أسفرت الانتخابات الأوروبية، عن تقدّم كبير لأحزاب اليمين الشعبوي، داخل المؤسّسة الأوروبية التي ترسم إستراتيجيات الاتحاد وعلاقاته الخارجية ومستقبله السياسي والاقتصادي، وقد نُظمت هذه الانتخابات في سياقات إقليمية، يحكمها عدد من المتغيرات التي هيمنت على المشهد الأوروبي والعالمي في الآونة الأخيرة.

وتشير النتائج المعلنة على سبيل المثال، إلى أنّ اليمين الشعبويّ "الجبهة الوطنية" في فرنسا جاء في المرتبة الأولى بنسبة 32 في المائة، متقدمًا على حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ الذي أعلن على إثر ذلك حلّ البرلمان "الجمعية الوطنية"، مع الدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة 30 يونيو المقبل.

أما في ألمانيا فقد حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على المرتبة الثانية متقدمًا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يرأسه المستشار أولاف شولتس، ومسبوقًا بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وشقيقه البافاري (CSU) بنسبة 16 في المائة، بالإضافة إلى تقدم معظم أحزاب اليمين الشعبوي في عموم الدول الأوروبية.

يمكن القول إن، النتائج التي أحرزتها قوى اليمين الشعبوي ستؤدي حتمًا إلى رسم خرائط سياسية جديدة داخل البرلمان الأوروبي ومنه في عدد من الدول، ما قد يسفر في المديين: المتوسط والبعيد مستقبلًا عن خلل في التوازنات القائمة منذ عقود، بفعل اتساع الكتلة الانتخابية لليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية التي تمثّل مركز الثقل في الاتحاد، ونخصّ بالذكر هنا ألمانيا، وفرنسا، وغيرهما من الدول، كما سيكون لحضوره المؤسّساتي النوعي داخل الاتحاد الأوروبي تأثير في منظومة التشريع والقوانين، وفي السياسات الخارجية للاتحاد وعلاقاته التجارية والاقتصادية.

فالنتائج ستسفر في المدى المتوسط على هيمنة منتظرة على السلطة والحكم، لا سيما أن القوى السياسية التقليدية تآكلت بنيتها وحظوظها السياسية، كما تؤكد متغيرات الأزمتين: الاقتصادية والاجتماعية بفعل التوترات والحروب سواء مع روسيا في أوكرانيا، أو غيرها، هذا الاتجاه المجتمعي في أوروبا نحو اليمين المتطرف، مما يحتاج فحص أسبابه وعوامله، ومن ثم مخاطره المستقبلية المنتظرة.

كيف يمكن قراءة المتغيرات الحاصلة، والعوامل التي أدّت لصعود اليمين المتطرف، أو الشعبوي؟ وما انعكاسات ذلك على مستقبل أوروبا وفي صلبها سياسات الهجرة والموقف من الإسلام والمسلمين؟ وأي دور ينبغي للمهاجرين أو من هم من أصول مهاجرة القيام به في السياق الراهن للحدّ من الآثار السلبية المنتظرة؟

عملت أحزاب اليمين المتطرف في عدد من الدول بالاستثمار الذكي في الأزمة التي يعرفها الوضع الاقتصادي الأوروبي، بتوجيه الأنظار بخطاب شعبوي إلى طبيعة التهديدات التي تمثلها قضايا الهجرة واللجوء

عوامل صعود اليمين المتطرف

تعددت العوامل المؤثرة في صعود شعبية اليمين المتطرف، فهناك عوامل موضوعية ذات صلة بالتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها أوروبا، وهناك المحفزات الخارجية المرتبطة بالتطرف، وكلها تحمل تأثيرات فعّالة في تغذية الإقبال على اليمين المتطرف.

الأزمتان: السياسية والاقتصادية

نجم عن الأزمة التي يعرفها الاقتصاد العالمي، انعكاسات في نمط العيش وحالة الرفاه والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعرفه عدد من الدول الأوروبية، مما زرع الشك  لدى مواطني أوروبا في الاختيارات السياسية التقليدية بين اليمين، واليسار، والوسط.

