الفرار من قوى الأمن: التعويل على قانون للإعفاءات
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
كتبت لوسي بارسخيان في" نداء الوطن": يفتح باب التطوّع في سلك قوى الأمن الداخلي بعد سنوات من تجميد دوراته، نافذة أمل بالنسبة لعناصره الذين فروا من الخدمة بحثاً عن مصدر دخل بديل يسدّ بعض الاحتياجات التي تفاقمت قيمتها بعد الأزمة المالية التي ألمّت بلبنان منذ سنة 2019، فتحولوا إلى ملاحقين بموجب بلاغات بحث وتحرٍّ.
فعلى رغم وسائل الترغيب والترهيب التي لجأت إليها السلطات المعنية لتأمين إنتظام هؤلاء مجدداً في المؤسسة، تُرجمت رغبة الفارين النهائية، بعريضة رفعت بواسطة النائب إبرهيم منيمنة إلى رئيس مجلس النواب، حملت تواقيع نحو 130 شخصاً، طالبوا بإصدار قانون لمرة واحدة فقط يقضي بـ»اعتبار العناصر الفارة من قوى الأمن الداخلي بحكم المطرودة» في مقابل تنازل هؤلاء عن كامل حقوقهم العسكرية والمالية.
قدم منيمنة بدوره اقتراح قانون معجلاً مكرراً، يتبنى مطالب العسكريين الفارين في بعده «الإجتماعي والإنساني» كما يقول لـ»نداء الوطن»، خصوصاً أنّ رفع التعقبات عن هؤلاء يمنحهم مجدداً حريتهم بالتنقل، وإنجاز المعاملات الرسمية وغيرها، مشيراً إلى أنه باشر بلقاءات مع مختلف الأطراف السياسية، لتأمين توافق سياسي يتيح إقراره.
حتى الآن لا أفق لإمكانية وضع هذا الاقتراح على جدول أعمال جلسة تشريعية قريبة. فجلسات تشريع الضرورة التي يتم تمريرها بين الحين والآخر بغياب رئيس للجمهورية، لا تناقش سوى اقتراحات القوانين التي تحظى بتوافقات سياسية تحدد جداول أعمالها ونتائجها مسبقاً، كما حصل حديثاً بالنسبة للتمديد الثاني للمجالس البلدية والاختيارية. فيما التوافق وإن لم يكن مفقوداً على المستوى السياسي بالنسبة لهذا المطلب، لا ينجح بتحويله إلى قضية رأي عام، خصوصاً بسبب أفكار نمطية تخلص إلى اعتبار قسم كبير من المتطوعين في الأسلاك الأمنية والعسكرية، ممن وجدوا في هذه الوظيفة قبل الأزمة عوامل الإستقرار المادي والإجتماعي، ولكن ما إن تراجعت الضمانات المعيشية التي تتيحها، حتى سارعوا إلى الفرار من السلك في أحلك ظروف تمر بها المؤسسات كافة، ومن ضمنها المؤسسات الأمنية والعسكرية.
لا تكشف مؤسسة قوى الأمن عن أعداد عناصرها الذين فروا من الخدمة خلال السنوات الأربع الماضية، والرقم المتداول هو بين 700 و1000 عنصر. ومع أنّ عمليات فرار مشابهة سجلت في صفوف الجيش اللبناني أيضاً، إلا أنّ اقتراح القانون الذي قدمه منيمنة حصر التشريع بإعفاءات لعناصر قوى الأمن، وهو ما يؤشر إلى لملمة داخلية لهذه الأزمة في باقي المؤسسات، خلافاً لمحاسبة عناصر قوى الأمن بموجب قانون القضاء العسكري الصادر في 13 نيسان 1968، كما يقول بعض المعنيين.
