#وراء_الحدث د. #هاشم_غرايبه
سلطت أضواء الإعلام الغربي على حادثة استعادة العدو لأربعة من المحتجزين في القطاع، كإنجاز عسكري باهر، وبالغ مؤيدو العدوان في الإحتفاء بهذه العملية كإنجاز غير مسبوق.
وبما أنه حاليا لا يوجد مصدر إعلامي محايد أو على الأقل متوازن بنقل الخبر، فسأقدم بداية وصفا مستقى من عدة مصادر بما يشكل أقرب ما يكون الى الحقيقة.
جرى التخطيط لهذه العملية في وحدة الكوماندوز الأمريكية الخاصة (قوة دلتا)، والتي تتمركز في منطقة (هار كيرين) في النقب المحتل، وذلك بعد أن جمعت الاستخبارات المركزية الأمريكية المعلومات طوال الشهور الثمانية الماضية، من خلال عملاء السلطة المنبثين في غزة، حتى تمكنوا من تحديد منزلين، في مخيم النصيرات أحدهما يحتجز فيهما عدد من الرهائن الإناث، والآخر بعض الذكور.
لم تكن الخطة عبقرية كما روج لها ولا شجاعة، بل في غاية السذاجة، فهي تتركز على استخدام التقنيات العالية، والكثافة التدميرية الهائلة، وذلك لتعويض الفارق الهائل بين شجاعة المقاومين واقدامهم طلبا للشهادة، مقابل جبن الغربيين وخوفهم من الموت، وحرصهم على الحياة.
استعانت القوة المهاجمة بقصف مكثف لم يبق حجرا على حجر في محيط المنطقة المستهدفة، مما انتج استشهاد معظم المدنيين المقيمين في الحي، وذلك بهدف عدم ابقاء أية خطورة دفاعية للحرس، وكان دخول القوة المهاجمة بقيادة الجنرال “باتريوس” ومعها قوات منتخبة من الشاباك وغيرهم، اختفوا داخل شاحنة مغلقة وضعوا فوقها أغراضا وأثاثا توحي بأنها لنازحين، وللتمويه بضعة مجندات ألبسوهن ملابس عربية.
وما أن توقف قصف الطائرات حتى دخل المهاجمون الى المنطقة المدمرة والى البيتين اللذين تم تجنب قصفهما، وبالطبع فالمقاومة تضع في العادة عدة مستويات للدفاع عن تلك البيوت، بعضها بداخلها واخرى خارجها وحولها، من كانوا بالداخل اشتبكوا مع المهاجمين وقتلوا وجرحوا عددا منهم، كما قتل بعض الرهائن، وكان مهمّاً للمهاجمين الخروج ولو برهينة واحدة، لذلك اكتفوا بالأربعة وأخرجوهم بالشاحنة ذاتها، والتي هاجمتها قوات المقاومة في الخط الدفاعي الأبعد بعد ان اكتشفت، فكانت مجموع خسائر المهاجمين ثمانية عشر، وتوجه الأحياء منهم الى الرصيف الأمريكي العائم، حيث أخرجتهم طائرة هيلوكوبتر من القطاع.
هذا هو تفصيل الواقعة بعد جمع المعلومات من أكثر من مصدر، ومن تحليل ما حدث نتوصل الى ما يلي:
1 – واضح تماما الإخفاق للغرب مجتمعا حول كيانه اللقيط، فهو يبحث عن لمحة نصر في معركته الخائبة، جراء حساباته الخاطئة، حينما اعتقد أن قوة الكيان اللقيط لا قبل لأحد بمواجهتها، فاعتقد أن معركة لبضعة أيام يسخر فيها العدو قدراته التدميرية الهائلة كافية للقضاء على المقاومين واستسلامهم وتسليمهم الرهائن بلا ثمن، لكن الأيام مرت والشهور، وظلت قدرات المقاومة على وتيرتها، ولم تتمكن القوات المتوغلة بين المدنيين من القبض على مقاوم واحد ولا اكتشاف مكان رهينة واحد، فسقطت كل الرهانات وأخذ التحالف بالاهتزاز والتفكك، بل تزايدت الضغوط الشعبية والأممية لوقف الحرب، وبدأت راس الشر أمريكا بالبحث عن حلول سياسية بعد أن أدركت استحالة تحقيق مطلبها بالقضاء على المقاومة.
2 – لم يعد بإمكان قيادة الكيان اللقيط مجابهة الضغوط الداخلية المطالبة بالاستجابة لشروط المقاومة لأجل استعادة الرهائن، فكل وعوده لهم واستخدامه أكثر ما لدى الغرب من وسائل تجسس وقوة تدميرية لم تحقق شيئا، خاصة وأن الوقت ينفد ويموت منهم كثيرون، ولا أمل باستعادتهم بالقوة، فكان لا بد من عملية مهما كانت يائسة وغير مجدية، لكي يخرج منها النتن ياهو بغير صورة المهزوم المهينة.
