هل تكرر السعودية تجربة ما بعد الطائف؟
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
منذ عدّة سنوات، ولأسباب كثيرة لم تفصح عنها بشكل علني، قررت المملكة العربية السعودية تخفيف إهتمامها بالشأن اللبناني وإنكفأت بشكل كبير عن التفاصيل السياسية الداخلية في ظل خصومة فاقعة مع "حزب الله" ومع عهد الرئيس ميشال عون الذي وصل الى قصر بعبدا من دون رضى كامل من قبلها. وهذا التوجه السعودي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم وإن كان بدرجة أقل من السابق على اعتبار أن الواقع الاقليمي بات مختلفاً عما كان عليه في السابق وكل الاطراف الفاعلة تتفاعل معه وتساهم في تشكيله.
في ظل الحرب المشتعلة في فلسطين والمنطقة بات الوصول الى التسوية أمر لا بدّ منه، ومسألة وقت فقط، من هنا يصبح الحديث عن طبيعة الحل في لبنان ضرورياً للحفاظ على التوازنات الدقيقة التي يقوم على اساسها النظام اللبناني والذي ليست هناك أي نية من أي طرف لتغييره بالكامل. وبالنظر إلى الواقع الحالي، فإن اي تسوية ستعقد، ستفتقد إلى الجانب السنّي، ففي ظل تعليق الرئيس سعد الحريري لعمله السياسي، وتولي الرئيس نجيب ميقاتي العمل كرئيس للحكومة من دون خوص الانتخابات النيابية، سيكون من الصعب عقد تسوية بغياب المكون السنّي سياسياً.
لا يمكن لاي حل في لبنان ان يتم من دون أن تكون السعودية جزءاً منه، لاسباب مرتبطة اولا بتركيبة الحياة السياسية والاجتماعية اللبنانية، وثانياً لحاجة لبنان للرياض إقتصادياً، لكن حتى اللحظة، وبالرغم من مشاركتها الفعالة ب" اللجنة لخماسية"، الا انها لا تزال تتعامل بحيادية نظرية مع التفاصيل اللبنانية، حتى في الإستحقاق الرئاسي لم تضع الرياض اي فيتو على أي إسم ولم تؤيد في الوقت نفسه أي مرشح، وهذا يساهم في تأجيل الإستحقاق على إعتبار أن الموقف السعودي سيؤدي الى تعديل او تثبيت مواقف عدد لا بأس به من النواب في المجلس النيابي الحالي.
في هذه المرحلة تعمل المملكة العربية السعودية على تصفير مشاكلها مع محيطها، وهي تسعى الى التفرغ للتنمية والنمو الاقتصادي وللمشاريع التي يخطط لها ولي العهد محمد بن سلمان، لذلك فإن هذا التوجه العام والاستراتيجي للرياض يفرض عليها امرين، الاول تخفيف من حدة اشتباكها مع بعض القوى السياسية اللبنانية والثاني عدم التفرغ للتفاصيل اللبنانية والإشكالات الداخلية التي لا تنتهي، فكيف يمكن التوفيق بين هذين الحدين، مع التسليم بفكرة ان السعودية لا يمكن الا ان تكون مشاركة في التسوية المقبلة المرتبطة بالساحة اللبنانية.
قد يكون الحلّ، بحسب مصادر سياسية متابعة، تكرار لما حصل في مرحلة ما بعد الطائف، اي ان ترعى الرياض الاتفاق بين اللبنانيين بتوازناته الجديد - القديمة، وتكون موافقة كلياً على التسوية وشكلها وتفاصيلها، مع ما يستتبع ذلك من تعديل في طريقة تعاملها مع لبنان، لكن من دون ان تكون هي الراعي المباشر للتفاصيل الآنية، وهذا ما حصل بداية التسعينات حيث استلمت سوريا زمام المبادرة بموافقة وضوء أخضر سعودي كاملين، وعليه قد يكون هناك دولة أخرى تساهم في متابعة التفاصيل الداخلية بإستمرار مثل فرنسا، وذلك بعد أخذ موافقة نهائية من الرياض.
وتشير المصادر إلى أن اصحاب هذا السيناريو يعتبرون ان السعودية وعندما يحين موعد التسوية، تكون قد قطعت اشواطاً في تحسين علاقتها مع الإيرانيين وتصالحت بشكل نهائي مع الدولة السورية، مما يجعلها اكثر قدرة على التعامل الهادئ مع القوى السياسية الداخلية، وكذلك عقد اتفاقات تفصيلية تتيح لها هوامش واسعة من الحرية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من دون
إقرأ أيضاً:
لبنان أولا : عون يطالب بعدم عرقلة تأليف الحكومة اللبنانية داخل «زواريب مذهبية»
بيروت - بولا أسطيح - دعا الرئيس اللبناني، جوزيف عون، إلى عدم «عرقلة تشكيل الحكومة في زواريب مذهبية وطائفية وسياسية ضيقة»، وسط عقبات ومطالبات من الكتل وممثلي القوى السياسية بتمثيلها في الحكومة الجديدة؛ مما يهدد بتأخير تشكيلها إلى حين تذليل تلك العقبات.
وقال عون الأربعاء: «لقد بدأنا إعادة الثقة بين الشعب والدولة، ونأمل تأليف حكومة بأسرع وقت؛ تكون ملائمة لتطلعات الشعب، على أن نقوم تباعاً بمد جسور الثقة مع العالمين العربي والغربي. وهذا ليس بالأمر الصعب إذا ما وجدت نوايا صادقة تجاه المصلحة العامة».
