لا أحد ينتظر في هذه اللحظة التاريخية رغم كل المتغيرات التي يشهدها العالم أن يساق قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المحاكم الدولية نتيجة ما اقترفه هذا الجيش الهمجي من مجازر وإبادة جماعية بحق الأطفال الأبرياء في غزة، وفي فلسطين بشكل عام، حتى بعد إدراج هذا الجيش من قبل الأمم المتحدة في قائمة «العار» وفي قائمة الكيانات التي تحلق الضرر بالأطفال.
لكن التحركات العالمية التي نشهدها اليوم، وإن كانت رمزية، إلا أنها مهمة في السياق التاريخي وفي سياق بناء التحولات في الرؤية العالمية لإسرائيل، وتمثل لحظة فارقة بالنسبة للدبلوماسية الدولية وبالنسبة لحقوق الإنسان.. فحتى هذه المواقف الرمزية لم تكن لتكون قبل هذه الأحداث، وإسرائيل ترتكب المجازر نفسها منذ أكثر من سبعة عقود مضت، بل قبل ذلك عندما كانت إسرائيل مكونة من مجموعات همجية وبربرية من مختلف القارات جاؤوا في ظروف معروفة لفلسطين.
إن الأهمية التي يمكن أن يمثلها قرار الأمم المتحدة بشأن جيش الاحتلال الإسرائيلي علاوة على الجانب الرمزي وعلاوة على تأكيد الصورة الذهنية التي تشكلت ضد ذلك الجيش المحتل تتمثل في موضوع توثيق الجرائم من قبل منظمة أممية وخاصة تلك التي تطال الأطفال بشكل خاص. وسلطت تقارير منظمات حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة الضوء على حوادث خطيرة، بما في ذلك الغارات الجوية على المناطق السكنية وتدمير المدارس والمستشفيات، ما أدى إلى وقوع إصابات ومعاناة كبيرة بين الأطفال لا تخفى على العالم أجمع اللهم إلا على أولئك الساسة المصابين بالعُصابات المرضية. وقد أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) واليونيسيف ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بين الأطفال بسبب العمليات العسكرية المستمرة.
ولا شك أن وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي على هذه القائمة الرمزية يضع إسرائيل في موقف صعب في لحظة هي في أمس الحاجة إليها إلى تغيير الصورة الذهنية عنها لمزيد من الدعم الجماهيري سواء في الداخل أم في الخارج، كما يضعها في موضع محرج أمام حُماتها الغرب وفي مقدمتهم أمريكا.
وهذا التصنيف الذي لا يبدو أن أمريكا تستطيع أن تستعمل ضده حق «الفيتو» يشوه صورتها وصورة حماتها بشدة، ويصورها دولة تستمتع بسفك دماء الأطفال وبتشريدهم والتنكيل بهم.. وسيقودها هذا الأمر مع الوقت إلى عزلة في المحافل الدولية.. فدماء الأبرياء لها حرمة ولها قداسة ولها ارتدادات وإن طال الأمد.
وفي هذه اللحظة التي تتوالى فيها الصدمات على إسرائيل لا بد للعالم العربي أن يقوم بحراك حقيقي في الأوساط الدبلوماسية وفي أوساط المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني.. وإن لم تتحرك الدول العربية بوصفها كيانا أو مجموعة عربية في هذه الأوساط فلا بد أن تتحرك مؤسسات المجتمع المدني العربية وتستغل هذه اللحظة التاريخية من أجل القضية الفلسطينية لأنها قد لا تتكرر كثيرا إن لم نستطع أن نستثمرها في بناء صورة/ سردية تبقى راسخة في الأذهان العالمية عن جرائم إسرائيل وعن حقيقة إسرائيل في سفك دماء الأبرياء في فلسطين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
إيران تتراجع عن الرد على إسرائيل "بعد فوز ترامب"
كشفت مصادر إيرانية لقناة سكاي نيوز عربية، الأربعاء، أن طهران قررت تأجيل الرد على إسرائيل بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة.
وقالت مصادرنا: "إيران تؤجل تنفيذ عملية "الوعد الصادق 3" ضد إسرائيل بعد فوز ترامب".
كان المرشد الإيراني علي خامنئي قد تعهد في وقت سابق، بـ"رد قاس" ضد الولايات المتحدة وإسرائيل "على ما تفعلانه ضد إيران ومحور المقاومة".
كما قال الناطق باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني، إن إيران سترد على "العمل الشرير الجديد" الذي قامت به إسرائيل، في إشارة إلى الهجوم ضد إيران في 26 أكتوبر الماضي.
وقال نائيني إن "الرد على العدوان الصهيوني الأخير على إيران سيكون حتمياً وحاسماً وخارجاً عن إدراك العدو"، موضحاً أن "رد إيران على الهجوم الثالث سيكون إجراءً دفاعياً"، وليس "زيادة توتر" مع إسرائيل.