الثورة نت:
2024-06-27@09:44:27 GMT

من حزيران 67 إلى حزيران 2024

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

 

– المشهد كما يراه العالم والأطراف المنخرطة في الحرب الدائرة منذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، سواء كانوا في ضفة المقاومة في غزة أو في ضفة كيان الاحتلال، من قوى شعبية صغيرة إلى الدول العظمى الكبيرة، هو مشهد حرب تمتد لثمانية شهور ويعجز خلالها جيش الاحتلال عن تحقيق أي من أهداف الحرب، ويفقد زمام المبادرة، ويفقد قوة الردع.

وبالمقارنة مع حرب حزيران 1967 يبدو أن المشهد كان معاكساً، حيث استند كيان الاحتلال إلى فوزه بهذه الحرب ليحقق أكبر أحلامه وليس أهدافه فقط، فقد دمّر أهم الجيوش العربية واحتلّ أكبر مساحات من الأراضي التي كان يحلم بها لإكمال مشروعه التاريخيّ، خصوصاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان السوري، وامتلك بقوة ذلك زمام المبادرة لسنوات وربما لعقود، إذا استثنينا حرب تشرين 1973، التي نجح بإجهاضها عبر اتفاقيات كامب ديفيد وتحويلها من تحدّ إلى فرصة، ومن خلال حرب 67 صنع جيش الاحتلال قوة الردع التي بقي يتحدث عنها منذ ذلك التاريخ وانهارت نهائياً في حرب 2024، بعد تلقيها العديد من الضربات القاسية منذ العام 2006.
– المقارنة المتسرّعة قد توصل إلى الاستنتاج أن الفارق بين المشهدين، يمكن اختزاله بالقول بسقوط دور الجيوش العربية وصعود المقاومات بدلاً منها، لكن ما جرى في حرب 1973 قال إن العطب عام 1967 لم يكن في الجيوش، وإن الخلل في استثمار نتائج الحرب أو المضي بها قدماً حتى فرض معادلات جديدة على الكيان بدلاً من منحه فرصة استثمارها في استرداد زمام المبادرة وإعادة تأكيد قدرة الردع. كما حدث بفعل كامب ديفيد، لم يكن أيضاً بسبب الجيوش، لأن الجانب العسكري من حرب 73 قال بأن الجيوش العربية قادرة على تخطيط حرب والإعداد لها، وخوض غمارها، وتحقيق المفاجأة فيها، وإنجاز النصر العسكري المتمثل بالعبور الى الأراضي المحتلة وتدمير خطوط الدفاع الأولى والثانية والثالثة لجيش الاحتلال، وبالتالي فإن الخلل عام 67 كان في مكان ما من القيادة العسكرية والأمنية والسياسية، لكنه قطعاً ليس في الجيوش التي أنجزت نصراً كان كاملاً قبل أن يبدأ الخلل بفعل التدخل السياسي، بداية لإخراج الجيش المصري من الحرب، ثم لإخراج مصر من الصراع كله.
– لكن بالرغم من حقيقة ما قالته حرب تشرين عسكرياً، لا تزال حرب 2024 أشد تفوقاً، وقد ثبت أن حرب المقاومة تتيح الفرصة لخوض حرب استنزاف طويلة، لا تتسبب بتعريض العواصم العربية والمؤسسات الحيوية في الدول العربية للخطر، لكنها تدفع الكيان إلى حافة الانهيار، ولم تكلف هذه الحرب الاقتصادات العربية وموازنات الدول العربية قرشاً واحداً، ومثلت ذريعة لأي ارتكاب سياسي أو مالي أو امني، كما كان ينسب لنظرية الاستعداد للحرب من جانب الدول والحكومات والجيوش، وهي حرب تخوضها مقاومات تنتمي للجغرافيات الثانوية في البلاد العربية، حيث لا دول غنية ولا دول قوية ولا مجتمعات موحدة، لكنها رغم الجوع والدمار والحصار، من غزة إلى جنوب لبنان إلى اليمن والعراق، تنجح بفعل العكس تماماً في الكيان، فهي مثلما حيّدت العواصم والجيوش والاقتصادات والمجتمعات العربية عن دفع الثمن، جعلت الجيش والاقتصاد والعاصمة والتجمع في كيان الاحتلال يدفع أثماناً باهظة، لبلوغ عتبة الانهيار، وهو ما لم يكن ممكناً نسبته لحرب 73 في أفضل التمنيات.
