يمانيون| بقلم- علي الدرواني|

لم يمض أسبوع على إعلان السيد عبد الملك الحوثي في خطابه الأسبوعي الخميس قبل الماضي، عن بدء التنسيق بين القوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، لتنفيذ عمليات مشتركة ضدّ العدوّ “الإسرائيلي”، حتّى كانت باكورة العمليات المشتركة التي أعلنتها القوات المسلحة اليمنية باستهداف سفن حربية “إسرائيلية” كانت تنقل عتادًا عسكريًّا في ميناء حيفا.

 

ميناء حيفا هو أحد أكبر ثلاثة موانئ في الكيان الصهوني على شواطئ فلسطين المحتلة، إلى جانب “إيلات”، و”أشدود”، “إيلات” الذي بات مغلقًا، ولا تعيش فيه إلا الغربان والقطط، بفضل الحظر اليمني على وصول السفن إليه من البحر الأحمر، و”أشدود” الذي بات محطة شبه يومية وعلى الأقل أسبوعية للطيران المسيّر العراقي.

 

لم يعد الحديث عن القدرات العسكرية لاستهداف حيفا أو “إيلات” أو “أشدود”، محلًّا للبحث والأخذ والرد، لكن الجديد، هو معرفة القوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، بوجود سفينتين تحملان عتادًا حربيًّا، وهو تطوّر مهم، يعكس دقة في المعلومات عن القعطع الحربية في الزمان والمكان، والحصول على المعلومة الدقيقة في العلم العسكري، يمثل نسبة عالية من شروط نجاح العملية العسكرية.

 

العملية المشتركة حملت الكثير من الدلالات، لا سيما أنها تأتي في أيام الذكرى السنوية للنكبة، وانهزام ثلاثة جيوش عربية كانت تنسق في مواجهة العدوان “الإسرائيلي”، ومعها ستة جيوش أخرى، لكنّها منيت بهزيمة كبيرة بسيطرة العدوّ “الإسرائيلي” على نطاق واسع يتجاوز 70 كم مربعًا.

 

كانت هذه الذكرى مدخلًا للسيد عبد الملك الحوثي الذي ذهب للمقارنة بين حرب الأيام الستة، ونتائجها، وفارق الإمكانات بين الطرفين حينها، وبين الحرب الوحشية التي تنفذها “إسرائيل” ضدّ أبناء غزّة، بدعم غربي أميركي، التي أنهت إلى اليوم ثمانية أشهر، ودخلت شهرها التاسع، والتي علق عليها بالقول: “عندما نقارن بين ما حصل آنذاك خلال ستة أيام، وما يحصل الآن على مدى ثمانية أشهر في قطاع غزّة، ونرى أن العدوّ الصهيوني لم يستطع تحقيق أي انتصار فعلي في قطاع غزّة خلال ثمانية أشهر، على المقاومة الفلسطينية في غزّة، في نطاق جغرافي محدود، ومحاصر أيضًا، هذا يبيّن بالرغم من الفرق الكبير، يعني بين ما حصل في حرب الستة أيام، التي سيطر فيها العدوّ آنذاك على قطاع غزّة في ساعات محدودة، وحسم المعركة فيها في ساعات محدودة، بينما هو الآن على مدى ثمانية أشهر في حالة تخبط تام وفضيحة مخزية، وحالة اليأس”.

 

نعم، في الـ67 لم تكن قوة الجيش “الإسرائيلي” تساوي عُشر قوته اليوم، في المقابل ليست المقاومة التي تواجه العدوان على غزّة، بوضع تقارن فيه ولا حتّى بعُشر قوة الجيوش العربية التي شاركت حينها، وهذا حسب السيد الحوثي: “فيه دروس مهمة، دروس مهمّة للشعوب العربية، وللأنظمة إن كانت تريد أن تستفيد، وأن تراجع تلك الأحداث لتأخذ منها الدروس والعبر”.

 

بناء على ذلك، فإن العملية المشتركة اليمنية العراقية، ستفتح بابًا واسعًا في إعادة القراءة، وأخذ الدورس والعبر، من النكسات والخيبات، التي توالت على العرب، ليس لضعفهم، وإنما لتفرقهم، وعدم ثقتهم بقدراتهم، وغضهم الطرف عن الإيمان بالله، والتوكل عليه، في مواجهة العدوّ “الإسرائيلي” والغربي وعلى رأسه الأميركي.

 

فقدان هذا الايمان، حوّل اللاءات الثلاث بدلًا من أن تكون بوجه “إسرائيل”، العدوّ التاريخي للأمة، إلى أن تصبح لاءات في وجه المقاومة، لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض، أصبحت لا صلح مع المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن، لا تفاوض عربيًّا من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني، لا اعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه.

 

العملية المشتركة إذًا، تعيد صيغة العمل العربي المشترك في إطاره الطبيعي، وتؤكد على أن الشعوب عندما تتحدث، عندما تقرر، فإن لها صوتًا مسموعًا، يتجاوز الحدود، ويحطم جدران الكتم، ويمزق غشاوات التخاذل، ويضع القدرات العربية في مكانها الصحيح، إلى جانب المظلومية الواضحة في غزّة.

