جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-01@23:42:15 GMT

تفاحة "أبل"

تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT

تفاحة 'أبل'

 

حميد بن حمد السالمي

نبدأ ونرسم في مخيلاتنا أمنياتنا تجاه شريك العمر، شكله وشخصيته ونسبه وأخلاقه ومستواه العقلي ودرجته العلمية، فتُسيطر علينا المثالية فيما نريده حتى أننا نقوم بتفصيل شريك العمر تمامًا بمقاس أحلامنا، يُوافق أفكاري ويُحب هواياتي ويهوى طباعي ويفتح لي كل باب أعشقه، كما أنَّه لا يعترض على حياتي مثلما أريدها أنا.

التفكير بهذه الطريقة هو تفكير أناني، لأنَّ حياتك مرتبطة بآخر ولا يُمكن أن تسير وفق إرادتك فقط وإنما هي صناعة مشتركة وإرادة مشتركة ورغبات مشتركة، فالوقت الذي تقضيه مع شريك الحياة ليس ملكك فحسب وإنما هو ملك مشترك لزوجين وحبيبين، ويجب أن يتبادل الطرفان الوقت والجهد، الحب والود، السمع والرد، الحق والواجب.

يقول رسول الحب والسلام: "لا يَفرَكْ مُؤمن مؤمنةً، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر"، لا تجعل المثالية تطغى على تفكيرك في شريك حياتك، فقبل ارتباطك به ستفكر كثيرًا في العيش بمثالية وحياة خالية من الصخب السلبي، ولكن بعد الارتباط سيتضح لك جليًا أن الزواج ليس صداقة فحسب ولا عاطفة فحسب أو اتصال جسدي أو ربما لعب ومرح، وإنما واجبات تُؤديها وحقوق تأخذها تحت مظلة الحب، الحب ذاته ليس كما تظن بأنَّه الجنة التي ستعيشها في الدنيا، فالخصام جزء من الحب، والصراخ كذلك، بل حتى البكاء قد يكون حبًا، فلا تظن أنَّ الحب خال من التعب، إنما هو عالم من التفاصيل التي تختزل الحياة بوجهها الطبيعي.

يحق لك دائماً أن تختار شريك حياتك الذي تعتقد بأنَّه الأنسب والأكثر توافقاً معك، والأقرب لميولك واهتماماتك، لكن ضع في اعتبارك أن الكمال لله وحده وكل الاحتمالات واردة مهما بلغ طموحك، لأنك وببساطة لن ترتبط بملك سماوي أو فارس أحلام من أبطال الروايات والمسلسلات، إنما سترتبط ببشر طبيعي لا يتصنع المشاعر ولا يتكلف التعامل فكما أنه يبتسم سيحزن، وكما أنه هادئ سيثور، لا يمكنه التغلب على طبيعة خلقته.

الحياة الزوجية بطبيعتها تحتاج لتقديم تنازلات من الطرفين للوصول لتوافق ناجح وعبور آمن على كافة المستويات، لغة الحوار ستُهذبها تماماً كما تهذب شجر بستانك، وانفعالاتك ستقلمها بين الحين والآخر تماماً كما تقلم أظافرك، حتى طباعك ستصبح مرنة وأكثر استجابة لمتطلبات عش الزوجية، أنت ستغدو إنسانا أكثر ثقلا ورزانة ونضجا بعد استيعابك لظروف ومتطلبات حياتك الجديدة، وهذا الفهم العميق هو المفتاح الوردي الذي ستستخدمه عند كل باب يغلقه شريكك، وهو السر الحقيقي الذي يمهد الطريق نحو السعادة بعيدا عن الزيف والمثالية التي لا يراها سوى النائم في حلمه والإمعة في أوهامه.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محطات الانتظار

 

سلطان بن محمد القاسمي

في عُمق الحياة؛ حيث تتقاطع مسارات الزمن، تقف محطات الانتظار كنقاط تفتيش للروح والأحلام. ففي هذه المحطات، يقف كل منَّا، مُحملًا بأمتعته من ذكريات وتوقعات، يتأمل مسارات قد تأخذه إلى وجهات مجهولة. هنا، حيث تلتقي الأقدار بخيوط الزمن المُتشابكة، يتوقف كل شيء للحظة. يتساءل كل مسافر: متى يأتي قطاري؟ وهل أنا حقًا مُستعد لما ستجلبه الرحلة القادمة؟

إنَّ هذه اللحظات تكتسب بُعدًا أكثر عمقًا عندما نفكر في الرحلات السابقة التي قادتنا إلى هنا. كما أن الاختيارات التي قمنا بها، والطرق التي سلكناها والتي تركناها، كلها تلعب دورًا مهما في تشكيل القرارات التي نواجهها اليوم. وفي هذا التأمل، نجد فرصة لا تقدر بثمن لإعادة تقييم خططنا وأحلامنا، لنقرر بحكمة أكبر كيف نود أن نقضي الوقت الثمين الذي يتسرَّب من بين أيدينا. هل نختار الانتظار بصبر، أم نتحرك بحزم نحو القطار القادم، مستعدين للتعامل مع كل ما يحمله من تحديات وفرص؟

توفر محطات الانتظار هذه مساحة ليس فقط للتفكير فيما قد نضحي به أو نكسبه في الرحلات القادمة، ولكن أيضًا لتقدير الطريق الذي سلكناه حتى الآن. كما يمكن أن تكون اللحظات التي نقضيها في التأمل والتقييم في هذه المحطات بمثابة جسور تربط بين ماضينا ومستقبلنا، مما يسمح لنا باتخاذ قرارات أكثر وعيًا وتحضيرًا للمرحلة التالية من رحلاتنا.

