لجريدة عمان:
2024-08-03@13:13:45 GMT

أحوال المنقرضات من الغناء والآلات

تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT

هذا المقال متابعة للمقال السابق ومحاولة اكتشاف المنقرضات وشبه المنقرضات من فنون الغناء وآلات الموسيقى التقليدية العُمانية الواردة في معجم موسيقى عُمان التقليدية. وكما ذكرت في المقال الأول تحت هذا العنوان، فمن الأهمية وضع بعض فنون الغناء ولغاتها ولهجاتها ضمن إجراءات حماية وطنية عاجلة.

ورد في حرف الباء ثاني حروف المعجم حوالي خمسين مصطلحا متنوعا.

وبداية هذا الباب مع آلة «الباتو»، وهي آلة أساسية تستعمل في أداء بعض فنون الغناء في المناطق الساحلية للشرقية والباطنة، ويصفها شوقي بأنها «كلمة إفريقية»، وربما سواحيلية؛ وهي التنك أو الجلان يُضغط من أطرافه ويستعمل كآلة إيقاعية، وبصوتها المعدني الحاد تؤدي دور زخرفة الضرب الإيقاعي. وهذه الآلة من المنقرضات أو شبه المنقرضات لقلة الحصول عليها بسبب شيوع استعمال مادة البلاستيك في حفظ المواد السائلة وبيعها. ومن الآلات الموسيقية المنقرضة أو شبه المنقرضة آلة الطنبرة، التي ورد اسم أحد أجزائها في هذا الباب وهو: «البرقع». وقد ذكرت سابقًا أن عددًا من آلات الموسيقى العُمانية تؤخذ من مواد مختلفة طبيعية أو مصنوعة لاستعمالات غير موسيقية لعدم وجود صناعة لها، وانعدام الدراسات النظرية والتطبيقية التي تقترح بدائل للآلات المنقرضة وصناعة آلات جديدة تحتفظ بنفس الصوت والدور الفني. ومن المعلوم أن التكنولوجيا المعاصرة في مجال الصوتيات تساعد على توثيق جميع أصوات هذه الآلات بحيث تتيح استعمالها في الاستوديوهات الحديثة.

ومن بين فنون الغناء التي اعتقد أنها مهددة بالانقراض غناء البساير، ويعرف كذلك بالحمبورة في محافظتي الشرقية. وكذلك غناء الكواسة في شمال الباطنة، وقد ورد في هذا الباب مصطلح من مصطلحاته الأدائية: «بلا بيلا بلا». ومن المنقرضات كذلك غناء يسمى: «بنت العرب» وهي الونة... والقائمة ستطول لو أنني تابعت هذا الجرد..

ذكرت في مقال سابق أن عددًا من فنون الغناء والآلات التقليدية فقدت وظيفتها ومن الصعوبة استمرارها، ومعظم الشباب لا يجيدون أداءها، ولكن هنا أسبابًا أخرى للانقراض في اعتقادي هو أن بعضها كُتبت على ألحانها نصوص في غير لغتها الأصلية، كما هو الحال مع بعض أنماط الغناء العربية الشحرية الجبالية. وقد يحسب هذا من أفعال «التطوير» أو الحماية والانتشار، وفي الواقع هو عكس ذلك تمامًا، وحتى الآن حسب معلوماتي فقدت العربية الشحرية النطق الصحيح لواحد من حروفها الأصلية على الأقل كحرف «الشين» الذي يفْرق عن الشين العربية القرآنية.

من جهة متصلة، فإن الحال كذلك مع أغاني البادية في ظفار والوسطى بلهجتيها الكثيرية والمهرية، والحرسوسية والبطحرية وغيرها. وفي الواقع هناك لغات ولهجات أخرى في البلاد تأثرت فنونها الغنائية بشكل أو بآخر وربما الكمزارية واحدة من اللغات المتأثرة والتي فقدت بعض فنونها الغنائية، وأعتقد من الأهمية إجراء دراسات في هذا الشأن وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وبمناسبة ذكر إجراءات الحماية، كتبت سابقًا عن أقدم الآلات الموسيقية في عُمان والجزيرة العربية وإن ما كانت تؤديه فرقة بيت توفيق في مدينة صلالة من فنون الغناء والأداء الحركي أصيل ومتوارث في ظفار وجنوب الجزيرة العربية منذ مئات السنين. ورغم أن الفرقة خسرت مع الزمن آلة المزهر (القمبوس)، إلا أنها احتفظت بالآلات الإيقاعية وآلة القصبة. وأعتقد أن هذه الفرقة التي ورد عنها تعريف مفصل في هذا الباب من المعجم، على مشارف الانقراض، إذ لم تكن كذلك قد انقرضت ومعها فرقة بيت شمسه في مدينة مرباط. وإن شاء الله اكتب مقالا استكشافيا عنهما في الأيام القادمة عندما تسمح لي الفرصة بزيارة ميدانية لهم إن كان لا يزال يوجد أحد من أبناء هاتين الأسرتين يمارس غناء ولعب الشرح في صلالة ومرباط (السيق).