 

وقد أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها، الذي وصفه المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي، بالقلق الكبير، إزاء أي تنسيق بين اليمن والمقاومة العراقية وأي تعاون بينهم، مشيرًا في ذات الوقت انه ((ينبغي الحد منه)).

 

نعم، على الولايات المتحدة أن تقلق، فهناك معادلات جديدة للمواجهة، تمحو زمن الخيبات والنكسات والنكبات، وستكون منعطفًا مهمًّا، يضاف إلى المنعطفات التاريخية التي صنعتها المقاومة بدءًا بانتصار 2000 في لبنان، وانتصار تموز 2006، وقبلهما تحرير غزّة، وبعدها معارك سيف القدس ووحدة الساحات وغيرها.

 

المرحلة الحالية من عمل محور المقاومة، والتعاون المشترك، سيأخذان في التطور بالتأكيد، وهناك انسجام تام بين أطراف العمل المشترك، وتكامل في الجبهات، لا يقوى عليه العدوّ “الإسرائيلي”، ولن تنفعه حاملات الطائرات الموجودة في المنطقة، التي انسحبت بعيدًا عن الشواطئ اليمنية، بعد استهدافها الأسبوع الماضي، من قبَل القوات المسلحة اليمنية.

 

هذه المرحلة عنوانها اللاءات الثلاث: لا نكبات، ولا نكسات، ولا خيبات، فالميدان اليوم، لجيوش الايمان والتوكل، والتعاون والتظافر، والتكامل، جيوش الإرادة، إرادة الانتصار والعزة والكرامة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة ثمانیة أشهر

إقرأ أيضاً:

“حزب الله” يضيِّقُ خيارات العدو.. الهزيمةُ بالحرب أَو بالاتّفاق

يمانيون../
شهد هذا الأسبوعُ أكبرَ تصعيدٍ للعمليات العسكرية من جانب حزب الله ضد العدوّ الصهيوني، منذ بدء معركة (طُـوفَان الأقصى).

وقد جاء ذلك متزامنًا مع حديثٍ واسعٍ من جانب إعلام العدوّ وشركائه عن اقترابِ التوصل إلى اتّفاق مع لبنان؛ الأمر الذي حمل دلالات عديدة مهمة كان أبرزها التأكيد على ما وضّحه سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حول انفصال مسارِ المفاوضات عن مسار الميدان، والتأكيد على أن الكلمةَ الفصل هي للأخير؛ وهو ما يعني انسداد أفق الخداع والتحايل أمام العدوّ ورعاته الذين تعودوا على استخدام المفاوضات دائمًا كورقة تكتيكية.

بحسب ما تفيد العديد من وسائل الإعلام والمصادر القريبة من المقاومة، فَــإنَّ حزب الله كان قد تجاوب في وقت سابق مع اتّفاق تهدئةٍ يُفترَضُ أن يمهِّدَ لوقف إطلاق النار في جبهتَي لبنان وغزة، لكن العدوّ الصهيوني رفض ذلك الاتّفاق وأقدم على اغتيال سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، وكبار القادة الجهاديين في حزب الله، ثم توجّـه نحو العملية البرية في جنوب لبنان، وهو ما مثّل محطة مهمة أكّـدت بشكل واضح أن سقف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى أية اتّفاقات هو سقفٌ منخفِضٌ، وقابلٌ للانهيار في أية لحظة؛ لأَنَّه مرهونٌ في النهاية بقرار نتنياهو المُصِرِّ دائمًا على استمرار الحرب، وبالتالي فَــإنَّ المفاوضات تصبح مُجَـرّد خطوة تكتيكية في إطار الحرب، وهو ما حدث أكثرَ من مرة خلال العام الماضي فيما يتعلَّقُ بغزة.

ولهذا، كان من الطبيعي أن يؤكّـد سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير، وبشكل صريح، أن المقاومة تفصل بين مسارِ المفاوضات ومسار الميدان، وأن المسار الثاني لن ينتظر الأول، وهو ما تجسد بشكل جلي يوم الأحد الماضي عندما نفَّذ حزب الله 51 عملية ضد كيان العدوّ خلال أقلَّ من 24 ساعةً تضمنت عدةَ ضربات على “تل أبيب”، وهي أكبر حصيلة يومية للمقاومة الإسلامية منذ دخولها معركةَ (طُـوفَان الأقصى) في الثامن من أُكتوبر 2023، حَيثُ جاء هذا التصعيدُ الكبير وغير المسبوق في ذروة الضجيج الإعلامي بشأن قُرب التوصل إلى اتّفاقٍ لوقف إطلاق النار بين كيان العدوّ وحزب الله، وهو ما يوجِّهُ رسالةً واضحةً للعدو بأن مُجَـرّد الحديث عن الاتّفاق أَو حتى تكثيف الجهود الدبلوماسية لن يحدث فرقًا على الميدان طالما استمر العدوان، بل إن ذلك لن يقيِّدَ حتى قرارَ المقاومة في رفع درجة العمل العسكري إلى مستوى غير مسبوق إن تطلب الأمر، وبالتالي ليست هناك مساحاتٌ أمام العدوّ لجني أية مكاسبَ تكتيكية من خلال الترويج للاتّفاق، وليس أمامه سوى الموافقة على شروط المقاومة أيًّا كانت.

