بعد شروعها في الانضمام إلى التكتل.. لماذا تسعى تركيا للانضمام لبريكس؟
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
شرعت تركيا في الانضمام إلى مجموعة بريكس عبر خطوة إستراتيجية اتخذتها في وقت سابق من هذا العام، وفق ما نقل موقع (ميدل إيست آي) البريطاني عن 3 مسؤولين أتراك مطلعين.
ويتوقع خبراء أن تهيمن بريكس (اسم مشتق من الحروف الأولى للدول المؤسسة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) على الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة، وغالبا ما يُنظر إليها على أنها بديل لمجموعة السبع، التي تقودها دول غربية بصورة أساسية، وتمثل تحولا كبيرا في ديناميكيات القوة العالمية.
وإذا نجحت محاولة تركيا، فإنها ستصبح أول دولة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تنضم إلى الكتلة.
خطة توسيع بريكسوذكرت موسكو أن تركيا ستكون موضوع نقاش في قمة بريكس المقبلة التي ترأسها روسيا، ومع ذلك، حذرت من أنه من غير المرجح أن تقبل المنظمة كل طلبات العضوية، وأكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأسبوع الماضي، حضوره اجتماعا لوزراء خارجية بريكس المقرر هذا الأسبوع.
وفي أغسطس/آب الماضي، أعلنت بريكس عن خطط لمضاعفة عضويتها، ووجهت الدعوات إلى كل من السعودية ومصر وإيران والإمارات وتركيا وإثيوبيا، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب في السابق عن اهتمامه بالانضمام إلى بريكس.
وفي أعقاب قرار بريكس بالتوسع، بدأت وزارة الخارجية التركية في تقييم الفوائد والتكاليف المحتملة للعضوية، وفقا لما تحدث به مسؤول تركي للموقع البريطاني.
وأثار اهتمامُ تركيا بالانضمام إلى تكتل اقتصادي تقوده الصين وروسيا مفاجأة بعض العواصم ورفض أوروبا، ونقل الموقع البريطاني عن مسؤول تركي ثان قوله إن تركيا تنجذب إلى دول بريكس لأنها لا تتطلب التزامات أو اتفاقيات سياسية أو اقتصادية.
الانضمام إلى مختلف التكتلات يمكن أن يحل بعض مشاكل تركيا الاقتصادية (الفرنسية) "ليس بديلًا"وقال المسؤول: "لا نرى بريكس بديلا لحلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، فإن عملية الانضمام المتوقفة إلى الاتحاد الأوروبي تشجعنا على استكشاف منصات اقتصادية أخرى".
وأضاف أن "حلفاء تركيا على الورق" غالبا ما يتجاهلون مخاوف أنقرة الأمنية ويحرمونها من الأسلحة المتقدمة.. نود أن نكون جزءا من كل منصة متعددة الأطراف، حتى لو كانت ثمة فرصة ضئيلة لمنفعتنا".
ومن بين عدة خبراء نقل الموقع عن الأكاديمي في جامعة الدفاع الوطني التركية، حياتي أونلو قوله إن تركيا تريد تطوير شبكة علاقات مكملة لعلاقاتها مع الغرب للتغلب على الصعوبات الاقتصادية.
وأشار أونلو إلى أن المؤسسات العالمية التقليدية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، يُنظر إليها على نحو متزايد على أنها عفا عليها الزمن، مما يؤدي إلى ظهور منصات بديلة مثل الرباعية (حوار أمني يشمل أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة) أو دول بريكس المتوسعة، والمعروفة باسم بريكس بلس.
وقال الخبير في الشؤون الروسية في جامعة نورث إيسترن في الولايات المتحدة، ليون روزمارين: "من الأفضل لتركيا بناء التعاون مع كل من الغرب والدول والتكتلات الرئيسية في بقية العالم، تحقيقا لمصالحها".
وقال روزمارين إن سعي تركيا للانضمام إلى بريكس يتماشى مع سياستها المتمثلة في الحفاظ على العلاقات التجارية مع روسيا، حتى بعد الحرب مع أوكرانيا في 2022.
وقال "إذا انضمت تركيا، فلن يكون ذلك بالضرورة تحركا مناهضا للغرب لأن الهند والبرازيل انضمتا إلى هذه المنظمة منذ البداية".
ومع ذلك، أعرب المسؤول التركي الأول عن شكوكه حول جدوى عضوية بريكس، بالنظر إلى تركيز الكتلة مؤخرًا على إلغاء الدولار واتفاقيات أنقرة مع دول المنطقة لإنشاء آليات تسوية بالعملات المحلية.
