الوقائع الخفية لتفريغ السجون .. كيف قام الجنجويد بإطلاق سراح أخطر العناصر الإرهابية في السودان
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
الوقائع الخفية لتفريغ السجون .. كيف قام الجنجويد بإطلاق سراح أخطر العناصر الإرهابية”1 – 2″
المحقق: عزمي عبد الرازق
كانت ليلة 21 أبريل/2023 من أصعب الليالي على ضباط السجون في الخرطوم، وأبردها على قلب زينب، تلك الفتاة الجميلة، قيد المحاكمة في سجن النساء، وهى تأمل بعد أن سقطت أسيرة للفكر الداعشي، أن تخلصها ميليشيا الدعم السريع من وحشة سجن التائبات، وأُخريات وجدن أنفسهن فجأة في العاصمة القديمة، يواجهن مصيرهن الغامض، وكذلك عُتاة المجرمين والعناصر المتطرفة، لا ضير من تسميتهم، وتقصي أثر هروبهم الكبير، خطوة خطوة، حد انخراطهم في صفوف القتال إلى جانب كتائب الجنجويد، ومدى فداحة الأمر، والخرق المتعمد لقوانين السجون، وهو ما سوف نتطرق إليه بالصور والأسماء في (المحقق)، دون أن نغفل صراحة الإجابة على السؤال المهم: كيف حدث ذلك؟
صيحات الخوف والرصاص
في خضّم القِتال الذي كان يدور وسط الخرطوم، أيام الجمعة والسبت تحديداً، قبل الذهاب إلى هدنة أولى رعتها الوساطة، مكنت الميليشيا من المزيد من التوغلات، هنيهة وانقطعت المياه، تلتها صيحات الخوف ودوي الرصاص، ثم ما لبث أن ذوى التيار الكهربائي شيئاً فشيئاً، غرقت الأسوار العالية للسجون في الظلام، بينما انخرطت ميليشيا الدعم السريع لتوها، أو قبل ذلك، بتدابير غير عفوية، في حملة انتقامية مسعورة، طالت سجون الخرطوم كلها، بدءاً بالهدى وسجن سوبا، وليس إنتهاءاً بكوبر، 25 آلاف سجين خارج الزنازين، حررتهم هكذا بلا مقدمات، وإذ ما يبدو كان ذلك للانتقام، أو لتعويض فشل مغامرة حميدتي العسكرية.
أنفق جهاز المخابرات العامة ما يربو على الثلاث أعوام، نفّذ فيها أكثر من (17) عملية أمنية اعتراضية ضد تنظيمات إرهابية، استهدفت، بصورة دقيقة جداً، أوكار الخلايا النائمة، في المدن والصحارى، لتنظيمات خطيرة، من بينها داعش والقاعدة وحركة حسم، وقد أسفرت تلك الحملة عن توقيف ما يفوق المائة إرهابي ومتطرف، إلا أن الميليشيا، آلت على نفسها أن تفاقم الأوضاع سوءاً، بتحرير أولئك، وضمهم إليها لتعزيز سيناريو الفوضى، وترويع الآمنين، وهو عمل متعمد لإشاعة الجريمة، لا مناص من الرضوخ لحقيقته الماكرة.
الميليشيا تبحث عن عناصرها المُتطرفة
من المهم الإشارة إلى أنّ السُلطات السودانية سلّمت بعض الأجانب_المطلوبين في قضايا إرهابية_ إلى دولهم، بينما احتفظت بالبقية إلى حين محاكمتهم، إذ أن خطورتهم متعدية، فكثير منهم ينتمي إلى داعش، بقناعات جنونية، بينهم فتيات في مقتبل العمر، والبعض الأخر يعملون في تجارة المُخدرات والسلاح، وقِلة تتحرك في مسارات الاتجار بالبشر، وليس من قبيل المصادفة، أن يكون لهؤلاء علاقة بنشاطات جُبلت عليها الميليشيا نفسها، بعيداً عن الأضواء، فالأمر لم يعد سراً اليوم، وإلى جانب إطلاق سراح علي رزق الله السافنا، المتهم بجريمة قتل عمد، ومحيميد وأبو الدقير، فقد جلب آل دقلو أيضاً مئات المرتزقة من مناطق أفريقية تنشط فيها جماعات بوكو حرام وداعش، وسمتهم الطباع العنيفة في القتال، وأفتضحت أمرهم تلك النزعة المتطرفة التي لا تكترث لقوانين الحرب، أو اتفاقية جنيف لحماية المدنيين.!