وفي هذا الصدد، عملت أحزاب اليمين المتطرف في عدد من الدول بالاستثمار الذكي في الأزمة التي يعرفها الوضع الاقتصادي الأوروبي، بتوجيه الأنظار بخطاب شعبوي إلى طبيعة التهديدات التي تمثلها قضايا الهجرة واللجوء والمكونات الاجتماعية والثقافية التي تعود أصولها إلى بلدان أو مصادر أجنبية، ومن ثم فإن حلول الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تقترن بالتشديد على أن "أوروبا للأوروبيين"، سواء في التشغيل وحركة الاقتصاد والعمالة، أو في سياسات الهجرة وواقع التعددية والحريات الدينية والثقافية.

هذا النّهج يهدد في واقع الأمر، التقاليد السياسية والثقافية والحقوقية في أوروبا، ويحمل ضررًا بالغًا على النّسيج الاجتماعي وسمة التعددية والتنوع التي ظلّت السرديات الخطابية؛ السياسية والفكرية في أوروبا تعتبر نفسها نموذجًا يحتذى به ومقياسًا للديمقراطية الليبرالية.

فاليمين المتطرف يتوسل بآلية ناجعة من الآليات التي تتيحها الديمقراطية على مستوى التنافس السياسي والانتخاب للوصول إلى السلطة، لكن نزعته من حيث الاختيارات السياسية والاجتماعية أو المضمون، ذات طابع شمولي مغلق يرسّخ الإقصاء، وقد يعيد أوروبا إلى عهد الشموليات والتطرف الأيديولوجي والسياسي الذي مرّت به مطلع القرن العشرين.

هذا بالإضافة إلى أنه يلغي دور المواطنين الأوروبيين من أصول مهاجرة؛ مسلمين وغير مسلمين، في الإسهام في حركة الاقتصاد والديناميات الثقافية والاجتماعية التي عرفتها أوروبا إلى حدود اللحظة الراهنة، وهذه سمة تخص كل الشعبويات ذات النزعة الأصولية، من الهند التي عاد فيها الحزب القومي الهندوسي "بهاراتيا جاناتا" بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى السلطة، إلى الولايات المتحدة الأميركية مع ترامب، أو أوروبا الشرقية وغيرها من الدول التي برز فيها زعماء شعبويون، يؤدّون بخطابهم ونزوعهم التحريضي إلى نشر الكراهية والتطرف، وتعميم التوتر والقلق بأشكال متنوعة، أحدها ظاهرة اليمين المتطرف في أوروبا.

الشعبوية وانتعاش اليمين المتطرف

شهد اليمين المتطرف انتعاشًا قويًا مع تصدر الشعبوية للسياسة في عدد من الدول، ومنها الولايات المتحدة الأميركية مع ترامب، ويمثل ظهور الشعبويات في العادة إخفاقًا للبعد العقلاني في السياسة. من أهم مظاهرها تجنب الفاعلين طرح الأسباب الجوهرية للمشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة للنقاش، والاستعاضة عنها بممارسة اختزالية وتبسيطية، تستثمر في إذكاء الفوبيا من الآخر داخل المجتمع، من أجل حشد الجمهور الغاضب من الفشل السياسي والاقتصادي وتوجيه اختياراته السياسية من خلال البروباغندا الإعلامية والسياسية، التي تستثمر ببراعة في سيكولوجيا الجمهور.

جلي أن اختيارات الجمهور في لحظات الاضطراب لا تخضع لمعايير عقلانية، وإنما تصبح أكثر انزياحًا نحو خطاب يستثير العواطف ويلهب الشعور الجماعي بوعود لا تحمل إلا الانغلاق والتقوقع على الذات، في حين أن بعدًا من أبعاد الأزمة قائم في الركود الاقتصادي عقب جائحة كورونا، وأزمة التضخم، وإفلاس عدد من الشركات.

الشعبوية، ذلك المرض العضال الذي انتشر كالفطر في الحياة السياسية، أذكت جانبًا مظلمًا من الشعور والوعي داخل المجتمعات الأوروبية، يخدم بشكل أو بآخر أطروحات اليمين المتطرف، وقد ظهر ذلك بجلاء في مقاربة جملة من المشاكل السياسية والاقتصادية في الصراع السياسي الانتخابي، وعلى منصات الإعلام طيلة العقد الماضي، باعتبارها أزمة هجرة ومهاجرين وقضايا هوياتية ترتبط بالنمط الثقافي والقيمي الأوروبي الذي أصبح موضع تهديد في نظر أحزاب اليمين، ومن ثم كراهية الإسلام والمسلمين، إذ ينظر إلى الإسلام باعتباره نقيضًا جوهريًا لأوروبا قيميًا وثقافيًا.

