“ نوير” يثير قلق الألمان قبل يورو 2024
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
البلاد- جدة
في ظل الهشاشة التي يعاني منها منتخب ألمانيا قبل أيام قليلة من انطلاق بطولة كأس الأمم الأوروبية “يورو 2024″، فإن آخر شيء يحتاجه حاليًا هو النقاش بشأن حراسة المرمى.
ويبذل جوليان ناجلسمان، مدرب منتخب “الماكينات”، جهودًا كبيرة لوقف مثل هذه المناقشة في أعقاب خطأ ساذج آخر ارتكبه الحارس مانويل نوير، خلال اللقاء الودي أمام اليونان الجمعة الماضية.
وعجز نوير عن الإمساك بتسديدة كريستوس تزوليس، لترتد الكرة من يده وتجد (المتابع) جورجيوس ماسوراس، الذي لم يجد أدنى صعوبة في إيداعها داخل الشباك، ليمنح التقدم للضيوف في الشوط الأول 1-0.
وجاءت تلك الهفوة من نوير لتشكل أحدث أخطاء الحارس المخضرم (38 عامًا) الذي غاب عن المنتخب الألماني، منذ أن شارك معه في كأس العالم الأخيرة بقطر عام 2022 بسبب إصابته بكسر في القدم، قبل أن يعود للفريق يوم الاثنين الماضي فقط خلال تعادله دون أهداف مع نظيره الأوكراني في مباراة ودية استعدادًا لأمم أوروبا.
وكاد نوير أن يمنح أوكرانيا انتصارًا متأخرًا خلال اللقاء، وفي الأسابيع الماضية تسبب في خسارة فريقه بايرن ميونخ أمام ريال مدريد في إياب الدور قبل النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا، كما ظهر بشكل باهت أيضًا خلال هزيمة الفريق البافاري أمام هوفنهايم، التي تسببت في تراجعه للمركز الثالث بنهاية الموسم في الدوري الألماني ( بوندسليغا).
المدرب يصر على نوير
ويبدو ناجلسمان على دراية بكل هذا، لكنه ظل متمسكًا بقراره بأن يكون نوير هو الحارس الأساسي للمنتخب الألماني في كأس الأمم الأوروبية، حيث يفتتح الفريق مشواره في المسابقة بمواجهة منتخب اسكتلندا يوم الجمعة المقبل.
وأصر ناجلسمان على رأيه، حيث قال عقب مواجهة اليونان:” نوير يحظى بثقتي. لقد تصدى لثلاث كرات من الطراز العالمي، وهو ما لا يفعله الجميع بلا شك. إنه ليس تراكمًا للأخطاء”.
وأضاف المدرب الألماني:” لا أهتم على الإطلاق بما تتم مناقشته في وسائل الإعلام”، مضيفًا أنهم لن يقوموا أيضًا” بتقييم الخطأ الفادح أو تحليله أو محاولة إصلاحه”.
وكان نوير، المتوج مع منتخب ألمانيا بكأس العالم 2014، الذي قدم مستويات مذهلة خلال السنوات الماضية، محور أحاديث وسائل الإعلام بالفعل، لاسيما وأن قائمة الفريق لأمم أوروبا تضم أيضا مارك أندريه تير شتيجن، حارس مرمى برشلونة الإسباني.
وتساءلت صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية “ما هو الخطأ في نوير؟” بينما زعمت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن” الجماهير أوقفت مسيرة مانويل نوير الدولية”.
وفي ألمانيا، كتبت صحيفة “بيلد” أن “ناجلسمان يواجه مأزقًا في حراسة المرمى”، بينما ذكرت صحيفة “زود دويتشه تسايتونج” أن “أداء نوير المتذبذب ما بين الصعود والهبوط يثير القلق”.
وينتاب الجماهير الألمانية الخوف من أن ارتكاب نوير أي خطأ آخر في يورو 2024، يمكن أن يكون مكلفا، بغض النظر عن مدى نجاحه طوال مشوار المسابقة.
وتسببت نتائج منتخب ألمانيا المهتزة في الفترة الأخيرة في ابتعاده عن تصدر قائمة المرشحين للتتويج بأمم أوروبا، وأظهرت المباراتان الوديتان ضد أوكرانيا واليونان” تراجع مستواه، مقارنة بالأداء الذي قدمه الفريق خلال فوزه في وديتي فرنسا وهولندا خلال فترة روزنامة المباريات الدولية السابقة في مارس الماضي”، حسبما أكد توني كروس، نجم وسط الفريق.
