سلط مقال بمجلة تايم (Time) الأميركية الضوء على ما وصفه برغبة الكثير من النيجريين دخول روسيا إلى أفريقيا ومغادرة الغرب لها.

وذكر الكاتبان كولين مايزل وآدم سزيمانسكي برغوس أن انقلاب الأسبوع الماضي بالنيجر أحدث موجة من الصدمة ليس فقط في منطقة الساحل الأفريقي، بل عبر المجتمع الدولي ككل. وكانت النيجر آخر معقل موال للغرب في منطقة تعرف باسم "حزام الانقلابات" في هذه القارة، مما أثار مخاوف من أن الاستيلاء العسكري قد يزعزع استقرار المنطقة ويضر بجهود مكافحة "الإرهاب" الطويلة الأمد هناك.

وأشار المقال إلى مشهد النيجريين وهم يلوحون بلافتات الاحتجاج المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأعلام الروسية بأنه جعل الكثيرين في الغرب يشعرون بالقلق، حيث تقدم هذه الصور تباينا حادا لجمهور غربي قيل له مرارا وتكرارا إن الرئيس بوتين "منبوذ في جميع أنحاء العالم".

ولفت إلى ما وصف بأنه "تدافع جديد" شهدته أفريقيا السنوات الأخيرة، حيث تقوم قوى كبرى مثل روسيا والصين بالإضافة إلى القوى الإقليمية المتنامية مثل الإمارات بغزوات دبلوماسية واقتصادية كبيرة في القارة. وكيف أن هذه القوى، كما تقول رواية "التدافع الجديد" الشائكة إلى حد ما، تعمل على إزاحة تأثير القوى الاستعمارية التقليدية مثل بريطانيا وفرنسا.

يجب أن يقدم الغرب مزيدا من الالتزامات لتوسيع العلاقات التجارية والاستثمار في أفريقيا. ولكسب القلوب والعقول بشكل صحيح يجب أن تكون الصفقات التجارية والاستثمارية الجديدة عادلة ومستدامة، وتشجع تنمية الصناعات الأفريقية والحد من الفقر

ومع ذلك يرى أن رواية "التدافع الجديد" تفتقد شيئا وهو أن الوجود الروسي في أفريقيا ليس جديدا. وغانا وغينيا ومالي أمثلة على ذلك، حيث يُذكر الاتحاد السوفياتي، بقيادة روسيا، كقوة قوية مناهضة للاستعمار تسعى لتحرير الأفارقة من القمع الأوروبي والأميركي (والرأسمالي). وكان التدخل السوفياتي في أفريقيا واسع الانتشار.


وأفاض المقال في ذكر تفاصيل هذا التدخل اقتصاديا وعسكريا وإعلاميا، مما عزز النفوذ الروسي في القارة.

ولعكس هذا التيار يرى المقال أنه يجب أن يقدم الغرب مزيدا من الالتزامات لتوسيع العلاقات التجارية والاستثمار في أفريقيا. ولكسب القلوب والعقول بشكل صحيح، يجب أن تكون الصفقات التجارية والاستثمارية الجديدة عادلة ومستدامة، وتشجع تنمية الصناعات الأفريقية والحد من الفقر.

ويجب على واشنطن ودول أوروبا أيضا زيادة ميزانياتها للوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمنظمات المماثلة، خشية أن تفقد الدول الغربية الكثير من نفوذها القائم على المساعدات في أفريقيا جنوب الصحراء. كما أن تقاسم المزيد من السلطة في المنظمات الدولية مع الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن الأممي سيساعد أيضا.

وختم المقال بأنه بغير ذلك، يجب أن يستعد الجمهور الغربي لمزيد من التلويح بالعلم الروسي بألوانه الأبيض والأحمر والأزرق، أكثر من التلويح بالأحمر والأبيض والأزرق (العلم الأميركي).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی أفریقیا یجب أن

إقرأ أيضاً:

نبض الوطن

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

هناك ارتباط مُتلازم بين من يُحسِن ويُجِيد فن الكتابة ومُخاطبة الآخرين، وبين من يملك رصيدًا فكريًا ومفاتيحَ للمعرفة والاطلاع على مختلف الثقافات والتجارب لكي يستخدم ذلك الكم المعرفي الذي اكتسبه من القراءة المُتعمِّقة من الكتب والدراسات العلمية التي تحتاج من الذي يقدم نفسه ككاتب يخاطب عامة النَّاس.