موجة الإسلاموفوبيا وانجرار المؤسسات والفاعلين إلى خطاب اليمين الشعبوي

تشهد الدول التي يتمدد فيها اليمين المتطرف، مثل فرنسا، نوعًا من التماهي في الخطاب بين الفاعلين السياسيين التقليديين واليمين المتطرف حول "الانعزالية الإسلامية". يعمم هذا الخطاب الظاهرة الدينية والرموز الإسلامية ويصفها بالتطرف ومعاداة القيم الأوروبية، مما يؤدي إلى تشابه كبير في الخطاب المتداول إعلاميًا وسياسيًا بين مختلف القوى السياسية.

في هذا السياق، اتخذت فرنسا إجراءات تعكس في بعض جوانبها توجهًا إقصائيًا نحو الدين والرموز الدينية، متأثرة بالعلمانية اليعقوبية، التي تتبنى مقاربة حادة تجاه الدين. أدى هذا النهج إلى خلق حالة من التوتر، حيث أصبحت الرموز الدينية الإسلامية موضوعًا للازدراء ضمن إستراتيجيات الفاعلين السياسيين المتصارعين، باستثناء القوى اليسارية التي لم تتبنَ هذا النهج بنفس الدرجة.

النزعات المتطرفة لليمين تعكس فهمًا خاطئًا للخصوصية الدينية في أوروبا وتاريخها. بعض أنواع التطرف الإسلامي في فرنسا لها جذور في تاريخ فرنسا الاستعماري وسياساتها تجاه الهجرة والاندماج. هذه السياسات تفتقر إلى الاعتراف بالآخر، ما يؤدي إلى استبعاده اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا. بالإضافة إلى ذلك، النموذج العلماني الفرنسي، الذي يرفض التعددية، يختلف عن النماذج الأنجلوساكسونية والألمانية التي تصبح فيها العلمانية اليعقوبية نفسها تبدو كدين بحد ذاتها. الأمر الذي يؤدي إلى رفض متبادل بين المجتمع والمتطرفين. هذا الوضع يغذي خطاب التطرف اليميني ويعزز حضوره في السياسات والبرامج السياسية، مما يخلق حالة من التوتر المستمر.

الصعود الكبير لليمين المتطرف وإمكانية وصوله إلى السلطة في بعض الدول أثر على الخطاب السياسي للعديد من الأحزاب. بدلًا من تقديم أطروحات تستوعب التنوع، بدأت أحزاب اليمين التقليدي ووسط اليمين في تبني خطاب يشبه خطاب اليمين الشعبوي، خاصة فيما يتعلق بالمهاجرين وقضايا الهُوية.

على سبيل المثال، تبنّى حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" في ألمانيا بقيادته الجديدة نهجًا مشابهًا لليمين الشعبوي، متأثرًا بتقدم حزب "البديل من أجل ألمانيا". هذا التوجه يعكس تراجعًا عن النهج التعددي الذي اتبعته ألمانيا لعقود، ويعتبره البعض تهديدًا لنمط التعايش والتنوع والديمقراطية في البلاد، مما يزيد من التوترات الاجتماعية.

تقدم لنا الحالة الألمانية نموذجًا كاشفًا للاستثمار في الفوبيا والكراهية تجاه الإسلام المنتشرة من جهة، ولما يمكن أن يحدثه التطرف المتستر بالدين في تغذية التطرف اليميني،  فمن ناحية أولى وحسب تقرير رسمي أصدرته لجنة خبراء باسم وزارة الداخلية شهر يونيو/حزيران من السنة الماضية، منتشرة في أوساط المجتمع بما يتجاوز 60 في المائة أو فردين من كل ثلاثة أفراد لهم مواقف سلبية من الإسلام والمسلمين، مما يعني أن التوجه لإرساء دعائم التعددية وإضعاف التطرف اليميني كان ينبغي أن يتم من خلال تنفيذ توصيات التقرير التي تحمل أهمية بالغة.

تظهر الأزمة في أشكال الإساءة للإسلام والمسلمين، والتي وصلت إلى اعتداءات أو محاولات اعتداء، كما حدث مع سياسيين من حزب "البديل من أجل ألمانيا" وانتهت بمقتل شرطي قبل أسبوع. هذا يزيد من تهميش المسلمين في المجتمع الألماني ويخدم أجندات التطرف اليميني. هذا الوضع يسهم في تصاعد حالة الرهاب، والتي ستؤثر بلا شك على نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، وقد تنتشر بشكل أوسع في معظم الدول الأوروبية.

