لبنان ٢٤:
2025-03-03@20:03:17 GMT

هذا الأمر وحده يلجم الغطرسة الإسرائيلية

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

هذا الأمر وحده يلجم الغطرسة الإسرائيلية

ذكرّتني المناوشات الحامية بين مقاتلي "حزب الله" ومسلحي الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الجنوبية بحرب خطوط التماس بين اللبنانيين، والتي قسّمت بيروت إلى بيروتين، شرقية وغربية، وأدّت إلى خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات على طول جانبي خطوط النار، والتي لم تؤدّ إلى أي خرق لها لا من هذه الجهة ولا من تلك، وأقتصر أذاها على المقاتلين الذين سقطوا على جبهات المتاريس المتقابلة، والتي انتهت في نهاية الأمر إلى معادلة "لا غالب ولا مغلوب"، وإلى وثيقة وطنية كان من أهمّ ما فيها أنها أوقفت الحرب، وأدخلت لبنان في مرحلة سياسية جديدة لم تخلُ من مناوشات غير عسكرية، وإن كان البعض يرى في امتلاك "حزب الله" سلاحًا غير شرعي مخالفة واضحة وتجاوزًا لما ورد في وثيقة اتفاق الطائف لجهة حصرية السلاح بيد القوى الشرعية دون غيرها من قوى الأمر الواقع.


ويلاحظ المراقبون في هذا الإطار أن ما ينتج عن الحرب الدائرة في الجنوب هو المزيد من الشهداء، سواء أكانوا من بين مقاتلي "حزب الله"، الذي يتولى المسؤولية الرئيسية للجبهات على طول الخطّ الأزرق أو من بين المدنيين، الذين يسقطون يوميًا جرّاء الغارات، التي تشنّها مسيرّات العدو، مع ما ينتج عن هذه الاعتداءات من تدمير شامل للقرى الحدودية وإحراق أراضٍ شاسعة من حقول الزيتون وكروم العنب والزراعات الموسمية.
صحيح أن الوضع في شمال إسرائيل، على رغم التكتم الكبير، ليس أفضل مما هو عليه الوضع في جنوب لبنان، إن لم يكن أسوأ. وهذا ما يعترف به بعض سكّان المستوطنات الشمالية، الذين لم يغادروها كحال كثيرين من أهالي القرى الجنوبية، ولكن هذا الوضع المأسوي في المقلب الآخر لم يردع إسرائيل عن مواصلة حرب الابادة ضد فلسطينيي غزة، وقد سقط لهم آلاف الشهداء، ودُمرّت المنازل، ودُكّت المستشفيات والمدارس ومأوي العجزة ودور العبادة.
فإذا ما قيست قيمة الخسائر البشرية والمادية، سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان، بالنتائج النهائية لهذه الحرب الضروس، فإن ميزان المعادلات القائمة لن تتساوى دفتاه مع ما يمكن أن يسفر عن هذه الحرب من نتائج ميدانية وسياسية. فلا إسرائيل قادرة على كسر حركة "حماس" و"حزب الله" بالقوة الصاروخية، ولا هذا ولا تلك قادرتان أيضًا على أن تلجما الغطرسة الإسرائيلية، أو أن تحدّا من أطماعها التوسعية، إلا في حال نجحت الولايات المتحدة الأميركية في وضع حدّ للحال الهستيرية، التي تطبع حكومة نتنياهو وتصرفاتها، والتي ستؤدّي في نهاية المطاف إلى اعتراف تل أبيب بـ "حلّ الدولتين" في فلسطين، وإلى التسليم بمبدأ تثبيت ترسيم الحدود البرّية مع لبنان بما يضمن حالًا من الاستقرار النسبي، سواء في القطاع أو على الحدود اللبنانية الجنوبية.
وحيال كل هذه المعطيات ثمة رأيان داخل البيئة السياسية اللبنانية: الأول خاص بمحور "الممانعة"، ويقول بأن إسرائيل لا تفهم إلا بلغة النار والحديد، وهي ستضطّر في نهاية الأمر إلى الاعتراف بما حققته حركة "حماس" في القطاع، وما أنجزته "المقاومة الإسلامية" انطلاقًا من الجنوب، وستكون مجبرة نتيجة ما يلحق بها من هزائم على كل المستويات، المادية والمعنوية، على التنازل بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
ويضيف أصحاب هذا الرأي أنه لولا تضحيات المقاومين في قطاع غزة وجنوب لبنان لما أمكن التوصّل إلى الأهداف المرجوة، والتي ستتبلور معطياتها في ضوء ما يمكن أن تفرضه واشنطن على تل أبيب من شروط لقبولها بالسير بالتسوية، التي سبق أن طرحها الرئيس الأميركي.  
أمّا أصحاب الرأي الآخر المتمثّل بقوى "المعارضة" فيرون أن فتح جبهة الجنوب لمساندة أهالي غزة لم تؤدِّ سوى إلى تدمير القرى الحدودية وخسارة "حزب الله" خيرة شبابه، من دون التوصّل إلى النتائج المتوخاة، وهي تخفيف الضغط العسكري عن غزة.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات التعايش بين العهد والثنائي

