ثيمات غائبة فى الأدب العربى الحديث
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
يتميز الأدب العربى بتنوعه وغناه، لكن، مقارنةً بالأدب الغربي، نجد ثغرات واضحة فى الثيمات التى يعالجها.
فى هذا المقال نذكر ثلاث ثيمات نادرة فى الأدب العربي: « من الفقر إلى الثراء»، و«البطل كرياضى مرموق»، و«شخصية المحقق». فمن خلال دراسة هذه الثغرات، يمكننا فهم الأولويات الثقافية والأدبية للكتّاب والقرّاء فى عالمنا العربى.
من الفقر إلى الثراء: (From Rags to Riches) هذا النمط شائع فى الأدب الغربي، حيث يسرد المؤلف رحلته من كونه معدما وفقيرا ومغمورا إلى أن يصبح ثريا وناجحا ومشهورا. وبينما نجد أمثلة على ذلك فى الأدب العربي، فى مثل حكايات «علاء الدين والمصباح السحري»، إلّا أننا لا نراها فى السِيَر العربية الحديثة. العنوان المشابه وجدته فى كتاب بالانجليزية عن تاريخ أبوظبى بعنوان From Rags to Riches: A Story of Abu Dhabi (ترجم إلى العربية بعنوان: من المحل إلى الغنى، 2008) تأليف رجل الاعمال الإماراتي، محمد عبد الجليل الفهيم.
البطل الرياضي: (The Hero as Sportsman) فى الأدب الغربي، الرياضة موضوع شائع؛ العديد من الروايات تتضمن بطلًا رياضيًا أو مهتمًا بالرياضة. هذا الموضوع غير ممثّل بشكل كبير فى الرواية العربية، حيث تُصوّر الرياضة فى سياق أقل بروزًا.
شخصية المحقّق : (Detective) مثل شخصية «شيرلوك هولمز» لكونان دويل و»هيركيل بوارو» فى روايات البريطانية أجاثا كريستى وآخرين.
إن كتابة رواياتWhodunit )من الذى ارتكب الجريمة) مع بروز شخصية المحقّق الخاص أو الهاوى كما نرى عند كونان دويل وأغاثا كريستى قليلة عندنا وأول من قدمها ممصّرة هو محمود سالم فى سلسلة «المغامرون الخمسة» والتى نقابل فيها شخصية الولد البدين «تختخ» والذى يساعد رئيس المباحث فى بحثه عن المجرم.
هل نجد فى مجتمعنا أصلا محقّقا خاصا أو هاو يستعمل المنطق والاستنتاج وكشف الألغاز المعقدة؟ ما نعرفه هو أنّ الشرطة هى التى تتولى التحقيق ولا تلجأ إلى محقّق يتحدث دائما عن خلايا المخ الرمادية أو يدخن البايب وهو يتأمل نيران مدفئة من العصر الفيكتورى. نعم يوجد فى الأدب العربى نماذج للقصص البوليسية والاثارة إلا أننا لانقابل شخصية محقّق تتمتع بنفس مستوى الاعتراف والتأثير العالمى كما فعلت أغاثا كريستى. يبدو لى انّ شخصية العربى المحقّق الوحيدة المعروفة فى الغرب هى «عمر يوسف»، المحقّق الفلسطيني، الذى أبدعه قلم مات ريس Matt Rees الروائى والصحفى البريطاني، مؤلف الرباعية الفلسطينية، وهى سلسلة من روايات الجريمة والإثارة: أولها: The Collaborator of Bethlehem, 2007وآخرها: The Fourth Assassin, 2010.
ما لاحظته من مدّة هو غياب هذه الموضوعات فى الكتابات العربية؛ وهذا أمر يستحق النظر والتأمل، فالموضوع الغائب قد يكون له دلالة أقوى بكثير من نظيره الحاضر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأدب العربي فى الأدب
إقرأ أيضاً:
"فليحيَ الشِعر" كتاب يسلط الضوء على أهمية الأدب في تعليم البابا فرنسيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدرت رابطة الأبحاث والدراسات "أريس" كتابا بعنوان "فليَحيَ الشعر" جمعت فيه النصوص والمداخلات التي يتطرق فيها البابا فرنسيس إلى أهمية الشعر والأدب في التكوين والتربية وأيضا بالنسبة للحوار بين الكنيسة والثقافة المعاصرة. وقد أعد هذا الكتاب الأب اليسوعي أنطونيو سبادارو الذي كان مديرا للمجلة اليسوعية "الحضارة الكاثوليكية". ومن بين ما يتضمن هذا الإصدار حديث قداسة البابا للمجلة في مقابلة أجراها معه الأب سبادارو سنة ٢٠١٦ عن قدرة الأدب على قراءة قلب الإنسان وعلى المساعدة في معانقة الأمنيات والبريق والسر. وأضاف البابا فرنسيس حينها أن الأدب ليس نظرية وهو يساعد على الكرازة وعلى معرفة قلب الإنسان.