التطرف باسم "الإسلام" في خدمة أجندات التطرف اليميني

التطرف يغذي التطرف الآخر، بمعنى أن التطرف المنسوب للإسلام يساعد بشكل غير مباشر على نمو التطرف اليميني. هذا الأمر يفسر جزئيًا صعود اليمين الشعبوي في أوروبا وزيادة تمثيله في البرلمان الأوروبي. في ألمانيا، يمكن رؤية ذلك من خلال حادثتين: الاعتداء المسلح في مانهايم الذي أدى إلى مقتل شرطي وإصابة آخرين، وأحداث أخرى تضر بصورة الإسلام والمسلمين.

هذه الأحداث الإرهابية في مدن أوروبية متعددة سابقًا ساعدت الإعلام على نشر الكراهية، مما يعزز موقف اليمين الشعبوي، ويزيد من معاداة الإسلام في السياسة والإعلام. حاليًا، ألمانيا تعيش حالة توتر بسبب هذه الأحداث، بدلًا من تطبيق توصيات تقرير رسمي لمكافحة الكراهية ضد الإسلام، نشهد صعودًا لحزب البديل من أجل ألمانيا.

إن أزمة الخطاب وطبيعة الوعي المنتشر لدى لفيف ممن يحملون ترسبات منغلقة باسم الإسلام، تحتاج إلى نقد صريح ومكشوف من النخب والفاعلين في السياق الأوروبي، لتجنب التوظيف الخاطئ لممارسات فردية طائشة قد تضر بنسيج المكون الاسلامي برمته داخل المجتمع الألماني والأوروبي، وتكفي هنا الإشارة إلى ما أحدثه كذلك رفعُ البعض شعارات لا تعبر عن روح وقيم الإسلام السمحة في سياق التضامن مع غزة.

قد لا يهم هنا كثيرًا الموقف الألماني من الحرب على غزة، لكن رفع البعض لافتةً تطالب بعودة الخلافة في مدينة هامبورغ، أو شعارات تؤشر على نزاع عقائدي صرف، يؤشر سيميائيًا لدى المتلقي في سياق تعددي، إلى ما هو سلبي.

خلال العقدين الماضيين، لعب الإعلام دورًا رئيسيًا في تشكيل الوعي والمواقف تجاه الإسلام والمسلمين في أوروبا. هذا الإعلام غالبًا لا يعكس الطبيعة الحقيقية للإسلام ولا الوعي الديني الإسلامي المتسامح مع روح العصر، مما يؤثر سلبًا على صورة الإسلام والمسلمين في أوروبا.

في نفس الوقت، يخدم هذا الوضع بشكل عملي أطروحات اليمين المتطرف، وستظهر نتائج ذلك في الانتخابات الحالية والمستقبلية. الأسوأ من ذلك هو تعميق الفجوة مع القوى المنصفة وزيادة التوتر مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى ردود فعل بدلًا من الإبداع في تحقيق حضور إيجابي وبنّاء يتماشى مع طبيعة المجتمع التعددي والتعايش المشترك. الإسلام والخطاب الديني الإسلامي يمكن أن يقدما أثرًا قيّمًا وأخلاقيًا مهمًا في مواجهة الأزمات الإنسانية المعاصرة.

ختامًا: إن العوامل المؤثرة بخصوص صعود اليمين المتطرف متعددة، وفي أغلبها عوامل موضوعية ترتبط بشكل أو بآخر بالأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يفرض معالجة تلك الأسباب الجوهرية وليس البحث في شماعات أو ذرائع تغطي على طبيعة الأزمة، كما يرتبط صعود اليمين المتطرف بظاهرة الشعبوية، وصبغة التوتر والاضطراب الذي يمر منه العالم برمته، مما أعاد خطاب الهويات والشموليات إلى الواجهة، لكن ما يهم أكثر في سياق الحد من المد الهادر لليمين، هو الدور الثقافي والسياسي الراشد الذي ينبغي أن يقوم به مسلمو أوروبا، باعتبارهم من صميم النسيج الاجتماعي والثقافي للبلدان الأوروبية.

