يمانيون:
2024-12-17@09:30:19 GMT

بن سلمان وبن زايد.. “تقمص دور الناتو”

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

بن سلمان وبن زايد.. “تقمص دور الناتو”

يمانيون – متابعات
مؤكَّـدٌ أنَّ الأعداءَ -سَوَاء في المحيطِ العربي أَو خارجه- لم يكونوا يرغبون أبدًا بالدُّخولِ في مواجَهةٍ مباشرةٍ مع شعبِنا اليمني؛ ولأجل ذلك خططوا طويلًا، ووضعوا سيناريوهاتٍ متعددةً؛ لإيصال البلد إلى مرحلة التدمير الذاتي، التي يتولَّى فيها أبناءُ الشعب تدميرَ بلدهم بأيديهم، من خلال اقتتالٍ بيني شاملٍ غيرِ محدَّدِ المدى زمنيًّا وجغرافيًّا؛ ليقتصرَ دور القوى الإجرامية على تمويل أدواتها، وإمدَادها بالعتاد الحربي، وضبط تحَرّكاتها؛ بما يخدُمُ توجُّـهات هذه القوى، ولتتفرَّغَ لتنفيذ أجنداتها الخَاصَّة، في غفلة من أبناء الشعب المنشغلين بصراعهم البَيني غير المحدود، وَفْــقًا للسيناريوهات المعدة سلفًا من جانب هذه القوى الإجرامية، ولقد أسست المبادرة الخليجية لسيناريوهات التدمير الذاتي، التي جرى ترتيبها بشكل تسلسلي ليحل الثاني محل الأول في حال الفشل، وهكذا.

وكان أول سيناريو للتدمير الذاتي عوَّلت عليه القوى الإجرامية، هو التالي لمرحلة الاستفتاء على الدستور خلال النصف الأول من عام 2015/؛ فلم يكن هناك من شك لديَّ تلك القوى بأن الاقتتال سيبدأ مباشرة في اليوم التالي لعملية الاستفتاء على الدستور، ليس على مستوى الأقاليم فحسب، بل على مستوى المحافظات أَو الولايات والمديريات؛ إذ سيتم بشكل تلقائي تفعيل بذور الصراع التي زُرِعت بعناية فائقة في مشروع الدستور خلال عام كامل، جابت خلاله لجنة الصياغة عواصم ومدن بلدان متعددة في المنطقة وخارجها، جرى خلالها التأكّـد من قدرة وفاعلية ما تم زراعته من بذور الصراع في إحداث تدمير ذاتي كلي شامل، دون تدخل مباشر من جانب قوى العدوان الإجرامية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية.

ورغم حرص وحيطة الأعداء على نجاح هذا السيناريو في تلك المرحلة المبكرة، إلا أنهم خسروا؛ بسَببِ يقظة وانتباه شعبنا اليمني لمخطّطاتهم الشيطانية، وبطبيعة الحال فالأعداء لم يستبعدوا احتمالات الفشل؛ فكان السيناريو البديل جاهِزًا للعمل وبشكل أشدَّ قوةً وفَتْكًا بالشعب وكل مقومات حياته، وتمثل هذا السيناريو في إيعاز القوى الخارجية إلى الحكومة بالاستقالة، وكذلك رئيس الدولة، وعلى يلتزم الجميع منازلهم منذ لحظة إعلان الاستقالة المتزامنة مباشرة.

ويقتضي هذا السيناريو خلوَّ مناصب الحكومة ورئاسة الدولة بشكل مفاجئ؛ وهو ما سيترتب عليه انقسام المؤسّسة العسكرية والأمنية الهشة أَسَاساً، وانهيار الخدمات -شبه المنهارة- بشكل كامل، وبهول المفاجأة والصدمة والانقسام العميق، سيحدث الانفجار الكبير والسقوط المدوي الانهيار الحتمي لمؤسّسات الدولة، وتحل الفوضى الشاملة، نهبًا وقتلًا ودمارًا، ويتحقّق بذلك مخطّط القوى الإجرامية في إحداث حالة التدمير الذاتي للبلد، وتحميل الثورة وقيادتها مسؤولية كُـلّ ذلك، غير أن السحر انقلب على الساحر فخسر هنالك المجرمون وانقلبوا صاغرين، وخرجوا جميعاً أذلة منكسرين من عاصمة شعب الإيمَـان والحكمة.