واستخدم ناجلسمان عبارات عامة خلال حديثه عن هدف منتخب اليونان في مرمى المنتخب الألماني، حيث قال:” هذا دائمًا عبء حارس المرمى. في النهاية، كانت هناك سلسلة من الأخطاء. إذا ارتكب حارس المرمى خطأً أيضًا في النهاية، فعادة ما تستقبل شباكك هدفا”.
من جانبه، قال نوير: “خطأي يتعلق دائما بالعديد من الأشخاص، لكنني أنظر إلى نفسي الآن. كان يجب علي إبعاد الكرة بطريقة أفضل. أعتقد أنني قدمت أداء جيدًا في كلتا المباراتين. وهذه هي الطريقة التي سأدخل بها مرحلة المجموعات في أمم أوروبا”.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: نوير
إقرأ أيضاً:
الغارديان: ألمانيا مارست قمعا على المؤيدين لفلسطين ولم تتزحزح في دعم حرب غزة
ركز كتاب الروائي وكاتب المقالات الهندي بانكاج ميشرا، الذي سيصدر الأسبوع المقبل بعنوان "العالم بعد غزة" على الموقف الألماني وقراراته المتعلقة بـ"إسرائيل" والنابعة من "الذاكرة الثقافية" المرتبطة بالهولوكوست.
وقال ميشرا في مقال له نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية تضمن مقتطفات من الكتاب: إن "ألمانيا خرجت من الحرب العالمية بعقدة الندم باعتبارها الجلاد لليهود في تلك الحرب، ولكن لا يوجد بلد يضاهيها في الرحلة المعقدة من نقطة الصفر في عام 1945 إلى غزة اليوم، ففي العقود الأخيرة، عمل التضامن مع الدولة اليهودية على صقل صورة ألمانيا الذاتية الفخورة باعتبارها البلد الوحيد الذي يجعل من التذكر العام لماضيه الإجرامي الأساس الحقيقي لهويته الجماعية".
وأضاف أنه "منذ إعادة توحيد ألمانيا بشكل خاص، تم إضفاء الطابع المؤسسي الشامل على ذكرى الهولوكوست وتؤكد المناهج والتقويمات المدرسية على المناسبات السنوية مثل 27 كانون الثاني/ يناير (تحرير السوفييت لأوشفيتز) و8 أيار/ مايو (استسلام النازيين النهائي)".
وتخلد النصب التذكارية والمتاحف في جميع أنحاء البلاد ذكرى ضحايا الجرائم الألمانية.
وأكد أنه "من بين الرموز البارزة لثقافة الذاكرة هذه النصب التذكاري لليهود الذين قتلوا في أوروبا بالقرب من بوابة براندنبرغ في العاصمة برلين، وهو ربما النصب التذكاري الوطني الرئيسي الوحيد الذي يخلد ذكرى ضحايا أمة وليس الأمة نفسها".
وأشار إلى أنه "في عام 2008، زعمت المستشارة الألمانية في حينه، أنغيلا ميركل في خطاب لها أمام الكنيست أن تأمين أمن إسرائيل هو جزء من وجود ألمانيا، وقد استعاد القادة الألمان هذه العبارة مرارا وتكرارا وبتركيز مبالغ فيه بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، فقبل أقل من شهرين من هجوم حماس، نجحت إسرائيل، بمباركة أمريكية في تأمين أكبر صفقة أسلحة لها على الإطلاق مع ألمانيا. وزادت مبيعات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل عشرة أضعاف في عام 2023 وتمت الموافقة على الغالبية العظمى من المبيعات بعد هذا التاريخ وسارع المسؤولون الألمان إلى دعمها، وأصروا على أن تصاريح تصدير الأسلحة إلى إسرائيل ستحظى باهتمام خاص".
وبين أنه "في الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل قصف المنازل ومخيمات اللاجئين والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس في غزة، ومع ترويج وزراء الحكومة الإسرائيلية لمخططاتهم عن التطهير العرقي، كرر المستشار الألماني أولاف شولتز العقيدة الوطنية: إسرائيل دولة ملتزمة بحقوق الإنسان والقانون الدولي وتتصرف وفقا لذلك".
