عقب طرح "Bad Boys 4".. هل ينقذ صورة ويل سميث في هوليوود؟
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا تزال واقعة صفع الممثل ويل سميث لزميله كريس روك، خلال حفل توزيع جوائز النسخة الـ٩٤ للأوسكار، تحدث دويا واسعا، فمع طرح الجزء الرابع والجديد من سلسلة أفلام الحركة "Bad Boys: Ride or Die" مع شريكه النجم مارتن لورانس، يراهن سميث على تبرئة اسمه من تلك الحادثة المخجلة قبل عام ونصف.
في الجزء الجديد من سلسلة "Bad Boys"، قضى بطلا الفيلم محققا المخدرات في ميامي مايك لوري (سميث) وماركوس بورنيت (لورانس)، معظم الفيلم هاربين. ليبدآ العمل الذي يركز على تبرئة اسم النقيب الراحل هوارد (جو بانتوليانو)، الذي اتُهم بمساعدة وتحريض العصابات، ثم يتم توريط أنفسهم. الأمر كله يتعلق بهذا: مواجهة أخيرة مع رجال الشرطة المرتدين وأباطرة المخدرات الذين أمروا بقتل هوارد في الفيلم السابق لعام 2020 بعنوان “Bad Boys for Life”.
ووفق موقع "فارايتي"، فإنه في الفيلم يتعرض (مايك/ ويل سميث)، لعدة صفعات من شريكه (ماركوس/ مارتن لورانس)، أكثر من مرة ليقوم بتحفيز شريكه للعودة إلى نفسه مجددًا حتى يتمكنوا من الخروج من هذا المأزق واستعادة أسمائهم الجيدة. ويرى الموقع أنها تمويه معكوس من صناع الفيلم لذلك الحادث سيئ$ السمعة، حيث يظل هذا الموقف الكوميدي متأرجحا ما بين إذا كان بالفعل خطوة صحيحة أم لا، أو خيار سميث الوحيد لمعالجة الحادث واستعادة النجاح الذي حققه من قبل.
وفي مراجعته للفيلم، كتب الناقد أوين جليبرمان، بموقع "فارايتي" عن هذا المشهد بالتحديد: "يعمل المشهد كنوع من طرد الأرواح الشريرة. إنه أشبه بمعاقبة سميث والسخرية القاسية من تجاوزاته، وربما في هذه العملية، السماح له بالخروج من تحت هذه الصورة". لقد نجح المشهد للحظة في إقناع الجماهير في العروض الترويجية، الذين ضحكوا عمدًا على المشهد، في حين كان النقاد الآخرون أقل إعجابًا. ووصفت صحيفة ديلي بيست النكتة بأنها "لا طعم لها"، وكتبت أن "هذا المشهد يثبت أنه انعكاس ذاتي لانهيار جائزة الأوسكار لسميث" في وظيفتها كجزء من حاجة النجم لإعادة تأهيل الصورة".
وعقب الحادث بعدة أشهر، أعلنت منصة «أبل بلس» الرقمية عن فيلمها «Emancipation»، الذي يؤدي بطولته ويل سميث، ليسود الكثير من الجدل الدائر بخصوص تقبل الجمهور لصورة "سميث" عقب هذا الحادث المؤسف، وظن الجميع أن مسيرة سميث ستتوقف لسنوات طويلة داخل هوليوود، خاصة أنه قدم استقالته من أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة، ومنعه من المشاركة في حفلاتها لمدة ١٠ سنوات، لكن مشغل البث الرقمي خالف توقعات الجميع بإعلانه عن المشروع الجديد، والذي لم يحدث أي تأثير سلبي أو إيجابي عقب طرحه وقتها، وراهنت «أبل بلس» على أن الضجة التي أثارها هجوم سميث على كريس روك في حفل توزيع جوائز الأوسكار قد تلاشت، خاصة بعد أن سجل سميث مقطع فيديو اعتذارًا محرجًا.