وتمكّن شعبنا -بقيادته الحكيمة ورجاله المخلصين- من المحافظة على ما تبقى من مؤسّسات الدولة؛ لتقديم المتاح من خدماتها للمواطنين، وأدرك الأعداء المجرمون أنه لم يتبق بأيديهم سوى ما سبق لهم أن صنعوا من أدوات تكفيرية؛ فاعتقدوا مخطئين أن الوضع الداخلي هش للغاية؛ فلا خبرة لدى الثوار، ولا كوادر كافية لإدارة مؤسّسات الدولة، وأن قليلًا من الإرباك -تسببه الأدوات التكفيرية- يمكن أن يحقّق لهم ما سبق أن فشلوا في تحقيقه، وَفْــقًا لمخطّطات وسيناريوهات معدة بدقة وإحكام.

وبالفعل فقد فعّلوا تلك الأدوات القذرة، التي ارتكبت بشكل متزامن جرائمَ بشعة في المساجد والساحات والميادين العامة، ووسائل المواصلات وفي كُـلّ تجمعات المواطنين، غير أن تلك الأدوات الإجرامية ما لبثت أن تهاوت في معاقلها تحت وقع الضربات لقاصمة من جانب الجيش واللجان الشعبيّة في حينه، والمفاجأة أن حالة الإرباك التي أرادوا أن تحدثها الأدوات الإجرامية في الساحة الوطنية انقلبت عليهم؛ فإذا بهم هم المربَكون المحبَطون من فشل جميع مخطّطاتهم للتدمير الذاتي للبلد.

ولجأت قوى العدوان الإجرامية بعد فشل السيناريوهات السابقة إلى آخر ما في جعبتها وهو سيناريو العدوان المباشر؛ وحرصًا منهم على فعالية هذا السيناريو، وقدرته على تحقيق ما سبق لهم أن فشلوا في تحقيقه؛ فقد تم الإعلان عن بدءِ العمليات العسكرية، وَفْــقًا لهذا السيناريو من عاصمة الشيطان الأكبر واشنطن، وهذا الإعلان بحد ذاته كافٍ -وَفْــقًا لاعتقاد المجرمين- بإحداث حالة انهيار داخلي خلال أَيَّـام؛ وهو ما عبَّرَ عنه متحدِّثُ قوى الإجرام خلال الأيّام الأولى للعدوان، ناهيك أن تشترك الإدارة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية بشكل مباشر في الدعم اللوجستي والاستخباري والإعلامي والغطاء السياسي الدولي.

وبعدَ مضي عام تقريبًا على بدأ العمليات العسكرية جوًّا وبرًّا وبحرًا متزامنة مع حصار خانق على كافة المستويات، أدرك ابن سلمان حجم ورطة بلاده في الحرب، خُصُوصاً بعد أن طالت اليد الطولى لجيشنا الوطني عصب حياته وعمقه الجغرافي، حينها وزيرُ خارجيته، وهو الشخص ذاتُه الذي أعلن من واشنطن بدءَ العمليات العسكرية، أعلن خانعًا منكسرًا بتاريخ 16 مارس 2016 أن الحل في اليمن لا يمكن أن يكون عسكريًّا، وأن الحل لن يكون إلا سلميًّا سياسيًّا؛ فخرج في مساء ذات اليوم متحدث البيت الأبيض (جوش أيرنست) ليعلن بكل وقاحة وصلف أن (الحل السياسي في اليمن لا يزال بعيد المنال) ليمثل ذلك صفعة لابن سلمان، ورسالة واضحة له، مفادُها أن تقرير حالة الحرب أَو السلم ليس من شأنك، بل من شأن أسيادك.

