أحوال المنقرضات من الغناء والآلات
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
هذا المقال متابعة للمقال السابق ومحاولة اكتشاف المنقرضات وشبه المنقرضات من فنون الغناء وآلات الموسيقى التقليدية العُمانية الواردة في معجم موسيقى عُمان التقليدية. وكما ذكرت في المقال الأول تحت هذا العنوان، فمن الأهمية وضع بعض فنون الغناء ولغاتها ولهجاتها ضمن إجراءات حماية وطنية عاجلة.
ورد في حرف الباء ثاني حروف المعجم حوالي خمسين مصطلحا متنوعا.
ومن بين فنون الغناء التي اعتقد أنها مهددة بالانقراض غناء البساير، ويعرف كذلك بالحمبورة في محافظتي الشرقية. وكذلك غناء الكواسة في شمال الباطنة، وقد ورد في هذا الباب مصطلح من مصطلحاته الأدائية: «بلا بيلا بلا». ومن المنقرضات كذلك غناء يسمى: «بنت العرب» وهي الونة... والقائمة ستطول لو أنني تابعت هذا الجرد..
ذكرت في مقال سابق أن عددًا من فنون الغناء والآلات التقليدية فقدت وظيفتها ومن الصعوبة استمرارها، ومعظم الشباب لا يجيدون أداءها، ولكن هنا أسبابًا أخرى للانقراض في اعتقادي هو أن بعضها كُتبت على ألحانها نصوص في غير لغتها الأصلية، كما هو الحال مع بعض أنماط الغناء العربية الشحرية الجبالية. وقد يحسب هذا من أفعال «التطوير» أو الحماية والانتشار، وفي الواقع هو عكس ذلك تمامًا، وحتى الآن حسب معلوماتي فقدت العربية الشحرية النطق الصحيح لواحد من حروفها الأصلية على الأقل كحرف «الشين» الذي يفْرق عن الشين العربية القرآنية.
من جهة متصلة، فإن الحال كذلك مع أغاني البادية في ظفار والوسطى بلهجتيها الكثيرية والمهرية، والحرسوسية والبطحرية وغيرها. وفي الواقع هناك لغات ولهجات أخرى في البلاد تأثرت فنونها الغنائية بشكل أو بآخر وربما الكمزارية واحدة من اللغات المتأثرة والتي فقدت بعض فنونها الغنائية، وأعتقد من الأهمية إجراء دراسات في هذا الشأن وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وبمناسبة ذكر إجراءات الحماية، كتبت سابقًا عن أقدم الآلات الموسيقية في عُمان والجزيرة العربية وإن ما كانت تؤديه فرقة بيت توفيق في مدينة صلالة من فنون الغناء والأداء الحركي أصيل ومتوارث في ظفار وجنوب الجزيرة العربية منذ مئات السنين. ورغم أن الفرقة خسرت مع الزمن آلة المزهر (القمبوس)، إلا أنها احتفظت بالآلات الإيقاعية وآلة القصبة. وأعتقد أن هذه الفرقة التي ورد عنها تعريف مفصل في هذا الباب من المعجم، على مشارف الانقراض، إذ لم تكن كذلك قد انقرضت ومعها فرقة بيت شمسه في مدينة مرباط. وإن شاء الله اكتب مقالا استكشافيا عنهما في الأيام القادمة عندما تسمح لي الفرصة بزيارة ميدانية لهم إن كان لا يزال يوجد أحد من أبناء هاتين الأسرتين يمارس غناء ولعب الشرح في صلالة ومرباط (السيق).
وبهذه المناسبة، الاسم المحلي الأصيل لمدينة مرباط هو السيق، ومن الملاحظ انتشار هذه التسمية في عدد من مدن وقرى الشرقية والداخلية في شمال عُمان على وجه الخصوص. والاسم «صلوت أو سلوت» هو الاسم الأصلي للمنطقة الشرقية من ظفار وعاصمتها السيق (مرباط) حسب معلوماتي، وهي من أهم مراكز أشجار اللبان وتجارته وأغاني العربية الشحرية، ومنها تأتي أجمل ألحان غناء النانا، وقد شرحت بعض معاني هذا الغناء المميز في كتابي «الموسيقى العُمانية مقاربة تعريفية وتحليلية».
ويفسر المختصون بالعربية الشحرية معنى «صلوت أو سلوت» بالصلاة أو منطقة الصلاة، حيث تشرق الشمس، وبشكل عام هذه الأسماء لها دلالات عميقة في التراث الثقافي لم تجر دراسات بشأنها بعد حسب معلوماتي. وبشكل خاص، فإن العربيات من اللغات واللهجات في محافظتي ظفار والوسطى هي إهرامات تاريخية ثقافية وتراثية أرى من الواجب حمايتها، والأمر كذلك مع مثيلاتها في بقية المحافظات. ويبدو لي أن ثقافة اللبان أو طريق اللبان بحاجة إلى دراسة وتعريف به وبأهميته في العالم القديم وربما إحيائه ثقافيا وسياحيا أو كما يفعل الصينيون مع طريقهم الحريري. فاللبان وأشجاره رمز أصيل للعرب وثقافتهم العريقة ولا تخلو جهة من جهات الأرض الأربع من أثر له، وقد أشار إلى ذلك الباحث البريطاني جورج فارمر في كتابه الشهير «تاريخ الموسيقى العربية».
