يهدد رفاهيتهم.. كيف يؤثر إدمان الإنترنت على تعطيل أدمغة المراهقين؟ دراسة تجيب
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
دراسة جديدة تكشف: إدمان الإنترنت يعطل أدمغة المراهقين ويهدد رفاهيتهم
في ظل العصر الرقمي المتسارع، يشكو العديد من المراهقين من تراجع قدرتهم على التركيز في مهامهم اليومية وقضاء الوقت مع أحبائهم.
كشف دراسة حديثة نشرت في مجلة "PLOS Mental Health" عن التأثيرات السلبية لإدمان الإنترنت على أدمغة المراهقين، مؤكدةً أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا يعطل مناطق الدماغ الحيوية للتحكم في الانتباه والذاكرة.
اقرأ أيضاً : الألعاب الإلكترونية تودي بحياة مراهق تايلاندي
هذه النتائج تأتي لتنبه الآباء والأمهات إلى ضرورة مراقبة سلوكيات أبنائهم الرقمية والبحث عن وسائل للتوازن بين العالم الافتراضي والواقعي.
أفادت دراسة جديدة بأن المراهقين الذين يقضون فترات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي يواجهون صعوبة في التركيز على مهام أخرى مهمة مثل الواجبات المنزلية وقضاء الوقت مع العائلة. وقد وجدت الدراسة أن الإدمان على الإنترنت يؤثر سلبًا على مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في الانتباه والذاكرة العاملة.
تم نشر هذه النتائج في مجلة "PLOS Mental Health"، وهي مستندة إلى مراجعة شملت 12 دراسة خاصة بالتصوير العصبي لمئات المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عامًا، بين عامي 2013 و2022. وكتب الباحثون في الدراسة أن الإدمان السلوكي الناتج عن الاستخدام المفرط للإنترنت أصبح مصدر قلق متزايد منذ العقد الماضي.
تشمل معايير التشخيص السريري لإدمان الإنترنت استمرار انشغال الشخص بالإنترنت، وظهور أعراض الانسحاب عند الابتعاد عنه، وتضحية الشخص بالعلاقات الاجتماعية لصالح الوقت الذي يقضيه على الإنترنت.
ماكس تشانغ، المؤلف الأول للدراسة بسان فرانسيسكو، أوضح أن هذا النمط السلوكي يؤدي إلى خلل أو ضيق كبير في حياة الفرد. وأشار الباحثون إلى أن أدمغة المراهقين، مقارنة بالبالغين، تتأثر بشكل مختلف، مما يجعل من الضروري فهم تأثيرات إدمان الإنترنت على أدمغتهم.
وكشفت الدراسة أن مناطق الدماغ المسؤولة عن السلوكيات التنفيذية مثل الانتباه والتخطيط واتخاذ القرار، أظهرت اضطرابًا في قدرتها على العمل معًا لدى المراهقين المدمنين على الإنترنت مقارنة بأقرانهم. وأكد الباحثون أن هذه التغييرات قد تجعل تنفيذ هذه السلوكيات أكثر صعوبة، مما يؤثر على تطور الشخص ورفاهيته.
وقال الدكتور ديفيد إليس من معهد الأمن الرقمي والسلوك بجامعة باث أن الدراسة تقدم مراجعة منهجية تشير إلى ارتباطات بين الاتصال الوظيفي في الدماغ وإدمان الإنترنت، لكن هناك قيودًا يجب معرفتها. وأوضح أن هذه الدراسات لا يمكن أن تستخلص الأسباب والنتائج، وأن التركيز على الاتصال الوظيفي يأتي على حساب نقد المقياس الرئيسي للانتباه.
وفي الولايات المتحدة، إدمان الإنترنت غير مدرج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-V)، بينما يتم إدراج اضطراب الألعاب عبر الإنترنت. وأشارت الدكتورة إيفا تيلزر، أستاذة علم النفس وعلم الأعصاب بجامعة نورث كارولينا، إلى أن جميع الدراسات أُجريت في وقتٍ واحد، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت الاختلافات في أنماط اتصال الدماغ هي السبب أو النتيجة لإدمان الإنترنت.
وأضافت الدكتورة سميتا داس، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة ستانفورد، أن الإدمان على الإنترنت قد يكون مرتبطًا بالمسارات العصبية المرتبطة بالإدمان، مشيرة إلى أن بعض السلوكيات مثل الانسحاب من العلاقات يمكن أن تكون مؤشرات على إدمان الإنترنت.