وانتهى الأمر بانصراف ابن سلمان عن محاولات الخروج بماء الوجه، لتستمر حالة الحرب لعقد من الزمان، وفي المرحلة التي تمكّن فيها الشعب اليمني من إيلام الإدارة الأمريكية ذاتها، التي أدركت أن نُــــذُرَ أزمة داخلية يمكن أن تعصف بها؛ بسَببِ ما يمكن أن تؤدي إليه عمليات جيشنا اليمني من قطع لإمدَادات الطاقة التي تمثل (عصب الحياة) بالنسبة لأمريكا خُصُوصاً وللغرب عُمُـومًا؛ فأوعزت إلى أدواتها بالذهاب إلى هُدنة وإن طال أَمَدُها لحين إعادة ترتيب أوراقها.

واليوم تلوحُ في الأُفق نُـــذُرُ تجدُّدِ الحرب العدوانية على شعبنا اليمني، والتي بدأت بحرب اقتصادية واضح تماماً أنها مقدمة لحرب عسكرية، لكنها مختلفة تماماً عن سابقتها خلال السنوات العشر الماضية، الصيغة الجديدة جرى التخطيط لها مبكرًا، وقبِل بها ثنائيُّ الإجرام ابن سمان وابن زايد، وقد اقتضت أولى خطواتها الإطاحة بـ (هادي) الذي ارتبط في الذهنية السياسية والإعلامية والشعبيّة، على الأقل بالنسبة لغير الداخل، أن سببَ الحرب العدوانية هو دعوتُه للتدخل لإنقاذ شرعيته المزعومة، واستعادة الدولة من أيدي الانقلابيين، وَفْــقًا لما تم الترويجُ له في حينه.

وبإزاحة هادي من المشهد اعتقد المجرمون أنه قد تم فَكُّ الارتباط بينه وبين دول تحالف العدوان بما فيها القوى الغربية، وأنه -وَفْــقًا للسيناريو الجديد- لن يكون هناك تدخُّلٌ عسكري مباشر عقب تشكيل ما سُمِّيَ بمجلس القيادة الرئاسي، وأن دور دول تحالف العدوان سيقتصر على التمويل والتسليح والإسناد والدعم اللوجستي والاستخباري، إضافة إلى الحصار الاقتصادي، ووَفْـــقًا لهذا السيناريو يعتقد ابن سلمان وابن زايد أن عمقهما الجغرافي سيكون في مأمن من أي استهداف من جانب جيشنا الوطني؛ باعتبَار أن الاقتتال سيكون بَينيًّا، ولا علاقة مباشرة بينهما وبين أطراف النزاع في الداخل، وأنه سيترتب على ذلك التزام الطرفَين المتقاتلين بتأمين طرق إمدَادات الطاقة، كما كان عليه الحال خلال الحرب العدوانية في سنواتها الماضية.

وبذلك ينعم ابن سلمان وابن زايد وبلداهما بالأمن والهدوء، وما يدور في الداخل اليمني شأنٌ يمني لا علاقة لهما مباشرة به، وهما -والحال هذه- يتقمصان دور حلف الناتو في أوكرانيا، الذي تقدم الدول المنضوية فيه الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي، دون أن تتعرض لأي رد مباشر من جانب موسكو، وهذان الغِـــرَّان يبدو أنهما إما مجبرون على ذلك، وإما أنهما استحسنا تقمص هذا الدور، وقبولهما لذلك في كلا الحالين خطأ جسيم في التقدير والقياس؛ فالخونة العملاء ليسوا أوكرانيا، والشعب اليمني ليس روسيا، والغِـــرَّان معًا ليسا الناتو، وعليهما أن يدركا جيِّدًا أن شعبنا -بقيادته الحكيمة- مدرِكٌ جيِّدًا لترتيبات ما بعد خَلع المخلوع (هادي) وأن الشعبَ قد استعدَّ وأعدَّ لمتطلباتها جيِّدًا، وأنه إلى جانب ذلك لم ينسَ ولن ينسى أبدًا ما ارتكباه من فظائعَ وجرائمَ على مدى سنوات العدوان الماضية، بدايةً بالحصار ونهاية بالقصف والقتل والدمار، وأيُّ عدوان يتجدد على شعبنا -وَفْــقًا لأية صيغة كانت- سيكون محوره الرياض وأبو ظبي، وإن تذرَّعَ غِــــرَّاهما بتقمص دور الناتو؛ فلسانُ حال شعبنا يقول (حَــــذَارِ حَــــذَارِ، وقد أُعذر مَن أنذر).

