تبدو لنا النجوم متلألئة لأن غلافنا الجوي يحني ضوءها أثناء انتقاله إلى الأرض. لكن النجوم لديها أيضًا "وميض" نتيجة لموجات غازية متموجة على أسطحها، غير محسوسة بالنسبة للتلسكوبات الحالية المرتبطة بالأرض.

وفي دراسة جديدة، طور فريق من الباحثين من جامعة نورث وسترن الأميركية أول محاكاة ثلاثية الأبعاد لتموج الطاقة من قلب نجم ضخم إلى سطحه الخارجي.

وباستخدام هذه النماذج الجديدة، حدد الباحثون، لأول مرة، المقدار الفطري من وميض النجوم.

وفي سابقة أخرى، حول الفريق أيضا موجات الغاز هذه إلى موجات صوتية سعيا لمعرفة ما يمكن أن يكون عليه الصوت الداخلي للنجوم و"الوميض". وقد نُشرت نتائج الدراسة يوم 27 يوليو/تموز الماضي في دورية "نيتشر أسترونومي".

ويقول إيفان أندرس من نورث وسترن الذي قاد الدراسة "تؤدي الحركات في قلب النجوم إلى إطلاق موجات مثل تلك الموجودة في المحيط. وعندما تصل الموجات إلى سطح النجم، فإنها تجعله يومض بطريقة قد يتمكن علماء الفلك من ملاحظتها".

وأضاف "لأول مرة قمنا بتطوير نماذج حاسوب تسمح لنا بتحديد مقدار وميض النجم نتيجة لهذه الموجات. ويسمح هذا العمل للتلسكوبات الفضائية المستقبلية باستكشاف المناطق المركزية، حيث تشكل النجوم العناصر التي نعتمد عليها للعيش والتنفس".

الموجات تصنع الحرارة التي تنتج الوميض

ولفهم الأمر، يشرح البيان الصحفي أن جميع النجوم لها منطقة حمل حراري، وهي مكان غير منظم، حيث تتماوج الغازات لدفع الحرارة إلى الخارج. وبالنسبة للنجوم الضخمة (النجوم التي تبلغ كتلتها على الأقل 1.2 مرة كتلة شمسنا) فإن منطقة الحمل الحراري هذه تقع في نواتها.

ويقول أندرس "الحمل الحراري داخل النجوم مشابه للعملية التي تغذي العواصف الرعدية" حيث يسقط الهواء البارد ليسخن ويرتفع مرة أخرى، وهي عملية مضطربة تنقل الحرارة داخل النجوم.

ويصنع الحمل الحراري موجات، وهي مجار صغيرة تتسبب في تعتيم ضوء النجوم وإشراقه، مما ينتج عنه وميض خفي. ونظرًا لأن نوى النجوم الضخمة محجوبة عن الأنظار، فقد سعى أندرس وفريقه إلى تصميم نموذج للحمل الحراري الخفي، بناءً على دراسات فحصت خصائص الحمل الحراري الأساسي المضطرب وخصائص الموجات والمراقبة المحتملة لتلك الموجات، وتشمل عمليات المحاكاة الجديدة للفريق جميع الفيزياء ذات الصلة للتنبؤ بدقة بكيفية تغير سطوع النجم اعتمادًا على الموجات الناتجة عن الحمل الحراري.

وبعد أن يولد الحمل الحراري موجات، ترتد داخل النجم المحاكى، بينما تظهر بعض الموجات في النهاية على سطح النجم لإحداث تأثير متلألئ، ثم تحدث موجات أخرى محاصرة وتستمر في الارتداد. ولعزل الموجات التي تنطلق إلى السطح وإيجاد وميض، قام أندرس وفريقه ببناء مرشح يصف كيفية ارتداد الموجات داخل المحاكاة.

وأوضح أندرس آلية العمل قائلا "وضعنا أولاً طبقة مثبطة حول النجم -مثل الجدران المبطنة التي يمكن أن تكون موجودة في استوديو التسجيل- حتى نتمكن من قياس كيف يصنع الحمل الحراري الموجات بالضبط".

ويقارن الأمر باستوديو الموسيقى، الذي يستفيد من جدران مبطنة عازلة للصوت لتقليل الأصوات المحيطة حتى يتمكن الموسيقيون من استخراج "الصوت النقي". ويقومون بعد ذلك بتطبيق المرشحات وهندسة تلك التسجيلات لإنتاج الأغنية بالطريقة التي يريدونها.