وقال المسؤول الأول "ليس لدينا تجارة كبيرة مع دول بريكس، باستثناء الصين"، مشيرًا إلى أن تركيا لا تزال تجري أكثر من نصف تجارتها السنوية مع الاتحاد الأوروبي.
وشكك المسؤول في النفوذ السياسي لبريكس، مشيرًا إلى أن تأثير الكتلة لا يزال محدودًا، وقال "يمكن أن تكون بريكس أكثر أهمية في المستقبل إذا أصبحت أكثر أهمية من الناحية السياسية وحظيت بصدى لدى الرأي العام الدولي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الانضمام إلى
إقرأ أيضاً:
لماذا يعد فوز لوكاشينكو برئاسة بيلاروسيا انتصارا لموسكو وخسارة للغرب؟
موسكو- انتهت الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا بتحقيق الرئيس ألكسندر لوكاشينكو فوزه السابع على التوالي، بحصوله على 86.82% من الأصوات، مكرسا بذلك حضوره السياسي كأطول زعماء أوروبا في هذا المنصب، ومعززا في الوقت ذاته قوة أهم حليف لروسيا.
وبينما رفض الاتحاد الأوروبي نتائج الانتخابات في بيلاروسيا ووصفها بأنها "غير شرعية"، وهدد بفرض عقوبات جديدة، رد لوكاشينكو على اتهامه بتزوير الانتخابات بقوله إنه "لا يهمه، سواء اعترفت بلدان الاتحاد بنتائج الانتخابات أم لا".
وفي تصريح لا يخلو من التهكم، قال لوكاشينكو إنه "لو أدليت بتصريح الآن بأنني لا أعترف بالانتخابات في الولايات المتحدة ولا أعترف بدونالد ترامب، فهل سيغير هذا أي شيء في أميركا؟ أو لو قلت إنني لا أعترف برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فماذا سيحدث في بريطانيا؟ لا شيء. لن يحدث نفس الشيء هنا في بيلاروسيا".
وقالت كل من مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس ومفوضة التوسع بالاتحاد الأوروبي مارتا كوس، في بيان مشترك، إن "الانتخابات الصورية التي جرت اليوم في بيلاروسيا لم تكن حرة ولا نزيهة"، ودعتا الحكومة البيلاروسية إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين، وقدرت عددهم بأكثر من ألف معتقل، بمن فيهم موظف في وفد الاتحاد الأوروبي بالعاصمة مينسك.
إعلانأما السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف فاعتبر فوز لوكاشينكو "أكثر من مقنع"، مضيفا أن الكرملين واثق من شرعية الانتخابات الرئاسية وأن التصريحات في الغرب حول عدم الاعتراف بالانتخابات البيلاروسية متوقعة.
انقلاب السحراعتبر محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف، في تعليق للجزيرة نت، أن نتائج الانتخابات البيلاروسية وفوز حليف روسيا الأقوى فيها أثبت أن الخيارات الغربية لانتزاع مينسك من "حضن" موسكو ليست بسيطة.
ويضيف أن الغرب كان يعتبر أنه إذا تمكن من الإطاحة بالنظام السياسي الحالي في بيلاروسيا، فإن روسيا ستكون الهدف التالي، وبالتالي فإن الاستقرار في بيلاروسيا من وجهة النظر الروسية يسهم إلى حد كبير كذلك في استقرارها.
ويتابع بأن موقع بيلاروسيا الإستراتيجي المحصور بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، سيجعل من مينسك "مفتاحًا" لأي نقاشات بخصوص مستقبل الأمن الأوروبي، وهي ورقة مهمة تريد موسكو التمسك بها لوضع بصماتها على صياغة هذا المستقبل.
وحسب رأيه، فقد نتج عن السياسات الغربية ضد مينسك عبر سلاح الضغوط والعقوبات مفاعيل عكسية، فبدلًا من إبعادها عن موسكو أدت إلى تعزيز التعاون العسكري والتقني والاقتصادي، وإتمام خرائط الطريق لتعميق تكامل الاتحاد بين البلدين، وتموضع السلطات في البلاد بشكل كامل إلى جانب موسكو.