وقال إنه "مع تكثيف حملة بنيامين نتنياهو للقتل والتدمير العشوائي، وصل إنغو غيرهارتز، رئيس القوات الجوية الألمانية إلى تل أبيب مشيدا بـ "دقة" الطيارين الإسرائيليين. كما التقطت له وهو بالزي العسكري وهو يتبرع بالدم للجنود الإسرائيليين".
وأضاف أنه "في ألمانيا، أعاد وزير الصحة كارل لاوترباخ نشر مقطع فيديو يزعم فيه محرض يميني متطرف أن النازيين كانوا أكثر نزاهة من حماس".
وزعمت صحيفة "دي فيلت" أن "فلسطين الحرة هي تحية هتلر الجديدة"، ونبهت صحيفة "دي تسايت" القراء الألمان إلى حقيقة شنيعة مفادها أن "غريتا ثونبرغ تتعاطف علانية مع الفلسطينيين".
وعندما تم تصوير وزيرة الثقافة كلوديا روث وهي تصفق للمخرج الإسرائيلي يوفال أبراهام وزميله الفلسطيني باسل عدرا في مهرجان برلين السينمائي ــ لفيلمهما الوثائقي المرشح لجائزة الأوسكار الآن ــ أوضحت أن تصفيقها كان فقط لإبراهام "اليهودي الإسرائيلي".
وأضاف ميشرا أن قادة ألمانيا، رفضوا الحديث لشهور أو دعم دعوات أوروبية، وقف إطلاق النار. فقد ساندت رئيسة المفوضية الأوروبية الألمانية أورسولا فون دير لاين بلا تردد العنف الانتقامي الإسرائيلي، مما أثار استياء العديد من زملائها، كما تجاهلت الدعوات المتكررة لمعاقبة إسرائيل من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل إسبانيا وأيرلندا.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2024، عندما قصفت إسرائيل المستشفيات ومخيمات الخيام في غزة، وفجرت قرى بأكملها في لبنان، بررت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك هذه الانتهاكات للقانون الدولي، مؤكدة أن المدنيين قد يفقدون وضعهم المحمي في الحرب.
بالإضافة إلى كل هذا، شنت السلطات الألمانية حملة صارمة على المظاهر العامة الداعمة لفلسطين. فقد عاقبت المؤسسات الثقافية الممولة من الدولة الفنانين والمثقفين من أصول غير غربية الذين أظهروا أي تلميح للتعاطف مع الفلسطينيين، فسحبت الجوائز والدعوات. ولجأت السلطات الألمانية الآن إلى معاقبة حتى الكتاب والفنانين والناشطين اليهود. وبعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، انضمت كانديس بريتز وديبورا فيلدمان وماشا جيسن ونانسي فريزر إلى أولئك الذين ألغيت مشاركتهم أو "ألقيت عليهم محاضرات"، على حد تعبير إيال وايزمان، "أبناء وأحفاد الجناة الذين قتلوا عائلاتنا والذين يجرؤون الآن على إخبارنا بأننا معادون للسامية".
وأشار الكاتب إلى الزيارة التي قامت بها الفيلسوفة حنا أردنت إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث اعترفت بأنها "تعاني من نوع ما من الغباء الشامل الذي لا يمكن الوثوق به والحكم بشكل صحيح على الأحداث الأكثر بدائية".
وكتبت أن "عددا كبيرا من الألمان، وبخاصة بين الأكثر تعليما، لم يعودوا قادرين على قول الحقيقة حتى لو أرادوا ذلك".
وأضاف ميشرا أن ارندت شعرت بالدهشة من الطريقة التي تخلت فيها المانيا وفي أقل من ستة أعوام عن "البنية الأخلاقية لمجتمع غربي". وفي الوقت نفسه، وكما قال ضابط عسكري أمريكي للمصورة الصحفية مارغريت بورك وايت، فإن العديد من الألمان كانوا يتصرفون "كما لو أن النازيين هم عرق غريب من الإسكيمو نزلوا من القطب الشمالي وغزوا ألمانيا بطريقة أو بأخرى".
