تناولت كبريات الصحف الفرنسية نتائج الانتخابات الأوروبية التي هزت رقعة الشطرنج السياسية في البلاد بقدر كبير من الاهتمام، وركزت خاصة على قرار الرئيس إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية والذهاب إلى انتخابات جديدة نهاية الشهر، ورأت فيه تعجيلا للفوضى ورهانا خطيرا ومغامرة قد تؤدي إلى التعايش مع حزب التجمع الوطني.

ورأت لوفيغارو أن ماكرون يخاطر بتسليم مقاليد السلطة غدا إلى الحزب الذي وعد بوقف تقدمه، واعتبرت ميديا بارت أن إستراتيجيته أصبحت الآن مهترئة، وأنه يعرض البلاد بأكملها لخطر كبير، في حين قالت ليبيراسيون إن خطوته قد تؤدي إلى التعايش مع حزب التجمع الوطني الذي يخشاه.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بلومبيرغ: روسيا تجند أفارقة وأجانب آخرين للقتال في حربها ضد أوكرانيابلومبيرغ: روسيا تجند أفارقة وأجانب آخرين ...list 2 of 2لماذا تقف القبة الحديدية عاجزة أمام صاروخ حزب الله "بركان"؟لماذا تقف القبة الحديدية عاجزة أمام ...end of list

وأوضحت لوفيغارو أن الزلزال متوقع، ولكن الهزة الارتدادية لم يكن يتصورها أحد، إذ قرر ماكرون، ردا على هزيمة مؤلمة بدت له وكأنها إذلال، أن يغامر بكل شيء، قبل أسبوع من بطولة أوروبا لكرة القدم، وقبل شهر ونصف من دورة الألعاب الأولمبية في باريس، ليضيف إلى الأزمة السياسية التي فتحها الانتصار التاريخي للتجمع الوطني، أزمة مؤسسية بإعلانه ضد كل التوقعات حل الجمعية الوطنية (البرلمان).

سابقة أوروبية غير مطمئنة

وبهذا القرار رأى ميديا بارت أن رئيس الجمهورية يأمل أن يثبت نفسه مرة أخرى باعتباره الحصن الوحيد ضد اليمين المتطرف، وهو لا يزال يتخيل نفسه سيد اللعبة، ويواصل تحركاته في البوكر، مجازفا بجر الجميع نحو الهاوية، وخاصة بمهاجمة اليسار مرة أخرى.

وركز الموقع على أن رئيس الجمهورية يخاطر بتقديم الأغلبية المطلقة لليمين المتطرف ومعه مفاتيح السلطة، بإضعافه لأحزاب اليسار وحملته ضدها، منتقدة بشدة إستراتيجيته "أنا أو الفوضى" التي ينتهجها.

ويأمل ماكرون -حسب لفيغارو- أن الناخبين الذين يشعرون بالخوف بسبب جرأتهم وموجة الصدمة التي أحدثها خيارهم الجماعي الحالي، سوف يصححون صوتهم، كما يرى أنه من خلال تهويل القضية وتنظيم الحملات الانتخابية بنفسه، سيستعيد الوضع، وربما من خلال تحالفات جديدة، سيستعيد الأغلبية.

ولكن لا شيء يقول إن الأمور ستكون كما يأمل الرئيس، لأن السابقة الأوروبية ليست مطمئنة، ولأن تقدم التجمع الوطني ليس من قبيل الصدفة، بل يعكس الغضب الذي يأتي من بعيد، والذي يجتاح الآن جميع أنحاء أوروبا، يغذيه "قلق مزدوج من المخاطر التي تشكلها الهجرة غير المنضبطة والتهديد الذي يشكله الإسلام السياسي على مستقبل حضارتنا وعلى توازن مجتمعاتنا"، كما ترى لوفيغارو.

وتساءلت الصحيفة في خاتمة افتتاحيتها ماذا سيفعل إيمانويل ماكرون إذا اضطر إلى تسليم مفاتيح ماتينيون (رئاسة الوزراء) إلى جوردان بارديلا، النائب عن التجمع الوطني؟ وختمت بالقول "لن نلوم ماكرون لأنه أعطى صوتا للشعب، ولكن من الواضح أنه يراهن على مستقبله، ومستقبل فرنسا على رمية نرد".

واستعرضت لوبوان نقاطا من كلمة الرئيس والأسباب التي دفعته إلى مفاجأة العالم السياسي بحل الجمعية الوطنية، وهي "صعود القوميين" وكذلك "الحمى والفوضى" التي سادت النقاش العام في البرلمان منذ عام 2022 -حسب قوله- والرغبة في "إعادة الصوت إلى الشعب صاحب السيادة" لأن "فرنسا تحتاج إلى أغلبية واضحة للعمل بهدوء ووئام"، راغبا في "كتابة التاريخ بدلا من المعاناة منه".

وقد رأى محيط الرئيس -حسب المجلة- في هذه المبادرة غير المسبوقة عودة إلى "الحركة" وإلى الماكرونية الأصيلة، محيين "الجرأة والمجازفة والتفوق على الذات. نحن ذاهبون إلى هناك للفوز. إن رغبتنا، من خلال تنفيذ الحل، هي الحصول على أغلبية للعمل في خدمة الفرنسيين".