ولعل احصائية من تم تسليمهم لدولهم من العناصر الإرهابية بلغت (47)، جميعهم من الذكور، فيما بلغ عدد الموقوفين في انتظار المحاكمات (26) إرهابياً، وسواء كانت تلك العناصر التي تم تسليمها أو لا تزال في قائمة الانتظار، فهى عموماً عناصر مُدربة على القتال، شديدة الخطورة، ولن يترددوا إطلاقاً من الانخراط في أي أنشطة غير قانونية، فذاك دأبهم، إذ أن الجزء الأكبر منهم ينتمي إلى خلية جبرة، بتخصص العديد من أفرادها في صناعة المتفجرات، ولذلك تم التحفظ عليهم تحديداً في معتقلات جهاز المخابرات، ولم يتم إطلاق سراحهم عندما فتحت الميليشيا كافة السجون، في ولاية الخرطوم، لأن واجب الجهاز يحتم عليه القيام بدوره في حماية المجتمع وتنحية الخطر، والحد من الجريمة المنظمة، أو العابرة للحدود، مهما كان الثمن.
الهروب الكبير
ليس ثمة ما يدعو لعدم الريب في نية قوات التمرد من الوصول إلى أسوار تلك المعتقلات، وتدوين المباني بقصد فتح ثغرات تمكن مَن تريد وقوعهم في أحضانها، وقد بدا المشهد شبيهاً بـ”ذا شاوشانك” أو بالأحرى قصة “الهروب من ألكتراز”، وهو ما أدركه أمجد فيصل، أحد القادة الذين التحقوا بتنظيم داعش في سوريا، حين وجد من يعينه على الفرار، فهو بالرغم من أنه ليس في عمر يسمح له بالهروب، إلا أنه كان يحفر بأظافره، ضمن مجموعة الأربعة التي كانت تنام وتصحى تحت وطأة القصف المتواصل، لعدة أشهر، حتى منتصف يناير 2024، حين تسللوا عبر فتحات السقف، في ذلك اليوم تحديداً تعرض مبنى المخابرات لموجة كثيفة من النيران، وهى في الحقيقة تغطية لهجمات معلومة المقاصد، وقد أدى التدوين الكثيف إلى حدوث أضراراً بالغة في هيكل المبنى، وتسبب أيضاً في تدمير كامل للسور الخارجي، وتساقطت المقذوفات داخل غرف المعتقلين أنفسهم، بشكل تسبب لهم بإصابات مباشرة.
استبسل أفراد الحراسة، في صد ذلك الهجوم، إذ أن واجبهم كان يحتم عليهم منع هروب المساجين، لكن الهجوم كان عنيفاً متواصلاً، والأسلحة غير متكافئة، نجم عنه استشهاد العديد من الضباط والجنود المنوط بهم تأمين المعتقلين، وقد بدأ الأمر بزحف عناصر الميليشيا نحو المنطقة المحيطة بالمباني، ومن ثم ضربوا، بعد ذلك، حصاراً محكماً عليها، ومنعوا وصول أي تعزيزات تساعد في تماسك القوة التي تقوم بمهام الحماية والتامين، واستعانت قيادة الدعم السريع بالطليعة الأولى المتطرفة الهاربة لتحرير البقية، وصناعة كتيبة إرهابية تضمر من الشرور ما يقُضُّ المضاجِع، فما الذي حدث بعد ذلك.؟
نواصل
كيف قام الجنجويد بإطلاق سراح أخطر العناصر الإرهابية وتفريغ السجون “2 -2”خلال الـ”10″ أشهر الماضية تعرضت مُعتقلات جهاز المخابرات العامة، أو بالأحرى مواقع حبس العناصر المُتطرّفة في الخرطوم، إلى هجمات متواصلة، وكان الهجوم الضاري، وسط نباح الكلاب المسعورة آواخر الليل، مسنوداً بكتيبة إنقاذ، الهدف منه، بلا مواربة، تحرير المجموعة الإرهابية، حبيسة الجدران، لتنضوى بالمرة تحت لواء مليشيا الدعم السريع، في نسخته النهائية المتوحشة.
هجوم وراء هجوم
خلقَ ذلك الهجوم المتكرر حالة من الفوضى، مكّنت مجموعة الأربعة، أمجد فيصل، الوحي الإمام، أحمد إبراهيم، صلاح سالم، من الهروب، عبر فتحة قيصرية أوقعتها قنبلة يدوية، في جدران الحمام المُلحق بالسجن المُخابراتي.
في مارس 2024 قامت الميليشيا بهجوم آخر ليلي عنيف، مصحوب بتدوين، على كافة المعتقلات، مما أدى، مرة ثانية، إلى هروب مجموعة تضم 13 من العناصر الإرهابية، وقد تم التمهيد، لكل ذلك القتال المفضي لمكيدة جهنمية، بتسلل كتيبة من مليشيا الدعم السريع، لتطويق المبني تماماً، تعينها في مهمتها، خلية الأربعة الهاربة، والتي اتضح لاحقاً أن بعض عناصرها التحق بمقرات الجنجويد في بحري.