الفرص واختياراتها: محطة القرارات

الحياة لا تقدم لنا خريطة محددة أو جدولًا زمنيًا دقيقًا لقدوم قطارات الفرص، بل تعرض أمامنا لوحة معقدة من الخيارات المتشابكة التي تتطلب منَّا القرار والعمل. وبين لحظة الوصول وأخرى للرحيل، نجد أنفسنا في مواجهة مستمرة مع قرارات قد تغير مجرى حياتنا بأكملها، وقد تكون هذه القرارات صعبة ومحملة بعواقب واسعة النطاق؛ فكل قطار يقف أمامنا لا يمثل فقط مجرد وسيلة نقل، بل يحمل قصة ممكنة، مغامرة جديدة، ودرسًا محتملاً في الحياة.

وهنا علينا أن نُقرر: هل نقف جانبًا نتأمل القطار يغادر دون أن نستقله، متجنبين المخاطر المحتملة للمجهول، أو نتخذ خطوة جريئة نحو القفز على متنه، مستعدين لمواجهة كل ما يحمله من مجهول؟ الاختيار الصحيح يتطلب منَّا ليس فقط الشجاعة للمخاطرة، بل أيضًا الحكمة لتقدير الفوائد المحتملة مقابل المخاطر. هذا يعني أننا بحاجة إلى تقييم دقيق للفرص المتاحة، مع الاعتبار للتكاليف والمكاسب المحتملة، وكذلك الاستعداد للتعامل مع النتائج غير المتوقعة التي قد تترتب على قراراتنا.

في هذه المحطة، يصبح كل قرار نتخذه بمثابة رهان على المستقبل، يُظهر إيماننا بقدرتنا على التنقل في مسارات الحياة المتغيرة. ومن خلال هذه القرارات، نشكل مسارنا الفردي، نكتب قصتنا الخاصة، ونحدد الاتجاه الذي سنأخذه في محيط الحياة الواسع.

جودة الرحلة: أكثر من مجرد وجهة

المسار الذي نختاره ليس بالضرورة الأسرع أو الأسهل، بل قد يكون الأكثر إثراءً لروحنا وعقلنا. والاختيارات التي تبدو صعبة في البداية غالبًا ما تكون الأكثر قيمة، إذ تمنحنا الفرصة لاكتساب الخبرات العميقة التي تشكل شخصيتنا وتعزز من نمونا الذاتي؛ ففي قطار العمر، كل محطة تقدم لنا دروسًا تزيد من ثراء تجربتنا الإنسانية، تعلمنا كيف نقدر الجمال في البساطة، والعمق في اللحظات الهادئة.

إنَّ استثمار الوقت في تقدير هذه الجوانب يُمكن أن يعزز من قدرتنا على التواصل مع الآخرين ومع أنفسنا، مما يرفع من جودة حياتنا العامة. فعندما نختار مسارًا يتحدى قدراتنا، نكتشف موارد داخلية لم نكن نعلم بوجودها. هذه الرحلات الأصعب غالبًا ما تقود إلى اكتشافات شخصية ومهنية قيمة، مثل تعلم كيفية التعامل مع الصعوبات، تطوير الصبر، وتعزيز الثقة بالنفس.

علاوة على ذلك، الطرق التي نختارها تكشف عن قيمنا وأولوياتنا. وبالتركيز على جودة الرحلة بدلاً من السعي الحثيث نحو النهايات، نتعلم أن كل خطوة في الطريق هي جزء لا يتجزأ من الوجهة النهائية. كما أن تعلم الاستمتاع بالرحلة وليس فقط الوصول إلى الهدف يمكن أن يؤدي إلى حياة أكثر سعادة وإشباعًا، حيث تصبح كل لحظة ذات قيمة ومعنى.

استثمار الوقت: الركيزة الأساسية للنجاح

ففي عالم يتسم بالسرعة، يُعتبر الوقت العملة الأكثر قيمة، وكيفية استثمار هذه العملة تحدد جودة الحياة التي نعيشها. استثمار الوقت بفاعلية لا يعني فقط الانشغال الدائم، بل يتطلب الانشغال الذكي. يجب أن نتساءل: هل نستثمر وقتنا في تعلم مهارات جديدة وبناء علاقات معنوية، أم أننا نضيعه في القلق على المستقبل والندم على الماضي؟ إن التوازن بين هذه الأمور يُعد مفتاحًا لتحقيق الرضا والنجاح.

