لم يستبعد محللون وخبراء تحدثوا لبرنامج "سيناريوهات" أن تنفذ المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تهديدها بالتدخل العسكري في النيجر ضد المجلس المنقلب على الرئيس محمد بازوم، وذلك بعد انقضاء مهلتها -التي وضعتها أمام قادة الانقلاب- يوم السبت المقبل.

لكنهم اتفقوا على أنه سيكون أحد السيناريوهات ذات التداعيات السيئة على البلاد، حيث سيُدخلها في دوامة من الاضطرابات والتدهور، في حين اختلفوا في هدف هذا التدخل حال تنفيذه ما بين إعادة الرئيس بازوم للسلطة، أو الاكتفاء بنزع السلطة من العسكريين والتمهيد لتشكيل حكومة جديدة.

والانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر هو خامس انقلاب تشهده البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، والذي جاء في سياق موجة جديدة من الانقلابات والانقلابات المضادة شهدتها دول منطقة الساحل الأفريقي خلال العامين الماضيين فقط.

رأي عام منقسم

وفي حلقة (2023/8/3) من برنامج "سيناريوهات"، أوضح الأكاديمي النيجيري والباحث المختص في شؤون الساحل الأفريقي الدكتور إدريس آيات أن الرأي العام في النيجر لا يزال منقسما بين فئتين، ترى إحداهما أنه يمكن تحمل الضغوط الاقتصادية في ظل تعامل الدولة في معظمها بطرق المقايضة القديمة.

في المقابل ترى الفئة الثانية، المتمثلة في النخبة السياسية، استحالة تحمل النيجر ما تحملته دول أفريقية أخرى تمت فيها انقلابات لاعتمادها بشكل كبير على المساعدات الخارجية، التي سيؤدي توقفها لضغط يمكن تحمله لبعض الوقت، لكن استمراره سيؤدي لتكوين جبهة داخلية ضد المجلس العسكري، وهو ما تراهن عليه مجموعة إيكواس.

وأشار إدريس إلى أنه ضمن المسارات المتوقعة للتعامل مع الانقلاب في مالي أن يؤدي ضغط العقوبات الاقتصادية المكثفة إلى وقوع انقلاب ضد الانقلاب، مما يفترض وجود طرف في الجيش لا يدعم بشكل حقيقي قيادة الانقلاب، وهو أمر لا يراه إدريس مطابقا للواقع على الأرض في ظل تعرض كل من شارك فيه لتهمة الخيانة حال فشله.

ويرى الأكاديمي النيجيري أن المسار الذي يراهن عليه العسكريون في النيجر هو أن تضطر القوى الغربية ومجموعة إيكواس للتفاوض مع المنقلبين حال صمودهم أمام العقوبات، وذلك خوفا على مصالحهم التي سيؤدي طول أمد المرحلة الحالية لتأثرها بشكل أكبر.

وعلى كل الأحوال، يتوقع إدريس أن السيناريو الذي سيحكم المشهد في النيجر سيكون سيئا في ظل غرور العسكر وإصرار إيكواس على رفض الانقلاب، موضحا أن أحد تلك السيناريوهات الواردة هو التدخل العسكري الذي ستكون تداعياته وخيمة على المنطقة كلها، وفي حال وقوعه فإنه سيستهدف إزاحة العسكر، لكن لن ينجح في إعادة بازوم للحكم.

غير مستبعد

وحسب مراسل الجزيرة، فإن قطاعا من المواطنين لا يستبعدون أن تقوم إيكواس بالتدخل العسكري، لكنهم يتشككون في تحقيقه أهدافه قياسا على تجارب سابقة له لم ينجح فيها بإعادة رؤساء بعد الانقلاب عليهم.

بدوره، يتوقع الباحث في الشؤون الأمنية لمنطقة الساحل والصحراء محمد عبد الله الطالب عبيدي أن يكون للعقوبات المقررة على النيجر أثر كبير على مستقبل الأزمة، حيث تمثل المساعدات المقدمة من فرنسا وألمانيا وأميركا والاتحاد الأوروبي 60% من الميزانية، خاصة في الشهور المتبقية من العام.

لكنه أشار في حديثه لبرنامج "سيناريوهات" إلى أنه ربما لا يكون ذلك كافيا في الأمد القريب لإجبار العسكر على التراجع عن الانقلاب في ظل ما يتلقونه من دعم من قيادات دول مجاورة شهدت انقلابات سابقة، لكنه في ظل كون هذا الدعم معنويا فقط فلن يطول أثره.