اقترح الدكتور تشاغلار يلدريم، أستاذ مشارك في علوم الكمبيوتر بجامعة نورث إيسترن، العثور على أنشطة تشجع المراهقين على الابتعاد عن الإنترنت. وأضافت داس أنه يمكن للطبيب تقديم استراتيجيات سلوكية أو أدوية لعلاج إدمان التكنولوجيا في الحالات الشديدة.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: الانترنت مواقع التواصل التكنولوجيا أدمغة المراهقین إدمان الإنترنت على الإنترنت
إقرأ أيضاً:
بين الدعاية والتضليل.. كيف يؤثر الإعلام بقضية الاحتلال في حرب الإبادة ضد غزة؟
لم تكن الحملات الإعلامية المسيئة للمقاومة الفلسطينية أمرا طارئا أو جديدا، بل كانت سلوكا متبعا من قبل الجهات المحاربة للمقاومة منذ فترة التسعينيات، في فترة انتفاضة الأقصى، غير أن هذه الحملات لم تحظ بشهرة كبيرة في تلك الحقبة بسبب محدودية وسائل الإعلام، وكان توجهها موجها بشكل أساسي نحو المجتمعات الغربية عبر اللغات الأجنبية.
الحملات الإعلامية للمقاومة الفلسطينيةوفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن القيم السياسية والأيديولوجية تلعب دورا كبيرا في تشكيل تغطية وسائل الإعلام للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل الحرب الحالية، وتتضح معايير مزدوجة تؤثر في تقديم الصورة الإعلامية للأحداث. يمكن تصنيف وسائل الإعلام الأمريكية إلى ثلاثة أصناف رئيسية.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "الصنف الأول يتضمن وسائل الإعلام المتخصصة، مثل المواقع الاقتصادية والصحف الرصينة، التي تهدف إلى تقديم رؤية موضوعية للأحداث في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من مصداقية هذه الوسائل، إلا أن تأثيرها يبقى محدودا في ظل سيطرة المنظمات اليهودية الكبرى، مثل "إيباك"، على الإعلام الأمريكي وتوجيهه لأهداف سياسية. هذا التأثير ينعكس في الطريقة التي يتم بها تناول المجازر والجرائم الإسرائيلية".
وتابع: " أما الصنف الثاني، الذي أطلق عليه "النمط الأمريكي"، فيشمل وسائل الإعلام التي تتبنى أيديولوجيات متنوعة لكنها تلتزم بمهنية معينة مع تلوين الحقائق، وهذه الوسائل تمزج بين الأخبار الصحيحة والمعلومات المغلوطة، مما يبرز التباين بين المعلومة الواضحة والخبر الذي قد يكون دقيقا أو مشوها".
ولم تتغير منهجية الماكينة الإعلامية العربية والمحلية في مهاجمة المقاومة الفلسطينية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، بل ازدادت هذه المنهجية حدةً وتعقيدا، وأصبحت أكثر تقاربا مع رواية الاحتلال بشكل أو بآخر.
وتعتبر الرسالة الإعلامية من الروافد الهامة للمعركة بين المقاومة والاحتلال، وقد تحولت مع مرور الوقت إلى معركة قائمة بذاتها تشمل صراعا على الرواية والهوية، والحرب النفسية، وصناعة وتصدير الصورة.
لطالما تفاخر الاحتلال بإتقانه لهذه المعركة الإعلامية على مدار عقود، إلا أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من كسر هذه الهيمنة من خلال إعلامها العسكري والرسائل التي نقلتها إلى جمهورها داخل فلسطين وخارجها، خصوصا في ذروة معركة "طوفان الأقصى".
ولكن مع تصاعد المعركة، تعرضت المقاومة لحملات إعلامية مضللة مماثلة لتلك التي يقودها الاحتلال، ولكنها جاءت هذه المرة من وسائل إعلام عربية ومنصات محلية. كيف تم ذلك؟
صفة "الإرهاب".. ما قبل الإبادةومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية عام 1994، انطلقت حملات مهاجمة العمل العسكري المقاوم، الذي استمرت فيه حركتا حماس والجهاد الإسلامي بعد الانتفاضة الأولى.
وبموجب اتفاق أوسلو وشروطه، قامت أجهزة أمن السلطة بملاحقة مجموعات المقاومة واعتقالها، في مرحلة شهدت ذروة التنسيق الأمني مع الاحتلال.
كما قامت السلطة بتنفيذ حملات إعلامية لتشويه صورة المطاردين، وهو ما تجلى في حادثة استشهاد محيي الدين الشريف عام 1998، حيث تم اتهام مجموعة من الشخصيات في حركة حماس، على رأسهم الشهيد عادل عوض الله، باغتياله.
وكان الهدف من ذلك تشويه صورة عوض الله، الذي كان مطلوبا للاحتلال وللسلطة في تلك الفترة، وذلك بتهمة قيادته لكتائب القسام.
وروجت السلطة الفلسطينية باستمرار لفكرة "الإرهاب المتطرف"، وهو الوصف الذي استخدمته للإشارة إلى المقاومة الفلسطينية، من خلال الصحف الرسمية وتصريحات قادتها.
وقد ظهر قائد جهاز الشرطة الفلسطيني في عام 1996 أثناء اقتحام الجامعة الإسلامية في غزة قائلاً: "كل مكان يوجد به جهات تطرف من حماس والجهاد سنداهمه.. سنجتث جذورهم".
