الصين تزيح الشركات الاوربية من قطاع الطاقة العراقي
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
تضع الحكومة العراقية زيادة احتياطي البلاد النفطي إلى أكثر من 160 مليار برميل، هدفاً استراتيجياً للمرحلة المقبلة، في مسار قوي لدعم خطواتها على صعيد الإصلاحات الاقتصادية الجارية، ودعم قدرتها على تحقيق تنمية مستدامة وتحسين واقعها الاقتصادي.
ويعقد العراق آمالاً عريضة على صادراته من النفط الخام، خصوصاً مع تشكيلها أكثر من 90 في المئة من إيرادات الموازنة العراقية، ما دفعه نحو إطلاق مجموعة من المشاريع الخاصة بزيادة الإنتاج، وفتح المجال أمام الاستثمارات في مجال استكشافات حقول النفط والغاز.
في هذا الإطار، ظهرت الشركات الصينية لاعباً رئيسياً في ساحة الاستثمار النفطي في العراق، في مقابل غياب الشركات الأميركية والأوروبية، من خلال استحواذ عدد من الشركات على العديد من الاستثمارات الجديدة لاستكشاف حقول النفط والغاز في العراق، ضمن جولة التراخيص التي أطلقتها وزارة النفط لتطوير قطاع النفط والغاز في البلاد.
ووفقاً لوزير النفط العراقي حيان عبد الغني، ضمّت قائمة الشركات الصينية التي فازت بالعطاءات الجديدة شركات "تشنهوا" و"أنتون" و"سينوبك" لتطوير حقول أبو خيمة في المثنى والظفرية في واسط وسومر في المثنى، إضافة إلى الشركة الصينية "سينوك العراق" في محافظات الديوانية وبابل والنجف وواسط والمثنى في وسط البلاد وجنوبها.
وتضع الصين منطقة الشرق الأوسط عموماً، والعراق خصوصاً، هدفاً استراتيجياً لها في دعم مصادرها وتنويعها وتأمينها للحصول على الإمدادات الطاقية لها، في ضوء القفزة التي سجّلتها وارداتها من النفط الخام في 2023 وتسجيلها أعلى مستوياتها على الإطلاق مع تعافي الطلب على الوقود بعد التراجع الناجم عن جائحة كورونا، إذ ارتفعت الواردات 11 في المئة مقارنة بعام 2022 إلى 563.99 مليون طن، أو ما يعادل 11.28 مليون برميل يومياً، ارتفاعا من المستوى القياسي السابق المسجّل في عام 2020، وبلغ 10.81 ملايين برميل يومياً، وفقاً للبيانات الصينية الرسمية الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك.
اهتمام صيني وعوائد اقتصادية
تعقيباً على ذلك، يؤكّد الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور جعفر الحسيناوي، أن الصين تحاول، وبأي شكل، الوصول إلى منطقة الخليج العربي الاستراتيجية، في ضوء دورها الرئيسي مزوداً للطاقة التي تعتمد عليها الصين، إذ تصل نسبة إمدادات الطاقة من تلك الدول إلى حدود 50 في المئة من احتياجاتها، ما يعكس أهمية العراق الكبرى في التخطيط الاستراتيجي الصيني، كونه مفتاح الوصول إلى منطقة الخليج العربي.
ويضيف، أن أحد الأسباب وراء زيادة الوجود الصيني هو موقع العراق الاستراتيجي، الذي يشكّل أهمية في حسابات المخطط الاستراتيجي الصيني، "فعلى الرغم من سياسة الانتظار والترقب المعتمدة من الحكومة الصينية، والتي لم تضع العراق ضمن مسارات مبادرة "الحزام والطريق"، فإنها على يقين تام بأن موانئ العراق عند منطقة شمال الخليج العربي تمثل درة طوق اللؤلؤ الذي يبدأ من سواحل الصين، ويمر بموانئ بنغلادش ثم باكستان فإيران، وينتهي بميناء الفاو الكبير، ومنه إلى القناة الجافة في العراق (مشروع طريق التنمية) وصولاً إلى تركيا ثم أوروبا، وهذا كله يدفع الصين إلى الاهتمام بالعراق".
ويضيف الحسيناوي سبباً مهمّاً آخر، يتمثل في محاولة الصين دخول العراق من طريق الاستثمار في كل القطاعات الاقتصادية والخدمية، "ويكتسب قطاع النفط والغاز درجة عالية من الأهمية عند بكين، لعلمها بامتلاك العراق مناطق غاز كبيرة في حقول عكاز، قرب سواحل المتوسط في سوريا ولبنان، وبسهولة تسويق منتجاتها في أوروبا بديلاً للغاز الروسي".
ويتوقع أن ينعكس ذلك الوجود القوي عوائد متبادلة، فالصين ستدعم إمداداتها من الطاقة، وبالتالي تدعم مسيرتها الاقتصادية القوية، ويحصل العراق على عوائد اقتصادية عالية تساعده في دعم مسارات الإصلاح الاقتصادي فيه، ودعم إيراداته، وتحقيق معدلات تنمية مستدامة تدعم بدورها تطوير باقي القطاعات.