كان ضمن المجموعة الأخيرة رجل متخصص في صناعة المتفجرات اسمه أبوعبيدة، وشاب آخر في مقتبل العمر، حليق اللحية، إن لم يكن بالأمرد، تشيء ملامحه بأنه صومالي، فضلاً عن أحد قادة تنظيم داعش في سيناء، وهو موسى حمدان، ممن ينتمون إلى خلية جبرة، تلك التي فقد فيها جهاز المخابرات بعضاً من عناصره في العام 2021، وعلى رأسهم “الجوكر”، ذلك الفتى صاحب القدرات المهولة والخارقة في عالم الشبكات وتفكيك جرائم المعلوماتية.
معقل الإرهاب والجاهزية
بعد هروب المجموعة الآخيرة، ونعني بها مجموعة الـ”13″، أصبح مجمل العناصر الإرهابية التي قامت الميليشيا المتمردة بتهريبهم “17” معتقلاً، وتبقى فقط قائمة تضم “9” أفراد، فيما لا تزال الميليشيا، إلى اليوم، تضرب حصاراً عليهم، دون أن يتوقف دوي مدافعها وبنادقها صوب تلك المعتقلات، كما لو أن إطلاق الإرهاب من قمقمه ليعاود نشاطه في بلاد النيلين، أمر في غاية الأهمية بالنسبة لهم، وهذا بالضرورة لا يحتمل أكثر من تفسير، سيما وأن عملية نشر الفوضى، والهجوم على معتقلات الإرهابيين لم تكن نزهة، وقد أستشهد فيها بفدائية، أي تلك المعارك، “5” من الضباط، و”9″ أفراد من أطقم الحماية والتأمين.
من المهم الإشارة أيضاً إلى أنه منذ بداية التمرد أطلقت الميليشيا نحو “40” شخصاً من أخطر الإرهابيين والمجرمين، يمكن تصنيفهم وفقاً لمحابسهم، كالأتي: “23” من السجون العامة، و”17″ من معتقلات جهاز المخابرات، بشكلٍ يوحي، بل تكاد تكون حقيقة ناصعة، وهى أن العثور على هؤلاء، بعد فرزهم وتحريرهم، ليس من قبيل الصدفة، وإنما كان هو الهدف الأساسي الذي تم التخطيط له بعناية فائقة من البداية، وربما قبل الحرب، مروراً بحملات تجنيد المرتزقة الذين تم جلبهم من غرب أفريقيا والساحل، أي تلك المناطق التي تنشط فيهم داعش والقاعدة وبوكو حرام.
موالاة أصحاب العمائم السوداء
عملية إطلاق سراح العناصر الإرهابية والمجرمين لم تكن هدية عيد ميلاد بلا مقابل، وإنما أمر دُبّر بليل، لتنضم ذات العناصر لقوات (الجاهزية) تعينها في القتال وترهيب الناس وصناعة المتفجرات لتعويض النقص في الأسلحة والذخيرة، ولذلك فإن أغلبهم – إلى اليوم – موجود في مقرات الميليشيا، أمثال بكر حقار، التشادي الذي ينتمي للقاعدة، والنور جمعة وعثمان يوسف ممن بايعوا داعش على السمع والطاعة العمياء.
فيما أجهزت الميليشيا على موسى نذير، وأطلقت سراح أبو خالد، وهو سوداني، مقابل فدية مالية تقدر بـ”13″ ألف دولار، دفعتها أسرته بعد مساومة وتهديد بتصفيته، أما البقية فلا تتوفر معلومات كافية عنهم، وعلى رأسهم أبو فاطمة، وزيدان صالح، والنسيم، وهؤلاء خليط من جنسيات عربية مُختلفة.
لكن الحقائق المؤكدة، وهى دافع الميليشيا في تحرير الخلايا الإرهابية، أنها أخضعت بعض العناصر لاستجوابات مكثفة، وابتزاز للقتال معها، ونجحت في تجنيد بعضهم، وعلى رأس هؤلاء الصومالي عثمان يوسف، وهو مسلك بالضرورة يتنافى مع القوانين الدولية وقواعد الحرب في التعامل مع العناصر الإرهابية والمجرمين، حد ضمهم لصفوف القتال، دون أن تشعر، مليشيا التمرد، بالحرج وهى تنتعل حذاء الديمقراطية وترتدي قميص حقوق الإنسان الملطخ بدم الأبرياء، بصورة فاقعة، وهو الأمر نفسه الذي دفع المليشيا للتهرب من هذه التهمة، مولاة أصحاب العمائم السوداء، لتنسل منها وترمي بها أطفال قرية ود النورة.
