الانتخابات والتحديات القادمة أمام إيران
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
10 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
محمد حسن الساعدي
بالرغم من كل الضربات الموجعة التي تعرضت لها إيران،الا انها ما زالت تقف امام التحديات الكبيرة والخطيرة في المنطقة وهي تمارس دورها وموقفها من مجمل القضايا المصيرية لمنطقة الشرق الاوسط،فقد واجهت طهران واشنطن ووقفت بوجه كل المخططات الرامية لتقسيمها من الداخل وضرب عمقها الاجتماعي والسياسي عبر أثارة الفتن الطائفية او القومية الداخلية،ولكنها في الداخل لم تزدد سوى أصراراً في المواجهة مع الغرب،وما خروج الشعب الايراني لتوديع رئيسهم الراحل الا خير دليل على عمق العلاقة بين الشعب وحكومته،إذ خرج العامل والبائع والمزارع والموظف والكل خرج ليعزي نفسه بهذه الفاجعة التي كانت مفجعة بسبب طبيعة الشخصية التي كان يتمتع بها رئيسي.
ردود الافعال تباينت حول مصرع رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية،وتعددت الاسئلة حول طبيعة الحادث وظروفه،والبيئة والاجواء التي رافقت الرحلة الاخيرة للرئيس لافتتاح سد “قيز قلعة سي” في محافظة تبريز/ منطقة أذربيجان الشرقية إذ الغرب تلقى الخبر بترقب وهدوء شديد وان العواصم الغربية تدرس ما بعد رحيل رئيسي والأثر الذي سيتركه رحيله والتأثير السلبي على القيادة الايرانية والتوترات الجيوسياسية المتولدة من هذا الحادث.
تمثل شخصية إبراهيم رئيسي عمق السياسية الايرانية لما يمتلكه من خبرة في القضاء والسياسية والفقه،فهو كان رئيس الادعاء العام ورئيس سدنة العتبة الرضوية المشرفة بالإضافة الى تقلده مناصب حكومية جعلته يمتاز بالحنكة والكياسة والفراسة،بالاضافة الى المواقف السياسية المتشددة من القضية الفلسطينية التي كان الداعم والمدافع عن هذه القضية وكيف كان موقفه من الاعتداء على الشعب الفلسطيني في غزة وتقديمه كل أشكال الدعم له وللمقاومة فيها.
لايزال هناك الكثير من الاسئلة التي تحتاج الى إجابات،بدءاً من سبب تحطم مروحية الرئيس رئيسي،وبالرغم من كون الاجواء البيئية هي الواضح انها السبب الرئيسي الا ان هناك الكثير من التساؤلات تبقى تحوم حول الحادثة،إذ لا يوجد شيء خالي على الاطلاق في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة خصوصا ومواقف طهران الواضحة ضد الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة الامريكية التي اوغلت كثيراً في عدائها من طهران،وقتلت الكثير من قيادته السياسية والامنية والعلمية على حد سواء.
كان يُنظر الى السيد رئيسي على انه المرشح الاكثر حظاً في تولي منصب المرشد الاعلى في إيران،وان خبر وفاته يمثل ضربة مقلقة للوضع الداخلي والاقليمي تحديداً،لذلك وبحسب الدستور فان القانون الايراني يسمح في غياب الرئيس او إعفاءه من منصبة تعيين نائبه وإجراء انتخابات خلال 50 يوماً،وياتي هذا التصويت في وقت حرج تواجه فيه إيران صراع مع الدول الغربية وإسرائيل،بالاضافة الى المشاكل الاقتصادية والسياسية الداخلية.