ويرى عبيدي أن التدخل العسكري ستكون له عواقب سلبية على المنطقة خاصة فيما يخص ملف الهجرة غير الشرعية، كما أن عدم التدخل العسكري وبقاء الحكم العسكري له تداعيات سيئة كذلك، حيث سيزرع عدم الاستقرار ويرفع نسب إمكانية تعرض دول أخرى في الغرب الأفريقي لتغييرات مشابهة.

وذهب الباحث في الشؤون الأمنية لمنطقة الساحل والصحراء إلى أن الوحدة بين مكونات الجيش ليست قوية، فهناك من لا يزال يتمسك بشرعية الرئيس بازوم، وإذا حدث التدخل العسكري فإن ذلك سيزيد احتمال حدوث خلافات بين العسكر تساهم في نجاح هذا التدخل.

أكثر فاعلية

في حين يرى نيكولا نورمان، السفير الفرنسي السابق في دول أفريقية عديدة من بينها مالي، أن العقوبات ثبتت كفاءتها عدة مرات في دول أفريقية أخرى، ومن المتوقع أن تكون أكثر فاعلية في النيجر لاعتمادها بشكل كبير على المساعدات الخارجية.

وأشار في حديثه لبرنامج "سيناريوهات" إلى أن هذه العقوبات ستكون أقسى من أي عقوبات سابقة، مع تهديدات جادة بالتدخل العسكري، وهو الأمر الذي يتوقع معه في نهاية الأمر ترك العسكريين للسلطة، مشددا على أنه في حال عدم حصوله سيؤدي ذلك إلى عدم استقرار لن يكون مفيدا لأي من أطراف المشهد.

ويرى نورمان أن الضغوط الاقتصادية، إضافة إلى ضغط استفحال خطر الجهاديين، من شأنها أن تدفع لفشل الانقلاب، مؤكدا أن التدخل العسكري حال وقوعه سيؤدي بالتأكيد لإعادة بازوم للحكم كونه جاء عبر مسار ديمقراطي وعبر الانتخابات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التدخل العسکری فی النیجر إلى أن

إقرأ أيضاً:

غياب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يتسبب في ضياع فرص إنهاء الانقلاب وتحرير اليمن من الحوثيين

يعيش الشعب اليمني معاناة مستمرة بفعل سيطرة المليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء، ومساحات يقطنها الكتلة السكانية الأكبر في اليمن.

وعلى الرغم من العديد من الفرص التي كان يمكن أن تسهم في إنهاء الحرب وتحرير اليمن، فإن هذه الفرص ضاعت نتيجة لانشغال مجلس القيادة الرئاسي بالركض خلف مصالحهم الشخصية ومكاسبهم التي يسعون لتحقيقها وتنفيذ الأجندة الخارجية التي تدير وتدار، بعيداً عن الأولويات الوطنية التي يحتاجها الشعب اليمني.

بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، نشأت موجة من الحماس الشعبي في اليمن. والتي كانت بمثابة لحظة تاريخية وفرصة ذهبية لاستعادة الزخم الشعبي وتعزيز الجبهة الداخلية ضد الحوثيين.

في تلك الفترة، كان من الممكن أن تتوحد القوى الوطنية تحت هدف مشترك يتمثل في التخلص من الحوثيين واستعادة الدولة.

لكن، رغم هذا الحماس الذي اجتاح الشارع اليمني، لم يستطع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة استثمار هذه الفرصة، وبدلاً من أن يركز على تعزيز الوحدة الوطنية ويعمل على معالجة القضايا الأمنية والسياسية، استمر أعضاؤه بالبحث عن فرص تحقيق مصالحهم الشخصية، مما أدى إلى ضعف الروح المعنوية بين أفراد الشعب وأفقدهم الأمل في قدرة القيادة الحالية على تحقيق التغيير. وبالتالي ضاعت هذه الفرصة الحاسمة في طريق تحرير اليمن.

قطع يد إيران في لبنان وسوريا

كما شهدت المنطقة تحولات استراتيجية مهمة، خاصة في ما يتعلق بتقليص نفوذ إيران في لبنان وسوريا، وهو ما اعتبر فرصة ذهبية لتعزيز الجبهة ضد الحوثيين المدعومين من طهران.

خلال هذه الفترة، كان من الممكن لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة أن يستفيدو من هذه الظروف الدولية لتشكيل تحالفات إقليمية ودولية تدعم الحكومة الشرعية، وتساهم في تعزيز قدرات الجيش الوطني لمواجهة الحوثيين.