– ثمة فارق رئيسي بين الحربين يفسره وجود محور المقاومة. وهذا المحور الذي تشكل إيران عمقه الاستراتيجي وسورية عقدة الوصل بين ساحاته، يستند أيضاً إلى جيوش قوية ومقتدرة، لكنه لا يزج بها في ساحات القتال إلا نسبياً وجزئياً، وعند الضرورة القصوى. وهذا المحور ينخرط في حربه بخلفية عقائدية لا مكان فيها للاعتراف باحتلال أي جزء من فلسطين تحت شعار التسوية التاريخية للدولتين، ويضع لنفسه مهمة هي زوال هذا الكيان. وقد أخلص لما أعلنه من قناعة بأن قضية فلسطين هي الأولوية التي يخضع لها سائر بنود جدول أعمال مكوناته، وفي مقدمتها موجبات الاهتمام بشؤون السلطة والسعي إليها ومستلزمات الحفاظ على المكاسب التي توفرها، ومراعاة الضوابط التي يستوجبها ذلك داخل كل بلد وعلى مستوى العلاقات الخارجية. وهذا المحور بسبب إخلاصه لفكرة فلسطين أولوية، ثابر لعقود طويلة على بناء القوة اللازمة لمنازلة الكيان، فنظّم ودرّب وهيكل تشكيلات من مئات آلاف الشباب العرب في بلدان عديدة، وراكم من السلاح والذخائر التي يحتاجها وأتقن تصنيع أغلبها وحتى تفوّق مجتمعاً على قدرة الكيان النارية، وخاض معارك اختبارية سبقت الطوفان قالت له بنضج اللحظة لضربة تغيّر الاتجاه فكان العبور في 7 أكتوبر تذكيراً بعبور 6 أكتوبر وتحية لشهداء ذاك العبور من الجيشين المصري والسوري.
– الأهم في هذا المحور هو أنه على قلب رجل واحد في الإخلاص لفكرة فلسطين أولوية، وقد شهدت الشهور الثمانية ترجمة حسيّة لهذا الإيمان والإخلاص، رغم المزايدات التي رافقت الأشهر الأولى حول مدى جدية أطرافه في ترجمة انخراطها في الحرب، وهو ما أثبتت وتثبت الوقائع أنه ذكاء استراتيجي في كيفية خوض حروب الاستنزاف، وبقاء الوهج لغزة وقتالها ومعاناة شعبها وبطولات مقاومتها، فيتراكم نصر الميدان فوق نصر حرب الرواية التي غيّرت اتجاهات الرأي العام العلمي بفعل ذلك، والأهم هو ما يثبت من وقائع أنه لو كان في جبهة الإسناد الأولى لغزة من هذا المحور التي يمثلها لبنان أنور سادات، يقبل أن ينسحب من الحرب في منتصف الطريق تحت شعار الأولوية الوطنية على القضية المركزية الجامعة لقضايا الوطنيات المختلفة، لوقعت الكارثة وتكرّر ما جرى مع حرب 73، وقد كانت الإغراءات والتهديدات والضغوط الداخلية أكثر من أن تُحصى، ونجحت القيادة التي تمثل المحور في لبنان بالفوز في الامتحان الصعب، وبقيت على إخلاصها وتحمّلت ولا تزال ما تنوء تحت حمله الجبال، ومعادلتها تقول اذهبوا إلى حركة حماس وفاوضوها وعندما تتفقون وتنتهي الحرب في غزة، ستتوقف جبهة لبنان، وما يصحّ في جبهة لبنان يصحّ كذلك في جبهات اليمن والعراق، ويصح ضمناً وبقوة في حالتي سورية وإيران.
– كانت حرب حزيران جولة ربحها الكيان عسكرياً فتعلّمت منها الأمة، وأعدّت لحرب 73، وكانت نهاية حرب 73 بكامب ديفيد جولة ربحها الكيان سياسياً فتعلمت منها الأمة، وجاءت حرب 2024 تترجم تعلم الدروس السياسية والعسكرية وإتقان تجاوز نقاط الضعف ومراكمة نقاط القوة، لننتقل من زمن الهزائم إلى زمن الانتصارات، وكلمة السر هي الأخلاق والصدق والإخلاص والعقيدة، وكلها تختصرها معادلة فلسطين حرة من البحر إلى النهر.

رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مراسلة سانا: انطلاق أعمال الدورة الـ 48 لاجتماع الهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، والتي يستضيفها الهلال الأحمر العربي السوري في فندق الداما روز بدمشق

2024-06-26sanaسابق الصين تجدد التأكيد على ضرورة احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها انظر ايضاً الصين تجدد التأكيد على ضرورة احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها

الأمم المتحدة-سانا جدد نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة قنغ شوانغ التأكيد على

آخر الأخبار 2024-06-26مراسلة سانا: انطلاق أعمال الدورة الـ 48 لاجتماع الهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، والتي يستضيفها الهلال الأحمر العربي السوري في فندق الداما روز بدمشق 2024-06-26الصين تجدد التأكيد على ضرورة احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها 2024-06-26المقاومة العراقية تستهدف بالطيران المسير موقعاً للعدو الإسرائيلي في أم الرشراش 2024-06-26وزير الدفاع الروسي يحذر نظيره الأمريكي من خطورة استمرار تزويد نظام كييف بالأسلحة 2024-06-26الدفاعات الجوية الروسية تسقط مسيرتين أوكرانيتين فوق مقاطعة سمولينسك 2024-06-26انطلاق معرض “سيريا بلاست 2024” اليوم بمشاركات محلية وعربية وأجنبية 2024-06-25مرتيني يناقش مع المعنيين في درعا سبل تطويرها السياحة الداخلية والشعبية 2024-06-25الضحاك: المنطقة العربية تتجه نحو تصعيد خطير جراء مواصلة الاحتلال جرائمه في فلسطين واعتداءاته على سورية وتهديداته بشن عدوان على لبنان 2024-06-25القوات اليمنية تعلن استهدافها سفينة تابعة للعدو الإسرائيلي وإصابتها بدقة 2024-06-25بمشاركة أكثر من 280 علامة تجارية… انطلاق فعاليات معرض (فود إكسبو) للصناعات الغذائية

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر قانوناً يقضي بالتشدد في عقوبات وغرامات سرقة مكونات شبكتي الكهرباء والاتصالات 2024-06-13 الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث “الشركة العامة للصناعات الغذائية” 2024-06-11 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بصرف منحة بمبلغ 300 ألف ليرة للعاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين 2024-06-10الأحداث على حقيقتها استشهاد طفلين وإصابة ثلاثة أشخاص جراء انفجار لغم من مخلفات الإرهابيين بريف حماة 2024-06-18 الجيش يقضي على عدد من الإرهابيين ويدمر طائرات مسيرة في عدة مناطق 2024-06-09صور من سورية منوعات لأول مرة في تاريخ البشرية…المسبار الصيني “تشانغ إيه” يعود إلى الأرض حاملاً عينة من تربة القمر 2024-06-25 علماء صينيون يكتشفون جيناً قد يساعد الأفراد على مقاومة السمنة 2024-06-25فرص عمل السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة توظيف بفرعها باللاذقية 2024-05-12 السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة لشغل عدد من الوظائف في الإدارة المركزية 2024-04-24الصحافة أسئلة وجودية.. بقلم: أ.د. بثينة شعبان 2024-06-24 موقع بريطاني: تغطية وسائل الإعلام البريطانية والغربية لجرائم الحرب في غزة انتقائية ومتحيزة 2024-06-23حدث في مثل هذا اليوم 2024-06-2626 حزيران 1974 – تحرير القنيطرة من العدو الإسرائيلي والقائد المؤسس حافظ الأسد يرفع العلم الوطني في سماء المدينة 2024-06-2525 حزيران 1678 – الإيطالية إيلينا بيسكوبيا تصبح أول امرأة بالعالم تحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة 2024-06-2424 حزيران 1529- التوقيع على معاهدة سلام لإنهاء الحرب الأهلية في سويسرا 2024-06-2323 حزيران 2009- إيران تطرد دبلوماسيين بريطانيين لتدخلهم بشؤونها الداخلية 2024-06-2222 حزيران 2002- زلزال يضرب غرب إيران ويودي بحياة 261 شخصاً 2024-06-2121 حزيران 1958- إعلان الجمهورية في موريتانيا
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مراسلة سانا: انطلاق أعمال الدورة الـ 48 لاجتماع الهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، والتي يستضيفها الهلال الأحمر العربي السوري في فندق الداما روز بدمشق
  • الحرب على لبنان حرب على العالم!!
  • بمشاركة أكثر من 280 علامة تجارية… انطلاق فعاليات معرض (فود إكسبو) للصناعات الغذائية
  • الانتخابات الأمريكية.. هل يدفع بايدن الثمن؟
  • الأمة يعلّق على استراتيجية السعودية تّجاه السودان
  • وزارة الخارجية: تؤكد الجمهورية العربية السورية على وقوفها إلى جانب الشعب الروسي الصديق، ولديها كامل الثقة بقدرة الاتحاد الروسي على مواجهة هذه التحديات
  • وزارة الخارجية والمغتربين: تدين الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات الهجمات الإرهابية التي وقعت في جمهورية داغستان في الاتحاد الروسي، والتي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا الأبرياء
  • معضلات بايدن والاحتلال
  • معضلات بايدين والاحتلال
  • الوضع العام بنظرة سريعة