متحف للأسماك المتحجرة بجبيل اللبنانية يأخذ زواره في رحلة عبر ملايين السنين
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
جبيل/لبنان- يشكّل متحف الأسماك المتحجرة "ذاكرة الزمن"، في سوق جبيل القديم، وجهة سياحية فريدة من نوعها، حيث يتميز بموقعه الاستثنائي داخل مبنى تاريخي يعود لأكثر من 300 عام، ويُعد هذا المتحف واحدا من أبرز المواقع التي تعكس تاريخ وثقافة لبنان.
ويعتبر المتحف موطنا لمجموعة ضخمة تتألف من 800 قطعة نادرة ومميزة من الكائنات المتحجرة، تشمل الأسماك والقشريات والنباتات، وتعكس هذه القطع الثمينة تنوع الحياة البحرية القديمة في منطقة الشرق الأوسط.
ونظرا لوجود صخور قديمة تكونت قبل مئات الملايين من السنين، يعتبر لبنان من المواطن النادرة لهذه المجموعة الفريدة من الكائنات المتحجرة، التي تمثل شاهدا على تطور الحياة في هذه المنطقة عبر العصور، وتشكّل جزءا أساسيا من تراثها الطبيعي والثقافي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2متحف "وان" التركي.. رحلة تاريخية في ملتقى حضارات العالممتحف "وان" التركي.. رحلة تاريخية في ...list 2 of 2"بيت الواحة".. فنان مصري يضع تنيدة على خارطة السياحة عبر متحفه الخاص"بيت الواحة".. فنان مصري يضع تنيدة على ...end of listإضافة إلى ذلك، يعرض المتحف الحيوانات اللافقارية والعديد من القطع الأخرى ذات الأهمية العلمية والتاريخية، ورغم أن بعض الأنواع انقرضت بسبب التغيرات الجيولوجية، فإن الصخور الكلسية حفظت آثارها، مما يجعلها شاهدة على تطور بعض أنواع الحيوانات.
وخلال جولة داخل المتحف، يشرح مالكه جوزيف أبي سعد، للجزيرة نت، أنه يحتوي على مجموعة من الأسماك المتحجرة في العالم، حيث يعود تاريخها لأكثر من 100 مليون سنة"، ويضيف "تشكّلت هذه الأسماك خلال العصر الجيولوجي الثاني، خلال فترة تُعرف بالطباشيري الرابع".
ويرى أبي سعد "أن لبنان كان أرضا مختلفة تماما في الماضي، قبل ما يقارب 100 مليون عام، كان هناك بحر واحد يغمر الكرة الأرضية، وفي تلك الفترة، وعندما تهطل كمية كبيرة من الأمطار، كانت تحمل معها حيوانات مجهرية".
وفيما يتعلق بعملية تحجر الأسماك، يوضح "أن هذه الكائنات تأخذ الأوكسجين من الماء، وتفرز السم الذي يؤدي إلى موتها، وبعد ذلك تسقط السمكة إلى القاع وتتحجر بسبب انعدام الأوكسجين، ما يحافظ على جسمها لفترة طويلة، وتطمر بشكل سريع بسبب الترسبات الصلبة التي تشكّلت بمرور الوقت".
ويشير أبي سعد إلى تشكيل الجبال في لبنان، ويقول للجزيرة نت، إنها تكوّنت منذ حوالي 40 مليون عام نتيجة لضغط القارات، وتشكّلت السلسلة الشرقية والسلسلة الغربية، مع ارتفاع المتحجرات مع الجبال، ما أمكن العثور عليها بفضل التعرية الطبيعية".
ويبيّن أن عملية استخراج الأسماك المتحجرة تكون موجودة داخل أحجار وتتألف من طبقات كلسية، مما يسهّل عملية استخراجها، ويتم ذلك عن طريق كسر الحجر المتكون من هذه الطبقات باستخدام المعول والمطرقة، حيث ينشق الحجر إلى قسمين، وتظهر السمكة محفوظة بينهما على الجهتين.
من حيث أهميتها، يشدد على أن مقلع العائلة في منطقة "حاقل" يحتوي على تشكيلات كبيرة ومتنوعة من الأسماك المتحجرة، ولا تزال هذه المتحجرات تحتفظ بالأقسام الرخوة لجسم السمكة وجلدها وعظامها، علما أن 80% من هذه الأنواع قد انقرضت بمرور الزمن.