ونشير هنا إلى الحضور السلبي المتمثل في غياب الفاعليّة في الأوساط الثقافية والاجتماعية والسياسية، أو السماح لبعض الممارسات أو الخطابات المسيئة أو المتطرفة بالظهور، حيث يؤديان معًا على المدى البعيد إلى صعود حدة التوتر واتساع دائرة الكراهية، بل ستكون أوروبا حتمًا حينها تحت سلطة التطرف اليميني، وما يخيف في هذه النزعة هو جذورها الثقافية والتاريخية التي تذكر بأنماط وتجارب الإقصاء والشموليات التي مرت منها أوروبا والعالم، لكنه مؤسف أن يكون المسلمون حطبها في المستقبل إذا لم يتحقق وعي مركب بالمتغيرات السياسية والثقافية والاقتصادية وما تحمله معها في أوروبا والعالم.

من جانب آخر، فإن وصول اليمين الشعبوي في السياق الأوروبي للسلطة والحكم، قد يحمل تهديدات ومخاطر بالغة الأثر مستقبلًا على الاتحاد الأوروبي كتكتل إقليمي فاعل إقليميًا ودوليًا، سواء اقتصاديًا أو سياسًيا، ويضع أوروبا في حالة ضعف إستراتيجي أمام روسيا التي تخوض حربًا بأبعاد جيوسياسية في أوكرانيا، كما يجعل الوجود الأوروبي أمام لحظات حرجة على المستوى الدولي، مع تفاقم النزاع الجيوستراتيجي مع الصّين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البدیل من أجل ألمانیا السیاسیة والاقتصادیة صعود الیمین المتطرف الإسلام والمسلمین الدول الأوروبیة الیمین الشعبوی فی عدد من الدول أحزاب الیمین المتطرف فی فی أوروبا یؤدی إلى صعود ا

إقرأ أيضاً:

اللبنانيون متوجسون من الإنتخابات الفرنسية.. هل دخلنا في عصر الجمهورية السادسة؟

على نار حامية، أطلقت الأحزاب الفرنسية العنان لماكيناتها الإنتخابية بعد قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حلّ البرلمان في التاسع من حزيران ردًا على هزيمة قاسية تعرّض لها من قبل اليمين المتطرف في البرلمانيات الأوروبية بمعدل أصوات وصل إلى الضعف.   وبإجماع تقريبي من قبل معظم الإستطلاعات، لا يزال اليمين المتطرّف يحقّق تقدمًا بارزًا أمام القوى الرئيسية المتنافسة والتي تنحصر بين أطياف اليسار التي تداركت صعود نجم اليمين المتطرف وشكلت ائتلافا يتعادل تقريبا مع قوة اليمين، بالاضافة إلى حزب النهضة الذي ينتمي إليه ماكرون كقوة ثالثة في البلاد.   وبالانطلاق من نتائج حزب "التجمع الوطني" اليميني الذي أحدث زلزالا سياسيا بحصوله على 31 مقعدًا في البرلمان بنسبة تأييد وصلت إلى 31,5%، أكّدت الإستطلاعات الحديثة أن هذه الأرقام سنعاود مشاهدتها مجددًا، إذ إن ترنيمة أن "اليمين المتطرف هو دائمًا الخاسر" لم يعد لها أي مفعول اليوم، أقلّه لناحية نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي أو الاستطلاعات التي لا تزال تعطي حزب "التجمع الوطني" اليميني الأفضلية. وفي استطلاعين مختلفين لكل من "تي أف 1" و "إيبسوس" حلّ "التجمع الوطني" أولا بنسبٍ تعدّت الثلاثين في المئة، وهذا يدل على مدى قدرة الحزب على استغلال الأرقام والفورة الشعبية التي سيجسّدها في سياسة قريبة من الانعزالية، إذ إن اليمين المتطرف دائمًا ما يكون شعاره فرنسا قبل أي ملف خارجيّ، خاصة على صعيد السياسة الخارجية والهجرة والأمن، إذ إنّه يسلكُ طريقًا متشددًا في هذه الملفات أكثر من باقي الأحزاب الفرنسية. وعليه، ما هي وجهة النظر اللبنانية وكيف ستنصبُّ الأصوات؟   قلق وتوجّس لبناني   منذ إعلان نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي لا ضيم بالقول أن عددًا كبيرًا من اللبنانيين يرون أن دعم اليمين المتطرف واجب، إذ يعتبر هؤلاء أنفسهم أنّهم فرنسيون، ويهمهم تحقيق رخاء أمني على صعيد الهجرة خاصة، على عكس آخرين توجسوا من ما بعد هذه الانتخابات، خاصة على صعيد اللبنانيين الذين يدعمون اليسار، إذ يعتبر هؤلاء أنفسهم أنّهم محاصرون، لا بل سيتم استهدافهم من قبل اليمين الذي يرى بهم أنّهم فرنسيون على الورق لا أكثر.
هذه العبارة التي يردّدها مئات من اللبنانيين تؤكّد عليها سارة، الطالبة الجامعية والتي تعمل على إنهاء إطروحة الدكتوراه في إحدى جامعات فرنسا. تقول سارة خلال حديث مع "لبنان24" عبر "زوم" بأنّ مصيرهم بات يتوقف على اتجاه الحزب وقراراته لما بعد الانتخابات، حيث تؤكّد أنّ مصيرها معلّق على أوراق قد لا يكون لها أي معنى في حال هيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي.
وتؤكّد أن نافذة الحصول على الجنسية تُغلق، مع تصاعد شبح الاستبداد والكراهية خاصة على صعيد الأمن والإعلام.
هذا التوجس لا يؤيّده أستاذ العلاقات الدولية ورئيس المرصد اللبناني للعلاقات الدولية والاستراتيجية وليد عربيد الذي يشير إلى أنّه ولو تغير النظام، فإن فرنسا ستبقى دولة تحترم القانون، فمن غير المعقول أن تضحي بمئة ألف لبناني يعيش على أراضيها. وللإطلاع على المسار الذي ستسلكه الانتخابات أشار عربيد خلال اتصال عبر "لبنان24" أنّه من الممكن أن تساهم الانتخابات بحصول اليمين المتطرف على الأكثرية النيابية بحوالي 250 إلى 255 نائبا، إلا أن يوم الانتخابات هو الكفيل بتحديد موازين القوى، وذلك من خلال كثافة المشاركة الفرنسية بالاقتراع.   وفي محاولة لفهم مسار الانتخابات وحول ما إذا سوف يتحالف اليمين المتطرف مع اليمين المعتدل بعد الجولة الأولى في مواجهة اليسار والحزب الوسطي، يشير عربيد إلى أن ماكرون كان قد أكّد أنه في حال حُسمت الجولة الثانية بين مرشح اليسار ومرشح اليمين المتطرف أصواتنا ستصب لمصلحة اليسار.   