وخلال إعلان جوائز فئة أفضل فيلم وثائقي، سخر الممثل كريس روك، من «صلع» زوجة ويل سميث، ما دفع الأخير للصعود على المسرح وتوجيه لكمة على وجه روك، وظل سميث يحذره قائلًا: «ابق اسم زوجتي بعيدًا عن فمك»، ما دفع مخرج الحفل لقطع الصوت والخروج إلى فاصل إعلاني.
وتوج بعدها بدقائق، سميث، بجائزة الأوسكار الأولى له في تاريخه عن دوره في فيلم «King Richard»، وألقى خطابا عاطفيا بعد فوزه بالجائزة تحدث فيه عن مشواره والفيلم وعائلته.
وكانت قد أرسلت الأكاديمية إشعارًا لمدة ١٥ يوما، يرد خلالها سميث على الانتهاكات الموجهة ضده قبل اجتماع مجلس المحافظين لاتخاذ قرار نهائي في واقعة التعدي، ليخرج سميث بعدها ويقدم استقالته من الأكاديمية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: كريس روك مارتن لورانس ویل سمیث
إقرأ أيضاً:
كيف تعيد التقنيات صياغة المشهد السياسي؟
مع دخول العالم مرحلة غير مسبوقة من التطوّر الرقمي، بات من الصعب تجاهل التأثيرات العميقة التي تتركها التقنيات الرقمية وأدواتها الذكية المتطورة على الحياة السياسية، وعلى هندسة السلطة وصياغة معادلات النفوذ والتأثير؛ فيعتبر ما كان بالأمس خاضعاً لأنماط تقليدية من التحكّم السياسي وتواصله، ينتقل اليوم بوتيرة متسارعة إلى فضاء رقمي جديد تتحكم فيه البيانات، والخوارزميات، والمنصّات الرقمية. لا تتصل هذه التحوّلات بآليات العمل السياسي داخل الدولة وحسب، ولكنها تمتد لتشمل بنية السلطة ذاتها، وتحالفات القوة، والأساليب التي ينتهجها الساسة للتأثير في الرأي العام وصناعة القرار.
قبل الثورة الرقمية وأنظمتها الذكية، كانت السلطة السياسية تتمظهر ببنية هرميّة صارمة؛ حيث يتركّز النفوذ في قمّة الهرم بتباينه من سلطة إلى أخرى؛ لينتقل النفوذ تدريجياً إلى أسفل الهرم عن طريق قنوات اتصال محدودة ورسمية. في حاضرنا الرقمي، نجد أن التقنيات الرقمية تمكّنت من كسر هذه الهرميّة؛ لتحدث تغيرا للسلطة يتسم بالبنية الشبكية؛ حيث تتداخل فيها مراكز النفوذ وتتعدد مصادر المعلومات وآلية انتشارها، وباتت مساحات رقمية افتراضية مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والمنصّات الإعلامية الرقمية، والشبكات الافتراضية فضاءات بديلة تسمح للأفراد والمجموعات بالتعبير عن آرائهم، وتنظيم صفوفهم، والتأثير في القضايا العامة؛ ولهذا تتضح معادلة سياسية أخرى غير معهودة مفادها أن السلطة السياسية لم تعد صاحبة الكلمة النافذة في قرارات المجتمعات الرقمية، بل أضحى من السهل أن يتفوّق صوت الناشط الرقمي أو الصحفي على صوت المؤسسة السياسية، وهذا ما يمكن أن نراه من زاويتين متضادتين من حيثُ إن بعضًا من التأثير -الذي يفرضه الواقع الرقمي- غير المنضبط بالأسس القانونية والأخلاقية يمكن أن يحدّ من تأثير السلطة السياسية في ضبط النظام العام، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن نراه بشيء من الإيجابية حال أنه لا يمس القيم الأخلاقية والقانونية في كونه فضاء تتلاقح فيه الأفكار وتتشارك في تطوير المجتمع؛ فيكون الأفراد جزءا من المنظومة السياسية وشركاء في مشروعات البناء.