وفقاً لمصادر أمنية، «فإن عدد الفارين قد لا يعتبر كبيراً إذا ما قيس بحجم التداعيات التي خلفتها الأزمة الإقتصادية على رواتب العسكريين ومخصصاتهم، إلا أنه إذا ما أضيف إلى أعداد الذين سرحوا لبلوغهم سن التقاعد، نكون أمام تراجع كبير بعديد عناصر قوى الأمن». ومن هنا تتجنب المصادر الأمنية حصر تقييمها للواقع بأعداد الفارين، متحدثة عما يمكن أن يتركه التساهل مع الفارين من تداعيات على المصلحة العامة. وتؤكد المصادر أن المؤسسة تضع المصلحة العامة فوق القانون في تعاطيها مع هذا الملف، ليس فقط لأنها بحاجة لكل عنصر من عناصرها، وإنما تداركاً للفوضى التي يمكن أن يتسبب بها التساهل المسلكي والقانوني مع قضية الفارين، وما قد يفتحه من شهية على خلع البدلات العسكرية بالنسبة لمن لا تردعهم سوى العقوبات المسلكية.
تقول المصادر الأمنية لـ»نداء الوطن: «نتفهم من لديهم أوضاع خاصة تدفعهم لطلب التسريح بسن مبكرة، ولكن نحن نعاني من وضع عام، وهناك مصلحة عامة يجب مراعاتها، لأننا مؤتمنون على الناس وحمايتهم، ولكي نقوم بواجباتنا بحاجة لكل عنصر من عناصرنا». وتلفت في المقابل إلى كون الواقع الوظيفي للعسكريين في تحسن، فيما العقوبات بالنسبة للعائدين مخففة، وخصوصاً إذا لم يتبين ان لديهم إرتكابات مسلكية خلال تأدية الوظيفة. ومع ذلك يرى منيمنة أنه ثمة وجه إنساني لهذه القضية يجب أن يؤخذ في الاعتبار. ويعرض لحالات إرتبطت بأحوال عائلية وصحية، معرباً في المقابل عن استهجانه للمعايير المزدوجة بالنسبة لتسريح البعض دون سواهم.
أما ما يعرضه منيمنة في المقابل فهو تأمين المساواة تحت سقف القانون، على أن يطبق لمرة واحدة وإستثنائية ربطاً بالظروف التي دفعت بالعناصر إلى الفرار، بمقابل سحب الذرائع المالية التي قد تعتبر سبباً للإمتناع عن تسريح الفارين بظل هذه الظروف. ويوضح أنّه في صدد إعداد إقتراح قانون عادي ليحوّل على اللجان المختصة ويناقش من قبل جميع الكتل النيابية، تمهيداً لعرضه على مجلس النواب، وذلك كخطة بديلة في حال عدم التوصل لإقرار القانون بصيغة العجلة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: قوى الأمن
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة للشرق الأوسط وأوكرانيا والصين؟
عندما تنتخب الولايات المتحدة رئيسا، فإن العالم بأسره يراقب ويتابع، لأن هذا الحدث تأثيره عالمي، حيث يتأثر مليارات الأشخاص الذين ليس لديهم حق التصويت بنتيجة الانتخابات.
من شرق أوكرانيا المدمر إلى أنقاض غزة والصراع في مضيق تايوان، إلى الحافلات المكتظة التي تجري في شوارع طهران، والأبراج العالية في بكين والغرف الدافئة ذات الأراضي الخشبية في إدارة الرئاسة بموسكو، يتم طرح السؤال نفسه: من سيفوز ليلة الثلاثاء؟
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدل على المنصات: هل تصريحات ترامب تهديد مبطن لتشيني بالقتل؟list 2 of 2بسباق الساعات الأخيرة بين هاريس وترامب من يفوز بأصوات الولايات المتأرجحة؟end of list أوكرانيايقول إد أرنولد، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن الجميع في أوكرانيا يدركون جيدا أن بقاء البلاد يعتمد على الولايات المتحدة، صحيح أن كييف لا تعتمد فقط على الأسلحة والمركبات والذخيرة الأميركية، لكن حلفاء أوكرانيا البريطانيين والأوروبيين وغيرهم ليسوا في وضع يسمح لهم بتقديم "أي شيء مماثل" لمستوى الدعم نفسه إذا تقلصت أو اختفت المساهمة الأميركية، لذا، فإن نتيجة الانتخابات الأميركية مسألة وجودية حرفيا.
