سودانايل:
2025-01-05@06:58:18 GMT

الحقائق تغير معادلات السياسة

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
يقول دستوفسكي ( أحيانا الناس لا يريدون سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أوهامهم تتحطم)
أن الأغلبية من قيادات العمل السياسي في دول العالم الثالث التي تعجز عن تحقيق مخططاتها لا تبحث عن الأسباب التي أدت إلي الفشل، خاصة إذا كان الفعل الذي يراد تنفيذه يخالف ما ترفعه من شعارات الفضيلة و الحرية و الديمقراطية و غيرها من الشعارات التي يسهل ترديدها دون أن تكون هناك كفاءات قادرة على تنزيلها على الأرض.

. لذلك تجدهم يلجأوا إلي تغيب الحقيقة عندما يشعروا أن مخططهم قد فشل.. فالذين يبحثون عن شماعة لكي يعلقون عليها أخطائهم.. يشعرون في دواخلهم بحالة الضعف و قلة الكفاءة و الخبرة و الخوار و الهزيمة النفسية التي تدفعهم على التضليل و محاولة تغييب الحقيقة.. أن الحرب لم تدمر فقط البنية التحتية للبلد، و نهب و سرقة ممتلكات المواطنين و التعدي على أعراضهم و ضياع ارواحهم.. و لكنها كشفت استعدادهم للكذب دون تردد و مداراة الحقيقة..
صباح يوم 15 إبريل 2023م كان قائد الميليشيا داخل عربته الحربية بالقرب من القصر الجمهوري يتوعد بقتل و اعتقال البرهان و كباشي و محمد عثمان الحسين و انهم أصبحوا على مرمى فوهات بنادق عناصر الميليشيا، و أكد أنها لحظات و ينقضي الأمر و ينفض السامر.. كانت الميليشيا تسيطر على كل شيء داخل الخرطوم قبل تفجير الصراع و فشلت في انجاز مهمة الانقلاب.. إذا راجعنا الانقلابات السابقة التي نجحت جميعها سيطرت فقط على " القيادة العامة و إغلاق الكباري و المطار و السيطرة على الإذاعة و التلفزيون فقط و ينجح الانقلاب.. أما الميليشيا كانت تسيطر على كل ذلك و غيرها و أكثر من 80 ألف مقاتل داخل العاصمة و فشل انقلابها يستغلون أكثر من 4 ألف عربة مجهزة بالمدافع و الاسلحة الثقيلة.. و عندما شعرت أنها فشلت، الأمر الذي يؤكد قلة خبرتها و ضعف قدراتها العسكرية في التنفيذ، لجأت للكذب بهدف التضليل أن الحركة الإسلامية وراء اشعال الحرب و هي وراء الانقلاب.. البعض يقول أن القيادات العسكرية جميعها تابع للحركة الإسلامية و هي وراء الانقلاب.. إذا كانت هي التي تقبض على مفاصل السلطة لماذا تريد أن تنفذ انقلابا عسكريا على نفسها؟
أن طرد عناصر الميليشيا من مباني الهيئة القومية للإذاعة و التلفزيون و سيطرة الجيش عليها كشفت حقيقة الذي جرى يوم 15 إبريل 2023م، بوجود مستشار الميليشيا يوسف عزت في مباني للهيئة و هو يحمل بيانات كانت معدة سلفا للبث يوم الانقلاب، مما يؤكد حقيقة الذي جرى يوم 15 إبريل 2023م بأنه انقلابا عسكريا.. هنا تتغير المعادلة السياسية؛ لآن الانقلاب ليس صنيعة الميليشيا وحدها بل قد تكون شاركتها قيادات سياسية، حتى الآن غير معروف إذا كانت هذه القيادات قد شاركت بقرار فردي منها أو بعلم أحزابها.. أن الحقائق الجديدة تبين القصد من المسعى السياسي.. فإذا كانت القيادات ضالعة في الانقلاب تصبح غير مؤهلة لقيادة عمل سياسي من أجل التحول الديمقراطي، و أن عملية تزيف الحقائق تجعلها غير نزيهة و لا تملك الشفافية التي تجعل الآخرين يثقون فيها، فكل المواقف بنيت بأن الحرب طلقات أطلقتها عناصر إسلامية تابعة إلي على كرتي،، رغم أن السبب الرئيس هو إنقلاب عسكري من قبل الميليشيا، و أن تغير المعلومات يؤدي إلي تغيير في كلية الفكرة السابقة..