لكن مكر أعداء منهج الله دائما يبور، فلم تقنع هذه العملية المحتجين من أهالي المختطفين، بل ازدادت معارضتهم وارتفعت أصوات احتجاجاتهم، لأنهم أدركوا أنها جاءت لاسكاتهم عن المطالبة بإتمام صفقة التبادل واقناعهم بأن القوة ستحرر أبناءهم.
3 – انكشف أن الرصيف العائم ليس لنقل المساعدات، بل موقعا متقدما لأمريكا قبالة غزة.
4 – واضح تماما أن الكيان في مأزق لم يشهده قبلا، فهو بين نارين، إما الاستسلام لشروط المقاومة، وهذا يعني فشلا ذريعا وانهيارا لثقة المستوطنين، وإيذانا بتفكك الكيان من داخله، أو الهروب الى الأمام وتوالي الفشل العسكري، وبالتالي سقوط أكذوبة القوة التي لا تقهر.
دائما يود المؤمنون أن غير ذات الشوكة تكون لهم، لكن الله يدبر لهم الأفضل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: وراء الحدث
إقرأ أيضاً:
ماذا نُريد من "إكسبو أوساكا 2025"؟
خلفان الطوقي
بعد حوالي 4 أشهر من الآن سوف يكون هناك حدث عالمي، وهو أحد أبرز الفعاليات العالمية على الإطلاق، وهو ما يُسمى بـ"إكسبو أوساكا 2025: الذي سيقام في اليابان، وسوف تشارك سلطنة عُمان هذا الحدث العالمي مع أكثر من 155 دولة ومنظمة حول العالم، حيث يقام هذا الحدث العالمي كل خمسة أعوام، وفي كل نسخة يحمل الحدث عنوانا معينا، وعنوان هذه المرة هو "ابتكار المستقبل لتحسين حياة المجتمعات".
وخلال الأسبوع الماضي، ترأس صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، اجتماع اللجنة الرئيسية للتحضير لإكسبو أوساكا، الذي سينطلق في أبريل المقبل، ويستمر لمدة 6 أشهر، أي حتى 13 أكتوبر 2025، وذلك يعكس قمة الاهتمام الحكومي لهذا الحدث من ناحية، والتفاؤل المجتمعي من ناحية أخرى.
المشاركات السابقة للسلطنة بها نجاحات ولا أحد ينكرها، لكن يبقى المتأمل أكثر بكثير، وخاصة أن المشاركة العُمانية أصبحت ناضجة، والمشاركة في أوساكا لابد أن تكون أكثر نضجًا ونجاحًا، فماذا نريد من هذه المشاركة؟ ولعلنا من هذه المشاركة نستطيع أن نحقق العديد من الفوائد، وهذه أهمها:
- الترويج: وهذا هو الهدف الأسمى، ليس فقط لعُمان، وإنما لجميع الدول المشاركة في هذا الحدث العالمي، وعلى السلطنة أن يكون هذا هو اهتمامها الأعلى.
- نقل أفضل ما لدينا: من يتابع إكسبو هذا الحدث العالمي في الماضي سوف يلاحظ أن كل بلد تعرض أفضل ما لديها، وليس بالضرورة أن تنافس غيرها، وذلك لأن لكل بلد إمكانيات، ولا يمكن تجاوزها، عليها، فمن الذكاء أن نركز في ما هو مميز لدينا، ونتفوق فيه.
- نقل أفضل ما لديهم إلينا: وهذا هو هدف الاحتكاك بالآخرين، والاختلاط بأكثر من 30 مليون زائر وفي وقت قياسي ومن أكثر من 155 دولة من أنحاء العالم.
- تفادي الأخطاء السابقة: وذلك باستحضار كل أخطاء الماضي، والاستفادة من الدورس والعبر، وتفاديها لتصبح أكثر نضجا وربحا.
- تعظيم العائد من المشاركة: مشاركة السلطنة جوهرية، وإن كانت مكلفة، فلا بأس في ذلك، لكنه من المهم تعظيم العائد بأضعاف مضاعفة، وذلك من خلال جذب أكبر عدد ممكن الزوار من سياحاً ومستثمرين.
- تحديد معايير أداء: وتحديد هذه المعايير قبل المشاركة بوقت كاف، وتعريف الجميع بها، بحيث تكون المشاركة ليست شكلية وإنما تكون مبنية على عوائد ملموسة يمكن قياسها وغير ملموسة كنتائج طويلة المدى.
إنَّ عُمان مليئة بما يمكن لنا أن نروجه من مناظر طبيعية ومواقع سياحية وفنون وثقافة وتجارب وأزياء وتاريخ وحضارة وغيرها الكثير، لكن أهم من هذا وذاك إشراك المواهب العُمانية المؤهلة بعيدًا عن المجاملات، دمج الشباب المميز النابض بالحماس والنشاط، الكفاءات الغيورة والمحبة أن ترى بلادها في "العلالي" وفي المكانة التي تستحقها.
رابط مختصر