باريس- أظهرت النتائج النهائية لانتخابات البرلمان الأوروبي احتفاظ كتلة يمين الوسط بالصدارة بربع عدد المقاعد، وحلول الاشتراكيين بالمركز الثاني، فيما لحقت خسارة كبيرة وصلت لثلث عدد المقاعد بالليبراليين وأحزاب البيئة.

وكان الأوروبيون قد توجهوا إلى صناديق الاقتراع على مدى 4 أيام لانتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي الجدد في القارة التي تشهد أحداثا جيوسياسية مهمة وتزايدا في النزعة القومية.

وبحسب مراسل الجزيرة، أظهرت النتائج النهائية، حصول مجموعة حزب الشعب على 26.3%؜ من المقاعد، تليها مجموعة الاشتراكيين بنسبة 18.8%،؜ ثم الليبراليون بنسبة 11.5%،؜ وحصل المحافظون على 10%،؜ بينما حصل اليمين المتطرف على 8.1%؜، وحلّت أحزاب البيئة في المركز قبل الأخير بنسبة 7.4%.؜

وكانت التوقعات المبكرة تشير إلى أداء قوي لأحزاب اليمين المتطرف في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، مع وجود قدر كبير من عدم الرضا لدى الناخبين وتوبيخ لاذع للتيارات السياسية السائدة.

وسجلت أحزاب اليمين المتطرف زيادة في عدد المقاعد بحصولها على المركز الأول في إيطاليا وفرنسا والثاني في هولندا وألمانيا.

ماكرون يعلن حل الجمعية الوطنية الفرنسية ويدعو إلى انتخابات عامة جديدة في 30 يونيو/حزيران (الفرنسية) فعالية ومرونة

وفيما يخص توجه الناخبين في فرنسا، ترى فيرجيني مارتن، أستاذة العلوم السياسية وعلم الاجتماع في كلية كيدج للأعمال إن "مارين لوبان – زعيمة حزب التجمع الوطني (المتطرف) ومرشحه في الانتخابات الأوروبية جوردان بارديلا، يشكلان ثنائيا راسخا ومتكاملا".

وتقول "لا ننسى أن بارديلا كان بالفعل على رأس القائمة في عام 2019 أيضا. كما أنه لا يجب الاستهانة بنسبة الشباب التي تصوت لصالح التجمع الوطني لأنهم يحبون صورة لوبان في فرنسا، أما بارديلا فهو شخص ينحدر من حي تسكنه الطبقة العاملة ويأتي من تاريخ الهجرة الفرنسية".

وأضافت في حديث للجزيرة نت أنه في الوقت الذي يحاول فيه حزب لوبان الظهور في صورة أكثر ليونة، أنشأ حزب "فرنسا الأبية" سقفا زجاجيا لنفسه سيضعه مرة أخرى في المرتبة الثالثة بعد قطبي الوسط وأقصى اليمين كما حدث في الانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2022.

من جانبه، يعتبر عزوز بقاق، وزير تكافؤ الفرص السابق في عهد دومينيك دوفيلبان، أنه لا يوجد بديل أكثر قوة من الجبهة الوطنية، بسبب سياسة ماكرون التي أراد من خلالها الوقوف في الوسط حتى لا يُحسب على اليسار أو اليمين، مشكلا بذلك ارتباكا شديدا في الأجهزة السياسية الفرنسية.

وتابع بالقول، في حديث للجزيرة نت، إن "القضايا الوحيدة التي توجه تصويت الناخبين الفرنسيين والأوروبيين هي المشاكل مع العرب والمسلمين والهجرة، لأنه تم العمل على تخدير وعيهم منذ سنوات بأخبار مفادها أن هذه الفئة تشكل خطرا على المجتمعات الأوروبية. وإذا سألت أي ناخب في الشارع عن آخر قانون أقره البرلمان الأوروبي لن يستطيع الإجابة".

ضعف المنافسة

وجدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن، مساء الأحد، حل الجمعية الوطنية ودعا إلى انتخابات برلمانية مستعجلة في 30 يونيو/حزيران الجاري، على أن تجرى الجولة الثانية في 7 يوليو/تموز، بعد خسارة معسكره الوسطي أمام حزب التجمع الوطني في انتخابات الاتحاد الأوروبي.

وقال ماكرون في خطابه للأمة "بعد إجراء المشاورات المنصوص عليها في المادة (12) من دستورنا، قررت أن أعطيكم خيار مستقبلنا البرلماني مرة أخرى عبر التصويت"، معتبرا أن النتائج الأولية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا" وأن "صعود القوميين يشكل خطرا على فرنسا وأوروبا".

وفي السياق، ينتقد بقاق ما آلت إليه السياسة الفرنسية والأوروبية، معتبرا أن صعود اليمين المتطرف، كما كان متوقعا، لا يعتبر ظاهرة فرنسية فقط، بل هي ظاهرة أوروبية وعالمية.