د/ عبد الرحمن المختار

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هذا السیناریو ا السیناریو ابن سلمان من جانب یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ما بين أحلام بناء “سورية” الجديدة.. تنازع الفصائل وأطماع القوى العالمية “بالمرصاد”

 بينما ينصب اهتمام هيئة تحرير الشام، وقد قادت معركة الإطاحة بالنظام السوري، على الحفاظ على تماسك الدولة وبسط سيطرتها على أنحاء البلاد، إلا أنها ليست الطرف المسلح الوحيد على الساحة، دون الحديث عن القواعد العسكرية الأمريكية والروسية والقوات الأجنبية.

إعادة بناء مؤسّسات الدولة ليست مهمة سهلة وستحتاج إلى وقت طويل.

يمكن تذكر أنه على مدى 13 عامًا من الحرب الأهلية، تشكلت في سوريا عدة جماعات مسلحة وضعت نصب أعينها الإطاحة بالأسد، لكنها لم تكن بولاء واحد، حَيثُ تفرقت على أجندات مختلفة وتحالفات ما بين قوى إقليمية ودولية متصارعة.

بالنسبة لهيئة تحرير الشام فَــإنَّ قادتها يعون جيِّدًا صعوبات الحفاظ على تماسك الدولة، إلى جانب القواعد والقوات العسكرية الأجنبية التي تظل معضلة كبيرة.

 الفصائلُ في سوريا:

تسيطر الهيئة وحلفاؤها اليوم على معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد وتمكّنت من السيطرة مؤخّرًا على محافظتي طرطوس واللاذقية في الساحل السوري، كما سيطرت على دير الزور في شرق البلاد.

بالنسبة للعتاد الحربي لدى هذه الهيئة اليوم عتاد متطور يشمل الدبابات والطائرات المسيّرة، أما بخصوص عدد مقاتليها، فلا توجد أرقام دقيقة بشأنها إلا أن التقديرات تشير إلى أن عددهم قد يتراوح ما بين 20 إلى 30 ألفاً.

يجب أن نتذكر أنه لا تزال هيئة تحرير الشام على اللوائح الأمريكية للمنظمات الإرهابية بحكم ارتباطاتها السابقة بتنظيم القاعدة، إلا أن زعيمها الجولاني أظهر قدراً من “البراغماتية”، وأكّـد أنه فك ارتباطه مع تنظيم القاعدة منذ وقت بعيد وأنه لم يعد يمثل خطراً على الغرب.

الجيش السوري الحر:

منذ بدء النزاع في سوريا سنة 2011، انشق عدد من ضباط الجيش السوري ليشكلوا فصائل مسلحة تهدف لإسقاط الأسد، وشكلوا “الجيش السوري الحر” الذي ينشط بالأَسَاس في شرق سوريا بدعم من الجيش الأمريكي الذي يملك “قاعدة التنف” قرب الحدود السورية العراقية، وبسقوط الأسد، تمكّن من السيطرة على قواعده خُصُوصًا في مدينة تدمّـر التاريخية في ريف حمص.

وقدمت الولايات المتحدة الدعم لهذه القوات منذ 2015؛ تحت عنوان محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في شرق سوريا.

تشكلت جماعات أُخرى جنوب سوريا خُصُوصًا في درعا التي تعد من أبرز المناطق التي انتفضت ضد الأسد منذ 2011، وخسرت هذه الجماعات نفوذها في الجنوب بعد اتّفاقيات “المصالحة” التي قادتها روسيا في 2018، واضطرت للانتقال إلى الشمال، وساهمت مع هيئة تحرير الشام في دخول العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/ ديسمبر، فيما حافظ عدد آخر على مواقعه في الجنوب، وتسلم مواقع الجيش السوري بعد انهيار نظام الأسد في درعا.