أن حالة الاستقطاب الحادة في الشارع السياسي؛ و التي كانت جارية منذ سقوط الإنقاذ في 11 إبريل 2019م ، كانت لا تقف على معلومات حقيقية، كلها حالة غضب تتبني عليها شعارات يمليها فعل وردة فعل غيب الكثير من الحقائق، فأصبح العقل عاجز أن يجاري ضخ من المعلومات التي لا تسندها أي حقائق على الأرض فقط أن تكون مع أو ضد.. الآن بدأت تتكشف الحقائق بأن الذي جرى هو انقلاب عسكري.. و أول الخيط بالضرورة يقود إلي أخره، لآن أغلبية الشعب يريدون معرفة الحقائق مجردة، و بعيدة عن التبريرات التي غدت ثقافة عامة للقوى السياسية جميعها..
و الذي دائما أكرره في المقالات، أن كثرة الشعارات في الساحة السياسية تعتبر دليل ضعف و فقر ثقافي و معرفي في المؤسسات الحزبية، لآن عملية التغيير تحتاج إلي فكر يقود عملية التحول الديمقراطي لكي يخلق حوارا فكريا بين جميع التيارات الفكرية، حتى يرسخ لمبدأ أحترام الرأي و الرأي الأخر، و في نفس الوقت ينتج ثقافة ديمقراطية تنداح على الثقافة الشمولية المتراكمة من جراء استمرارية النظم السياسية الشمولية لعقود في البلاد، فالقوى السياسية إذا كانت شحيحة في إنتاج الثقافة الديمقراطية داخل مؤسساتها و في تعاملها مع الأخر، لا تستطيع أن تكون جديرة بقيادة عملية التحول الديمقراطي.. فالديمقراطية لا تؤسس على تزيف المعلومات، و على شعارات تعلم القيادات قبل غيرها إنها لا تملك القدرة على تنزيلها على الأرض، أن أغلبية القوى السياسية فقيرة الإنتاج الثقافي و المعرفي و الفكري..
أن فئة واسعة من المثقفين و الإعلاميين بنت قناعتها على الذي يدور في الساحة السياسية من معلومات الميليشيا و إدعاءاتها الكاذبة، و هي غير مستعدة أن تغيير هذه القناعة لأنها لم تتعود طوال تاريخها أن تراجع نفسها أو تمارس المنهج النقدي، الكل يعشق منهج التبرير لأنه يعلق الخطأ على شماعات و ليس على الأفراد الذين أرتكبوا الأخطاء. و مهما تكشفت الحقائق سيظل الكل يكابر، هذه الثقافة ستظل قائمة و تؤدي مستقبلا إلي فشل أي مشروع سياسي يمكن أن ينهض بالبلاد.. " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فالتغيير و البعد عن التبرير وحده هو الذي يغير معالات السياسية و يؤدي لثقافة جديدة في المجتمع.. كل واحد أو تنظيم يجب أن يعلم أنه يملك جزء من الحقيقة التي يملك الأخر جزءها المتبقي.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: إذا کانت

إقرأ أيضاً:

برلماني: السياسة المصرية تجاه أفريقيا ترتكز على التعاون والتكامل

أكد الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، على عمق العلاقات التاريخية التي تجمع مصر وأوغندا،  مشيرا إلى أن هذه العلاقات شهدت تطورا كبيرا في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي ـ الذي أعاد إحياء علاقة مصر بمحيطها الإفريقي ـ وذلك من خلال تعزيز التعاون المشترك واستكشاف آفاق أرحب للعلاقات الثنائية في مختلف المجالات بما يحقق مصالح الدولتين الشقيقتين، ويعكس الدور المحوري للبلدين في القارة الافريقية، وخاصةً في سياق تعزيز التعاون والتنسيق بين دول حوض النيل.