وقال الوزير السابق إن التخطيط لهذه الحقبة اليمينية المتطرفة في كل أنحاء أوروبا بدأ منذ عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي واشتد عوده أكثر في الجمعية الوطنية مع شعار "إما أن تحب فرنسا أو تغادرها"، لتمتد هذه الموجة إلى هولندا وبلجيكا وألمانيا وغيرها.

وأضاف "أصبحت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني تحت سجادة الديمقراطية الإيطالية لكنها ضد الهجرة ومليئة بخبث العنصرية ضد الإسلام ومن عشاق مذهب موسوليني".

وفي سياق مشابه، ترى الباحثة في الأحزاب السياسية فيرجيني مارتن، أن اليمين المتطرف الأوروبي خاض المعركة الانتخابية بمفرده، مما يعني غياب المنافسة الحقيقية بين الأحزاب المرشحة للانتخابات الأوروبية.

المرشح الرئيسي لحزب التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلا (يمين) وزعيمته مارين لوبان (الفرنسية) عاصفة في أوروبا

ومن المرجح أن تؤدي نتائج الانتخابات الأوروبية إلى إحداث عاصفة داخل المؤسسة السياسية في أوروبا، مع مؤشرات على صعوبات مستقبلية داخل البرلمان الأوروبي لتشكيل الأغلبية المطلوبة لتمرير القوانين أو إنشاء المفاوضات حول قضايا محورية تهم شعوب الاتحاد.

وفي هذا الإطار، تعتبر أستاذة العلوم السياسية مارتن، أن مفهوم "أوروبا الأمم" لن يستمر وستعود دول الاتحاد إلى تحقيق المزيد من السيادة الوطنية، متوقعة تغييرات في المعايير الأوروبية لكل دولة "على سبيل المثال، لن تعقد لوبان اجتماعاتها مع العلم الأوروبي ـوهو رمز للوحدةـ في الخلف".

أما فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، توضّح مارتن الاختلاف بين توجهات اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية، قائلة إن "حزب مارين لوبان يعتبر يمينا متطرفا اجتماعيا لذا يصوت الكثير من الفقراء لصالحه، وهذا ليس هو الحال بالنسبة للألمان أو المجر مثلا".

ولا تعتقد المتخصصة في الأحزاب السياسية أن الانتخابات تحدث أي ثورات "لكن إذا حصل الكثير من النواب اليمينيين المتطرفين على مقاعد في البرلمان الأوروبي، فسيؤدي ذلك بالتأكيد إلى تشكيل يقود الاتحاد الأوروبي للتخلي عن فكرة أوروبا الفدرالية وتطبيق سياسات هجرة أكثر صرامة".

وهو تحليل يدعمه وزير تكافؤ الفرص السابق بقاق مؤكدا أنه "لو كان التصويت إلزاميا، لساعد ذلك في تغيير كل شيء بالنسبة للعرب والمسلمين في أوروبا، على الأقل لمكافحة أهداف اليمين المتطرف بشأن الهجرة. وأرى أن هذا الطيف السياسي سيبسط نفوذه بهدوء لسنوات عديدة ويقطع العشب من تحت أقدام المهاجرين وأطفالهم وكل من يحاول القدوم إلى أوروبا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البرلمان الأوروبی الیمین المتطرف التجمع الوطنی فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

الكتل السياسية المنافسة تبحث سبل منع اليمين المتطرف من الفوز

باريس"أ ف ب": قبل ثلاثة أيام من الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا وتحت عناوين "خيار تاريخي" و"خوف" و"قيم"، يضخم مرشحو الكتل السياسية الثلاث الرئيسية مخاطر الاقتراع ويبحثون في إمكانية التصدي لليمين المتطرف الأوفر حظا بالفوز من أي وقت مضى.

ويتقدم حزب التجمع الوطني وحلفاؤه من اليمين المتطرف بفارق مريح في استطلاعات الرأي (36%)أمام الجبهة الشعبية الجديدة وهي ائتلاف غير متجانس من القوى اليسارية (28,5%) وفي المرتبة الثالثة تحالف الوسط حول الأغلبية المنتهية ولايتها (21%) للرئيس إيمانويل ماكرون.

ولا تزال نتيجة الانتخابات غير محسومة من حيث عدد المقاعد في الجمعية الوطنية وخصوصا أن الناخبين سيتوجهون بكثافة إلى مراكز الاقتراع في 30 يونيو و7 يوليو (نسبة مشاركة متوقعة تراوح بين 60 و64%) مقارنة بعام 2022 (47,8%) أو بالانتخابات الأوروبية الأخيرة.