الخامنئي أشار بوضوح في خطابة بهذه الفاجعة بان على الشعب الايراني لا يقلق على حكومته ودولته وانهم قادرون على المضي قدماً رغم التحديات الكبيرة والخطيرة،لذلك لن تغير وفاة رئيسي من مسار السياسية الداخلية والخارجية الايرانية،سواءً ما كان يتعلق ببرنامج طهران النووي او موقفها الداعم للقضية الفلسطينية أو محور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط،لذلك فان الانتخابات القادمة ستشكل تحدياً للسياسية الايرانية في ظل الوضع الراهن في المنطقة بالإضافة الى إنها تشكل حجر زاوية في الاعداد لمرحلة جديدة في المواجهة بين الشرق والغرب.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
هل تسعى أوروبا لتفعيل آلية الزناد مع إيران؟
طهران- على عكس الأجواء الإيجابية التي سادت مباحثات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي خلال زيارته الأخيرة إلى إيران، أصدر مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس الخميس، قرارا ينتقد رسميا طهران بسبب "عدم تعاونها بما يكفي" في برنامجها النووي.
وجاء في نص القرار أنه "من الضروري والعاجل أن تقدم إيران ردودا فنية موثوقة فيما يتعلق بوجود آثار غير مفسرة لليورانيوم في موقعين غير معلنين قرب طهران، هما تورقوز آباد وورامين".
ورغم مساعي الخارجية الإيرانية الحثيثة لتجنب الانتقاد في اجتماع مجلس المحافظين عبر مباحثاتها مع الوكالة الذرية والترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والدول الأعضاء الأخرى في المجلس، لكن مشروع القرار الأوروبي حظي بتأييد 19 دولة من أصل 35، في حين عارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، وامتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت.
في المقابل، ردت طهران بتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة، وذلك تنفيذا لتهديدها بالرد "وفق ما يقتضيه الوضع وعلى نحو مناسب في حال تجاهل الجانب الغربي حسن نية إيران".
العصا والجزرةوقد يفسر ما ورد في أحد التقريرين السريين اللذين قدمتهما الوكالة الذرية المقصود الإيراني بـ"حسن النية"، إذ ذكرت وكالة "رويترز" أن طهران عرضت عدم زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وقد بدأت بتنفيذ التدابير التحضيرية لذلك.
كما كشف مصدر إيراني مطلع، للجزيرة نت، أن بلاده قطعت تعهدا بالتعاون بقدر أكبر مع الوكالة، ومنها السماح بتفقد عدد من المنشآت النووية التي ترغب بتفقدها، مقابل تخلي القوى الغربية عن مساعيها لإصدار قرار ضد الجمهورية الإسلامية.
وترى الباحثة السياسية برستو بهرامي راد أن المساعي الإيرانية لمنع الجانب الأوروبي من إصدار القرار جاءت متأخرة، وأن إدانة بلادها كانت متوقعة في ظل الفتور الذي خيّم على علاقات طهران مع العواصم الأوروبية خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن الجانب الغربي لم يعر سياسة الترغيب والتهديد الإيرانية اهتماما، لأنه كان قد قرر مسبقا استغلال فرصة اجتماع مجلس المحافظين لترجمة التدهور الطارئ على علاقاته معها.
واعتبرت، في حديثها للجزيرة نت، أن رد إيران الفوري بتشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة وتأكيدها عزمها مواصلة تعاونها الفني مع الوكالة الذرية مؤشر على استمرار سياسة العصا والجزرة خلال الفترة المقبلة، وأنه لا تغيير في توجّه حكومة الرئيس مسعود بزشكيان الرامي إلى إبقاء باب التفاوض مفتوحا لحلحلة القضايا الشائكة حتى قبيل الاجتماع المقبل للمجلس.
وحسب بهرامي راد، تمر علاقات بلادها مع العواصم الأوروبية بأحلك مراحلها، وتوقعت استمرار التوتر بينهما خلال العام المقبل وصولا إلى تفعيل آلية الزناد، إيمانا من الجانب الغربي بجدوى سياسة أقسى الضغوط الأميركية على إيران واستنزاف طاقاتها.
ويبدو أن الجانب الأوروبي يعمل من أجل الاحتفاظ بملف طهران النووي بحوزته مع عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يزداد الشرخ بينهما خلال الفترة المقبلة، كما تقول. وتتوقع أن تبذل الحكومة الإيرانية جهودا أكبر للتعاون خلال الأشهر القليلة المقبلة مع الوكالة الذرية، لكنها استبعدت خروج اجتماع المجلس المقبل بنتيجة مرضية للجانبين الإيراني والأوروبي.