عزمي عبد الرازق
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العناصر الإرهابیة جهاز المخابرات الدعم السریع إطلاق سراح
إقرأ أيضاً:
في ود مدني.. الجيش يدق نهار الجنجويد وأغنيات الخليل تهلّ فرحا بالتحرير
في ود مدني
الجيش يدق نهار الجنجويد وأغنيات الخليل تهلّ فرحا بالتحرير
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
1
( فاجْعلِ الموتَ طريقًا للبقاء
وابتغِ الحقَّ شريعةً
واسْلُكْ الفضلَ وقُلْ يَا هؤلاء
خابَ قومٌ جحدوا الفضلَ صنيعَه
إن للفضل وإن مات ذووه لَضِيَاءٌ ليس يخبو
فاسألوا أهلَ النُّهَى
رُبَّ ضوءٍ لامع من كوكب حيث انتهى ..
ذلك الكوكبُ آلافا وآلافاً سنينَا )
وإنما تلك الأبيات حتما لصلاح أحمد إبراهيم ( أخو فاطنه ) كما كان يحب أن يقول ذلك على نفسه ، وهو الشاعر السوداني الذي إختار الثابت والأقوى والمستمر لقاعدة إنتماءه .
ولا عجب من أن يشهر صلاح ويشير بالبيان الفصيح ، الباذخ المعاني ، و قد عرف عنه ، أن من أهم مكونات شخصيته ، هي ثقافة السيرة النبوية الشريفة ، ونوادر الأدب العربي ، فقد نشأ في دار ثقافة إسلامية ، وكان أبوه رحمه الله ، من أساتذة العربية والدين ، معلما شديد التقوى ، غضيض الطرف ، معروفا بذلك ، مشهودا له فيه ، وفقا لقول البروفيسور ” عبدالله الطيب ” ..
وقال صلاح يفتخر ببعض ذلك في قريضه :
نترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا لنا ذكر وذكرى من فعال وخلق
ولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الآخرين
وولاء حينما يكذب أهليه الأمين .
ويكذب أهليه الأمين أخذها بلا ريب من حديث الصادق الأمين سيدنا صل الله عليه وسلم :
( الرائد لا يكذب أهله ) .
وتحت لواء تلك المدرسة تنضوي مقالتي هذه ، والنبض المحرض على الكتابة عندي ، شبيه بذات المحرض لصلاح أحمد إبراهيم ، الذي التزم إلتزاما صارما بتناول الرمح ، ولم يؤثر السلامة مرة ، منجذبا إلى ساحات الفداء ، متفاعلا مع هذا الجيش الذي يجالد ليبلغ بشعب السودان إلى قمم الكرامة كلما عضه الدهر .
2
ولنا في قول رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهو يحث حسان بن ثابت على هجاء كفار قريش ، خير مثال .
إذ قال( اهْجُهم ، فوالله لَهِجاؤك عليهم أشد من وقع السهام في غَلَس الظلام ) .
نكتب في حب جيشنا الوطني ، فمحبتهم من محبة الوطن ومحبة الأوطان من الإيمان :
( الحبُّ حبُّ الذينَ استنفروا دَمَهمُ
فابتلّتِ الارضُ ما ابتلَّتْ به الصُحُفُ
حبُّ الذينَ بلا صوتٍ ، و لا عِظَةٍ
ألقوا ودائِعَهم للارضِ و انصَرَفوا
الحبُّ حبُّ الذينَ الموتُ صالَ بِهِم
وعندما قيلَ صولوا باسْمِهِ نَكَفُوا )
كتبنا مرات ومرات ،
ونكتب ألف مرة ولن نتعب .
فالواجب المقدس لا يتعب المؤمنين ،
وللجهاد حروف لا يكتبها إلا المجاهدين ،
كما أن القلم المنير لا يمسك عنانه إلا أنبل البشر .
وقد نبدو لدى البعض أننا غائبين هناك ،
بيد أن حضورنا هنا !!
من خلال ما نكتب ، والذي انكتب بنا .
وفي الكتابات التي نكتبها الآن ،
والتي تنتظر أن تنكتب بنا .
3
وقلنا مرارا ، أن هذا الجيش بحر ، بل محيط من أسرار الشجاعة ، لا يعيه إلا من غاص في أعماقه ،
ودرس في كتاب أعمالُه المرقُومةٌ بالنور في ظهر مطايا ، عبرت دنيا لأخرى تستبق .
فمن كان ولاءه للجيش ، عليه أن يعلم علم اليقين ،
أن هذا الولاء ، لا يقوم على أساس العاطفة ، أو محض شهامة ذاتية ، وإنما هو تقدير الله وإرادته لك ، أن تكون في موضع الرجال .
هذا جيشنا الذي أمهر للموت كل مجاهد خطب الردى تاجا تألق في ابتسامات العيون ، يجاهد لمجد السودان في ساحة الموت .
ينالون إنتصاراتهم العوالي ( حمرة عين ) !!
لا بروض الأماني ..