وقال "محسب"، الموضوعات التي تم مناقشتها في الاتصال الاخير بين الرئيسين المصري والأوغندي، تعكس مبادىء التعامل المصري مع قضايا القارة السمراء التي تنبع من الرؤية التاريخية والاستراتيجية، وترتكز على تعزيز التعاون والسلام والاستقرار في المنطقة، حيث تعمل مصر بكل جدية على تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية، مع التركيز على مشروعات البنية التحتية، مثل مشروعات الربط الكهربائي والنقل، فضلا عن تشجيع التعاون في مجالات الزراعة، المياه، والصناعة لتعزيز الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، مشيرا إلى أن  الاتصال تناول أيضا استضافة أوغندا لقمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية، حول البرنامج الأفريقي الشامل للتنمية الزراعية، حيث أكد  الرئيس على  ضرورة صياغة سياسات أفريقية تدعم الصناعات الزراعية، وتعزز تمكين صغار المزارعين والنساء والشباب من خلال تسهيل حصولهم على التمويل والقروض الميسرة للوصول إلى الأسواق وتيسير التجارة، فضلاً عن تعزيز استخدام التقنيات الرقمية لمواكبة التطور المتزايد في هذا المجال.

وأضاف عضو مجلس النواب، أن الاتصال تطرق إلى مناقشة الجهود المصرية لدعم  الأمن والاستقرار بالقارة، موضحا أن مصر لعبت دورا مهما  للحد من الصراعات، وساهمت في تقديم حلول تحفظ وحدة الدول وسلامة أراضيها، حيث تلتزم مصر بمبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كذلك احترام القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة في حل النزاعات، لافتا إلى أن الفترة الماضية شهدت جهود مصرية مكثفة لتنسيق الجهود مع منظمات مثل الإيجاد ومبادرات القرن الأفريقي لحل الصراعات الإقليمية، فضلا عن المساهمة في جهود حفظ السلام، حيث تشارك مصر بفعالية في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في القارة الأفريقية، وتعمل على تقديم الدعم الفني واللوجستي للجهود الدولية والإقليمية الرامية لإعادة الإعمار والاستقرار.


وشدد النائب أيمن محسب، على أهمية الدور الذي لعبته مصر في دعم وحدة السودان وسلامته، من خلال تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية المختلفة، والدفع نحو وقف إطلاق النار، مع التأكيد على أهمية حماية الشعب السوداني من ويلات الحرب وتيسير نفاذ المساعدات الإنسانية، فضلا عن جهود مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار، في دول القرن الأفريقى، والتأكيد على استقلال وسيادة الصومال ووحدة أراضيه، مؤكدا أن رؤية مصر في التعامل مع قضايا القارة ترتكز على  السلام والتعاون والتنمية المشتركة.

مقالات مشابهة

  • هكذا حاولت “إسرائيل” الانقلاب على انتصار المقاومة!
  • ما بين اليأس “الإسرائيلي” والنجاحات اليمنية.. من يمسك بخيوط معادلات المرحلة القادمة؟
  • أحاديث في السياسة.. قراءة الحدث
  • برلماني: السياسة المصرية تجاه أفريقيا ترتكز على التعاون والتكامل
  • 5 عادات يومية تغير من حياتك في 2025| اعرفها
  • وثيقة فرنسية تاريخية تكشف مغربية تندوف
  • «أمنية» تغير حياة 830 طفلاً وطفلة العام الماضي
  • بسبب تغير المناخ.. قناة بنما تواجه مشكلة كبيرة
  • وزيرة البيئة تستقبل وزير الطيران لبحث التعاون المشترك في ملف تغير المناخ والسياحة البيئية
  • بحث التعاون بين البيئة والطيران المدني لمواجهة آثار تغير المناخ