"لماذا يتعيّن على الأشجار أن تكون عطشى حين ينهمر المطر؟".. عبارة بليغة قالها "ميجيل أنخل أستورياس".. أديب جواتيمالا الأشهر وأحد أبرز كتًاب أمريكا اللاتينية.. والذي مرت في التاسع من يونيو الجاري الذكرى الخمسين لوفاته (1974م).
وشأنه شأن الأدباء اللاتينيين الكبار كـ "بابلو نيرودا" و"ماركيز"، ارتقى "أستورياس" بأدبه من حيز "أمريكا اللاتينية" إلى "الإنسانية" بحيث حدث ذلك التماهي بين "الذاتي" و"الموضوعي" ليقدم للقراء في كافة أنحاء العالم أدبًا أقرب إلى الخلود عبر مجموعة من الروايات المميزة، منها "رجال الذرة"، وأشهرها "السيد الرئيس" التي حصل بفضلها على جائزة نوبل في الآداب عام 1967م، ليفتح الطريق أمام أدباء أمريكا اللاتينية العظام من أساطين "الواقعية السحرية" لكي يعرفهم العالم ويتفاعل معهم، بل يمكن القول إنه كان أول وأهم مخترعي "الواقعية السحرية"، حيث أعاد الاعتبار لأساطير "القارة الهندية" (الهنود الحمر) وأنماط حياتها وتاريخ سكانها الأصليين المنسي.
في عام 1899م، كان ميلاد "استورياس" الذي استهواه الشعر والرواية منذ نعومة أظفاره، وتقلب بين المهن ما بين الصحافة والدبلوماسية، ولكن ظلت "الحقيقة" رفيقة دربه. وفي عام 1923م وأثناء زيارته للندن وفي المتحف البريطاني جاءته الصدمة حين اكتشف نتاجات إبداع حضارة "المايا"، وهو ما قاده بعد ذلك إلى باريس حيث درس مع "جورج رينو" كتاب "بوبول فوه" (قدامى المايا المقدس)، وهو الكتاب نفسه الذي قام بترجمته إلى الإسبانية للمرة الأولى محدثًا به صدمة مدوية في أمريكا اللاتينية برمتها.
وانطلاقًا مما سبق، أصدر "أستورياس" " في عام 1930م كتابه المهم "أساطير من غواتيمالا"، وفيه حاول المزج بين الحضارة الهندية القديمة (المايا) وبين الثقافة الأوربية الموروثة - الإسبانية تحديدًا- لسكان بلاده في حالة أشبه ما تكون بـ "البحث عن الهوية".
بعد ذلك، قدم "أستورياس" في عام 1946م سِفره الأكبر.. رواية "السيد الرئيس".. والتي أسس فيها لما يمكن اعتباره "أدب الديكتاتورية"، والتي استمد مادتها من سنوات حكم "كابريرا" الذي حكم جواتيمالا لعشرين سنة حكمًا دكتاتوريًا قاسيًا، حيث غلف روايته بستار شفاف من السخرية والواقعية السحرية وفولكلور السكان الأصليين للقارة. وقد وصف "أستورياس" هذا الرئيس وصفًا دقيقًا، فهو مجنون مستبد طاغٍ شهواني، يصدر قراراته الدموية بالرقة والهمس اللذين يخاطب بهما النساء ويستمع إلى الموسيقى، محولًا وطنه إلى جحيم ومرتع للصوص والقتلة المأجورين.
يذكر أن "أستورياس" عاش سنواته الأخيرة في مدريد، حيث توفي في سن الرابعة والسبعين، ودُفِن في مقبرة "بير لاشيز" في باريس.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أمریکا اللاتینیة فی عام
إقرأ أيضاً:
رحيل المغنية المغربية نعيمة سميح عن 71 عاماً
توفيت المغربية نعيمة سميح اليوم السبت عن 71 عاماً بعد رحلة مليئة بالنجاحات ومسيرة زاخرة بالأغاني المؤثرة في وجدان المستمعين.
ونعاها وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد قائلاً إن الراحلة "إحدى القامات الفنية التي تركت بصمة خالدة في الوجدان المغربي بأعمالها التي عبرت الأجيال، وستظل شاهدة على موهبتها وإبداعها" كما نعاها عدد من الفنانين والمثقفين والإعلاميين بالمغرب.
وولدت سميح في الدار البيضاء في 1954 وبدأت مسيرتها الفنية في مطلع السبعينيات من خلال برنامج "مواهب" الذي كان يشرف عليه الراحل عبد النبي الجراري.
من أشهر أغانيها "ياك آجرحي"، و"جاري يا جاري"، و:على غفلة" و"غاب علي الهلال" كما تعاملت مع كبار الملحنين أمثال عبد القادر الراشدي، وعبد القادر وهبي، وأحمد العلوي، وكذلك كبار الشعراء أمثال علي الحداني، وأحمد الطيب العلج.
ووصفت سميح بسيدة الأغنية العصرية في المغرب وسجلت اسمها باعتبارها أصغر مغنية عربية وثالث مطربة عربية تغني على خشبة مسرح الأولمبيا الشهير في باريس في 1977 بعد أم كلثوم وفيروز.