( من كان مرعى همه وجياده
روض الأماني لم يزل مهزولا
لو جاز سلطان القنوع وحكمه
في الناس ما كان القليل قليلا )
أما وقد نزلت نازلة اليوم على البلاد ، واصبح مهددا بالزوال ، نادى مناديهم :
أطلق لها السيف لا خوف و لا وجلُ
أطلق لها السيف و ليشهد لها زحلُ
أطلق لها السيف قد جاش العدو لها
فليس يثنيه إلا العاقل البطلُ
أسرج لها الخيل ولتطلق أعنتها
كما تشاء ففي أعرافها الأملُ
دع الصواعق تدوي في الدجى حمما
حتى يبان الهدى و الظلم ينخذلُ
واشرق بوجه الدياجي كلما عتمت
مشاعلا حيث يعشى الخائر الخطلُ
واقدح زنادك و ابقِ النار لاهبةً
يخافها الخاسئ المستعبد النذلُ
أطلق لها السيف جرده باركه
ما فاز بالحق إلا الحازم الرجلُ
واعدد لها علما في كل سارية
وادع إلى الله أن الجرح يندملُ )
4
ولأن السودان لا يمكن أن يكون بغير رجال الجيش الذين نعرفهم ( ضباط وضباط صف وجنود ) لهم الله !
ونعرف بسالتهم وصلادتهم .
والأيام قد دللت بأنهم ( الرابحون ) دائما في كل سباق ، ما كذبوا عهدا ، ولا نكثوا ميثاق .
نعم ، هم ذاك ، فيا لمشقة سبل الوفاء في زمن تعاظمت فيه الخيانات ، ولكن الجيش بالقدر نفسه ، يعي ذاته ، ويقيس المسافات بينه وبين خائبين الرجاء من الحارسين لأبواب السفارات الأجنبية .
واليوم يوم ( السبت 11 يناير 2025م ) الذي ضربوا له عهدا وموثقا أن يكون لهم فيه موعد لانتصار جميل ، انتصار جديد نرى به ونسمع ، ونتنفس فرحا .
انتصار جديد يمنح أرضنا وسامتها ، كما يمنح وجودنا معنى أن نعيش وننتصر .
بهذا دقوا الشمس الضحى ، وجعلوا النهار نفسه ليلا دامسا في عيون الجنجويد .
والمكان هذه المرة ، دار الرجل الصالح الفقيه ( محمد الأمين ود مدني السني ) .
دمدم الجيش في شوارع المدينة كالبحر ، وصدور الرجال تغلي ( غبينة ) تفلق رؤوس الجنجويد صفا صفا واطلقوا عنان ألسنة نيران المدافع ، بأصوات تقول :
( أتعلم أم أنت لا تعلم ؟
بأن جراح الضحايا فم
أتعلم أن جراح الشهيد
تظل عن الثأر تستفهم ؟ )
يكتب الجيش اليوم في مدينة ودمدني بمداد من دماء شرايين الرجال ( وأضلاع الصدور أقلام ) رسالة مفتوحة لجميع هيئات الأمم ومنظوماته الإحتلالية ، بيانا عمليا ، متناصا بأبيات من بائية أبي تمام :
( السيف أصدق أنباء من الكتبِ
في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف
في متونهن جلاء الشك والريب )
إنتصار جديد ، يشرق من بعد إشراقات إنتصاراته في مدينة أم درمان ، ومدينة سنجة ، ليبرئ جراحات الديار .
كاسرا صلف غزوة الجنجويد ، العربان الذين تنادو من تمبكتو ، ومن ودّاي ..
تدفقوا كأسراب الجراد ، وباءا جامحا ، من إفريقيا الوسطى ، ومالي ، والنيجر ، وشعاب النوير ، وبلاد الأحباش .
وما دروا أن للجيش موعده الخاص المتزامن مع دفقات صوته الداخلي المعبر عن حقيقة سودانويته التي ترفض الإنكسار .
برهة من الزمن واستبان ما كان يخفيه جيشنا من مخالب ماحقه ، جعل بها مواقع وجود الجنجويد عراءا بلقعا .
وارتفعت عقائر الناس بصيحات المحبة المتلهفة شوقا لأرض الجدود والآباء ، فرحة بالفتح المبين .
وتتحد تلك صيحات الشعب مع صيحات رجال جيش التحرير ، فينشدان معا أناشيد خليل فرح :
( سقا الحيا ود مدني
جنة بلالي وعدني ) ..