وللتعريف بتعليم البابا فرنسيس حول أهمية الأدب والشعر يعود الأب اليسوعي، وهو لاهوتي وناقد أدبي إلى جانب كونه حاليا وكيلا في الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية، إلى نصوص مختلفة للأب الأقدس ما بين رسائل عامة وإرشادات رسولية وكلمات ورسائل، هذا على جانب التذكير بما كتب قداسة البابا في تقديمه لبعض الكتب وما قال في مقابلات أُجريت مع قداسته أو حتى ما كتب في بعض رسائله الشخصية. ومن بين هذه الوثائق هناك على سبيل المثال الرسالة التي وجهها البابا فرنسيس في ١٧ يوليو ٢٠٢٤ حول دور الأدب في التنشئة، وأيضا رسالة الحبر الأعظم التي نُشرت في كتاب صدر السنة الماضية بعنوان "نحو الله. مختارات من الشعر الديني".
هذا وفي تقديمه للكتاب يحاول الأب أنطونيو سبادارو إعطاء القارئ مفتاحا لفهم المعرفة الأدبية للبابا فرنسيس الذي يعود في أحاديثه إلى الكثير من الكتاب الأرجنتينيين والعالميين الذين كانوا جزءً هانما من تكوينه مثل بورخيس ودستويفسكي، مانزوني ودانتي. وأشار الأب سبادارو إلى أن البابا يُدخل في تعلميه جوانب شعرية ورمزية وهو ما يعتبره الأب اليسوعي أمرا ذا أهمية كبيرة. وأراد هنا إعطاء مَثلا الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس حول الأمازون Querida Amazonia الذي استعار فيه البابا فرنسيس ما كتب ١٧ من الكُتاب والشعراء.
هذا ويُختتم الكتاب الذي يجمع نصوص البابا فرنسيس حول أهمية الشعر والأدب بمقابلة مع الصحفي الأرجنتيني خورخي ميليا والذي كان تلميذا للبروفيسور برغوليو حين كان يُدَرِّس في منتصف ستينيات القرن الماضي في مدرسة ثانوية في سانتا في الأرجنتينية. وكشف الصحفي عن بعض جوانب شغف البروفيسور اليسوعي الشاب برغوليو بالأدب والفن، كما وأشار إلى أسلوب تعليمي مميز شمل أيضا تحفيز الطلاب على كتابة قصص قصيرة كانت قد جُمعت في كتاب كتب مقدمته الشاعر الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس. بل وقد ساهم البروفيسور برغوليو في تأسيس فرقة روك مدرسية تستلهم من فريق البيتلز الشهير.
ومن الجدير بالذكر أن ما يبدا به الكتاب، بعد مقدمة الأب سبادارو، رسالة قصيرة بخط الي كتبها البابا فرنسيس للأب اليسوعي يشدد فيها على أهمية الأدب والشعر وتتضمن العبارة التي أختيرت عنوانا للكتاب: "فليحيَ الشِعر". ويضيف الأب الأقدس في هذه الرسالة أن علينا استعادة مذاق الأدب في حياتنا وفي تنشئتنا وإلا فسنصبح كثمرة جافة، كما ويؤكد البابا أن الشِعر يساعدنا على أن نكون بشرا وهو ما نحن في حاجة كبيرة إليه اليوم، كتب قداسته.
هذا ومن بين الأفكار الكثيرة التي ينقلها الكتاب من خلال كلمات البابا فرنسيس خلال حديثه عن الأدب والشعر ضرورة ألا تسقط الكنيسة في فخ اللغة الساذجة وما يصفها البابا فرنسيس بعبارات تتكرر بشكل آلي ومُجهَد. وقد تحدث البابا عن ضرورة أن يكون الإنجيل ينبوع إبداع ومفاجأة وقادرا على هز الأشخاص في الأعماق. هناك أيضا نداء قداسة البابا الذي وجهه مشددا فيه على حاجتنا إلى لغة جديدة إبداعية وإلى كُتاب وشعراء وفنانين قادرين على أن يجعلوا العالم يرى يسوع، وذلك في هذا الزمن الذي تطبعه الحروب والاستقطاب ويواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والبيئي. وينقل الكتاب أيضا النصوص التي تعكس اهتمام البابا فرنسيس بتنشئة الكهنة والعاملين الرعويين، هذا إلى جانب تشديد قداسته على كون الأدب الأداة الملائمة بشكل كبير لتعزيز الحوار بين الإيمان المسيحي والثقافة المعاصرة ومن أجل التعريف بالرسالة المسيحية ونقلها بشكل أفضل ومفهوم.