وبالمثل، قام أندرس ومعاونوه بتطبيق مرشحهم على الموجات النقية الخارجة من قلب الحمل الحراري. ثم تتبعوا موجات ترتد داخل نجم نموذجي، ووجدوا في النهاية أن مرشحهم يصف بدقة كيف غيّر النجم الموجات القادمة من اللب.

وطور الباحثون بعد ذلك مرشحا مختلفا لكيفية ارتداد الموجات داخل نجم حقيقي. ومع تطبيق هذا المرشح، تُظهر المحاكاة الناتجة كيف يتوقع علماء الفلك ظهور الموجات إذا تم عرضها من خلال تلسكوب قوي.

ويقول أندرس "تصبح النجوم أكثر سطوعا أو إعتاما اعتمادا على أشياء مختلفة تحدث ديناميكيا داخل النجم، فالوميض الذي تسببه هذه الموجات خفي للغاية، وأعيننا ليست حساسة بما يكفي لرؤيتها. لكن التلسكوبات المستقبلية القوية قد تكون قادرة على اكتشافه".

النجوم تصير أكثر سطوعا أو إعتاما اعتمادا على أشياء مختلفة تحدث ديناميكيا داخل النجم (شترستوك) كيف حول الباحثون الموجات إلى صوت مسموع؟

أخذ تشبيه استوديو التسجيل مع الفريق خطوة إلى الأمام، حيث استخدم أندرس ومعاونوه بعد ذلك عمليات المحاكاة الخاصة بهم لتوليد الصوت. ونظرا لأن هذه الموجات تقع خارج نطاق السمع البشري، فقد زادوا بشكل موحد ترددات الموجات لجعلها مسموعة.

واعتمادًا على حجم النجم الهائل أو سطوعه، ينتج الحمل الحراري موجات تتوافق مع أصوات مختلفة. فالأمواج الخارجة من قلب نجم كبير، مثلا، تصدر أصواتًا مثل مسدس شعاع مشوه، ينفجر بشكل غريب. لكن النجم يغير هذه الأصوات عندما تصل الموجات لسطح النجم. وبالنسبة للنجم الكبير، تتحول النبضات الشبيهة بمسدس الأشعة إلى صدى منخفض يتردد عبر غرفة فارغة.

ومن ناحية أخرى، تستحضر الموجات على سطح نجم متوسط الحجم صورًا لطنين مستمر عبر تضاريس تعصف بها الرياح. وتبدو الموجات السطحية على نجم صغير وكأنها تنبيه حزين من صفارة الطقس.

وبعد ذلك، قام أندرس وفريقه بتمرير الأغاني عبر نجوم مختلفة للاستماع إلى كيفية تغيير النجوم للأغاني. وقال "كنا نشعر بالفضول كيف ستبدو الأغنية إذا تم سماعها من خلال نجم" مضيفا "النجوم تغير الموسيقى، وبالتالي، تتغير حالة الأمواج إذا رأيناها تتلألأ على سطح النجم".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

فيلمان ينقلان أصوات الفلسطينيين إلى مهرجان سندانس السينمائي

رأت المخرجة شيرين دعيبس بمناسبة عرض فيلمها "اللي باقي منك" ضمن مهرجان سندانس السينمائي الأمريكي، وهو بمثابة لوحة تاريخية عن عائلة طُردت من أرضها عام 1948، أن "من الصعب جدا صنع فيلم عموما، ولكن من الصعب أكثر صنع فيلم فلسطيني".

ويتناول هذا العمل، وهو أحد فيلمين فلسطينيين مدرجين في برنامج النسخة الحالية من مهرجان سندانس للأفلام المستقلة، ثلاثة أجيال من عائلة واحدة أجبرت على مغادرة مدينتها يافا في الداخل المحتل للاستقرار في الضفة الغربية.




تقول المخرجة الأمريكية الفلسطينية التي تؤدي في فيلمها دور أم تواجه خيارا صعبا جدا بعد إصابة ابنها خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1988، "من الصعب إيجاد تمويل لإنجاز هذه الأفلام... أعتقد أن الناس ربما كانوا خائفين من رواية هذه القصة".