وعلقت بورك وايت نفسها: "لم أجد بعد ألمانيا يعترف بأنه نازي". مع أن المانيا لم تتخل في جوهرها عن الطريقة التي عاملت فيها ألمانيا اليهود النازحين الذين ظلوا فابعين في المخميات حتى عام 1952، فعندما هاجمت شرطة الجمارك والهجرة البافارية معسكرا للنازحين، حمل الهجوم كما قالت "مانشستر غارديان" في حينه كل ملامح التصرفات النازية ضد غيتوهات برلين وفرانكفورت في الماضي.
ونقلت الصحيفة عن لجنة المخيم قولهم إن المهاجمين صرخواهتافات مثل "المحرقة لا تزال موجودة". وسجل نوربرت فيري في كتابه الصادر عام 2002 المشاعر الألمانية التي كانت رافضة لمحاكمة النازيين السابقين أو عزلهم من مناصبهم في مرحلة ما بعد الحرب.
ولم تتم محاكمة ما يقدر عددهم مليون شخص كانوا على علاقة بالهولوكوست إلا ما يزيد عن 6,656 شخصا. وفي مقال نشر في آذار/مارس 2024 في مجلة "ديسنت"، كتب المؤرخ هانز كوندناني: "بحلول منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، عادت النخبة في الخدمة المدنية والقضاء والأوساط الأكاديمية إلى حد كبير إلى تلك التي كانت في عهد الرايخ الثالث.
وشعر العديد من الشباب الذين نشأوا في ألمانيا الغربية بأنهم "محاطون بالنازيين"، كما قال أحد الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلة.
وبحلول منتصف الستينيات، بدأوا ينظرون إليهم ليس فقط كاستمرارية شخصية بل وهيكلية: كانت الجمهورية الفيدرالية دولة فاشية، أو على الأقل "ما قبل الفاشية".
وزعم المستشار الألماني كونارد أدينور الذي التقى ديفيد بن غوريون في الأمم المتحدة عام 1960 أن اليهود لم يكون هم ضحايا النازية، بل والألمان أنفسهم الذين ساعدوا اليهود قد ما يستطيعون.
ووافق أدينور في عام 1952 على صفقة تعويضات لدولى إسرائيل بقيمة 3.5 مارك ألماني، ولم تكن الصفقة مقبولة من معظم الألمان الذين لم تعترف سوى نسبة 5 بالمئة بالذنب، فيما قالت نسبة 21 بالمئة أن اليهود يتحملون المسؤولية على ما حدث لهم خلال الرايخ الثالث.
وكان المستشار الألماني يصدر عن رؤية استعمارية، حيث كان رئيسا للجمعية الإستعمارية الألمانية. ومع تزايد وتيرة الحرب الباردة، اعتقد أن "طريق المانيا الطويل للغرب" يمر عبر إسرائيل. وقال بعد تقاعده: "لا ينبغي الاستهانة بقوة اليهود حتى اليوم، وخاصة في أمريكا".
وتحركت ألمانيا الغربية بسرعة على هذا الطريق غربا بعد عام 1960، لتصبح موردا رئيسيا للمعدات العسكرية لإسرائيل بالإضافة إلى كونها الممكن الرئيسي لتحديثها الاقتصادي.
وفي محاولة إعادة تأهيل المانيا لنفسها وبمساعدة من التمويل الأمريكي، لجأت إلى دعم محاكمة ادولف إيخمان وإعدامه عام 1961، وهو ما سجلته حنا أردندت. وأعادت محاكمة أيخمان الفتنازيا الألمانية عن القوة اليهودية، وليس غريبا أن تستقبل الصحافة الألمانية انتصار إسرائيل في حرب 1967 بأنه "الحرب الخاطفة في إسرائيل"، وهي نفس العبارة المرتبطة بهجوم النازية الخاطف على أوروبا. وعبرت صحيفة "دي فيلت" عن أسفها على "الوصمة العارية" التي لحقت بالشعب اليهودي: الاعتقاد بأنهم "لا يملكون أي مشاعر وطنية ولا يستعدون للمعركة قط، ولكنهم حريصون دوما على الاستفادة من جهود الحرب التي يبذلها الآخرون".