5
ولأن اللحظة للوطن ،
لحظة الشرف الباذخ ،
فمن ترى يحملنا إلى مغاني الوطنية ،
يأخذ مجد الحروف بحقها ،
فيصيح صوت يخرج من سفر التاريخ :
( ﻧﺤﻦ ﻭﻧﺤﻦ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺍﻟﺒﺎﺫﺥ
ﺩﺍﺑﻲ ﺍﻟﻜﺮ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﻴﻞ
ﻗﻮﻡ ﻭﻗﻮﻡ ﻛﻔﺎﻙ ﻳﺎﻧﺎﻳﻢ
ﺷﻮﻑ ﺷﻮﻑ ﺣﺪﺍﻙ ﻳﺎ ﻻﻳﻢ !! )
إنه خليل فرح ، أو الخليل ، الشاعر السوداني الموسيقي المغني الذي تنفسح كل مفردة من مفرداته – كلمة ولحنا – بمعنى الوطن وتفتح أبواب ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وإن تلاعب بطقوس التنكر والتخفي رمزا وإشارة :
( ﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻡ ﻏﺮﻗﻨﺎ ﺳﺎﺳﻦ
ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻫﻞ ﻣﻴﻦ ﻏﻴﺮﻧﺎ ﺳﺎﺳﻦ ؟ ) ..
تميز خليل فرح بالوعي القومي باكرا ، متجاوزا أطر المفاهيم التقليدية لمعنى الإنتماء ، مجسدا القومية النبيلة بمعنها الوطني الصميم .
وفوق كل ذلك – حسب عبدالمنعم عجب الفيا – يعد خليل فرح عندنا أول شاعر ومثقف سوداني يعي بالتنوع الإثني والثقافي ، التاريخي والمعاصر ، للهوية السودانية القومية الجامعة ، بل ويبتكر للتعبير عن ذلك رمزا خاصاً به لم يسبقه إليه أحد .. وهو مصطلح ( جنّة بلال ) ، رمزه إلى السودان الوطن .
6
خليل فرح ، النوبي المولود عام 1894م في قرية دبروسة ريفي وادي حلفا بشمال السودان ، ظل حتى تاريخ وفاته المبكرة عام 1932م بمرض الصدر ، يكتب شعرا مجيدا فصيحا ، وآخر عاميا .
وترك أثرا خاصا به في كتابة الشعر من حيث المفردة ، والصور ، والتراكيب المبتكرة ، والمضامين غير المطروقة – القول لعبد المنعم عجب الفيا – وهو ينفرد من بين شعراء أغنية ( الحقيبة ) بانخراطه في النضال السياسي وذلك من خلال عضويته في جمعية الاتحاد التي انبثقت عنها جمعية اللواء الأبيض التي قادت ثورة 1924 ضد الانجليز ، فلا عجب أن كان أول شاعر غنائي يوظف الشعر في خدمة النضال الوطني ، وأول من اجترح ( ثيمة ) الحبيبة / الوطن في الشعر السوداني وفق ما نرى .
بذلك الوعي والإدرك بالوطن والوطنية و الإنتماء كتب خليل فرح ( عزة في هواك ) وعن أم درمان وأحياءها :
( ﻣﻦ ﻓﺘﻴﺢ ﻟﻠﺨﻮﺭ ﻟﻠﻤﻐﺎﻟﻖ
ﻣﻦ ﻋﻼﻳﻞ ﺍﺏ ﺭﻭﻑ ﻟﻠﻤﺰﺍﻟﻖ
ﻗﺪﻟﺔ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻱ ﺣﺎﻓﻲ ﺣﺎﻟﻖ
ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺎﻗﻮ ﺍﻟﺘﺮﺍﻡ
ما يئسنا الخير عوده سايق
الحي يعود إن أتي دون عايق
إلى يوم اللقا وأنت رايق
السلام يا وطني السلام )
ومن ثم ، يتجه بذات الوعي ، ميمما وجهه شطر مدينة ود مدني التي يعرفها ، شارة أخرى من شارات النضال الوطني ، طقسا ورمزا وحلما ( مالو أعياه النضال بدني ، روحي ليه مشتهية ودمدني )
يردد في أخرى تعبيره الخاص : ( سقا الحيا ود مدني ، جنة بلالي وعدني ) ..
7
ويقول عبدالمنعم عجبالفيا ، أن قول خليل فرح : ( جنة بلالي وعدني ) يعني بلال بن رباح ذلك الصحابي الجليل النبيل المعروف ، والذي كان ينسب إلى الحبشة . وليس بالضرورة أن تكون هذه النسبة مقصورة على بلاد الحبشة الحاضرة ويجوز أن تكون إشارة إلى أفريقيا أو بلاد السود أو السودان ( ضد البيضان ) بصفة عامة في عرف العرب ذلك الزمان .
ولما كان بلال ذو أصل أفريقي أسود وثقافة عربية إسلامية بحكم النشأة ، اتخذه خليل فرح رمزا للهوية السودانية الجامعة .
( جنة بلال ) هي هذا البلد الأفريقي الغني بالخيرات المسمى الآن بالسودان الدولة المعروفة .