مسلم الكثيري موسيقي وباحث
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فنون الغناء هذا الباب فی هذا
إقرأ أيضاً:
بدء اختبارات "ابدأ حلمك" المجانية لإعداد الممثل الشامل فى قنا
انطلقت أمس بقصر ثقافة قنا، اختبارات مشروع "ابدأ حلمك"، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ضمن المرحلة الثالثة من المشروع المجاني الذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، بهدف تدريب أبناء المحافظات على فنون الأداء المسرحي وإعداد الممثل الشامل.
وقد اختبرت اللجنة 100 شاب وفتاة من المتقدمين خلال أول أيام الاختبارات وذلك من إجمالي أكثر من 410 تقدموا عبر استمارات المشروع التقديم ورقيا وإلكترونيا.
وتتكون اللجنة من الناقد محمد الروبي، رئيس تحرير جريدة مسرحنا، المخرج شادي الدالي، مدرب التمثيل، المايسترو حسام حسني، مدرب الموسيقى، المخرج خالد أبو ضيف، المدير الإقليمي للمشروع ومدرب الحكي.
حضر الفعاليات المخرج أحمد طه، المدير الفني للمشروع، محمود عبد الوهاب، مدير عام إقليم جنوب الصعيد الثقافي، أنور جمال، مدير فرع ثقافة قنا، جيهان رمزي، مدير قصر ثقافة قنا.
مشروع "ابدأ حلمك" يقدم بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية، برئاسة الفنان أحمد الشافعي، المدير التنفيذي للمشروع، بالتعاون مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي، وفرع ثقافة قنا.
وتستعد الهيئة لتخرج دفعة محافظة شمال سيناء، وتم فتح باب الاشتراك لأبناء محافظة الإسماعيلية وحتى منتصف يناير المقبل.
وتشمل ورش المشروع التدريب على جميع فنون المسرح، في الرقص والغناء والديكور والإخراج والإلقاء والدراما والتمثيل، عبر تدريبات يقدمها نخبة من الخبراء والأكاديمين، ويستمر التدريب من 3 إلى 6 أشهر، يقدم بعدها عرض الختام وتخرج دفعة المحافظة.
مشروع "ابدأ حلمك" أحد أهم المشروعات الفنية التي تنظمها هيئة قصور الثقافة ويهدف إلى تدريب أبناء المحافظات عبر ورش مجانية على فنون المسرح، وتقديم عروض مسرحية ذات طبيعة إنتاجية مختلفة.
وقد شهدت المرحلة الأولى تخرج دفعات محافظات أسيوط والفيوم والشرقية، والمرحلة الثانية محافظات بورسعيد وبني سويف والجيزة وكفر الشيخ والوادي الجديد، وتم اعتماد فرق هذه المحافظات فرقا مسرحية نوعية.
كورال ذوي الهمم وعروض الأراجوز في مهرجان القناطر للفنون
من ناحية أخرى ، شهد قصر ثقافة القناطر الخيرية، الثلاثاء، فعاليات اليوم السادس من مهرجان القناطر الخيرية الأول للفنون والثقافة، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والمهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة.
بدأت الفعاليات بمحاضرة تثقيفية بعنوان "المحافظة على المياه" قدمتها سمر زكي، الأخصائية الثقافية، التي تناولت أهمية ترشيد استهلاك المياه، وضرورة الحفاظ عليها كمورد حيوي، إضافة إلى استعراض طرق تقليل الهدر ودور الأفراد في حماية الموارد المائية لضمان استدامتها.
كما نفذت مجموعة ورش فنية متنوعة قدمها فنانو قصور الثقافة، منها ورشة فنون تشكيلية بإشراف شيرين شحات وجيهان شعبان، وورشة أشغال يدوية وخرز لأماني جمعة وأماني محفوظ.
وفي ختام اليوم، وبحضور الفنان ياسر فريد مدير عام الثقافة بالقليوبية، أبدع كورال أطفال شبرا الخيمة لذوي الهمم بقيادة المدرب محمد توفيق، في تقديم باقة من الأغاني الوطنية مثل "يا حبيبتي يا مصر"، و"الله أكبر بسم الله"، و"فيها حاجة حلوة"، أعقب ذلك عرض شيق للأراجوز المصري والعرائس بقيادة المدرب ناصر عبد التواب.
المهرجان ينظم بالتعاون بين إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، وفرع ثقافة القليوبية، والإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعي، والإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة د. مسعود شومان، والإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، وتختتم غدا الأربعاء فعاليات المهرجان الذي انطلق في 19 ديسمبر الحالي.