سيناريوهات محتملةوعلّق النائب في هيئة رئاسة البرلمان الإيراني بدورته السابقة، سيد نظام الدين موسوي، على قرار مجلس المحافظين، وكتب على منصة إكس "يبدو أنه من المقرر العودة مجددا إلى الدوامة الباطلة المتمثلة في إصدار الوكالة قرارا ضد إيران وتراجع الأخيرة. لا ينبغي تكرار تلك التجربة المريرة خالية النتائج. الخيار الصائب ليس سوى الرد بخطوة مماثلة مقابل أي خطوة يتخذونها إلى الأمام".
من ناحيته، يرى أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الملف النووي الإيراني محسن جليلوند أن القرار الأخير يضع طهران أمام طيف من الخيارات والسيناريوهات، بدءا من أقصى حد للاستسلام حتى أقصى حد للتمرد، مستدركا أن المجال ما زال مفتوحا أمام إيران حتى الربيع المقبل، حيث ستقدم الوكالة الذرية تقريرا كاملا عن برنامجها النووي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد جليلوند أن الجانب الغربي يتحرك وفق خارطة طريق تبدو شبه محكمة لتفعيل آلية الزناد حتى قبل 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وهو "يوم النهاية في الاتفاق النووي المبرم عام 2015″، معتبرا أن "أحلى الخيارات المطروحة أمام طهران مر".
ورأى أن السيناريو الأول، المفضل لدى الجانب الغربي والذي يبدو قبوله مستحيلا على الجانب الإيراني، هو النموذج الليبي بأن تقبل خلاله طهران بتفكيك برنامجها النووي أو التخلي عن قدراتها النووية وفقا للإملاءات الغربية، وقد تناهز احتمالات تطبيقه الصفر بالمائة.
أما السيناريو الثاني والأكثر احتمالية وفق جليلوند، فهو تزايد التوتر بين إيران من جهة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية والترويكا الأوروبية بدعم الولايات المتحدة من جهة أخرى، وتفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات الأممية قبيل يوم النهاية في الاتفاق النووي.
لغة القوةويصف الباحث جليلوند السيناريو الثالث لمستقبل برنامج بلاده النووي بـ"نموذج كوريا الشمالية"، انطلاقا من سياسة أقصى التمرد، موضحا أنه ثمة شريحة في بلاده تعتقد أن الجانب الغربي لا يفهم سوى لغة القوة، وأن صناعة القنبلة النووية وإعلانها رسميا كفيلة بوضع حد للضغوط الغربية وكبح جماح المغامرات الإسرائيلية ضد المنشآت النووية في إيران.
وكانت أوساط إيرانية قد هددت بذلك خلال الفترة الماضية، ويؤكد المتحدث نفسه أن طهران تمتلك بالفعل القدرات الفنية لصناعة هذه القنبلة.
وقد يكون الاستهداف الإسرائيلي، الشهر الماضي، لمجمع "بارتشين" النووي شمال شرقي طهران بمثابة إرسال رسالة حول قدرته على تكرار المغامرة وتجاوز خطوط إيران الحمراء، ولا يستبعد جليلوند استهداف جزء من برنامجها النووي خلال الفترة المقبلة، قائلا إنه من شأن هذا السيناريو أن يضرم النار في المنطقة.
وخلص إلى أن شدة عمليات "الوعد الصادق" الثالثة التي تحضر إيران لتنفيذها ردا على الهجوم الإسرائيلي الأخير قد تخرج التطورات عن مسارها الطبيعي، وقد تشهد المنطقة حربا شاملة قد تكون المنشآت الحيوية الإيرانية والإسرائيلية جزءا منها، مستدركا أن طهران تأخذ أسوأ السيناريوهات بعين الاعتبار في سياساتها، وأنه لا يمكن القضاء على برنامجها النووي بسبب الجغرافيا الواسعة لديها.