انتقائية المشرع اليمني
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
كتب / صفوان باقيس
قانون العقوبات الجزائية تجسيد عملي لمأساة خلط الدين مع الدولة. لا يدرك اليمنيين بعد مدى تأثير الدين الاصولي على واقع الوضع اليوم. الصراع اليوم في اليمن عملية تراكمية للعبث في الدين و توظيفه في جهاز الدولة في عملية يمكن أن توصف كتضليل منطقي ترتكز على دغدغة العواطف لا على مخاطبة العقول.
اقتبس هنا “المادة (٤٥) بصياغتها المعدلة بالقانون رقم (١٢) لسنة ١٩٩٦ م من أن: (( نصاب الشهادة حسب ما يلي:. ١ – في الزنا أربعة رجال. ٢ – في سائر الحدود والقصاص رجلان )) . غير أنه استثنى حد السرقه فأجاز إثباته بشهادة رجل وامرأتين وهذا ما نصت عليه المادة (٢٩٧) من قانون الجرائم والعقوبات رقم (١٢) لسنة ١٩٩٤ م ونصها الأتي: (( تثبت جريمة السرقة الموجبة للحد:- … ١ – بالاعتراف أمام القضاء ما لم يعدل عنه قبل التنفيذ. … ٢ – بشهادة رجلين عدليين. … ٣ – بشهادة رجل وامرأتين عدول. )) ”
المصدر( “شروط الشهادة في الفقه الإسلامي والقانون اليمني – المجلد 1 – الصفحة 36 – جامع الكتب الإسلامية”)
القانون الجنائي اليمني حسب فهمي صيغ من جانب عقائدي اصولي مرتكزا بشكل كامل على الفقه الاسلامي من وجهة نظر سنية غير محايدة. نتعامل هنا مع منطق النص المقدس قبل العقل.
المقدس هنا تجاوز القرآن و الحديث النبوي فهو أيضا يشمل آراء الفقهاء كالإمام الشافعي و غيره من فقهاء المسلمين.
لذلك إن عملية ربط آراء الفقهاء بالمقدس خطير على عملية التطور المجتمعي فهي عمليا تحنيط زمني للاسلام كدين و فكر ومن ثم تفريغه من مضمونه الروحاني وكذلك الابتعاد كليا عن العدل كمقصد الشريعة الجوهري.
أستغرب هنا قدوم المشرع اليمني على الإنتقائية في فهم الفقه الاسلامي. مثلا بحكم المادة ٣ من الدستور اليمني التي تنص على إن الشريعة مصدر جميع التشريعات فهل يقبل المشرع اليمني وجوب شرط الخليفة القرشي وفق الشرط السابع في المذهب الشافعي ؟ يمرر السؤال تكرارا ، مع قدوم انصار الله لسدة الحكم ، فهل يقبل المشرع اليمني بشرط البطنيين وفق المذهب الزيدي التقليدي؟
لا يمكن علميا بناء دولة حديثة متقدمة مرتكزة على خرافات دينية أو تعتمد على منطق قال و قالت في تفاصيل التشريعات و القانون!
نرجع إلى القانون الجنائي اليمني الذي لا يعترف اساسا بشهادة المرأة في جرائم القتل إلا باستثناء — الفضاء النسائي مثلا مدرسة بنات أو حمام سباحة مخصص للنساء! ففي الفضاء العام كالشارع أو الجامعة المختلطة فإنه لا يؤخذ بشهادة المرأة إطلاقاً فهي تحت بند الشبهات تفسر لصالح المتهم بموجب الفقه فعليه فسر المشرع اليمني في حالة أن الشهود نساء فإن العقوبة القصوى لا تتجاوز ١٠ سنوات.
أي عصر تعيش فيه أيها اليمني ؟
القانون اليمني لا يميز بين الذكر و الأنثى على أساس الفروقات الفيزيائية و إنما يتعامل معها كليا كمخلوق ناقص عقل و دين فهي محل شبهة لا يثق بشهادتها إلا بحدود معينة.