ويفتخر أبي سعد أنه من بين القطع النادرة في المتحف يوجد أخطبوط متحجر، وهو قطعة نادرة جدا بسبب عدم امتلاكه هيكلا عظميا، مما يجعل تحجره أمرا صعبا، ومع ذلك، فإن هذه العينة في حالة جيدة جدا، مما يزيد قيمتها العلمية والتاريخية.
وزيارة المتحف ليست مجرد جولة سياحية، بل تمثل فرصة حقيقية لاستكشاف تاريخ التطورات الجيولوجية، التي خاضتها المنطقة عبر العصور، حيث يتيح للزائرين فهم عمق العمليات الطبيعية التي أدت إلى تشكيل البيئة الحالية.
وكشف أبي سعد، للجزيرة نت، عن مخطط لافتتاح متحف جديد في غضون شهر ونصف، ويعد منفذا لاكتشافات وتجارب تعليمية جديدة.
وسيساهم هذا المتحف في تعزيز فهم الزوار لكيفية استخراج المتحجرات من الجبل، وصولا إلى المتحف، مما يضيف قيمة تعليمية وتاريخية إلى الزيارة.
ويختم "تتميز تقنية حفظ المتحجرات في المتحف الجديد بالابتكار، حيث يمكن للزوار الحصول على معلومات مفصّلة عن الأسماك المعروضة بمجرد لمس الزجاج الذي تُحفظ داخله، مما يعزز تفاعلهم مع العرض، ويثري تجربتهم".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
حفرة ناجمة عن سقوط نيزك على الأرض قبل مليارات السنين
أعلن علماء في أستراليا أنهم اكتشفوا أقدم حفرة معروفة في العالم ناجمة عن اصطدام نيزك بالأرض، في حدث قد يغيّر فهم أصول الحياة والأرض، وفق دراسة نُشرت نتائجها ليوم الخميس.
وقال باحثون من جامعة "كيرتن" في تقرير إن الحفرة التي اكتُشفت في منطقة نائية في شمال غرب أستراليا "تدفع إلى التشكيك بشدة بافتراضات سابقة حول التاريخ القديم لكوكبنا".
وقد فحص الفريق الأسترالي طبقات من الصخور و"عثر على أدلة على اصطدام نيزكي كبير قبل 3,5 مليارات سنة".
وأوضح الباحث تيم جونسون المشارك في إعداد الدراسة، أنه "قبل اكتشافنا، كان عمر حفرة الارتطام الأقدم 2,2 مليار سنة. لذا، فإن (الاكتشاف الأسترالي يكشف) أقدم حفرة معروفة عُثر عليها على الأرض على الإطلاق".
بالنسبة للأستاذ الجامعي كريس كيركلاند، المشارك أيضا في إعداد الدراسة، فإن هذا الاكتشاف يوفر رؤية جديدة حول الطريقة التي ساهمت فيها حوادث ارتطام النيازك بالأرض بتكوّن كوكبنا.
وقال كيركلاند إن "اكتشاف حفرة الارتطام هذه، إلى جانب اكتشافات أخرى من الفترة الزمنية نفسها، قد تفسر الكثير عن كيفية نشوء الحياة، لأن فوهات الاصطدام أوجدت بيئات مواتية للحياة الجرثومية، مثل برك المياه الساخنة".
وأضاف "كما أن ذلك يحسن بشكل جذري فهمنا لتكون قشرة الأرض: فالكمية الهائلة من الطاقة المنبعثة من هذا الارتطام ربما لعبت دورا في تكون قشرة الأرض".
وتشير تقديرات الدراسة إلى أن النيزك ضرب المنطقة بسرعة تزيد على 36 ألف كيلومتر في الساعة، ما أدى إلى إنشاء حفرة يزيد عرضها على 100 كيلومتر، لافتة إلى أن الحطام الناجم عن الاصطدام ربما تناثر في مختلف أنحاء العالم.
وقال جونسون إن "هذه الدراسة تقدم قطعة أساسية من الأحجية الخاصة بتاريخ الاصطدامات بالأرض وتنبئ بإمكان اكتشاف المزيد من الحفر القديمة بمرور الوقت".