ويُقاس تطور الشعوب والأمم بما تقرأ، ثم تأتي بعد ذلك ترجمة ذلك الزخم المعرفي بالكتابة للجماهير والقدرة على جذبهم للقراءة، التي هي في الواقع غذاء الروح، والأهم من ذلك كله حقيقة استخدامهم للمهارات والخبرات التي يكتسبونها من الاطلاع في حياتهم اليومية. والثقافة الحقيقية جواز سفر للنجاح في الدنيا والآخرة؛ فهي- أي الثقافة- عنوان لكل الشهادات العلمية التي نحصل عليها بانتظامنا في الدراسة الأكاديمية من المرحلة الابتدائية إلى شهادة الدكتوراه.

والتجارب اليومية تُعد من أهم دروس الحياة التي تضيف إلى رصيد الإنسان وتُنير له دروب المستقبل، وتُساعده على استخدام هذه الذخيرة المعرفية في اتخاذ القرارات السليمة. ومن هنا فإنَّ الكتابة للجماهير ليست بالأمر السهل؛ بل من أصعب وأكبر التحديات التي تواجه الكاتب غير المُتفرغ، وخاصة عند ما يكون له عمود ثابت بشكل أسبوعي في صحيفة مُعينة ويحافظ على الوفاء بمواعيد النشر دون تأخير. وتتعقد الأمور أكثر وأكثر في الحالات التي يتطرق فيها الكاتب للشأن العام، ويكون عكس التيار في طرحه لقضايا المجتمع وهموم عامة الناس بكل صراحة وشفافية، في الوقت الذي يكون فيه على الجانب الآخر من الذين يمكن أن نُصنِّفَهُم بـ"المُجامِلِين"، خاصة الذين يُجيدون أسلوب المدح والنفاق الاجتماعي، بزعم أن كل شيء على ما يرام من حولنا.

ولا شك أن الفكرة أو الموضوع الذي يختاره الكاتب للمقال ليس بالأمر اليسير، فكم هي الساعات الطويلة التي يَقضيها الكاتب في البحث والاستقصاء عن العنوان الأنسب والمُعبِّر عن المقال الذي ينوي كتابته، وذلك هو الذي يجذب القراء ويُجبِر الناس على الاطلاع حتى من باب الفضول أولًا، ثم يأتي المضمون وما يحمله من أفكار مُرتَّبة ومُفردات مُعبِّرة وجمل تشرح ما يُريده الكاتب أن يصل للقراء. هذا فضلاً عن عبارات السجع التي تُناسب ذوق الجمهور وتُلامس العقول والقلوب معًا. صحيحٌ أن هناك أحيانًا أحداثًا ومناسبات تفرض نفسها من حيث أهميتها وتتحول إلى حديث الساعة، مما يُسَهِّل من أمر تناولها وتحليلها من وجهة نظر الكاتب، لكن نجد اختلافًا في وجهات النظر للذين يفكون رموز الموضوع المنشور؛ فكل واحد من هؤلاء يفسر المقال بطريقته؛ انطلاقًا من الخلفيات والانتماءت السياسية والعقائدية، بعيدًا عن الموضوعية. فقد تضيق صدور البعض بما يحمله المقال من طرح، ولا يدرك هؤلاء القراء أن ما يُسطِّرُه أي كاتب عبارة عن آراءٍ وانطباعاتٍ، وليست بضرورة أن تكون الحقيقة الكاملة؛ فهناك فرق شاسع بين الخبر الذي يكتبه الصحفي والذي يجب أن يكون قائمًا على الحقائق الدامغة بعيدًا عن التأويل، وبين الرأي المُعبِّر عن كاتبه، وهناك قاعدة في علم الإعلام وأدبياته مفادها "الخبر مُقدَّس والتعليق حُر".

من محاسن هذا العصر- والمتمثل في الإعلام الرقمي الذي نعيش أجمل أيامه- التفاعل المباشر حول المضامين، ومعرفة ردود الأفعال على كل ما نكتبه وبشكل سريع، من خلال منصات ووسائل التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص تطبيق "واتساب"، الذي أتاح لنا معرفة أعداد الذين يقرؤون مقالاتنا ومدى رضاهم عن تلك الكتابات، وكذلك الرصد الذي تُجريه صحيفة "الرؤية" ويظهر مباشرة في نهاية قراءة المقال، خاصة إذا كان مُتصدرًا وضمن قائمة الأكثر قراءة على الموقع الإلكتروني للجريدة. ومن هنا يعلم الكاتب رجع الصدى أو رد الفعل على الرسالة الإعلامية التي تَعبُر للجمهور عبر 6 عناصر تُشكِّلُ منظومة الاتصال الجماهيري، وتحتاج إلى دراسات مُطوَّلة وجهد بحثي لا يتوافر للإعلاميين، إلّا في مناسبات نادرة وبعد عدة أشهر من إجراء تلك الدراسات- إن وُجِدَتْ في الأصل- والمتعلقة بالمشاهدين والقراء ومتابعي الإذاعات المسموعة، وبالتالي كانت هذه العملية الاتصالية التي تفتقد لمعرفة رغبات الجمهور ومدى رضاهم عن كتاباتنا، تُشبِه الذي يمشي في الظلام، لا يعرف أين يضع قدمه؛ بل يمكن أن يسقط في أي لحظة!