 الفصائل الدرزية:

في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، تنشط فصائل “رجال الكرامة” التي تسلمت مواقع الجيش السوري بعد انهيار النظام.

هذه الفصائل لم تدخل في مواجهة مباشرة مع نظام الأسد إلا أن شباب السويداء رفضوا الانضمام إلى الجيش السوري وتولوا حماية المدينة وريفها بعد الهجوم الدموي لتنظيم “الدولة الإسلامية” في 2018.

 الجيش الوطني السوري:

ويضم مجموعات غير متجانسة تشمل منشقين عن الجيش السوري وتأسس في إطار “عملية درع الفرات” التي شنتها تركيا في سنة 2017 لتشكيل منطقة عازلة شمال سوريا ضد الفصائل الكردية التي تصنفها أنقرة بـ”الإرهابية”، وتولت إدارة المناطق التي سيطرت عليها تركيا بعد هذه العملية، ويتلقى مقاتلو “الجيش الوطني السوري” رواتبهم وتسليحهم من تركيا وتولى بالأَسَاس قتال “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية، وطيلة فترة الهدوء النسبي في سوريا بعد اتّفاقات 2017، لم يدخل “الجيش الوطني السوري” في قتال مباشر مع الجيش السوري قبل أن يشارك في عملية “ردع العدوان” للإطاحة بالأسد.

 قوات سوريا الديمقراطية:

وهي القوات التي تُعرَفُ اختصاراً باسم “قسد”، تنشط بالأَسَاس في المناطق الكردية شمال شرق سوريا، وتأسست في سنة 2015 بدعم من “واشنطن” لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

هذه القوات التي تسيطر على مساحات واسعة في المناطق ذات الأغلبية الكردية على الحدود مع تركيا في معركة الإطاحة بالأسد لم تشارك في المعارك الأخيرة لإسقاط نظام الاسد، ولا تعد حليفًا لقوات “هيئة تحرير الشام”؛ باعتبَارها معارضة للتيار الإسلامي وتطالب بـ”سوريا علمانية” تمنح الحكم الذاتي للأكراد.

في المقابل فَــإنَّ “قسد” هي العدوّ اللدود للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فهو يصنفها حليفاً لحزب العمال الكردستاني ويرى فيها خطراً على تركيا بنزعاتها الانفصالية مع حزب العمال.

 القواعد العسكرية الأجنبية:

فيما يخص القواعد والقوات الأجنبية بسوريا فَــإنَّ روسيا تحافظ بعد انهيار الأسد على قاعدتين عسكريتين ضخمتين في طرطوس وحميميم على الساحل السوري توفران منفذًا استراتيجيًّا لموسكو في “المياه الدافئة” شرق المتوسط، وهما مع منافسة الأمريكيين والأُورُوبيين في خطر.

بالنسبة لأمريكا ينتشر الجيش الأمريكي نحو 1000 من جنوده في 22 قاعدة عسكرية شرق وشمال سوريا في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، ويعود انتشار هذه القوات لفترة محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

مع حديث دبلوماسي أُورُوبا عن منح سوريا فرصة لدولة ديمقراطية، هي بالأَسَاس تشير صراحة لتبريرات التدخلات في قادم الأيّام ما يعني مواجهة سوريا عقبات متعددة، من بينها تضارب المصالح بين القوى المحلية والأجنبية، والانقسامات الطائفية، والتدخلات الخارجية.

أي أنه لا ضامن ألا تتصادم القوى التي خرجت فائزة في النزاع، ربما يمكن تفسير حجم القصف والعدوان الإسرائيلي للمواقع الحساسة في سوريا وتدمير أسلحة الجيش السوري على أنها محاولات لنتف ريش المنتصر على نظام الأسد بحيث لا يستحوذ على سلاح الدولة الذي قد يرجح كفتها على بقية الفصائل والجماعات، مما سيصعب تحقيق تطلعات السوريين لإعادة إرساء إطار وطني جامع وموحد.