وتوحي كلمة ( جنة ) في هذا السياق بـ( جنة الأرض ) التي طالما حلم بتحقيقها في هذه الدنيا ، ويقول خليل فرح في قصيدة ( يا نيلنا يا نيل الحياة ) :
قول للسـلف خـلفاً حــَلال
نتلاقـــي فــــي جـــنة بــــلالْ
إنتماء خليل فرح ، إلى مدينة ود مدني لم يكن ، لإحساسه العميق بأنها تمثل لونا من ألوان فسيفساء لوحة السودان فحسب ، بل هي طقس ورمز وحلم ، وذلك لأثرها الروحي في الوجدان الجماعي المشترك .
8
ود مدني جبهة المجد ، ومحك الصبر ، كأن غرائب الدنيا تنادت على وعد لديه بالتلاقي .
فهي المدينة التي تأسست عام 1489م ، عندما حلّ بالموقع ، الفقيه محمد الأمين ابن الفقيه مدني الذي يتصل نسبه بعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي بموقع المدينة .
فنسب اسم المدينة إليه ، كما اشتهر الفقيه محمد الأمين ابن الفقيه مدني ، باسم ( محمد مدني السني ) لتمسكه بالسنة النبوية الشريفة .
وكانت تكتب باللغة العربية إبان الحكم الثنائي واد مدني ولفظ واد ، بالعامية المصرية يرادف لفظ ود ( بفتح الواو ) بالدارجة السودانية وكلاهما تحوير للفظ ولد بمعنى ابن .
والابن المقصود هنا هو محمد الأمين ابن مدني ، المتقدم ذكره . وتعرف ود أيضاً ، بودمدني السُّني ، ومدني الجزيرة ، كما يطلق عليها اسم مدني ، اختصاراً .
وتعد مدني المدينة الثانية بعد مدينة أم درمان في النضال الوطني وذلك بمساهمتها الكبرى في تشكيل جيل الربع الأول من القرن العشرين – جيل التخلق الجنيني للإنتلجنسيا السودانية – تلك الفئة التي اختصت بالعمل الفكري والأدبي والإبداع الفني المناهض للمحتل الإنجليزي ..
ود مدني كانت تفرد أجنحتها رعاية لتلك الثلة ، وتمنحهم كل أسباب الثبات في عيون الردى وكأنها تقول لهم :
( هو الدهر قارعه يصاحبك صفوه
فما صاحب الأيام إلا المقارع )
وخليل فرح هو من ذلك الجيل المناضل ، إذ تخرج في كلية غردون قسم الهندسة الميكانيكية وعمل بمصلحة البوستة والتلغراف بالخرطوم .
9
كان خليل فرح وآخرين من زملاءه ، كلما اشتدت عليهم وطأة المخابرات البريطانية في أم درمان ، يتجهون إلى ود مدني ، يتخذون منها ملاذا ،
فتهيئ لهم أسباب التخفي من عين الرقيب البريطاني وقلمه .
ويقول عن تلك الوقائع الكاتب ( عروة علي موسى ) في مقالة ماتعة :
( الخليل كان يعرف قدر هذه المدينة لأنها كانت هي من تهيئ لهم سبل الراحة والأمن عندما يشتد رقيب الانجليز عليهم في الخرطوم وأم درمان ، فكانوا يهرعون إليها فليقوا عند ساحاتها ومسيد شيخها مدني السني اليقين والسلوى وفي قراها الأمن والحب والترحاب .
ولأن الخليل يعرف كيف يعطي الأشياء حقوقها اختار مدني وربطها بالنضال وفاءً وإخلاصاً .
كتب الخليل قصيدته : ( مالو أعياه النضال بدني) وهو يعاني المرض في أواخر عمره ، كتبها وهو بالقاهرة التي ذهب إليها مستشفياً لذا تجد أنها جاءت خليطاً من الحنين والذكرى والشجن والبكاء على الأطلال ومراتع الصبا ، وفوق ذلك جاءت مليئة بالأماني بالعودة إليها والتجول في ربوعها فسَّجل الخليل ذلك في اشتهائه لها .
وهنا لا بد من التأكيد على أن الإنسان لا يحن ولا يشتهي العودة إلى خيال ، وإنما إلى واقع ، فالواقع هو تعدد زيارات الخليل لمدني وارتباطه بأهلها ومسيد شيخها مدني السني الذي ناداه الخليل ( بأبوي ) وهذا النداء عند أهل الصوفية له دلالات العلاقة ما بين الشيخ والمريد ..
فهو يمني النفس ويرجو ، أن يكون سعيداً ويسمح له حظه أن يعود إلى ود مدني وعبَّر عن ذلك ب( طوفة ) ولو ليوم واحد في ربوعها ، وتظهر علاقة المريد بالشيخ مدني السني عندما يذكر الخليل أن حظه إذا أسعده وعاد إلى ود مدني :
ليت حظي سمح وأسعدني
طوفه فد يوم بي ربوع مدني
كنت أزوره ابويا ود مدني
واشكي ليه الحضري والمدني
10
الجيش يعود إلى ود مدني ،
يفتح أبواب المدينة ويدخل بيوتها ، بيتا ، بيتا ..