علاوة على ذلك، اتهم المتحدث الحكومات الغربية بأنها لم تتسامح مع مساعي لوكاشينكو للعب دور متوازن بين موسكو وبروكسل، لا سيما مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ولجأت إلى خيار "الثورات الملونة" لتطويعه، لكن النتيجة كانت أن بيلاروسيا أصبحت أكثر استفادة من الدعم الروسي، من توريد الطاقة الرخيصة إلى الاستثمار في الشركات البيلاروسية وغيرها من الامتيازات.
لوكاشينكو فاز بنسبة تجاوزت 86% من الأصوات (الفرنسية) استقرار مشروطمن جانبه، يربط مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، استقرار الأوضاع في بيلاروسيا ما بعد الانتخابات بالتطورات المحتملة على خط إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
إعلانويقول إنه في حال التزم الرئيس الأميركي ترامب بتعهداته بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا فإن العقوبات على بيلاروسيا والضغوط التي تمارس ضدها ستتراجع إلى حد كبير.
ويوضح في سياق الحديث أن أهمية بيلاروسيا لا ترجع إلى قوتها الاقتصادية أو عدد سكانها، بل إلى موقعها الإستراتيجي بين كتلتين متنافستين متعارضتين، الشيء الذي يفسر دخول هذا البلد في بؤرة اهتمام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لا سيما على ضوء دورها في الحرب الروسية الأوكرانية.
أما من وجهة نظر روسيا الإستراتيجية، فيرى كركودينوف أن بيلاروسيا تمثل منطقة عازلة أو موقعًا دفاعيا متقدما للأراضي الروسية، كما شهدت على ذلك تجربة الحرب العالمية الثانية، عندما هاجمت القوات الألمانية بيلاروسيا التي فقدت جزءا كبيرا من سكانها.
ويتابع بأنه "على الرغم من اختلاف الوضع السياسي الآن، فإن الحقيقة الجغرافية والإستراتيجية لا تزال دون تغيير، أو على الأقل مماثلة، فبالنسبة لموسكو، تعتبر العلاقة التحالفية مع مينسك أمرًا أساسيا، لأنها تمثل أيضا معقلا ضد أي ثورة ملونة ينظمها الغرب -وخاصة الولايات المتحدة- لتآكل الحاجز السياسي والإستراتيجي الروسي".
ولذلك، فإن مفهوم العمق الإستراتيجي لروسيا يفترض أن تكون محاطة بسلسلة من الدول الحليفة أو الصديقة، أو على الأقل بدول محايدة أو غير معادية لحماية أمنها الإقليمي، فضلا عن الحصول على إمكانية توسيع نطاق نفوذها، حسب قوله.
ويشير إلى أن نجاح لوكاشينكو في الانتخابات يحافظ على دور بيلاروسيا بالنسبة لروسيا في كثير من النواحي العسكرية والسياسية، فهي تمثل ممرًا نحو الأراضي الروسية، والمعروفة باسم "بوابات سمولينسك" وهي حدود بطول 100 كيلومتر بين بولندا وليتوانيا، والتي تربط بيلاروسيا كذلك بجيب كالينينغراد الروسي.
إعلانأما على الصعيد السياسي، فيرى كركودينوف أن بيلاروسيا تعتبر بمثابة "نموذج مثالي" لإعادة التكامل التدريجي المحتمل بين روسيا والدول الأخرى، في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي، وهو ما يفسر أنها باتت موضع اهتمام مكثف ومتزامن من جانب روسيا والغرب.
الرئيسان الروسي بوتين والبيلاروسي لوكاشينكو (يسار) تربطهما علاقة تحالف قوية ممتدة لسنوات (غيتي) حقائق وأرقامفي السنوات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي، وقّعت بيلاروسيا -تحت قيادة لوكاشينكو- وروسيا سلسلةً من الاتفاقيات نحو التكامل الاقتصادي والعسكري والسياسي، شملت معاهدة الاتحاد بين بيلاروسيا وروسيا عام 1997، تبعتها اتفاقية تشكيل دولة اتحادية بين البلدين عام 1999 لا تزال سارية حتى اليوم.
وتعد بيلاروسيا عضوًا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، الذي أنشأته روسيا للرد على التحالفات العسكرية والاقتصادية في الغرب.
وتبلغ مساحة البلد الإجمالية 207 آلاف و600 كيلومتر مربع، أي حوالي 2% من إجمالي مساحة أوروبا، وهي الدولة الـ13 من حيث المساحة بين 44 دولة في أوروبا القارية، والدولة رقم 84 من حيث المساحة في العالم، تعادل مساحتها تقريبًا مساحة رومانيا وبريطانيا.