والهدف أن تتحول سوريا لساحة مفتوحة للتدخلات الأجنبية، ما سيعرقل مساعي التعافي وإرساء الاستقرار في البلاد.

والحقيقة أن ما حدث وسيحدث في سوريا، مسؤولية رجب طيب أردوغان، الخشية أن تتحول البلد إلى حالة مشابهة كما يحصل في ليبيا والسودان ومصر وتونس.

والأسئلة التي ستظل بحاجة إلى إجابات؛ من سيعيد الأراضي السورية المحتلّة؟ ومن سيحمي سيادة ووحدة سورية؟

فيما العالم لا يؤمن إلا بالقوي والكيان الصهيوني وصل مشارف دمشق خلال ساعات، حَيثُ يمكن القول بكل أسف إن الصهاينة يترقبون المشهد عن كثب؛ فالهدف تحويل سوريا إلى دولة بدون مخالب ومفتوحة لكل من هب وَدب.

والحقيقة التاريخية أن الغرب وقوى الاستعمار عندما يريدون تدمير وتخريب دولة أَو عدة دول عربية يختارون لها رئيساً يعرف تمامًا كيف يخلط الدين بالسياسة.

في مقال بصحيفة نيويورك تايمز يعتبر أن سقوط نظام بشار الأسد سيعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط… وهكذا هو التوجّـه والتفكير الأمريكي الغربي حول سوريا اليوم.

حيثُ يكتنف الوضع الحالي بعض الغموض، وفق المقال، خَاصَّة فيما يتعلق بقدرة “المعارضة” على ترسيخ سيطرتها وكيفية إدارتها للحكم؟!

مقال منى يعقوبان -نائبة رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد الولايات المتحدة للسلام، تشير إلى تعدد الأطراف الدولية التي شاركت بالحرب السورية بجيوشها، ومسارعتها في إعادة ترتيب أولوياتها بين يوم وليلة بعد سقوط حكم الأسد.

تحدث المقال أَيْـضًا عن دول الخليج، حَيثُ ترى في سقوط الأسد فرصة لاستعادة نفوذها والحديث عن السعوديّة وقطر على وجه الخصوص، باسم تمويل إعادة إعمار سوريا سيكون لها دور متوافق مع شركائها الأمريكان والأُورُوبيين في توجيه مسار سوريا المستقبلي.

مع هذه التحَرّكات الدبلوماسية العسكرية عبر وزراء خارجية ودفاع الغرب وأمريكا تستغل “إسرائيل” التحولات في سوريا لتعزيز تحالفاتها مع دول في الخليج السعوديّة والإمارات” كما تراقب عن كثب كيفية تشكيل موازين القوى الجديدة في سوريا لضمان ألا تحكم البلاد “قوة معادية” لها.

وفي الواقع فَــإنَّ “إسرائيل” اتخذت بالفعل تدابير عدوانية توسعية، فقد تجاوز الجيش الإسرائيلي منطقة الجولان المحتلّة العازلة ووصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من “العاصمة دمشق”، كما شنت عدواناً غير مدان دوليًّا بحق الدولة السورية.

في ظل هذه الممارسات لخص رئيس تحرير صحيفة (هآرتس) العبريّة في مقال نشره تحت عنوان: من محور “نتساريم” في قطاع غزة إلى قمة جبل الشيخ في سوريّة، نتنياهو يحقّق رؤية (إسرائيل الكبرى)، على حَــدّ تعبيره، بكلماتٍ أُخرى، أنّ نتنياهو يتبنّى خطط سموتريتش جملةً وتفصيلًا.

أمام هذه المعادلة الصعبة بعد سقوط بشار الأسد، تسعى أنقرة إلى إضعاف القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا؛ ما قد يضعها على خلاف مع حلفائها الغربيين وعلى رأسهم واشنطن التي وصل وزير خارجيتها الخميس إلى تركيا.