في واقعنا الرقمي المعاصر، لا يمكن أن نعتقد أن صياغة الرأي العام سيكون حصرا عبر الصحف والتلفاز والإذاعة؛ إذ اقتحمت المنصات الرقمية هذا الميدان لتشكّل فضاءً مفتوحًا للجميع في صناعة الرأي العام؛ فيستطيع الجميع بما فيهم الساسة وصنّاع القرار وأيّ فرد في المجتمع بواسطة منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك «ميتا»، تويتر، يوتيوب، إنستغرام وغيرها من مشاركة الرأي ونشره بسرعة كبيرة، وجذب متابعين ومناصرين من أقطاب مختلفة من العالم، وهذا ما يمكن أن ينقل المشهد من منطقة الصياغة إلى منطقة التأثير «سلبا أم إيجابا»، واستنادا إلي آلية عمل هذه المنصّات التي تتصل بخوارزميات ذكية، فإنّ هذه الخوارزميات تملك خاصية صناعة القرارات في عملية النشر والاستهداف سواء تلك المحتويات التي ستنتشر أو تلك التي ستهمّش وفق توجهات شركات التقنية وسياساتها المتحيّزة؛ فتتفاعل تساؤلات تتعلق بمدى شفافية هذه الخوارزميات وعدالتها، ومن يتحكّم بها، وكيف يمكن أن تشكّل هذه الأدوات التي تصممها شركات خاصة رؤية الأفراد إلى العالم، ولعّل أقرب مشهد حديث يمكن أن نستشهد به ليقّرب لنا هذه الظاهرة ما حدث في سوريا وما زال يحدث من أحداث تتمازج فيها النوايا السياسية بين الإرادة الشعبية والتدخلات الخارجية المشبوهة.
من الممكن أن نعتبر «هندسة السلطة» أكثر وضوحاً حين ندرك أنّ المحتوى السياسي على المنصات الرقمية يخضع لأشكال متنوّعة من التداخلات مثل: التلاعب بالأخبار عبر «الفبركة» والبرمجيات الخبيثة، واستهداف مجموعات بعينها عبر الإعلانات الموجّهة، و«تجييش» الغرف المغلقة في تطبيقات التواصل الاجتماعي، وتنظيم حملات الضغط السياسي الرقمي، وتعتبر مثل هذه التداخلات أدوات ذات أهداف سياسية تسعى إلى إعادة توزيع القوة والتأثير، ونجد أن ما كان مقتصراً على النخب السياسية والمؤسسات الإعلامية صار في متناول مجموعات مصالح متفرقة، وربما حتى أطراف خارجية تتدخّل في الشؤون الداخلية لدول أخرى دون قيود جغرافية واضحة. من ناحية أخرى، نجد أن للسلطة السياسية إمكانية في استغلال هذه القفزة الرقمية؛ فمع تضاعف حجم البيانات الرقمية المتاحة، سواء تلك الناتجة عن استعمالاتنا المستمرة لشبكة الإنترنت أو التي تجمعها أجهزة إنترنت الأشياء؛ أضحى من السهل تحليل هذه البيانات واستخراج الأنماط والمعلومات بأنواعها؛ فتسمح التحليلات المتقدمة بالتنبؤ بسلوك الناخبين واتجاهات الرأي العام -وهذا ما رأيناه في الانتخابات الأمريكية-، وكذلك التأثير في مسارات القضايا الحسّاسة التي يمكن استثمارها لخدمة أجندات معيّنة؛ إذ لم تعد الحملات الانتخابية تضع ثقل اعتمادها على الخطب الجماهيرية والمناظرات التلفزيونية، ولكن تأثيرها بات منوطا بشكل متزايد على قدرتها على الهندسة الرقمية للمحتوى السياسي التي تستند إلى قوة البيانات الضخمة وحجمها ونماذج التحليل التنبئي؛ للتأثير على كل ناخب وفق اهتماماته وقيمه ومخاوفه المرصودة والمحللة.