هذا أَيْـضًا ما أوضحه سماحةُ الشيخ نعيم قاسم في خطابه عندما أكّـد أن الكلمةَ ستكونُ للميدان، وهو ما يضعُ العدوّ في مأزِقٍ كبير؛ لأَنَّ لجوءه إلى الترويج لاتّفاق مع حزب الله، يأتي على وقع تعاظم خسائره الميدانية في جنوب لبنان مع تعاظم ضربات المقاومة على عمق الأراضي المحتلّة، بما في ذلك يافا وحيفا المحتلّتان، في ظل فشل تام في تثبيت أية سيطرة على القرى الحدودية اللبنانية، وهو ما يعني أن الاتّفاق يعتبر “ضرورة” حتمية لا مفر منها، وفشل محاولة استخدام المفاوضات كتكتيك حربي، يعني أنه لا يوجد سوى طريقَينِ فقط: إما الموافقة على شروط المقاومة بشكل واضح، أَو المخاطرة باستمرار الحرب المفتوحة على احتمالات لا تمكنُ السيطرة عليها.

وفيما لا يرجِّحُ الكثيرُ من المراقبين أن تكون لدى العدوّ الإسرائيلي أيةُ جدية في التوصل إلى اتّفاق حقيقي؛ فَــإنَّ استمرار الحرب يبدو النتيجة الأكثر ترجيحًا، وهو ما يمثّل مأزِقًا حقيقيًّا للعدو، فقد برهنت المقاومة الإسلامية هذا الأسبوع بشكل أكثر وضوحًا أنها لا زالت قادرةً على خوض معركة طويلة والذهاب فيها نحو مستويات أعلى وأوسعَ من التصعيد، ولا زالت تمتلكُ خياراتٍ استراتيجيةً متنوعة تشكل كوارثَ حقيقية بالنسبة للعدو الذي لم يعد يمتلك الكثيرَ بالمقابل؛ فقد ذهب بالفعل إلى التصعيد الكبير واستهدف قيادة حزب الله، ودفع بقواته البرية نحو الجنوب تحت غطاء الغارات الجوية، ولم يعد بوسعه سوى تصعيد المجازر، وهو أمر ستقابله المقاومة دائمًا بتصعيد الضربات، خُصُوصًا وأنها قد ثبتَّتْ -وبشكل عملي واضح هذا الأسبوع- المعادلة التي أعلنها سماحةُ الأمين العام لحزب الله، بعنوان “بيروت مقابل وسط تل أبيب”.

ولهذا فَــإنَّ عدمَ تأثُّر مستوى وشدة وكثافة عمليات المقاومة الإسلامية بالضجيج الدبلوماسي والإعلامي حول التوصل إلى اتّفاق وقف إطلاق النار يمثّل نقطةَ اختناق مزعجةً جِـدًّا للعدو الذي يعرف جيِّدًا أن فشلَه في غزةَ سيكون مضاعَفًا عدة مرات في مواجهة حزب الله إذَا استمرت الحرب، كما يعلمُ أن الرضوخَ لشروط المقاومة سيكونُ إعلانَ هزيمة مُــدَوٍّ لن يستطيعَ احتواءَ آثاره وتداعياته على مسار الصراع بأكمله، سواء في هذه المعركة أَو في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • “حزب الله” يضيِّقُ خيارات العدو.. الهزيمةُ بالحرب أَو بالاتّفاق
  • مناقشة التعاون والتنسيق المشترك بين وزارة الشؤون الاجتماعية والاتحاد العام لنقابات اليمن
  • وسائل إعلام العدو الإسرائيلي تتحدث عن وقوع خسائر كبيرة ودمار في 9000 مبنى في الشمال و7000 مركبة بفعل صواريخ المقاومة اللبنانية وأن أكثر الخسائر كانت في مستوطنات “نهاريا” و”كريات شمونة” و”زرعيت” و”المنارة” و&
  • وفاة الأديبة اليمنية مها صلاح.. خسارة فادحة لأدب الطفل في اليمن
  • "اليمن.. مسارات الصراع وآفاق الحلول" ندوة للجالية اليمنية في ماليزيا بذكرى الإستقلال
  • اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر
  • المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي شرقي مدينة الخيام للمرة الرابعة اليوم بصلية صاروخية
  • المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنتي “سعسع” و “ميرون” بصليات صاروخية
  • المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مدينة صفد المحتلة وفي ثكنة “دوفيف” ومستوطنة “يرؤون” بصليات صاروخية
  • المقاومة اللبنانية تستهدف بصلية صاروخية تجمعاً لقوّات العدو الإسرائيلي في موقع المطلة شمال فلسطين المحتلة