وقد أخذت وسائل الإعلام الخارجية هذه الروايات وأكملتها في تشويه صورة المقاومة.
وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، تم ربط العمليات الاستشهادية الفلسطينية التي قامت بها فصائل المقاومة بالإرهاب العالمي، مما عزز موقف السلطة الذي أدان العديد من العمليات واصفا إياها بالإرهاب.
وعلى مدار السنوات التي تلت انتفاضة الأقصى، لم تتوقف الحملات الإعلامية العربية والمحلية عن مهاجمة المقاومة في قطاع غزة، وتوجيه اتهامات لها، والتشكيك في مواقفها، بل حتى الاتهام بتقديم تنازلات للاحتلال، وارتباط وجودها بالمنحة القطرية التي كانت تدخل القطاع المحاصر.
وكان تطور وسائل التواصل الاجتماعي قد ساهم في انتشار هذه الحملات بشكل أكبر.
طوفان الأقصى واستكمال المعركةمنذ بداية معركة "طوفان الأقصى"، ومع مرور الشهور الأولى للمعركة، بدأ الإعلام العربي يتخذ مواقف أكثر خطورة، حيث كان يسير على خطى الاحتلال في دعم روايته، مما جعله إعلاما مضادا لرواية المقاومة الفلسطينية.
وتصدرت وسائل الإعلام التابعة للأنظمة التي اتخذت مسار التطبيع العلني هذا الميدان، وانخرطت في أجندات التحالف العالمي ضد المقاومة الفلسطينية، وروجت الأكاذيب عنها، بل حتى هاجمت الشهداء بشكل مباشر.
ولم يقتصر الإعلام العربي على تبني موقف معادٍ للمقاومة فحسب، بل برزت أيضا وسائل إعلام عربية تتخذ موقفًا رماديًا، بين الإعلام المقاوم والإعلام التطبيعي، وهذه الوسائل الإعلامية تتأرجح بين الدعم والمناهضة، حسب سير الأحداث وتغير مواقف الدول المالكة لهذه الوسائل. كانت هذه الوسائل تتبع سياسة متغيرة وفقًا للمتغيرات السياسية.
أما الإعلام المصري فقد لعب دورا مختلفا خلال الحرب، حيث اتسم بالرمادية، محاولا تلميع صورة النظام والموقف الرسمي المصري. وقد أدانت وسائل الإعلام المصرية مجازر الاحتلال في غزة، لكن تغطيتها اختلفت في بعض التفاصيل الدقيقة.
وفقا للتحليلات السياسية، كان الرئيس السيسي بحاجة إلى دعم قوي لتشكيل تفويض قوي لاتخاذ قرارات صعبة تتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
لذا، حاول الإعلام المصري تصوير الرئيس السيسي كـ "المدافع عن الشعب الفلسطيني" من خلال التركيز على رفضه السماح بنقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء، وهو ما كان يسعى إليه الاحتلال.
إعلام السلطة.. الطعنة من القريبفيما يتعلق بالإعلام المحلي الرسمي التابع للسلطة الفلسطينية، فإنه لم يختلف عن الإعلام العربي في مهاجمة المقاومة، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، بل بذل الإعلام الرسمي جهودا كبيرة في تشويه صورة المطاردين وكسر رمزية المطارد الفلسطيني، عبر إطلاق توصيفات مثل "الخارجين عن القانون" و"الجاسوس" و"سارقين الأموال".
كما كان هناك زعم بأن المسار المقاوم مرتبط بأجندات خارجية، على رأسها إيران.
وقد تواصلت هذه الحملة الإعلامية ضد المقاومة، حتى بعد استشهاد قادتها في قطاع غزة، حيث تم تحميل المقاومة مسؤولية الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال. وكان الإعلام الرسمي للسلطة الفلسطينية يساهم في نشر هذه الروايات.
مع استئناف جيش الاحتلال ارتكاب المجازر في قطاع غزة، انطلقت وسائل الإعلام العربية والمحلية مجددًا في مهاجمة المقاومة وتحميلها مسؤولية الإجرام الإسرائيلي، تجلى ذلك في بيان الرئاسة الفلسطينية الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية التابعة للسلطة، حيث اتهمت حماس بالمسؤولية عن المجازر في قطاع غزة.
وبذلك، استمر الإعلام العربي والإعلام الرسمي الفلسطيني في تبني نفس المنهج منذ بداية الحرب على قطاع غزة، في معركة الوعي والحقيقة التي تواجه بها المقاومة الفلسطينية العالم.
والخطاب الإعلامي المعادي للمقاومة الفلسطينية الذي توجهه وسائل الإعلام العربية والمحلية لا يقتصر على الاختلافات السياسية أو الأيديولوجية فقط، بل يسير في اتجاه منحاز بشكل كامل لرواية الاحتلال، مما يبرر القتل والإبادة، ويدخل في نطاق مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.