الناس يتجمعون في ساحة الجمهورية في باريس عقب نتائج الانتخابات الأوروبية (رويترز) صفعة كبيرة

من خلال استعجال العودة إلى صناديق الاقتراع، واتخاذ قرار بعدم تقديم مرشحين "ماكرونيين" ضد النواب المنتهية ولايتهم، كما أعلن وزير الخارجية وزعيم حزب النهضة ستيفان سيجورني، يسعى ماكرون إلى اتخاذ قرار يفاجئ خصومه ليشكلوا حشدا واسعا خلفه يتجاوز الجهاز السياسي، للهروب من وصول مارين لوبان وفريقها إلى السلطة في عام 2027.

وعلقت المجلة في خاتمتها بأنه من المستحيل استئناف فترة الـ5 سنوات وكأن شيئا لم يحدث، مشيرة إلى أن المعسكر الرئاسي مهترئ بعد 7 سنوات في السلطة، وأن رئيسة قائمته فاليري هاير انطلقت متأخرة في السباق وتعاني من قلة السمعة وغياب الرؤية والتوجيه.

ومن ناحيتها، سجلت ليبيراسيون أن فوز التجمع الوطني كان صفعة كبيرة على وجه المعسكر الرئاسي ومفاجأة للجميع، مشيرة إلى أن اختيار ماكرون الذي يبدو وكأنه "طفل غاضب على نحو مفاجئ"، أحدث صدمة غير مسؤولة هو الآخر.

وأوضحت الصحيفة أن اختراق حزب التجمع الوطني، والنتيجة المتواضعة لماكرون، وصعود الحزب الاشتراكي، أدت إلى زعزعة استقرار المشهد السياسي، خاصة أن الهوة بين الحزب اليميني المتطرف الذي حصل على 31.5% من الأصوات، ومعسكر الرئيس الذي حصل على 14.5% من الأصوات فقط، كانت غير مسبوقة.

وخلصت ليبيراسيون إلى أن مصطلح "الهزيمة" لا يزال دقيقا بعض الشيء لوصف النتيجة التي مني بها "الماكرونيون" يوم الأحد، ويبدو أن إعلان رئيس الدولة عن حل الجمعية الوطنية فتح الباب أمام حالة من الفوضى بعد أن أطلق الناخبون المتلهفون لمعاقبة من هم في السلطة غضبهم في صناديق الاقتراع، في وقت يرى فيه الرئيس أن قاعدته الانتخابية تتآكل وفريقه من المنتخبين يتضاءل، ونفوذه في بروكسل وسلطته في باريس تتلاشى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الجمعیة الوطنیة التجمع الوطنی من خلال

إقرأ أيضاً:

محكمة فرنسية تسمح لمؤسس "تليجرام" بالخروج من فرنسا بعد احتجازه العام الماضي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

سمحت السلطات القضائية الفرنسية، لمؤسس تطبيق "تليجرام" بافيل دوروف، بالخروج من فرنسا بعد احتجازه منذ شهر أغسطس من العام الماضي، بتهم تتعلق باتهامه بالتقصير في حجب المحتوى المتطرف والإرهابي.

وأفرجت السلطات الفرنسية عن الملياردير الروسي بكفالة قدرها 4.2 مليون جنيه إسترليني، بعد اتهامه بالتقصير في حجب المحتوى المتطرف والإرهابي.. حسبما ذكرت صحيفة "تليجراف" البريطانية.

وسُمح لبافيل دوروف، مؤسس تطبيق تليجرام، بمغادرة فرنسا مؤقتا، حيث وُجهت إليه عدة تهم تتعلق بتمكين الجريمة المنظمة.

واحتُجز دوروف، البالغ من العمر 40 عاما، في مطار لو بورجيه خارج باريس في أغسطس 2024، ووُجهت إليه تهمٌ عديدة تتعلق بتطبيق المراسلة الشهير.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يُعتقل فيها مؤسس شركة تواصل اجتماعي بسبب محتوى على منصته، ويُعد تليجرام أحد أشهر تطبيقات المراسلة في العالم، حيث يضم أكثر من 900 مليون مستخدم نشط.

مقالات مشابهة

  • أمين عام الناتو السابق يدعم إنشاء مظلة نووية فرنسية بريطانية لأوروبا
  • برلماني: زيارة الرئيس لأكاديمية الشرطة رسالة قوية لتعزيز الأمن الوطني
  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • هكذا إختلس عون شباك بمكتب بريد 600 مليون سنتيم من حساب رعية فرنسية
  • بايرن ميونخ يودع فريتز شيرير.. الرئيس الأسبق الذي رسم طريق المجد
  • البخيتي: إسناد غزة ليس مغامرة وسنستهدف أميركا أينما طالتها أيدينا
  • لتحسين صورة فرنسا.. رئيسة حزب التجمع الوطني مارين لوبان تزور تشاد
  • محكمة فرنسية تسمح لمؤسس "تليجرام" بالخروج من فرنسا بعد احتجازه العام الماضي
  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
  • شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: التجمع الوطني وعلاقتي بعزيز صدقي