بميزانية تتراوح بين خمسة وثمانية ملايين دولار، يُعدّ فيلم "اللي باقي منك" مثالا نادرا لفيلم عن القضية الفلسطينية يطلَق بهذا الزخم في الغرب.

أما الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" للفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال أبراهام والذي رُشّح أخيرا لنيل أوسكار ويتناول موضوع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، فلم يجد موزعا أمريكيا حتى اليوم.

في فيلم شيرين دعيبس، تستند مشاهد عدة إلى تجارب عاشتها عائلتها بالفعل، وهو ما منح العمل طابعا حميميا.

ومن هذه المشاهد ما يظهر أبا يتعرّض للإهانة من جندي إسرائيلي أمام ابنه، مما يحدث خللا في العلاقة بين الابن وأبيه لا يصلحه الزمن مطلقا.

وتقول دعيبس التي كانت تذهب إلى الضفة الغربية عندما كانت طفلة "لقد رأيت والدي يُهان على الحدود أو عند نقاط التفتيش"، مضيفة "واجهَ الجنود الذين بدأوا بالصراخ عليه. كنت متأكدة من أنّهم سيقتلونه".




تؤكد دعيبس أن المقصود من فيلمها، الشخصي جدا بطبيعته والحساس بسبب موضوعه، ليس أن يكون عملا سياسيا، مع أنّها تدرك أنّه يترك انطباعا مماثلا.

وتقول لوكالة فرانس برس "لا يمكننا أن نروي قصصنا من دون الاضطرار للتطرق إلى مسائل سياسية"، مضيفة "لكن علينا أن نكون قادرين على أن نروي تجاربنا ونسرد قصصنا الشخصية والعائلية من دون الاضطرار إلى الرد على هجمات".

وتتابع "لذا غالبا ما ينتهي بنا الأمر بالشعور بالخوف، أحيانا حتى قبل أن نروي القصة".

كانت المخرجة في الضفة الغربية المحتلة للتصوير عندما شنت حركة حماس الفلسطينية عملية طوفان الأقصى ضد المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية في غلاف غزة في 7 تشرين الاول/أكتوبر 2023.

وتقول المخرجة "تعيّن علينا المغادرة، كان من المحزن أن نضطر إلى ترك الطاقم الفلسطيني"، مضيفة "كان الجميع متحمسين جدا للعمل في هذا الفيلم التاريخي".

وصُوّرت المشاهد التي يُفترض أنها تجري في وطنها الأم، في الأردن وقبرص واليونان.




والفيلم الفلسطيني الثاني الذي شهد مهرجان سندانس عرضا أول له هو "كو اكزيسنتس ماي آس" الذي يتناول الناشطة الإسرائيلية نوعم شوستر إلياسي التي أصبحت فكاهية تنتقد الهجوم العسكري المدمّر الذي شنته بلادها على الأراضي الفلسطينية.

وترى مخرجة الفيلم الكندية أمبر فارس أنّ "قطاع السينما عليه أن يعيد النظر في ما يعرضه... لأن من الواضح أن هناك حاجة لهذا النوع من الأفلام، والناس يريدون مشاهدتها".

تقول دعيبس "لقد شهدنا تطورا خلال السنوات الأخيرة. بات الناس يدركون أنّ قصصنا غائبة بالفعل من الأفلام السائدة".

مقالات مشابهة

  • ميركل تنتقد ميرتس بسبب اقتراح الهجرة
  • ما هو الاحتباس الحراري.. وكيف حدث وتأثيراته على البيئة؟.. وزيرة البيئة تجيب
  • إكتشاف موجات إشعاعية غريبة قادمة من الفضاء
  • ما علاقة الاحتباس الحراري بتأجيج حرائق كاليفورنيا؟
  • دراسة: الاحتباس الحراري فاقم شدة الحرائق المدمرة في كاليفورنيا
  • فيلمان ينقلان أصوات الفلسطينيين إلى مهرجان سندانس السينمائي
  • بـ "نبضات الميكرويف".. الصين تختبر سلاحا يغير قواعد اللعبة
  • علماء الفلك يكشفون أسرار موجات فضائية غامضة تشبه تغريد الطيور
  • تجارب صحفيين سودانيين في تغطية حرب الخرطوم
  • موسيقى ولحوم مطهية.. باحثون يكشفون أسرارًا غامضة من أعماق الفضاء