وبهذه المناسبة، الاسم المحلي الأصيل لمدينة مرباط هو السيق، ومن الملاحظ انتشار هذه التسمية في عدد من مدن وقرى الشرقية والداخلية في شمال عُمان على وجه الخصوص. والاسم «صلوت أو سلوت» هو الاسم الأصلي للمنطقة الشرقية من ظفار وعاصمتها السيق (مرباط) حسب معلوماتي، وهي من أهم مراكز أشجار اللبان وتجارته وأغاني العربية الشحرية، ومنها تأتي أجمل ألحان غناء النانا، وقد شرحت بعض معاني هذا الغناء المميز في كتابي «الموسيقى العُمانية مقاربة تعريفية وتحليلية».

ويفسر المختصون بالعربية الشحرية معنى «صلوت أو سلوت» بالصلاة أو منطقة الصلاة، حيث تشرق الشمس، وبشكل عام هذه الأسماء لها دلالات عميقة في التراث الثقافي لم تجر دراسات بشأنها بعد حسب معلوماتي. وبشكل خاص، فإن العربيات من اللغات واللهجات في محافظتي ظفار والوسطى هي إهرامات تاريخية ثقافية وتراثية أرى من الواجب حمايتها، والأمر كذلك مع مثيلاتها في بقية المحافظات. ويبدو لي أن ثقافة اللبان أو طريق اللبان بحاجة إلى دراسة وتعريف به وبأهميته في العالم القديم وربما إحيائه ثقافيا وسياحيا أو كما يفعل الصينيون مع طريقهم الحريري. فاللبان وأشجاره رمز أصيل للعرب وثقافتهم العريقة ولا تخلو جهة من جهات الأرض الأربع من أثر له، وقد أشار إلى ذلك الباحث البريطاني جورج فارمر في كتابه الشهير «تاريخ الموسيقى العربية».

مسلم الكثيري موسيقي وباحث

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فنون الغناء هذا الباب فی هذا

إقرأ أيضاً:

عواد أحمد… موهبة شابة تجمع بين الغناء والعزف

درعا-سانا

نجح الشاب عواد أحمد من محافظة درعا بالجمع بين موهبتي الغناء والعزف على عدة الات، الأمر الذي يعكس إحساسه الفني وموهبته الفطرية وشغفه بعالم الموسيقا.

وبين أحمد خلال حديثه لـ سانا الشبابية أنه اكتشف موهبته عقب انضمامه لفرقة (رواد الطلائع) عندما كان طفلا فبرز بسرعة وسجل مكانة مرموقة بالفرقة بفضل تشجيع الأهل والأصدقاء، موضحا أن تألقه الحقيقي برز عند انضمامه لفريق (أثرنا الثقافي) الذي أصبح بفضله وجهاً بارزاً في مشهد الموسيقى الشبابي بدرعا.

ولفت أحمد إلى أنه اهتم بتطوير مهاراته في المقامات الموسيقية، ليبرز بشكل خاص في مقام الحجاز، مؤكدا أن تميزه في عالم الفن لم يقتصر على الغناء فحسب، بل امتد ليشمل العزف على آلات متنوعة مثل الأورغ والآلات الإيقاعية وذلك بفضل ساعات متواصلة من التدريب بمساعدة قائدة الفريق وإرشاده، الأمر الذي ساعده بتحقيق تقدم ملحوظ في العزف والغناء.

وذكر أحمد أن مشاركاته لم تتوقف عند محافظة درعا بل شارك بفعاليات متنوعة من تنظيم شبيبة الثورة في عدة محافظات كحمص ودمشق، كما قدم مساهماته كمساعد مشرف في فرقة الكورال، وشارك بعروض مميزة على مسرحي المركز الثقافي واتحاد عمال درعا، إضافة إلى عروض ضمن الفعاليات التي كان يقوم بها فريق مئة كاتب وكاتب، مؤكداً أن الشغف والتفاني يقودان إلى تحقيق النجاح والتميز.

ليلى حسين

مقالات مشابهة

  • "فنون الطهي" تُنظّم لقاءً افتراضياً حول لتعزيز هوية الأطباق المناطقية
  • الشقيري يكتب .. كانت جنازة تليق بمثله
  • معلومات عن هايدي موسى ضيفة مهرجان العلمين.. «موهبة من الغناء والتمثيل»
  • عواد أحمد… موهبة شابة تجمع بين الغناء والعزف
  • قبل حفله في العلمين الجديدة.. مهنة غير الغناء تمنى حمزة نمرة العمل بها
  • بوسي تخطف الأنظار بإطلالة ساحرة
  • "الزراعة في أسبوع" نشرة الحصاد لأنشطة الوزارة
  • غناء وعزف وتوثيق في ندوة " راويات السيرة .. قديما وحديثا " بمهرجان المسرح المصري
  • غناء وعزف وتوثيق في ندوة "راويات السيرة".. قديما وحديثا بمهرجان المسرح المصري
  • نقابة المحررين: نرفض الإشكالات غير المبررة بحق الإعلاميين