لكن رغم هذا السياق الدولي الذي كان يصب في صالح الشعب اليمني، فإن الخلافات الداخلية والتباينات، أفقدته القدرة على الاستفادة من هذه الفرصة وجعلته يفقد الدعم الدولي المتزايد الذي كان في مصلحة الحكومة الشرعية.

تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية

ومع استلام ترامب مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة، أدرج الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو تصنيف كان له آثار كبيرة على عزل الحوثيين على الصعيدين الدولي والمالي.

كانت هذه اللحظة بمثابة فرصة مهمة لمجلس القيادة الرئاسي لزيادة الضغوط على الحوثيين من خلال تعزيز الدعم الدولي، وكشف تجاوزاتهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان، فضلاً عن استعادة بعض المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهم.

ولكن المجلس لم يستغل هذه الفرصة بالشكل الأمثل، بل انشغل بالمهام التي ينفذها وفق الأجندة الخارجية التي جعلت من الصعب توجيه الاهتمام إلى هذه القضية المهمة.. من خلال غياب التنسيق الفعال بين أعضاء المجلس، ضاعت فرصة مهمة لتقليص نفوذ الحوثيين وتعزيز موقف الحكومة الشرعية في الساحة الدولية.

الحكم من الخارج وغياب المسؤولية

يؤكد مراقبون أن من أبرز العوامل التي ساهمت في ضياع الفرص هو أن قيادة البلاد كانت تدير من الخارج، بعيداً عن الواقع اليمني.. هذه الوضعية جعلت من الصعب على مجلس القيادة الرئاسي أن يتعامل بشكل مباشر مع الأزمات اليومية التي يواجهها الشعب.

في وقت كان فيه الشعب اليمني يتطلع إلى رؤية قيادة محلية تواجه التحديات من داخل البلاد، بقي المجلس والحكومة في الخارج، ما أفقده القدرة على التأثير المباشر في سير المعركة ضد الحوثيين.

وأكدوا أنه كان من المفترض أن تكون القيادة في الداخل لتكون أقرب إلى الشعب وتعكس حاجاته الحقيقية. لكن بدلاً من ذلك، ظل المجلس بعيداً، وهو ما أثر سلباً على فعالية القرارات السياسية وعمق التواصل مع المجتمع اليمني.

استعادة الدولة تبدأ من الداخل

كما يؤكد المراقبون أن استعادة الدولة من الحوثيين لا يمكن أن تتم إلا من خلال العودة إلى الداخل. لا بد لمجلس القيادة الرئاسي التركيز على مهامه الدستورية، وبناء الدولة اليمنية، واستعادة مؤسساتها. عودة القيادة إلى داخل اليمن من شأنها أن تعزز الثقة بين المواطنين والحكومة الشرعية، وتسمح لها باتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة الحوثيين بفعالية أكبر.

وشددوا على ضرورة أن تكون الأولويات في هذه المرحلة واضحة بداية باستعادة الأراضي والدولة من المليشيات الحوثية، وتنسيق الجهود بين جميع القوى الوطنية في مواجهة الحوثيين، وتحقيق وحدة وطنية حقيقية بعيداً عن الانقسامات التي طالما أضعفت الجهود المشتركة.

وأشاروا إلى أن هذه هي الخطوة الأولى نحو استعادة السيطرة على البلاد، وتكوين يمن جديد يعكس طموحات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار.

وأكدوا أن العودة إلى الداخل هي الحل الأمثل لتحقيق الأهداف الوطنية. بدونها، لن يستطيع اليمن التغلب على تحدياته الداخلية والخارجية، ولن يتمكن من تحرير البلاد من قبضة الحوثيين الذين يستمرون في السيطرة على معظم مناطق اليمن.

مقالات مشابهة

  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء هي مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان المتجدد الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • محللون: إعلان استشهاد الضيف يؤكد قوة حماس ولن يفيد إسرائيل إستراتيجيا
  • الكشف عن قادة حماس الذي قتلوا إلى جانب محمد الضيف (أسماء)
  • تلازم المسارات: التطبيق الحقيقي لوقف النار وبناء مشروع الدولة
  • من مشاركات القادة العسكريين في مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية
  • خلال مؤتمر صحافي.. مرتضى منصور يكشف كواليس الانقلاب عليه
  • غياب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يتسبب في ضياع فرص إنهاء الانقلاب وتحرير اليمن من الحوثيين
  • عندما يريد شيئًا.. فإنه يحدث.. تحليل خطة ترامب في غزة وخيارات دول عربية وسط إشادة اليمين الإسرائيلي المتشدد
  • محللون: على سوريا أن تبقي على شعرة معاوية مع روسيا