بالتوازي، تاريخيا، ومنذ ظهور بعض التطرفات، لا سيما اليمينية، كان حزب التجمع الوطني الفرنسي يعتبر حزبًا متطرفًا وغير قابل للتحالف مع الأحزاب الأخرى في فرنسا بسبب سياساته اليمينية المتطرفة والمواقف العنصرية المعادية للمهاجرين والإسلام. وترى مصادر دبلوماسية أنّه منذ تأسيسه في السبعينيات بقيادة جان ماري لوبان، كان الحزب معروفًا بمواقفه المثيرة للجدل التي جعلته في عزلة سياسية، وهذا ما سيتغير اليوم، إذ إن الحزب حاول أن يجاري التغيرات على الساحة السياسية، فتطوره، ونتائجه التي حقّقها تعكس التغيرات الأوسع  في السياسة الفرنسية، حيث أصبحت الأحزاب التقليدية مثل الجمهوريين والإشتراكيين أقل تأثيرا، مما أتاح فرصا جديدة للأحزاب، وهذا ما يأخذنا إلى صورة قد تجمع اليمين المتطرف مع اليمين التقليدي أو الجمهوري الذي بات خطابه وبرامجه تتماهى وخطاب اليمين المتطرف، إذ إن بنود برامجه باتت تتعلق بالهجرة والامن وبعض المصطلحات القومية منذ نهاية عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، وهذا هو أصلا ما تحاول مارين لوبان القيام به.   ما بعد الانتخابات      ترى الاوساط أن الخسارة التي تعرّض إليها ماكرون كانت تحتاج من دون أدنى شك إلى رد، إلا أنّ هذا الردّ ما كان يجب أن يتمثل بحل الجمعية الوطنية، إذ إن خيارات عديدة كانت أمام ماكرون أبرزها تغيير تشكيلة الحكومة أو تغيير رئيس الوزراء أو تصحيح البرنامج الانتخابي.   من جانبه قال رئيس المرصد اللبناني للعلاقات الدولية والاستراتيجية وليد عربيدلـ"لبنان24" أن الانتخابات التي ستشهدها فرنسا تؤكّد أننا يجب أن نعود إلى التاريخ الذي يقول أن "اليمين العنصري كان لا يمثل أكثر من 2% نتيجة طرحهم الفكري، مشيرا إلى أن خلال القراءة ببداية القرن العشرين نرصد صعود اليمين المتطرف سواء على صعيد الفاشية أو النازية أو الصهيونية، واليوم، وبعد التطورات التي حصلت بعد طرح شعاراتهم يرى اليمين المتطرف أن أوروبا يجب أن تكون للأمم، مع نظرة بوجوب إعادة الحدود مع الدول المحيطة نسبة إلى الهجرة".   ولا يخفي عربيد طرح اليمين المتطرف لفكرة الإسلاموفوبيا، إذ يقول أن "تاريخيا كان الخوف يتركز على وجود المسلمين في المنطقة، من ثم تحول إلى الإسلاموفوبيا على الصعيد السياسي، واليوم بات اليمين المتطرف يتطرق إلى شعار "الإسلام الجهادي"، والذي يرى من خلاله أنه يشكّل خطرا على مستقبل فرنسا".   ويرى عربيد أن اليمين المتطرف اليوم لا ينظر إلى تحسين أحوال الفرنسيين في الداخل، بل هو ينظر إلى عاملين أساسيين: الخوف من الإسلاموفوبيا، والخوف من الهجرة الجنوبية إلى الشّمال (من أفريقيا وشمال أفريقيا إلى أوروبا). كل هذه القضايا بطبيعة الحال أدت إلى عدم تطرق الاحزاب إلى بنود الصحة وتحسين ظروف العمل والتدريس، التي باتت مهمّشة أمام الطروحات الجديدة التي يحاول اليمين المتطرف أن يبرزها على الساحة.   وعن خوف اللبنانيين من فقدان حقهم بالجنسية الفرنسية والفيزا أو عدم الحصول عليها يوضح عربيد أن القانون واضح في هذا المجال، فمن يخلّ بالقانون ستُسحب منه الجنسية، وبالتالي حتى ولو وصل اليمين المتطرف من غير الممكن أن تُسحب الجنسية من أي شخص هناك.   ورأى عربيد أن لبنان قد يخسر بعد هذه الانتخابات العطف الفرنسي تجاه بلاد الارز وهو ما يُعرف حاليا بـ"فرنسا الأم الحنون"، ويُرجعُ عربيد ذلك إلى أن فرنسا تبحث عن تبديد مخاوفها وقلقها من كيفية إعادة بناء النظام السياسي الجديد، لافتا إلى أن المفكرين يرون أن فرنسا على ما يبدو ستدخل بمرحلة "الجمهورية السادسة"، وهذا ما يعني انتهاء الجمهورية الخامسة التي أسّسها ديغول.   ويرى عربيد أن الاحزاب العسكرية والسياسية لن تقف مكتوفة الأيدي في حال فعلا دخلنا في هذه المرحلة إلا إذا طرح اليمين المتطرف أفكارا جديدة.   وفي خضم هذه المنافسة، يبقى السؤال الابرز: هل سيستطيع اليمين المتطرف أن يفرض أفكاره على الشعب الفرنسي ولو أنّه انتصر مرحليا بالانتخابات الاوروبية؟ وهل ستتحمل فرنسا الاصطدام بجدار أفريقيا الشمالية ودولها العربية ومن ورائهم الدول الافريقية التي خرجت منها مثل مالي والنيجر؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • فرنسا.. إلى أين؟
  • ما الذي ستحمله الانتخابات التشريعية بفرنسا للجزائر؟
  • ماكرون يدعو إلى "تحالف كبير" في مواجهة اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية
  • رئيس الوزراء الفرنسي: اليمين المتطرف بات على أبواب السلطة
  • اليمين المتطرف يتقدم في فرنسا.. و"ائتلاف ماكرون" الوسطي بالمركز الثالث
  • فرنسا تخشى المجهول مع بدء انتخابات تاريخية
  • اليمين المتطرف يتقدم في الانتخابات التشريعية الفرنسية حتى الآن
  • اللبنانيون متوجسون من الإنتخابات الفرنسية.. هل دخلنا في عصر الجمهورية السادسة؟
  • فرنسا تستعد اليوم لانتخابات تشريعية حاسمة
  • في ندوة الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين المتطرف.. «صالون البوابة» يناقش الوضع السياسي في فرنسا وتأثيره في المشهد الدولي