هل كان عبد الناصر صادقا فى خطاب التنحي؟
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
نسافر بالزمن لنستقرئه، علنا نتعلم لحاضرنا وغدنا.
كان خطاب جمال عبد الناصر يوم 9 يونيو 1967 الشهير بـ»خطاب التنحي» لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديثة. فقد خرج رجل كان ملء السمع والبصر، يقول للناس إنه مستعد أن يتحمل مسئولية أخطائه ويقوم من كُرسى الحُكم، وهو ما لم يشهدوه من قبل.
فى الخامس من يونيو 1967 شهدت مصر أقسى هزيمة عسكريا وحضاريا وإنسانيا، خسرت فى أيام قليلة مئة ألف مواطن، وفقدت ثُلث أرضها تماما، وانطفأ حلم كاذب بشّرت به السلطة محبيها داخل مصر وخارجها.
من يومها والسؤال يتجدد: هل كان عبد الناصر صادقا فى تنحيه؟ وهل كان مستعدا بالفعل لتحمّل المسئولية؟ وهل أيقظته الهزيمة فعلم أنه أحد أسبابها، فقرر الخروج من المشهد؟
للإجابة عن ذلك، قبلت بنصيحة الصديق الإعلامى إبراهيم عيسى لأعيد قراءة خطاب التنحي، وتفسير عباراته، وتحليلها بُعمق لأخلص إلى كون الخطاب، الذى كتبه الأستاذ العبقرى محمد حسنين هيكل، خطاب تثبيت لا تنحى. فما حدث فى 5 يونيو جريمة سياسية، لكن خطاب التنحى جريمة صحافية، تضاف لجرائم الأستاذ العبقرى رحمه الله.
جاءت العبارة الواردة بشأن التنحى بعد عرض توضيحى لتبرير الهزيمة، التى أصر هيكل على تسميتها نكسة، وهو تهوين من ضربة عميقة وقاصمة، وإنكار لمسئولية يُفترض أن هناك مَن يُريد تحملها.
وحوى الخطاب أكاذيب عديدة من بينها مشاركة تحالف دولى فى العدوان. فمثلا قال الخطاب إن حجم الهجوم الإسرائيلى كان أكبر من المتوقع ومن إمكانيات العدو لأن هناك آخرون شاركوا فى المؤامرة. والدليل أننا كنا نتوقع الهجوم من الشرق والشمال، فجاء من الغرب، وهو يعنى مشاركة بريطانيا وأمريكا فى الإغارة على مصر، وقد ثبت فيما بعد كذب ذلك.
كما ذكر الخطاب «أن الحسابات الدقيقة لقوة العدو تظهر لنا أن قواتنا بما بلغته من اعداد وتدريب قادرة على ردعه» وهو ما اتضح زيفه، فلم تكن هناك دقة، ولا حسابات من أساسه، ولم يكن هناك تدريب حقيقي، بل إن بعض الفرق كانت ما تزال فى اليمن.
والمؤسف أن عبد الناصر وهيكل استخدما اسم زكريا مُحيى الدين فى إثارة الجماهير لعلمهم أن زكريا غير شعبوى لأنه كان قبل عام واحد رئيسا للحكومة التى حاولت تطبيق اصلاحات اقتصادية، فرفعت أسعار بعض السلع، وهو ما آثار غضب الناس عليه.
والحقيقة كما ذكر لى الصديق العزيز النائب محمد زكريا محيى الدين، أن والده فوجئ بكلام عبد الناصر بتكليفه برئاسة الجمهورية عبر التلفزيون، فلم يحدثه الرئيس ولا غيره فى الأمر. ولو كان عبد الناصر يقصد بالفعل ما يقوله، لاستدعى زكريا وأخبره وشاوره.
الأمر الآخر، فإن مظاهرات وصلت إلى منزل زكريا بالدقى بعد دقائق قليلة من إذاعة الخطاب وهى تصرخ «ارفض ارفض يا زكريا»، وكان واضحا أنها معدة سلفا، لأن ترتيب وتنظيم هذه المظاهرات وتسييرها نحو بيت المفترض أنه غير معروف للعامة يستغرق عدة ساعات. كذلك، فإن جماهير الاتحاد الاشتراكى كادت أن تفتك بمحمد فائق وزير الاعلام لأنه شبيه زكريا حتى تثنيه عن قبول الاستخلاف مكان الزعيم.
والغريب أن زكريا قام بالذهاب إلى التليفزيون، وتسجيل خطاب يرفض فيه المنصب، ووضع تصور مفاده عرض الأمر على البرلمان أو جمعية تأسيسية، لكن عبد الناصر ورجاله رفضوا إذاعة الخطاب، وربما مازال مودعا إلى اليوم فى أرشيف التليفزيون.
ويبدو أن عبد الناصر كان يُناور عبد الحكيم عامر ورجاله فى هذه اللحظة العصيبة، لأن «عامر» كان يعتبر زكريا غريمه، ويؤمن أنه الوحيد الذى يُمكن لـ»ناصر» الاعتماد عليه فى المواقف الصعبة. وربما حاول «عبد الناصر» إثارة « عامر» واختبار ردود فعله القادمة فى هذا الوقت.
لكن يقينا، وبراحة ضمير نجزم أن «عبد الناصر» لم يتنح ولم يكن ينتوى أبدا.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد جمآل عبد الناصر تاريخ مصر الحديثة خرج رجل مصر خطاب التنحي عبد الناصر
إقرأ أيضاً:
بيانات بلا فاعليات.. عبدالناصر زيدان يعلق على نتيجة مباراة الزمالك وطلائع الجيش
علّق الإعلامي عبد الناصر زيدان، على نتيجة مباراة الزمالك وطلائع الجيش.
وقال عبد الناصر زيدان عبر فيسبوك: "إدارة الزمالك طلعت بيان ضد التحكيم في اليوم اللي ملوش لازمه .. والنهارده كان لازم يكون في بيان .. أو حتي تهويش .. لأن طارق مجدي كان أسوأ ما في المباراة فنياً .. والزمالك له ضربة جزاء كارثية نتيجة تهور الحارس .. واللاعب راح المستشفي وعنده كسر في ضلعين مع تجمع هوائي علي الرئة.. والمستشفى قرر حجزه لعدة أيام .. وهدف الطلائع الثاني غير صحيح لأن أصل اللعبة لمسة يد علي إسلام محارب".
وتابع: “أين إذاً حقوق الزمالك التي لديك من الأدوات والمقدرة أن تحافظ عليها .. إنها بيانات بلا فاعليات .. ولا تأثير .. ولا مقدرة علي التعامل بحرفية مع ما تستحقه .. وظهور دائم في الوقت الغلط !!”.