علي خامنئي، نجح في توسيع نفوذه بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية".

وفي هذا الصدد، واصل المحلل الإيراني، شاوردي، حديثه للحرة، قائلا: "حتى الآن لا أعتقد بأن هناك من يمكنه التكهن بشكل دقيق بالفائز. سيكون الدافع قويا للإصلاحيين، وسيشاركون بقوة لدعم بازشكيان".

واستطرد: "لو كانت لديهم شكوك جعلتهم لا يشاركون في جولة الانتخابات الأولى، فهذه الشكوك زالت وباتوا يشعرون بأنهم على بعد خطوات قليلة من الفوز، وهذا دافع قوي سيتسبب في تصويتهم بشكل كبير".

بين "الأمل" و"الواقع".. هل يستطيع رئيس إصلاحي تغيير إيران؟ بدأ الناخبون في إيران، الجمعة، الإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية مبكرة، إذ يختارون من بين مجموعة من 4 مرشحين موالين للمرشد جرى اختيارهم بضوابط محددة من قبل مجلس صيانة الدستور.

كما قال الهاشمي إن الجولة الثانية ستجعل التنافس "أكثر احتداما، ليس بين المتنافسين كأفراد، بل بين التيارين، مما يدفع كل التيار الإصلاحي لتوحيد صفوفه"، في إشارة إلى الانقسام الذي شهدته الجولة الأولى.

وتابع: "لكن بما أن مرشح المحافظين المتبقى ينظر له على أنه سيمثل تهديداً للمصالح العامة للشعب، وخصوصا لو عاد [الرئيس الأميركي السابق دونالد] ترامب للسلطة، فذلك سيجعل البلد على كف عفريت، مما قد يدفع الشريحة التي لم تشارك في المرحلة الأولى إلى التصويت في الثانية".

وفي السياق ذاته، أكد شارودي أن هناك نسبة كبيرة من المحافظين كانت قد امتنعت عن التصويت في الجولة الأولى، مشيرًا إلى أن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي كان قد حصل على نحو 19 مليون صوتا وفاز بالانتخابات من أول جولة، من بين إجمالي أصوات وصل نحو 23 مليون ناخب.

وتابع: "حصد جليلي وقاليباف حوالي 14 مليون صوتا فقط، وبالتالي هناك نسبة كبيرة لم تشارك، وحال أقنعهم التيار المحافظ بالتصويت، فستكون هناك فرصة كبيرة لحصد الرئاسة".

مقالات مشابهة

  • انتخابات الجزائر الرئاسية.. 31 مرشحا بانتظار البت بملفاتهم
  • بعد عهد رئيسي والصواريخ.. ماذا تتمنى أربيل من نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية؟ - عاجل
  • سفير واشنطن السابق لـعربي21: قيس سعيّد سيفوز في انتخابات غير نزيهة بتونس
  • الإصلاحي والمتشدد.. من يستفيد من الجولة الثانية ويحسم انتخابات إيران؟
  • إيران بين إصلاحي ومحافظ من الصقور.. توقع جولة إعادة للانتخابات الرئاسية وتسجيل نسبة مشاركة منخفضة
  • إيران تعلن أحدث نتائج انتخابات الرئاسة لاختيار خليفة إبراهيم رئيسي
  • ترامب: بايدن يستخدم العدالة سلاحًا من أجل البقاء في السلطة
  • اتهامات بالكذب.. ماذا قال «أوباما» عن مناظرة بايدن وترامب؟
  • شاهد: الإيرانيون في العراق يدلون بأصواتهم في انتخابات بلادهم الرئاسية
  • حملة ترامب: دونالد انتصر في المناظرة الرئاسية أمام بايدن