وقال الرئيس اللبناني إنه «من أولى الإشارات الإيجابية التي يجب أن نُظهرها للعالم هي تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لا أن تتم عرقلة التشكيل في زواريب مذهبية وطائفية وسياسية ضيقة»، مضيفاً: «نحن أمام فرص يجب ألا نتركها تضيع منا، بل علينا الترفع عن جميع الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل».
نواب «التغيير»
ويرفض نواب «التغيير»، الذين كان لهم دور في توحيد صفوف المعارضة للسير نحو تسمية القاضي نواف سلام لتشكيل حكومة لبنانية جديدة، التعاطي مع ما يُتداول إعلامياً عن عودة منطق المحاصصة الطائفية والحزبية لتسيير عملية تشكيل الحكومة. ويجمع هؤلاء النواب راهناً على وجوب تجاوز آليات التشكيل التقليدية وفرض آلية جديدة تعتمد حصراً مبدأ الكفاءة، وتتماشى مع الجو «التغييري» الذي لفح استحقاقَي انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. وينقسم نواب «التغيير» منذ مدة إلى 3 أقسام بالنظر إلى مقارباتهم المختلفة لعدد من الملفات والاستحقاقات، لكنهم جميعاً صوّتوا لنواف سلام رئيساً للحكومة.
«حصتنا رئيس الحكومة»
وجرى التداول مؤخراً بأنه سيكون لنواب «التغيير» حصة في الحكومة المقبلة من وزيرين أو 3، إلا إن أكثر من نائب «تغييري» ينفي نفياً قاطعاً أن يكونوا قد طالبوا سلام بحصة معينة. وعن هذا الموضوع، تقول النائبة بولا يعقوبيان: «نحن لا نريد حصة وزارية، ونرفض منطق المحاصصة. حصتنا نأخذها حين نبني البلد الذي نطمح إليه وحين يجري تعيين وزراء أكفاء وأوادم». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا حصتنا هي رئيس الحكومة الذي هو من جونا، وبالتالي نحن آخر من سيضع شروطاً ومطالب على طاولته، فهو أدرى كيف يشكل حكومته وفق المعايير التي يراها مناسبة»، لافتة إلى أن «كثيراً مما يجري التداول فيه عن توزيع حقائب ووزارات، لا يمت للواقع بصلة».
مقاربة جديدة
وكما يعقوبيان، ينفي النائب فراس حمدان أن يكون النواب «التغييريون» طالبوا بوزارات معينة أو بحصص في الحكومة المقبلة، لافتاً إلى أن ما يسعون إليه هو أن تكون هناك «مقاربة سياسية جديدة لشكل ومهمة الحكومة؛ مما يشكل امتداداً لمشهد انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف نواف سلام، فتكون الحكومة قادرة على إنجاز الإصلاحات ومواكبة مضمون خطاب القسم كما ورد في كلمة الرئيس المكلف بُعيد تكليفه».
ويشدد حمدان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على رفضهم المطلق تشكيل الحكومة «وفق منطق المحاصصة الطائفية والسياسية الذي كان معتمداً في تشكيل الحكومات خلال السنوات الماضية، بصفته منطقاً أثبت فشله الذريع»، مشيراً إلى أن موقفهم بصفتهم «نواب تغيير» يتخذونه بناء على مرسوم التشكيل وليس بناء على تشكيلات تُتداول إعلامياً.
ورداً على سؤال عن كيفية تأمين الرئيس المكلف الثقة لحكومته في حال لم يقف عند طلبات القوى والأحزاب السياسية، أكد حمدان أنه «على القوى السياسية التقليدية أن تتحمل مسؤولياتها أمام الشعب والمجتمع الدولي، فتسمية سلام كانت تسمية رأي عام وليست تسمية أشخاص، وأتت نتيجة الضغط السياسي الشعبي، حتى جماهير الأحزاب عادت وطالبت به بعدما أطلقنا نحن المبادرة ودفعنا باتجاه انتخابه».
نظام «تغييري» أم «تقليدي»؟
لا ينكر مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أنه كان لـ«التغييريين» دور كبير في إيصال نواف سلام، «لكن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه: هل نظام الحكم الجديد سيكون تغييرياً أم نسخة عن نظام الحكم السابق؟! وفي حال كنا بصدد السيناريو الثاني، فيمكن معاملة (التغييرين) عندها كأنهم حزب وفريق سياسي يمكن إرضاؤه بتمثيل وزاري معين. لكن هذا سيكون أمراً مؤسفاً؛ ويعني أننا عدنا إلى نظام المحاصصة الذي يعدّ من خارج الأصول الديمقراطية وأصول الحكم الرشيد؛ لأن نظاماً كهذا يجعل من الحكومة برلماناً مصغراً ويلغي الدور الرقابي لمجلس النواب ويقضي على مبدأ تداول السلطة بين معارضة وموالاة».
ويرى نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل الأمثل هو تشكيل حكومة تكنوقراط لا تتمثل فيها كل القوى السياسية، وتكون هناك معارضة تراقبها من البرلمان؛ مما يؤدي إلى انتظام العمل السياسي».
Your browser does not support the video tag.