الفصائل المدعومة من تركيا هذا الأسبوع تمكّنت من السيطرة على مدينة دير الزور (شرقاً) وعلى منبج (شمالاً) بعد “معارك عنيفة” مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد المدعومين من واشنطن، بعدما سيطرت الأسبوع الماضي على مدينة تل رفعت (شمالاً) وطردت منها القوات الكردية.

تركيا تبذل كُـلّ جهدها لضمان أن يكون الأكراد في موقع ضعيف ضمن عملية تشكيل السلطة القادمة في سوريا، وهي في الواقع تعبئ الفصائل الموالية لها في سوريا للقضاء على الإدارة شبه الذاتية الكردية، لكن تم وقف هذا الهجوم في الوقت الحاضر بفضل تدخل من الأمريكيين في منبج.

فيما رغبة أنقرة استبدالها بالمجلس الوطني الكردي، وهو حزب قريب من الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي الذي يقيم علاقات جيدة مع تركيا.

وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، على مساحات كبيرة شمال سوريا، حَيثُ أقامت فيها إدارة ذاتية.

من قبل خاض المقاتلون الأكراد بدعم أمريكي معارك عنيفة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية.

في مقابل هذه الاستماتة التركية يرى خبراء أن أنقرة قد تواجه معارضة حلفائها الغربيين إن كان الهدف من تحَرّكاتها القضاء على الإدارة الذاتية الكردية بالكامل أَو ضرب المدن الكردية التي باتت رمزاً لمكافحة ما يسمونه تنظيم الدولة الإسلامية مثل كوباني في شمال شرق سوريا.

كذلك حال أمريكا التي حتماً ستصدم بتوجّـهات تركيا.

 الخارجية الأمريكية الخميس أكّـدت أن دور مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية “حيوي” لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى الظهور في سوريا بعد الإطاحة بالأسد.

وكما قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، الاثنين، إن الولايات المتحدة ستواصل حماية مواقعها شمال شرق سوريا، حَيثُ آبار النفط السورية بمزاعم التصدي لجهود تنظيم الدولة الإسلامية وحفاظاً على سلامة قوات سوريا الديموقراطية، وزيارة رئيس القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) الثلاثاء، لقوات سوريا الديموقراطية هي رسالة إلى تركيا، أن هذه مناطق نفوذ أمريكي.

وفي الواقع أن أنقرة تريد إبعاد القوات الكردية لمسافة 40 كلم عن حدودها الغربية، وما يريده أردوغان في الوقت الراهن هو اغتنام الفراغ قبل وصول ترامب إلى السلطة، والسيطرة على هذه المنطقة حتى يكون في موقع قوة في المفاوضات مع الرئيس الأمريكي حول سوريا.

إبراهيم العنسي ــ المسيرة

مقالات مشابهة

  • مركز جامع الشيخ زايد الكبير يفتح أبواب متحف “نور وسلام” أمام الزوار في “قبة السلام” الوجهة الثقافية الجديدة في الإمارة والدولة
  • سلطنة عمان .. “العمل” تُصدر قرارين لتنظيم حماية الأجور وانتقال القوى العاملة غير العمانية
  • “اغاثي الملك سلمان” يدشّن المشروع التطوعي للترميم وإعادة تأهيل المنازل بسقطرى
  • “اغاثي الملك سلمان” يوزّع 300 حقيبة إيوائية بأفغانستان
  • “اغاثي الملك سلمان” يوزّع 250 سلة غذائية في لحج
  • “سلمان للإغاثة” يوزع (356) سلة غذائية في تشاد و (990) في البطانة
  • ما بين أحلام بناء “سورية” الجديدة.. تنازع الفصائل وأطماع القوى العالمية “بالمرصاد”
  • “مبارك الفاضل” يعلق على المبادرة التركية للوساطة بين السودان والإمارات 
  • أوشيش: “يجب وضع الأسس ضد كل محاولات تقويض سيادتنا وتهديد وحدتنا الترابية”
  • معرض جدة للكتاب يقيم جلسة نقاش “نورة من السيناريو إلى كان”