سداد الديون
اتساقاً مع خطوات العراق القوية وسعيه إلى تحقيق الإصلاح الاقتصادي الشامل، أعلن مظهر محمد صالح، مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي للشؤون المالية، عن سداد العراق كامل القروض التي حصل عليها من صندوق النقد الدولي منذ عام 2003، والتي لم يتجاوز مجموعها 8 مليارات دولار.
ويرى مراقبون في هذه الخطوة مؤشراً قوياً إلى حركة الإصلاحات والتنمية الاقتصادية الجارية في العراق، والتي يتوقع ان تكون لها عوائد إيجابية في مختلف القطاعات.
شريك استراتيجي
إلى ذلك، يؤكّد استاذ الاقتصاد العراقي نبيل المرسومي، وجود علاقات اقتصادية وثيقة وارتباط تجاري كبير بين العراق والصين، "فالعراق هو الشريك التجاري الأول للصين في الشرق الاوسط، كما يعدّ ثالث أكبر دولة مصدّرة للنفط إلى الصين، بعد روسيا والسعودية".
ويلفت المرسومي إلى أن طبيعة البيئة الاستثمارية في العراق تندرج في فئة الاستثمار العالي المخاطر، "إلّا أن الصين هي الدولة الوحيدة القادرة على التكيّف مع هذا الوضع، وبالتالي هناك انسحاب واضح للشركات الغربية والأميركية والبريطانية من العراق".
ويضيف أن الصين ليست موجودة في حقول النفط والرقع الاستكشافية وحدها، إنما تفوز بالعديد من عقود الخدمات النفطية، وهي المقاول الرئيسي في قطاع الغاز الطبيعي في العراق.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار النفط والغاز فی العراق
إقرأ أيضاً:
كشف مصير الصفقة الصينية في العراق.. تم تعطيلها من قبل هذه الجهة
الاقتصاد نيوز - بغداد
كشفت شبكة "ذا دبلومات"، عن مصير ما يعرف باسم "الصفقة الصينية" التابعة لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين للاستثمار في افريقيا والشرق الأوسط، مؤكدة أن الصفقة "تم تعطيلها عمدا" من طرف مسؤولين عراقيين محليين.
وأوضحت الشبكة، أن بعض المسؤولين المتنفذين في الحكومة العراقية، باتوا ينظرون بنظرة "قلق" لتزايد النفوذ الصيني داخل العراق الى مستويات غير مسبوقة، مؤكدة أن "بعض المسؤولين العراقيين قلقون من زيادة الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية لإنشاء البنى التحتية العراقية، الامر الذي يضعف من قدرة العراق على اتخاذ قراراته الاستراتيجية".
وتابعت: "الحكومة العراقية تحاول كباقي دول الشرق الأوسط، الحفاظ على توازن صعب في علاقاتها مع الغرب والشرق بالإضافة للحفاظ على قدرتها على اتخاذ قراراتها الاستراتيجية بسيادة تامة، الأمر الذي قد يتعارض مع وجود نفوذ اجنبي كبير على قطاع البنى التحتية العراقي داخليا"، بحسب وصفها.
الشبكة أكدت أيضا، أن الولايات المتحدة الامريكية تنظر كذلك بنظرة "قلق" أخرى الى تزايد النفوذ الصيني في العراق، موضحة أن الولايات المتحدة انفقت نحو 90 مليار دولار على العراق منذ عام 2003، وتملك بذلك نفوذا كبيرا على القرار الاستراتيجي العراقي وبالتالي تعارض تزايد النفوذ الصيني داخل العراق الذي يعد منافسا لنفوذها".
وأشارت "ذا دبلومات"، الى أن الصفقة الصينية التي عقدت في عام 2019، تضمنت قيام الصين بإعادة إعمار البنى التحتية في العراق باستثمار تصل قيمته الى 10 مليار دولار امريكي، وفي المقابل تلتزم الحكومة العراقية بمنح الصين 100 الف برميل نفطي يوميا مجانا لمدة عشرين عاما، الأمر الذي يراه بعض القادة المحليين في العراق، اعتمادا كبيرا من البلاد على الصين لتنفيذ وتشغيل مشاريع البنى التحتية، الامر الذي يقود الى منح الصين نفوذا على القرار الاستراتيجي العراقي، على حد قولها.
يشار إلى أن مسؤولين صينيين اكدوا للشبكة "توقف" العمل بالصفقة بشكل مؤقت، نتيجة لموقف المسؤولين العراقيين، حيث اكد بعضهم ان الصين ستحاول "تقديم تطمينات" للحكومة العراقية خلال الفترة المقبلة للشروع بتنفيذ الصفقة التي وصفتها الشبكة بــ "المثيرة للجدل" في العراق.