سودانايل:
2024-12-25@07:43:31 GMT

أنقذوا شعب السودان!

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد
رغم أي تبريرات ذكرت ويتم الترويج لها، فإن ما حدث في قرية ود النورة الواقعة غربي منطقة المناقل في ولاية الجزيرة بالسودان، هو جريمة بشعة تضاف إلى سلسلة الجرائم الأخرى المنسوبة إلى قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب القذرة في أبريل/نيسان 2023. الجريمة راح ضحيتها أكثر من مئتي قتيل وجريح من سكان القرية المدنيين البسطاء، وهي نفذت يوم الأربعاء الخامس من يونيو/حزيران الجاري، وكأنها تود ترسيخ أن يظل شهر يونيو/حزيران في أذهان السودانيين مرتبطا بسفك دماء أبنائهم من المدنيين، حيث شهد يوم الإثنين الدامي المشؤوم الثالث من يونيو/حزيران 2019 جريمة فض اعتصام الثوار السلمي أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني وقتل المئات منهم، وشهدت الفترة من الثالث عشر إلى الواحد والعشرين من شهر يونيو 2023 مذابح إبادة الآلاف من سكان مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، على أيدي قوات الدعم السريع، ويشهد شهر يونيو الجاري احتمالات اجتياح مدينة الفاشر كبرى مدن دارفور حيث يمكن أن يؤدي الهجوم الوشيك إلى مذبحة على نطاق مماثل لما حدث في مدينة الجنينة.

ولكن كل شهور السنة، وليس يونيو/حزيران وحده، مخضبة بدماء السودانيين، كما أن القتل وسفك الدماء ليس وقفا على قوات الدعم السريع حصريا. وفي الحقيقة، فإن ما يجري في السودان، وخاصة منذ نجاح شعبه في الإطاحة برأس نظام الإنقاذ في العام 2019، يبتعد، قليلا أو كثيرا، عن المعنى المتداول والمعروف لمفهومي السياسة والصراع السياسي، بقدر ما هو أقرب لأن يكون نسخة مسيّسة لأنشطة الجريمة المنظمة والمكتملة الأركان كما ترتكبها العصابات.
الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، هي صراع وحشي أدى إلى الموت على نطاق واسع والعنف الجنسي ولجوء مئات الآلاف إلى دول الجوار بدون معينات للمعيشة، كما أدى إلى أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، وتسبب في أن حوالي 2.5 مليون شخص آخرين في السودان معرضون لخطر الموت من الجوع.
ومن الواضح أن أياً من الطرفين المتحاربين لا يبدو مهتماً بإنهاء الحرب، وأن العديد من الدول الأخرى تعمل على تأجيجها بشكل مباشر، وأن القوى المدنية السودانية عاجزة حتى الآن على القيام بدورها، وهي في وضعها الراهن لا تستطيع فعل الكثير لحماية شعب السودان. أما المجهودات التي يقوم بها المجتمع الدولي فمحصلتها تؤول إلى الصفر، وهي غير منسقة وليس فيها ما يشير إلى أنها جزء من استراتيجية أكبر لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار. ولا يبدو أن سياسة العقوبات التي تفرض على بعض قادة طرفي الحرب ستؤتي ثمارها المرجوة. صحيح ربما لا تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ كبير على الأطراف المتحاربة، ولكن يبدو أنها غير راغبة في استخدام نفوذها الحقيقي على مؤيديهم الأجانب، علما بأن الدعم المباشر من هولاء المؤيدين الأجانب هو السبب المباشر في استمرار الحرب وإهلاك المدنيين السودانيين.

رغم ما حدث في الجنينة من فظائع تجاه إثنية المساليت، فإن العديد من أطراف المجتمع الدولي لاتزال تحاجج حول ما إذا كانت تلك الفظاعات تستوفي تعريف الإبادة الجماعية