لكن المرشحين كانوا غامضين جدا بشأن خططهم بشأن أوكرانيا، ولا يوجد توافق بشأن من سيكون أفضل أو الأقل سوءا. وعن هذا يقول وزير الدفاع الأوكراني السابق أندريه زاغورودنيوك "إنهم مثل 4 آراء متنافسة، لا أستطيع أن أجزم أيهم الأكثر شيوعا".
ويضيف "مع كامالا هاريس، فإن النظرة الأكثر تشاؤما، وهي شائعة جدا، هي أنه إذا فازت، فسوف تستمر تقريبا في سياسة جو بايدن، وسنكون في هذه الحرب لفترة طويلة جدا.. بالطبع، يقول بعض الناس "لا، سيكون الأمر مختلفا"، حيث يعتقد بعض المتفائلين أنها ستكون أكثر فعالية بكثير وتنهي الحرب.
وقبل أن ينسحب بايدن من السباق الرئاسي، قال بوتين علنا إن الرئيس الحالي كان الخيار الأفضل لروسيا، حيث كان أكثر توقعا، وأكثر تقليدية في فهمه لفن إدارة الدولة.
لكن هذه التصريحات ينظر إليها على أنها تستهدف إيذاء هاريس ومساعدة منافسها الجمهوري دونالد ترامب.
أما ترامب، فقد كرر في أكثر من مناسبة خلال حملته الانتخابية أنه إذا فاز، سيتحدث مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي لفرض اتفاق سلام، قبل تنصيبه في يناير/كانون الثاني المقبل، لكن لم يوضح كيفية فعل ذلك.
ويقول زاغورودنيوك "بعض الناس يخشون أنه سيبرم صفقة مع بوتين، سنفقد المناطق المحتلة، وسيقول "إذا كنتم تختلفون، لن أرسل أي شيء على الإطلاق".
وما يعزز هذه المخاوف أن جي دي فانس الذي اختاره ترامب نائبا في حملته الانتخابية، سبق أن قال إن من حق روسيا أن تحتفظ بالأراضي التي احتلتها ويجب ألا يسمح لبقية أوكرانيا بالانضمام إلى حلف الناتو أو إلى تحالف أجنبي آخر، وهو ما ينظر إليه على أنه انتصار روسي كبير.
إسرائيليبدو الاهتمام بالانتخابات الأميركية هذا العام مختلفا في إسرائيل عما مضى. ويقول عميت سيجال المعلق السياسي الرئيسي لقناة 12 الإسرائيلية "في الماضي لم يكن هناك بث لأنها كانت تجري في منتصف الليل بالنسبة لنا، لكن هذا العام، سنبثها من الساعة 11 مساء حتى الصباح".
ويوضح أن هذا "ليس لأن الإسرائيليين يعرفون تفاصيل هذا النظام المستحيل للمجتمع الانتخابي، لكنهم على دراية تامة بأهمية النتيجة وتداعياتها عليهم".
وعلى عكس أوكرانيا، ليس هناك كثير من الغموض بشأن من يريده الإسرائيليون أن يكون رئيسا للولايات المتحدة، فإذا كانت إسرائيل هي الولاية الأميركية رقم 51، فإنها ستكون بالتأكيد حمراء للجمهوريين.
ويفسر سيجال ذلك بأنه بسبب الحرب "والأكثر من ذلك، هو بسبب تطور رؤية في إسرائيل أن الحزب الديمقراطي واليسار العالمي بشكل عام ليسا صديقين لإسرائيل، بل أعداء".
ويقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استغل "بلا رحمة" خوف بايدن من أن الخلاف مع الحكومة الإسرائيلية قد ينفر الناخبين المؤيدين لإسرائيل، فأقدم على عمليتين مثيرتين للجدل، غزو لبنان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والمجازر التي ارتكبها في جباليا بشمال غزة بعدها بأيام، معتبرا أن هذه الأحداث ربما لم تكن قد مضت بهذه السهولة لو لم تكن الانتخابات الأميركية تلوح في الأفق.
ويعتقد العديد من الإسرائيليين أن فوز هاريس سيعطي إيران وحماس وحزب الله سببا للأمل في انقسام أميركي إسرائيلي، وبالتالي دافعا لمواصلة القتال. ولكن فوز ترامب سيطفئ هذا الأمل ويجبرهم على إنهاء الحرب متعددة الجبهات.