وأكد الكاتب أن اليهود كاتوا في الواقع "شعبا صغيرا شجاعا بطلا عبقريا". وعلى أية حال، فإن تشبيه صحيفة "بيلد للقائد العسكري الإسرائيلي موشيه ديان بالمارشال النازي إرفين روميل لم يكن "تناقضا"، فقد كانت مثل هذه المقارنات ضرورية لبعض المستفيدين من المعجزة الاقتصادية الألمانية. لقد أشار الفيلسوف الإسرائيلي يشعياهو ليبوفيتز بعد سنوات عديدة من إعدام آيخمان إلى أن "محاكمته كانت فاشلة تماما، فقد كان آيخمان في واقع الأمر مجرد ترس صغير لا أهمية له في آلة ضخمة.
وذكر "في المقابل دفعوا لنا مليارات الدولارات، وما حدث في الحقيقة هو تبرئة ألمانيا التي لم تجتث النازية بشكل كاف والتي لا تزال معادية للسامية بشكل عميق مقابل المال والأسلحة".
وأوضح "كان التخلص من الذنب بثمن بخس أحد الدوافع، ولكن في أوائل ستينيات القرن العشرين، كان من المناسب للغاية بالنسبة لألمانيا وإسرائيل تصوير خصوم إسرائيل العرب، بمن فيهم ناصر (الذي وصفته صحيفة "ديلي ميل" بأنه "هتلر على النيل")، باعتبارهم تجسيدا حقيقيا للنازية".
وقد قللت محاكمة آيخمان من أهمية استمرار الدعم النازي في ألمانيا في حين بالغت في تضخيم الوجود النازي في الدول العربية.
وفي كتابها الأخير "متعهدوا الذنب"، تصف إسراء أوزيريك الطريقة التي يستخدمها الساسة والمسؤولون والصحافيون الألمان، الآن بعد صعود اليمين المتطرف، لتفعيل الآلية القديمة لتطهير ألمانيا من خلال شيطنة المسلمين. وبفضل تشجيع إيلون ماسك، الذي دعا الألمان للتخلي عن "ذنبهم" بشأن الهولوكوست والابتهاج بثقافتهم الألمانية التي يبلغ عمرها ألف عام، وبفضل الشجاعة التي اكتسبها حزب اليمين المتطرف الذي أسسه عضو سابق في قوات الأمن الخاصة في النمسا، موطن هتلر، أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا ثاني أكثر الأحزاب شعبية في ألمانيا.
وأوضح أن "الألمان البيض من ذوي الأصول المسيحية" يرون أنفسهم "قد حققوا غايتهم في الخلاص وإعادة الديمقراطية"، وفقا لأوزيريك.
ويتم إسقاط "المشكلة الاجتماعية الألمانية العامة المتمثلة في معاداة السامية" على أقلية من المهاجرين الذين جاءوا من الشرق الأوسط ويتم وصمهم بعد ذلك بأنهم "أكثر المعادين للسامية تمردا"، ولهذا فهم يحتاجون إلى "تعليم وتأديب إضافي". وتشير أوزيريك إلى أن التنديد بالأقلية المسلمة في ألمانيا باعتبارها "الناقل الرئيسي لمعاداة السامية" يعني إخفاء حقيقة مفادها أن "ما يقرب من 90% من الجرائم المعادية للسامية يرتكبها الألمان البيض اليمينيون".
وقال ميشرا إن التشوهات السياسية والأخلاقية والعجز الفكري في ألمانيا اليوم أكثر خطورة من أي وقت مضى منذ عام 1945. إن حزب البديل من أجل ألمانيا ليس شذوذا، فهو يستفيد من الانزلاق المتزايد نحو اليمين المتطرف بين السياسيين والصحفيين السائدين. وقد كسر المستشار الألماني القادم المحتمل، فريدريش ميرز، زعيم الديمقراطيين المسيحيين من يمين الوسط، "جدار الحماية" الذي أقامه التيار الرئيس الألماني ضد حزب البديل من أجل ألمانيا، ووعد بالعمل مع السياسيين الذين يعشقون الشعارات والتحية النازية. وفي الوقت نفسه، تحاكم المحاكم الألمانية مجموعة من أقصى اليمين بتهمة التخطيط للإطاحة العنيفة بالحكومة.
ويبدو البلد الذي دمر البنية الأخلاقية للمجتمع الغربي ضعيفا مرة أخرى قبل الأزمات الاقتصادية والانهيارات الاجتماعية للرأسمالية التي أنتجت الفاشية لأول مرة. والأسوأ من ذلك أن الطريق الطويل الذي سلكته ألمانيا غربا يقودها الآن مباشرة إلى دونالد ترامب وإيلون موسك.