لقد فكَّرتُ أكثر من مرة أن أتوقف موقتًا عن الكتابة أو على الأقل أَخْذْ إجازة لمدة شهر مثلًا، ولكن كلما وصلتني ردود إيجابية على ما أكتبه، أجد نفسي مستمرًا ومُتشجِّعًا على الصمود. ولعل الرسالة التي وردتني ضمن مجموعة رسائل هذا الأسبوع حول مقالى الأخير الموسوم "حدود الحرية في قانون الإعلام الجديد"، قد أثلجت صدري وشكّلت نقطة تحوُّل في ثقتي المطلقة في القراء الذين يقرأون مقالاتي، فقد كتب الأستاذ سالم مسعود تبوك الرسالة التالية: "مقال تناول كل ما يدور في أنفس الصادقين والوطنيين؛ والله العظيم إن هذا المقال لم يغادر في نظري شيئًا إلّا وذكره بالكلمة والجملة. والواقع الملموس الذي يدور في أذهان المجتمع العماني. وكذلك هذا المقال في نظري تجاوز بصدقه التحفظات الجبانة التي كثرت وتعاظمت إلى أن أوصلت البعض لأن يتكلموا في الشؤون العامة، والنتيجة تأجيج الرأي العام ضد الحكومة. وفي نظري يا دكتور محمد ما تشتد الحلقة وتقوي الربطة وتمتد الوصلة إلّا لتنفك باتجاه الانفراج الذي سيضع الكل حسب الترتيب العادل في المكان الذي ينبغي عليه الجلوس فيه. التحية والاحترام من قلب صادق لشخص صريح ووطني وشجاع في وقت صمتت فيه الكثير من الأقلام لتترك الفرصة للآخرين للحديث إلى الجماهير. أرجو منكم الاستمرار في البيان الصريح والكتابة المُعبِّرة عن المجتمع".

بينما سطّرت قامة أكاديمية رفيعة أخرى من أساتذة جامعة السلطان قابوس هذه الكلمات: "مقال جريء وحصيف وحريص على الوطن.. لله درك أخي العزيز د. محمد".

وفي الختام.. أسجِلُ الشكر والتقدير لكل من يتفاعل مع ما نكتبه؛ سواء بالإشادة أو النقد البناء، وأقول للذين اقتبست كتاباتهم في هذا المقال، أِعِدُّ كلماتكم أوسمة على صدري ليس من أجل الكاتب؛ بل بهدف الارتقاء بهذا الوطن الذي له مِنَّا الولاء والإخلاص والصراحة في قول كلمة الحق، مهما ترتب على ذلك من أثمان، فسوف نُعبِّر عمَّا يدور في نفوس أبناء هذا الوطن العزيز بصدقٍ وشفافيةٍ بعيدًا عن الرياء والنفاق.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مصر ترد بغضب على مقال مطار القاهرة الأسوأ في العالم
  • محلل سياسي: روسيا سترد على دعم الغرب لأوكرانيا بضرب القواعد العسكرية
  • روسيا تتحدى الغرب بصاروخ «أوريشنيك»
  • نبض الوطن
  • قومي المرأة يهنئ فريق مسار لفوزه ببرونزية دورى أبطال أفريقيا للسيدات
  • روسيا تكشر عن أنيابها.. تهديدات بتصعيد حرب هجينة ضد الغرب
  • أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا
  • لهذا السبب أطلقت روسيا صاروخها العابر للقارات على أوكرانيا
  • «الدوما الروسي» يلوح بخيار استهداف عسكري مباشر ضد الغرب لدعم أوكرانيا بأسلحة متطورة
  • مستعدون للردّ على أيّ تطورات.. بوتين: لا أحد يمتلك الوسائل لمواجهة أحدث أسلحة روسيا