وقد يعد ذلك ظلما لبايدن، الذي رغم التوترات مع نتنياهو، قدم الكثير من الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إيرانيقول آراش عزيزي، مؤلف كتاب "ماذا يريد الإيرانيون"، إن "المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ربما يفضل رئيسا مختلفا عن ترامب.. بشكل عام، يبدو أن النظام الإيراني يريد فوز هاريس".
ويضيف أنه على مدى العام الماضي كان الخوف من عودة ترامب موجودا في جميع وسائل الإعلام الإيرانية، لا سيما أن لديهم تجربة سابقة من رئاسة ترامب السابقة، من حيث عدم توقعه، وسياسته القائمة على الضغط الأقصى، وتقاربه مع نتنياهو.
لكن هذا الرأي ليس عاما في إيران، حيث هناك فصيل في طهران يعتقد أن ترامب "العملي" سيتعامل بوضوح أكثر من الديمقراطيين "المزاجيين"، الذين يلوحون بإمكانية التوصل إلى تسوية، لكنهم دائما ينتهون بدعم إسرائيل على أي حال، حسبما يقول عزيزي.
وترى الدكتورة سانام وكيل، نائبة مدير "برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في معهد "تشاتام هاوس" أن طهران لا تريد أن تبدأ مع الرئيس الأميركي القادم -أيا كان- بموقف أسوأ مما هو عليه الوضع الآن.
ولفتت إلى أنه خلال الأيام القليلة الماضية ألمح مستشار الزعيم الإيراني الأعلى إلى أن هناك براغماتية في العلاقات المستقبلية مع واشنطن، وهذا تطور مثير جدا للاهتمام في ظل الأزمة الحالية، معتبرة أن "الآفاق الاقتصادية قاتمة للغاية. وتخفيف العقوبات هو هدف الرئيس الجديد".
الصينفي الصين، كما في أماكن أخرى، التغطية والنقاش حول الانتخابات الأميركية يغمران وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية.
تركز كثير من التقارير مؤخرا على الاضطرابات المحتملة داخل الولايات المتحدة حول الانتخابات، مستشهدة بالتقارير الأميركية الداخلية حول احتمال وقوع عنف سياسي.
ومع ذلك، لا يوجد تفضيل واضح لأحد المرشحين على الآخر. ذلك لأن بكين لم تر فرقا كبيرا، ففي في ولايته أشعل ترامب حربا تجارية، وألقى باللوم على الصين في فيروس (كوفيد- 19)، وأطلق حملة مثيرة للجدل بقيادة مكتب التحقيقات الفدرالي ضد التجسس الاقتصادي الصيني، كما وعد بتوسيع كبير للتعريفات الجمركية على منتجات الصين إذا عاد إلى البيت الأبيض.
ولكن، بينما خفف بايدن من حدة الخطاب، فإنه لم يغير المسار فعليا: فقد حافظ على بعض تعريفات ترامب وفي بعض الحالات شددها، والأهم من ذلك، أنه تعهد صراحة بالدخول في حرب للدفاع عن تايوان إذا ما تعرضت للهجوم.
وخلال حديثه مع جو روغان الأسبوع الماضي، اتهم ترامب تايوان بـ"سرقة" صناعة الرقائق الأميركية، وألمح إلى أنها يجب أن تدفع مقابل الحماية، وهي مواضيع أثارها في مقابلات سابقة.
وعن هذه التصريحات، تقول تشو فنغ ليان، المتحدثة باسم مكتب شؤون تايوان بمجلس الدولة الصيني، إن هذه التصريحات تشكك في التزام ترامب تجاه الجزيرة.
وتضيف "سواء كانت الولايات المتحدة تحاول حماية تايون أو إيذاءها، أعتقد أن معظم زملائنا التايوانيين قد قاموا بالفعل بحكم عقلاني، ويعرفون بوضوح شديد أن ما تسعى إليه الولايات المتحدة هو دائما "أميركا أولا"، يعرف شعب تايوان أن تايوان في أي وقت يمكن أن تتحول من بيدق إلى طفل مهمل".