كتبت فيفيان حداد في "الشرق الأوسط": التطور التكنولوجي وما تفرّع عنه من وسائل تواصل اجتماعي وصفحات إلكترونية لم يثنِ اللبناني عن اهتمامه بماضٍ تقليدي. ومُشاهد محطات التلفزة لا يزال عاشقاً لحقبة تلفزيونية يشتاق إليها. إنها مرحلة «الزمن الجميل» التي تطفو أخيراً على سطح البرمجة في الإعلام المرئي بشكل ملحوظ.

واللافت هي نسبة مشاهدتها المرتفعة من جيل لا يزال يعد الشاشة الصغيرة لا منافس لها. وبمناسبة إثارة هذا الموضوع، التقينا وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري.

وزير الإعلام زياد مكاري، أصدر أخيراً قراراً يقضي بضبط عملية استخدام أرشيف «تلفزيون لبنان». وبعدما كان هذا الأرشيف الثري في الماضي القريب بمثابة «الرزق السائب» وضع مكاري حداً لشرذمته. ويقضي هذا القرار بدفع مبالغ مالية من كل شخص يرغب في استعارة دقائق مسجلة من هذا الأرشيف. وأوضح الوزير في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان لا بد من فعل هذه الخطوة للحفاظ على أرشيف تلفزيون لبنان. أنا أعدّه ثروة وكنزاً نحن بصدد ترميمه ورقمنته على أكمل وجه. ووضعنا آلية واضحة لكيفية استعارته أو شراء دقائق منه مقابل مبالغ مالية تحدَّد قيمتها حسب مدتها والفترة الزمنية التي تطبعها. فسعر دقيقة من برنامج قديم يعود إلى الستينات يعني أن تكلفتها لن توازي تكلفة مشابهة لآخَر أُنتج حديثاً. وللعلم، تصل سعر الدقيقة الواحدة من برنامج معين إلى مبلغ 3 آلاف دولار».

أيضاً، أفادنا مكاري بأن «الاستعمال المجاني لمقتطفات من تلك البرامج صار ممنوعاً، ويجب ألا تتعدى مدته الـ15 ثانية». وأضاف: «نعمل اليوم على تسجيل أرشيف تلفزيون لبنان على لائحة (ذاكرة العالم) في اليونيسكو، وهذا الأمر يتطلب مشواراً طويلاً يحتاج إلى خبراء دوليين ولبنانيين. وعلينا لإتمام ذلك إجراء جردة حساب دقيقة، نلملم خلالها كل أرشيف تلفزيون لبنان، ونجمعه في مكان واحد، أي في مبناه في الحازمية».

حماية المِلكية الفكرية لتلفزيون لبنان يضعها الوزير مكاري في المقدمة. ومن هذا المنطلق، يسير في خطة مدروسة وعملية في آن. وهو حالياً يلاحق وسائل التواصل الاجتماعي التي تَركن إلى هذا الأرشيف وتعرضه من دون إذن مسبق.

وعن طبيعة مشاعره تجاه إعادات تلجأ إليها المحطات التلفزيونية اليوم، قال مكاري: «حتى قبل أن أصبح وزير إعلام كنت أعيش في صفحات الماضي وتراثنا العريق. فأنا أهوى تلك المرحلة وتعمّقت فيها عبر السنين. وأعتقد أن تعلّق اللبنانيين بماضيهم ينتج عن حاضر صعب يعيشونه. فهم بغالبيتهم يترحّمون على عصر لبنان الذهبي... و(الزمن الجميل) يضعهم في خانة واحدة توحِّد ذاكرتهم».

كذلك يعمل الوزير راهناً مع مركز «إينا INA» الفرنسي المتخصص في حفظ آلاف الساعات من الأرشيف البصري حول العالم. ويشرح: «دأبَ هذا المركز على تقديم الأرشيف بشكل حديث، راكناً إلى إنستغرام وتيك توك وفيسبوك وغيرها، فيروّج لبيع منتجات أرشيفية يحتفظ بها. وقد أبرمنا اتفاقاً معه يتعلق بأرشيف تلفزيون. وربما في المستقبل يتوسّع هذا التعاون ليشمل أرشيف الإذاعة اللبنانية والوكالة الوطنية».برامج لا تُنسى

في الواقع، البرامج القديمة التي اشتهرت على الشاشة الفضية تستقطب اليوم شريحة لا بأس بها من اللبنانيين. وأحياناً لا تكتفي بما تقدمه المحطات التلفزيونية من جرعات منها، فتنكبُّ على البحث عنها عبر صفحات إلكترونية. البعض يرى إعادات تلك البرامج القديمة بمثابة دواء يشفي الروح، وآخرون يجدون أنها تُسهم في استرجاع لطيف لمرحلة الطفولة. إذ إن مواضيع تلك البرامج لم تفقد براءتها رغم مرور الزمن عليها. وتلك البرامج تمثل حقاً لبنان العز والبساطة، والماضي الجميل البريء... من دون «ريموت كونترول» ولا استهلاك أفكار متشابهة مكرّرة. وإذا ما قمنا بجولة سريعة على قنوات التلفزة اللبنانية تستوقف إعادتها لبرامج قديمة، غالبيتها تخصص فقرة تعزز فيها ذاكرتنا تحت عنوان «الزمن الجميل».

تلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال (إل بي سي آي) يعرض ضمن برنامجه الصباحي «مورنينغ توك» مقاطع من أرشيفه الغنيّ، بينها محطات مختلفة من برنامج «استوديو الفن»، ومقطع من مسلسل للراحلة هند أبي اللمع، ومشهد من مسرحية لفيروز. هذه المقتطفات تُستخدم وفقاً لموضوع معين يتناوله معدّو البرنامج. أما برنامج «ذا ستايدج» مع المذيعة كارلا حداد، فيرتكز على محتوى بصري من هذا النوع، فكرته الأساسية تقوم على تكريم فنانين من لبنان. وهو ما يحتاج العودة بالذاكرة إلى إنجازات لهم، غالباً ما تكون بالأسود والأبيض.

أكبر أرشيف ومكتبة

إلا أن «تلفزيون لبنان»، (الحكومي)، هو صاحب أكبر وأوسع مكتبة أرشيفية بين المحطات المحلية. واليوم تشمل مسلسلات وبرامج حوارية وأخرى كوميدية، وتوزع ساعات بث هذه البرامج وإعادتها على أقسام يوم بكامله. ثم إنه تتراوح برمجة تلفزيون لبنان على إعادات عرض لبرامج «أبو سليم» و«أبو ملحم» و«حكمت المحكمة» و«ألو حياتي» وغيرها... لطالما تستحضر لحظات لحقبة ذهبية عاشها لبنان. والواقع أن المحطة تستفيد من عرضها باستمرار في ظل افتقارها للميزانية المالية اللازمة لتجديد محتوى برامجها على المستوى المطلوب.

«المستقبل» اكتفى بالماضي

ومن المحطات المحلية التي تملك أرشيفاً تلفزيونياً ضخماً أيضاً قناة «المستقبل». ومن كان يتابعها يلمس ذلك عن كثب. فـ«المستقبل» كانت من القنوات التلفزيونية السباقة بمحتواها الترفيهي والوثائقي. لكنها اليوم تكتفي باستحضار تلك الحقبة لتؤلف محتوى شاشتها الصغيرة الغائبة عن السمع. وهكذا، نشاهد أشهر مذيعيها كيُمنى شري وزاهي وهبي وكارين سلامة وغيرهم يتألقون في تقديم برامج مختلفة، علماً بأن هذا النوع من الإعادات يعيد نجوم الشاشة الصغيرة يافعين... ننظر إليهم ونردد عبارات تصف تبدلات لملامحهم.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: تلفزیون لبنان تلک البرامج من برنامج التی ت

إقرأ أيضاً:

القس رفعت فكري يعزي البابا تواضروس في نياحة الأنبا باخوميوس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تقدم القس رفعت فكري سعيد، الأمين العام المشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط ورئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بسنودس النيل الإنجيلي، بخالص التعازي القلبية إلى صاحب الغبطة قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وإلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في رحيل مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس، مطران إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري.

وأعرب القس رفعت فكري عن حزنه لرحيل شيخ مطارنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأحد أعمدتها المضيئة، طالبًا تعزيات الروح القدس لقداسة البابا وللكنيسة، ومتذكرًا مسيرة الراحل الحافلة بالعطاء والخدمة.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع كبير في شراء الأتراك للعقارات خارج البلاد
  • تقرير: المغرب يقع فوق ثروة معدنية هائلة
  • القس رفعت فكري يعزي البابا تواضروس في نياحة الأنبا باخوميوس
  • إحباط تهريب 3000 وحدة شحن للهواتف النقالة و500 علبة تغليف
  • وعد من حاكم المصرف المركزي لـ تلفزيون لبنان
  • لموظفي تلفزيون لبنان.. أمرٌ مهم كشفه وزير الإعلام
  • أثرياء وادي السيليكون يملكون ثروة تفوق أموال نصف سكانه بـ15 مرة
  • القس رفعت فكري: الفن والموسيقى شىء راقي يهذب النفس
  • تلفزيون لبنان ينفي هذا الخبر
  • سؤال وجواب.. تعرف على سرّ هوس ترامب بجزيرة غرينلاند