فلنتابع المنطق الاعوج الذي ارتكزت عليه التشريعات الفقهية مما اجبرت المشرع اليمني لصياغة قوانين تافهة بليدة و بل يمكن أن توصف بانها ردة علمية و فكرية و تخلف مقزز مكتمل الاركان.
نبني عليه السيناريو التالي ، رجل اختلف مع زوجته بوجود امها و اختها فقام بقتلها و ثم انكر فإن القانون اليمني بموجب التفسير الفقهي الديني لا يعترف بشهادة امها و اختها لأنهن لسن رجال عدول ،وعليه فان اقصى عقوبة قد تواجه القاتل هي ١٠ سنوات فقط!
إذا لم ترى هذا ظلم ، فعليك لعنة الله و ملائكته و الناس اجمعين.
تاريخ ٢٠٢٤/٦/٩
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
دستور عدالة المحاكم.. كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية اختصاصات قضاة التحقيق؟
لعب قضاة التحقيق دورا بارزا خلال السنوات الأخيرة فى العديد من القضايا الشهيرة ، وخاصة ما بعد يناير 2011 حيث اسندت العديد من القضايا التى تتعلق بالفساد لقضاة تحقيق، وانتهت بإحالة المتهمين للمحاكمات الجنائية.
قاضي التحقيق هو مستشار بمحكمة الاستئناف بدرجة رئيس محكمة أو نائب رئيس محكمة، ونظم قانون الإجراءات الجنائية كيفية ندب قضاة التحقيق وكيفية عملهم وصلاحياتهم فى الدعوى التى يباشر التحقيق فيها.
وحدد الباب الثالث من القانون كل هذه الاختصاصات، فإذا رأت النيابة العامة في مواد الجنايات والجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضى التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة، جاز لها في أية حالة كانت عليها الدعوى أن تطلب من المحكمة الابتدائية المختصة ندب أحد قضاتها لمباشرة هذا التحقيق، ويكون الندب بقرار من الجمعية العامة للمحكمة أو من تفوضه في ذلك في بداية كل عام قضائي، وفي هذه الحالة يكون القاضي المندوب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته له.
كما ان هذه الصلاحية في يد وزير العدل أيضا حيث له أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب قاض لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين.
فيما حدد القانون أيضا الفترة التى من المقرر ان ينتهى فيها قاضى التحقيق من مباشرة القضية ، لكن النص القانونى سمح له ان يعرض على الجمعية العامة للمحكمة لتجديد ندبه مدة اخرى لإنجاز التحقيق.
مادة 66 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على " على قاضي التحقيق المندوب وفقاً لأحكام المادتين 64 و65 من هذا القرار بقانون أن ينجز التحقيق خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من وقت مباشرته، إلا إذا حال دون ذلك مقتضى تستلزمه ضرورات التحقيق.
فإذا قام المقتضى وجب عليه العرض على الجمعية العامة أو من تفوضه في إصدار قرار الندب، بحسب الأحوال، لتجديده لمدة لا تجاوز ستة أشهر.
وإذا غاب المقتضى أو خالف قاضي التحقيق المندوب إجراءات عرض الدعوى وفقاً لأحكام الفقرة السابقة من هذه المادة، ندبت الجمعية العامة أو من تفوضه قاضياً آخر لاستكمال التحقيق".
ونصت المادة 67 من القانون على ، "لا يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق في جريمة معينة إلا بناء على طلب من النيابة العامة أو بناء على إحالتها إليه من الجهات الأخرى المنصوص عليها في القانون".
ونص القانون في مباشرة التحقيق واختصاصات قاضى التحقيق ، فى المادة 72 من القانون على أنه يكون لقاضي التحقيق ما للمحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة. ويجوز الطعن في الأحكام التي يصدرها وفقاً لما هو مقرر للطعن في الأحكام الصادرة من القاضي الجزئي.
ونصت المادة 75 من القانون على انه "تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار. ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها، ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقاً للمادة 310 من قانون العقوبات".
مشاركة