يمكن لمثل هذا التداخل الرقمي أن يصنع معضلات أخلاقية وقانونية حادّة في المجتمعات؛ فتتداعى كثير من الأسئلة بهذا الشأن منها: إلى أي مدى يحق للسلطة السياسية استغلال بيانات المواطنين لأغراض التأثير الانتخابي أو القضايا الأخرى؟ وكيف يمكن تقنين استعمالات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات في المجال السياسي؟ وهل يمكن ضمان عدم توظيف هذه الأدوات في حملات تضليلية أو تمييزية؟ ما زالت هذه الأسئلة محتدمة وغير محسومة؛ فهذه الأسئلة ليست من منطلق نظري فحسب، ولكن أصبح حضورها قويا في النقاشات السياسية والقضائية والعلمية، على مستوى العالم.
إنّ «هندسة السلطة» في عصر الثورة الرقمية ليس حدثاً طارئاً أو عملية مؤقتة، بل هي معادلة ديناميكية مفتوحة على احتمالات عديدة، وتتفاعل فيها القوة الرقمية الصاعدة مع القوة السياسية، وتتصارع فيها إرادة التحكّم مع دعوات الحرية، وتظهر فيها فرص لتحسين المشاركة السياسية والشفافية جنباً إلى جنب مع مخاطر التلاعب والتضليل، وسيسهم فهم هذا التحوّل والتعامل معه بوعي وحكمة في تحديد مسار متوازن وواعٍ للمستقبل؛ فتتمكّن المجتمعات من تسخير قوة التقنيات الرقمية لدعم المظاهر الديمقراطية، لا لتقويضها؛ ولضمان توظيف هذه الأدوات في خدمة الإنسان، لا في استغلال نقاط ضعفه، وهذا ما لم تعه كثير من السلطات السياسية للدول -معظمها عربية- وساهم في تفاقم أزماتها الداخلية وتنامي القطيعة بين الشعب والحكومة. لنا في سلطنة عُمان تجربة ناجحة أدركت الحكومة أهمية تفعيلها وفق ضوابط تحفظ القانون العام والخاص والقيم المجتمعية والدينية والمنطلقات الأخلاقية، وتتمثّل في تفعيل الحوار الرقمي المفتوح للجميع لمشاركة الأفكار والملحوظات للشأن الداخلي والخارجي، ومن صعيد أكثر شمولية نجد مظاهر طرح الرأي العام -في حدود الضوابط المذكورة آنفا- عبر منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية الرسمية المكتوبة والمسموعة والمرئية دون تقييد للحريات، وهذا ما أراه ناتجا عن الثقة المتبادلة بين عناصر المجتمع العُماني حكومة وشعبا، ولم يتأتّ ذلك إلا نتيجة التجربة العُمانية العميقة والطويلة للديمقراطية ونضجها السياسي -في الحريّة والشورى- التي وثّقها التاريخ منذ مئات السنين، وهذا ما أعتقده أحد أسرار نجاح التوازن السياسي العُماني -الداخلي والخارجي- الذي حافظت عليه حكومة سلطنة عُمان مع نهضتها المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم -حفظه الله ورعاه- الذي وجّه بأهمية التفاعل الرقمي وتطويراته لصناعة منظومة سياسية تعتمد الشفافية يشترك فيها جميع أفراد المجتمع العُماني آخرها صدور الأوامر السامية بتوجيه مجلس الوزراء والجهات المعنية لتطوير منصة إلكترونية متخصصة لتلقي الشكاوى والمقترحات من عامة أفراد المجتمع، وأُعلن عن إطلاق النسخة التجريبية قبل عدّة أيام، وستبدأ فعليا في مطلع عام 2025م بإذن الله.