كما إن استثمار الوقت بحكمة يتطلب منَّا نظرة استراتيجية للحياة، تشمل تحديد الأولويات بوضوح ووضع أهداف قابلة للتحقيق. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد تقنيات تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة، استخدام الأجندة لتنظيم اليوم، وممارسة الانضباط الذاتي لتجنب المماطلة في تحسين إدارة الوقت بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، يُعد الوقت الذي نقضيه في تعزيز علاقاتنا الشخصية والمهنية استثمارًا قيمًا، حيث توفر هذه العلاقات الدعم العاطفي والمهني الضروري في أوقات التحدي. كما أن التعلم المستمر وتحديث المهارات يفتح أبوابًا جديدة ويخلق فرصًا للنمو الشخصي والمهني، مما يُعزز من قدرتنا على التعامل مع التحديات المستقبلية بفعالية أكبر.

تحقيق الذات: ما بين الانتظار والفعل

الانتظار بحد ذاته ليس عملاً سلبيًا؛ بل يمكن أن يكون فترة حيوية للتأمل وإعادة تقييم الاختيارات. وفي لحظات الانتظار، نجد الفرصة للتفكير العميق في مساراتنا الحياتية، وتقييم ما إذا كانت الأهداف التي نسعى إليها لا تزال تتماشى مع قيمنا وتطلعاتنا. ومع ذلك، يجب ألا يتحول الانتظار إلى حالة دائمة من التردد تمنعنا من استغلال الفرص المُتاحة. كما أن الفعل الموجه والمخطط له يمكن أن يحول الانتظار إلى جسر يوصلنا إلى ضفة النجاح والإنجاز.

وفي هذا السياق، يصبح الفعل المدروس والاستعداد المسبق عناصر أساسية لتحقيق الذات. كما أن استغلال الفرص في الوقت المناسب يتطلب استعدادًا نفسيًا وعمليًا يتجاوز مجرد الرغبة في النجاح إلى بناء القدرات اللازمة لتحقيقه. هذا يشمل تطوير مهارات جديدة، تعميق الفهم الذاتي، وتوسيع شبكات الدعم التي يمكن أن تساعد في التنقل عبر التحديات.

بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا أن نتعلم كيف نوازن بين الصبر والحزم في اتخاذ القرارات. وفي بعض الأحيان، قد يكون الانتظار الاستراتيجي أفضل من الفعل المتسرع، خاصة عندما لا تكون المعلومات كافية لاتخاذ قرار مُستنير. ومع ذلك، فإنَّ التردد المفرط يمكن أن يؤدي إلى فقدان فرص قيمة قد لا تتكرر. ومن هذا المنظور، يجب أن نكون مستعدين للتحرك بثقة عندما تظهر الفرصة المناسبة، مستفيدين من التحليل المعمق والتجارب السابقة لتحقيق النتائج المرجوة.

الرحلة مُستمرة

وفي نهاية المطاف، قطار العمر لا يتوقف عند محطة محددة؛ بل يُواصل سيره، مخترقًا محطات عديدة، كل منها يمثل فرصة للتعلم والنمو، ويُقدم لنا فرصة جديدة لاستكشاف، ولتعزيز مهاراتنا، ولتوسيع أفقنا، ومع كل قطار نستقله، نكتسب خبرات تضاف إلى رصيدنا الحياتي، وتعمق من فهمنا للعالم ولأنفسنا.

وهناك سؤال مهم يطرح: كيف نجعل كل رحلة تعدنا بشكل أفضل للمحطات القادمة؟ هذا السؤال يدفعنا لاستثمار الوقت والجهد في تطوير الذات، ويحفزنا على التفكير بأن كل خطوة نتخذها يمكن أن تكون بمثابة بناء للجسور نحو أهداف أعلى وأسمى.

إنَّ فهم هذه الرحلة المستمرة والمشاركة النشطة في توجيه مسارها، يمكن أن يحول التجربة الإنسانية إلى مغامرة غنية ومُرضية. ومن خلال الاستمرار في التعلم والتكيف، يمكننا أن نجعل كل رحلة أكثر قيمة، وأن نبني حياة مليئة بالرضا والإنجاز. في كل محطة ومع كل قطار، نحن مدعوون لاكتشاف، لتجربة، ولتحقيق الإمكانيات الكاملة لوجودنا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • برج الجدى.. حظك اليوم الثلاثاء 2 يوليو: تغيرات طارئة في حياتك
  • حظك اليوم برج السرطان الثلاثاء 2-7-2024 مهنيا وعاطفيا
  • محطات الانتظار
  • صفوت دسوقي يكتب " شيرين وقعت في فخ أحمد زكي"
  • أحمد عز يتحدث عن الحب.. هل يستعد للزواج قريباً؟
  • أجمل يوم لم يأتِ بعد!
  • شباب الصحفيين: 30 يونيو أعظم ثورة أبهرت العالم واعادت شريان الحياة من جديد للمصريين
  • السيسي: مصر أثبتت أنها شريك يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات المشتركة
  • كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي
  • حظك اليوم.. توقعات برج القوس 29 يونيو 2024