بعض المنظمات والمؤسسات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، ربما تؤيد وصف مذابح الجنينة المشار إليها أعلاه بالإبادة الجماعية، ومع ذلك قد تعتبرها حدثا عارضا ولا تراها حتمية أن تسود في البلاد. ولكن، وحسب اتساع مدى المذابح في البلاد، واستنادا إلى الوثائق القانونية لمكتب المستشار الخاص للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، توجد علامات تحذيرية عديدة على طول الطريق بشأن الإبادة الجماعية في السودان، وكذلك تتوافر فرص كثيرة لاتخاذ إجراءات لمنعها. والتقاعس أو عدم الفعالية في معالجة العلامات التحذيرية، هو ما يسمح للإبادة الجماعية بأن تصبح حقيقة واقعة. والعلامات التحذيرية التي وضعها مكتب المستشار الخاص تشمل: الانتهاكات الخطيرة وعلى نطاق واسع لحقوق الإنسان، لا سيما إذا شكلت أنماطاً سلوكيةً راتبة ومتكررة، والدوافع أو الحوافز المحتملة التي يمكن استخدامها لتبرير استخدام العنف وإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير ضد مجموعات معينة من السكان، وإخضاع هذه المجموعات وغيرها، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، عجز هياكل الدولة التي ينبغي أن تعمل على حماية السكان المدنيين…إلى غير ذلك من العلامات. لكن، ورغم ما حدث في الجنينة من فظائع تجاه إثنية المساليت، فإن العديد من أطراف المجتمع الدولي لاتزال تحاجج حول ما إذا كانت تلك الفظاعات تستوفي تعريف الإبادة الجماعية. وحتى إذا كانت حجج هولاء منطقية، فلا يجب أن يتعثر المجتمع الدولي في جدل قانوني حول ما إذا كانت هذه الفظاعة تستوفي تعريف الإبادة الجماعية أم لا، وذلك إذا كنَّا جادين في منع الإبادة الجماعية أو وقفها في المستقبل. فبحلول الوقت الذي نتحقق فيه من أنَّ فظاعة بعينها استوفت التعريف، ربما يكون أوان التحرك قد فات، وعلينا أن ندرك علامات الاقتراب أو احتمالية وقوع الإبادة الجماعية، حتى نتمكن من العمل في الوقت المناسب لتجنبها، كما أشار عن حق الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان.
إن المجازر والانتهاكات الفظيعة في السودان لن تردعها الإدانات وبيانات الشجب، بل تستوجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية السكان المدنيين السودانيين، بدءا من استخدام الصلاحيات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، البند السابع، لفرض وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للسكان خاصة النازحين واللاجئين، حظر دخول الأسلحة الى السودان، إصدار عقوبات دولية صارمة على الدول التي تدعم استمرار الحرب في السودان وتمكن استمرار حدوث هذه الجرائم والانتهاكات في خرق فاضح لقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 1591، توسيع نطاق عمل وولاية لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإلزام الأطراف المتحاربة بقبولها والسماح لها بالوصول غير المشروط إلى جميع مناطق السودان للتحقيق في الانتهاكات التي تم ارتكابها خلال هذه الحرب.

نقلا عن االقدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة المجتمع الدولی الدعم السریع یونیو حزیران فی السودان ما حدث فی إذا کانت ما إذا

إقرأ أيضاً:

وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان

نفى وزير الزراعة والغابات المكلف، د. أبوبكر عمر البشرى، صحة التقارير التي تروج لحدوث مجاعة في السودان، مؤكدًا بالأرقام أن السودان يتمتع بموارد وفرص زراعية هائلة تحول دون وقوع مجاعة.

وفي مؤتمر صحفي عقده ببورتسودان يوم الاثنين، أعلن الوزير عن نجاح الموسم الزراعي الصيفي، مشيرًا إلى الاستعدادات الجيدة للموسم الزراعي الشتوي الذي انطلق في الولاية الشمالية منتصف نوفمبر الجاري.

وأكد الوزير أن المزاعم بشأن وجود مجاعة في السودان تفتقر إلى الأسس العلمية، حيث تعتمد المجاعة على معايير محددة أبرزها معدلات سوء التغذية. وأوضح أن الجهات التي أثارت هذه الادعاءات لم تجمع بيانات أو تجري دراسات حول سوء التغذية، وإنما استندت إلى دوافع سياسية.

وأضاف الوزير أنه تم تدشين حصاد الموسم الصيفي مطلع نوفمبر في ولاية كسلا، كاشفًا أن الإنتاج المتوقع يتراوح بين 7 و8 ملايين طن من الحبوب، وهي كمية تتجاوز احتياجات السودان، ما يؤكد عدم صحة الادعاءات بوجود مجاعة.

وتطرق وزير الزراعة إلى سير التحضيرات للموسم الشتوي مطمئنا الجميع بأن التحضيرات تسير بشكل ممتاز وعبر عن تقدير الوزارة للشركاء من المنظمات الدولية ذات الصلة بالقطاع الزراعي، وتقدير الوزارة لشركات الوقود وكل الجهات التي ساهمت في إنجاح الموسم الصيفي وتساهم في التحضير الجيد للموسم الشتوي .وتناول حجم الدمار الذي حدث بسبب إنتهاكات مليشيا الدعم السريع الإرهابية على القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن البلاد رقم ذلك تجاوزت التحدي ومضت وحققت نجاحات في القطاع .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • التجمع المسيحي بالأراضي المقدسة: المسيحيون في قلب معركة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي
  • منع دخول المساعدات.. سلاح إسرائيل لمواصلة الإبادة الجماعية في غزة
  • باحث: نتنياهو يستغل المفاوضات لتمرير الإبادة الجماعية في غزة
  • حرب السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل في الأفق
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • بالصور.. شمال غزة يسطّر فصلًا جديدًا من البطولة في مواجهة الإبادة الجماعية
  • لمحاكمتها بتهم الإبادة الجماعية..بنغلاديش تطالب الهند بتسليم الشيخة حسينة
  • قيادي بـ«فتح» عن الإبادة الجماعية في غزة: إلى متى سيظل العالم صامتًا؟
  • وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان
  • العائلة في سربرنيتسا.. وثيقة حنين لأطلال مدينة يتلاشى سكانها بعد الإبادة