من بيوت الحي البريطاني ، إلى دردق ، وجزيرة الفيل ، والحلة الجديدة ، وود أزرق ، إلى بانت ، وجبرونا ، وحي الدباغة ، وغيرها من الأحياء التي ولد في بيوتها أعظم أهل الفكر والثقافة في السودان .
ومن أشهر تلك الأحياء التي أنجبت فحول شعراء الغناء السوداني ورواده ، حي المدنيين ، ذلك الحي العريق ، الذي كانت تسكنه بائعة الكِسرة ، إمرأه اسمها ( حبيبة ) وهي التي أنجبت الشاعر الكبير ( المساح ) الذي نشأ في كنفها وابدع شعرا عظيما فاق به عصره وزمانه برغم المسغبة وشظف العيش الذي أحاط بأسرته في حي المدنيين بود مدني .
كتب عيون شعر الغناء السوداني ، ما عُرف في ذلك الوقت بشعر الحقيبة ، ومنها : ( الشاغلين فؤادي ) و( غصن الرياض المايد ) و( بدر السما ) التي تغنى بها قامة التطريب السوداني ، إبراهيم الكاشف وهو أيضا أحد أبناء ودمدني .
وكتب المساح إحدى فرائد النصوص الغنائية منها قوله :
( زمانك والهوى أعوانك
احكمي فينا هذا أوانك
حمامة الغصون صداحة فوق أغصانك
ذكرى لحبيب ياحمامه مولاي صانك
هاجت عبرتي ويا دموعي كيف حبسانك
وين تلقى المنام يا عيوني غاب إنسانك )
11
تعود ود مدني المدينة المتفتحة ، ويعود إليها بريق حروف ( مساح دمع البكا ) ..
مدنف وجدى بيك
لكن فقدت حنانك
روحي وهيبه ليك
هي هدية طوع بنانك
هاروت سحره مأخوذ من سحر عينانك
ظلموك لو يقولوا الدر شبيه أسنانك
في صبحي ومساى نازلات دموع ساحالك
وأنا كايس رضاك ورضاك أظنه محالك
أتعكر صفاي وبياضي أصبح حالك
والحال العلى ياريتو لو يو حالك
حسنك مافي عجمان ولا عربانك
لو هب النسيم الزاكى ميل بانك
أدبك خدرك الضاراك على ما بانك
ما ضر لو أكون أنا من احد حبانك
قلبي ضنين هواك من كل جميل يخلالك
يا ذات الجمال فرضا علىّ إجلالك
لي شوفتك مباح دمى العزيز ما غلالك
عدتي وعاد هناى يا البهجة هلّ هلالك
وكذا تعود نفثات يراع الخليل وأناشيده :
يا لقلب بالهموم حبكا
طرفه مسهد عيشته ديمه بكا
كم تألم بالنوى العبكا
وكم ذكركم وفكره كم ربكا
حين سألنا حاوى الوصب
من خمائل قرية القصب
قالوا جات سيرتك على النصب
ونحن بين الروضة والقصب
كان حبيبنا وحاشا ما نصبى
ومن زمان فارقنا وهو صبى
تانى ما سمعنا انقطع خبره
يا حليلم طشّوا ما انخبروا
الجيش يشيع الدفء في قلب شتاء هذه الأيام ، وسلام على أهل السودان الذين يرددون أغنيات خليل فرح في الشوارع والبيوت …
ﻧﺤﻦ ﻧﻄﺎﺭﺩ ﺍﻟﻌﻨﺰﺓ ﺍﻟﻔﺎﺭﺩﺓ
ﻧﺤﻦ ﻧﺬﻭﺩ ﻣﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻨﻴﻞ
ﻧﺤﻦ ﺑﺮﺍﻧﺎ ﻧﺤﻤﻲ ﺣﻤﺎﻧﺎ
ﻧﺤﻦ ﻧﻤﻮﺕ ﻭﻳﺤﻴﺎ ﺍﻟﻨﻴﻞ
ﻣﺎ ﺑﻨﻨﺪﺱ ﻣﺎ ﺑﻨﺘﻮﺻﻰ
ﻧﺤﻦ ﻧﻜﻴﻞ ﺑﺮﺍﻧﺎ ﻧﺸﻴﻞ
ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻄﻴﻨﺔ ﻭﻣﻄﺮ ﺍﻟﻌﻴﻨﺔ
ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﺑﺮﻗﻪ ﻳﺸﻴﻞ !!
إنه الجيش يا ساده