ومساء الثلاثاء جرت مناظرة تلفزيونية بين زعيم اليمين المتطرف جوردان بارديلا ورئيس الوزراء غابرييل أتال وممثل تحالف اليسار مانويل بومبار سادها التوتر وأظهرت خصوصا ثقة بارديلا في فوز حزبه.

وبدا بارديلا هادئا أكثر ثقة مما كان عليه خلال مناظرة سابقة مع غابرييل أتال قبل شهر خلال حملة الانتخابات الأوروبية، متوقعا توليه منصب رئيس الوزراء في حال فاز حزبه بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية.

وارتفع مستوى الرهانات بعد أن قال زعيم التجمع الوطني وهو حزب لم يحكم من قبل "خلال أيام ستتوجهون إلى صناديق الاقتراع لخيار تاريخي".

واليوم اعتبرت رئيسة المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني في الجمعية الوطنية والزعيمة التاريخية للحزب مارين لوبن، أنه "يرجح أن تنزل تظاهرات الى الشارع" إذا فاز حزبها. وأضافت أن "اليسار المتطرف يتصرف دائما بعنف".

وتابعت "يهاجمون التجمعات ويخربون التظاهرات الاجتماعية وها هم يتظاهرون ضد نتائج الانتخابات. ماذا سيفعلون غدا؟ سيحتلون مبنى الكابيتول؟" في اشارة الى هجوم أنصار دونالد ترامب من اليمين المتطرف على الكابيتول في يناير 2021.

ودعا ممثل اليسار مانويل بومبار الفرنسيين إلى "الا يتحول الخوف الى حقيقة وضمان عدم انزلاق فرنسا إلى العنصرية والكراهية والأنانية".

من جانبه واصل غابرييل أتال الاستراتيجية الرئاسية منذ إعلان حل الجمعية الوطنية في 9 يونيو قائلا "فرنسا على موعد مع قيمها ومصيرها. أثق بكم وبنا".

ومن المقرر أن يواصل رئيس الوزراء حملته على الأرض لمحاولة تقليص الهوة داخل حزبه بقيامه بزيارتين إلى وسط غرب البلاد.

في المقابل، يواصل جوردان بارديلا حملته الإعلامية بمداخلة مزدوجة على إذاعة أوروبا 1 وقناة سي نيوز واللتين يملكهما الملياردير فنسان بولوريه المتهم بانتظام بالتحيز لليمين المتطرف.

ولمواجهة التجمع الوطني والزلزال السياسي الذي سيحدثه في حال وصوله إلى السلطة، دعا نحو 200 شخصية اشتراكية ومن انصار البيئة و"مناصري ماكرون" في صحيفة لوموند، اليمين والوسط واليسار إلى "الاظهار بوضوح من الآن" اتفاقا للانسحاب في الدورة الثانية.

وهيمن الموضوع على النقاشات إذ رفض زعماء المعسكر الرئاسي اتخاذ موقف قبل الدورة الأولى ويبدو أنهم سيتجهون نحو "رفض التجمع الوطني وفرنسا الأبية" حتى لو لم يحسم إيمانويل ماكرون قراره بعد.

وطلبت زعيمة الخضر مارين تونديلييه العضو في الجبهة الشعبية الجديدة لقاء قادتها لإقناعهم بقبول "التنازل الجمهوري" مطالبة بتفسيرات عن سبب "عدم التفريق بين اليمين المتطرف واليسار".

وظهرا أعلن مجلس الوزراء حل مجموعة الدفاع عن الاتحاد (GUD)، النقابة الطلابية من اليمين المتطرف التي تأسست في السبعينات وأعيد تنشيطها مؤخرا، وثلاث هيئات أخرى من اليمين المتطرف. ولقيت جمعية إسلامية المصير نفسه.

مقالات مشابهة

  • الكتل السياسية المنافسة تبحث سبل منع اليمين المتطرف من الفوز
  • انطلاق صالون البوابة نيوز حول «الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين»
  • فوز أحزاب اليمين في الانتخابات الأوروبية يحدث هزة كبرى بالقارة العجوز
  • فوز أحزاب اليمين في الانتخابات الأوروبية يحدث هزة كبرى في القارة العجوز
  • بعد صعود اليمين المتطرف الأوروبي.. ما هي المخاطر الحقيقية للمستثمرين؟
  • الانتخابات الأوروبية.. قراءة في النتائج والتداعيات
  • اقرأ غدا في "البوابة".. داليا عبد الرحيم تكشف في "الضفة الأخرى" عوامل صعود اليمين المتطرف بأوروبا
  • تحذيرات من اضطرابات مدنية وأعمال عنف قبل الانتخابات البرلمانية الفرنسية.. وتظاهرات نسائية ضد اليمين المتطرف
  • دبلوماسيون فرنسيون يحذرون من فوز محتمل لليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقبلة
  • شولتس "قلق" بشأن احتمال فوز اليمين المتطرف بزعامة لوبان في فرنسا