في خضم التحولات السياسية المُعقدة التي يشهدها لبنان، يبرز سؤال مصيري بشأن طبيعة العلاقة التي سيرسمها العهد الجديد مع الثنائي الشيعي، "حزب الله" و"حركة أمل". تُشكّل هذه العلاقة اختبارًا حاسمًا لاستقرار البلاد، خاصة في ظل بيئة إقليمية مُتفجرة وتداخلات خارجية عميقة. تتنافس هنا ثلاثة سيناريوهات رئيسية، كل منها يحمل تداعيات مختلفة على مستقبل لبنان، الذي يئن تحت وطأة أزمات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

السيناريو الأول يرتكز على سياسة الإقصاء واتخاذ قرارات أحادية الجانب لتغيير التوازنات السياسية بعد الحرب الإسرائيلية الاخيرة، وهو مسار تنتهجه بعض الأصوات الداعية لاستعادة السيادة. لكن هذا النهج يحمل مخاطر عالية، إذ أن محاولة تجريد "حزب الله" الذي يمتلك ترسانة عسكرية وتأثيرًا أمنيًا وسياسيًا واسعًا من نفوذه بالكامل، من دون تفاهم مسبق قد يؤدي إلى مواجهات داخلية أو انفجار الشارع، خاصة في المناطق التي تُشكّل معاقل لهذه القوى. تاريخيًا، أثبتت المواجهات المباشرة مع اي جماعة طائفية، مع غياب التوافق الشعبي الواسع حولها، انها قد تؤدي إلى حرب أهلية مُبطنة، خصوصًا مع وجود انقسامات مذهبية واجتماعية حادة.

أما السيناريو الثاني فيتجه نحو "الاحتواء" عبر تفاهمات تُحافظ على التوازنات القائمة، مع محاولة استيعاب هذه القوى ضمن لعبة سياسية مُقننة. لكن نجاح هذا الخيار مرهون بدعم خارجي، خصوصًا من دول خليجية قادرة على ضخ أموال لإعادة الإعمار وخلق فرص اقتصادية تُهدئ من غضب الشارع. المشكلة هنا أن العلاقة بين "حزب الله" والدول الخليجية لا تزال باردة بسبب الصراعات الإقليمية القديمة، ما يجعل أي اتفاقٍ ضعيفًا أمام تقلبات التحالفات الخارجية. مع ذلك، قد تُفضي هذه الصيغة إلى هدنة طويلة الأمد، تُدار خلالها الخلافات عبر حوارات مُغلقة، من دون حل جذري لإشكالية السلاح.

السيناريو الثالث يتمحور حول هجوم سياسي وإعلامي مُمنهج لتحجيم نفوذ "حزب الله" و"أمل" عبر كسب المعركة الانتخابية المقبلة، وتحشيد الرأي العام ضد أدائهما، خاصة في ظل تزايد الانتقادات الداخلية لفساد النخب الحاكمة وارتباطها بأجندات خارجية. لكن هذا المسار يواجه تحديات كبرى، فالقوتان تمتلكان قاعدة جماهيرية صلبة، وقدرة على تعبئة الشارع عبر خطاب حزبي وأيديولوجي، كما أن التغيير الانتخابي في لبنان بطيء وغير مضمون النتائج بسبب قانون الانتخاب المعقد وتشابك المصالح الطائفية.

لا يمكن فصل هذه السيناريوهات عن السياق الإقليمي المُتسارع، فلبنان ليس جزيرة معزولة. أي تصعيد بين إسرائيل وإيران، أو تغيير في تحالفات دول الخليج، أو تطورات في الملف النووي، قد تُعيد رسم الخرائط بين ليلة وضحاها. "العهد الجديد" سيكون أمام خيارات صعبة: إما المغامرة بمواجهة قد تُفجّر البلد، أو التعايش مع واقع قديم تحت ضغوط اقتصادية هائلة، أو المراهنة على زمن سياسي طويل لتغيير المعادلات من الداخل. في كل الأحوال، الثمن سيدفعه اللبنانيون، الذين علقوا بين مطرقة الواقعية وسندان التدخلات الخارجية.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • ماذا تعني المناطق الإسرائيلية في لبنان وسوريا وغزة؟
  • الخولي: الانتهاكات الجوية الإسرائيلية حرب نفسية على كرامة لبنان
  • نائب من حزب الله يهاجم الدولة اللبنانية: لم تتعب من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة
  • أمّة المقاومة.. مقاومة الأمّة
  • حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية على لبنان تلامس 6 آلاف شخص أفادت تقارير صحفية لبنانية بأن حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان مع استمرار عمليات رفع الانقاض، اقتربت من 6 آلاف شخص.
  • إيران تحسم الخيار.. هل بقيَ حزب الله قائد وحدة الساحات؟
  • هل اقترب التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟
  • سيناريوهات التعايش بين العهد والثنائي
  • ماكرون: ما لم يلجم بوتين سيهاجم مولدافيا وربما رومانيا
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. حماس ترفض تمديد المرحلة الأولى من الهدنة بالصيغة الإسرائيلية